=KTML_Bold=قراءة في البيان الختامي ل”مستنقع طهران”=KTML_End=
#بير رستم#
جاءت على عدد من المواقع ومنه “موقع تلفزيون سوريا”، والذي نقلنا عنه البيان والخبر، بأن “اختتمت أعمال القمة الثلاثية بين رؤساء الدول الضامنة لاتفاق استانا تركيا وروسيا وإيران. وبحسب الموقع وما ورد في البيان يمكن تلخيص مواقف الدول بالتالي:
أولاً- الموقف الروسي: تلخص الموقف الروسي بما يلي؛ ((إن على القوات الأميركية مغادرة الأراضي السورية، ويجب إعادة المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام إليه، مضيفاً أن عمل روسيا وإيران وتركيا يهدف لإيجاد الحلول “وساعدنا على عودة معظم المناطق السورية للنظام”)). وأعتقد لا جديد في الموقف حيث يعتبر الوجود الأمريكي يعيق عودة الأراضي لحضن النظام وذلك في إشارة واضحة لمناطق الإدارة الذاتية وبالتالي فإن روسيا بذلك تكشف عن نواياها لحل مشابه لمناطق الجنوب والتي سلمتها مجاميع المعارضة للنظام وبرعاية روسية وموافقة، بل ضغوطات تركية وذلك كما يشير إليه البيان نفسه في سياق سرد الموقف الروسي حيث يقول موضحاً؛ “وساعدنا على عودة معظم المناطق السورية للنظام”!!! وهذه نتركها في عهدة ثورجية تركيا ليبينوا لمؤيديهم؛ كيف ساعدوا في إعادة تلك المناطق التي كانوا يدعونها محررة، بل ما زالوا يدعون الثورة، بينما مشغلهم -تركيا- يجبرهم على تسليم ما يسمى ب”المحرر” للنظام وبعد كل ذلك ويأتوا ليتهموا مفاوضات الطرف الكردي في الإدارة الذاتية بالتنسيق والعمالة للنظام السوري.
أما الموقف الإيراني فهو لا يختلف عن موقف النظام، أو بالأحرى موقف الأخير لا يختلف عن الموقف الإيراني حيث ((قال الرئيس الإيراني.. إن بلاده ترى أنه من المهم احترام حق تقرير المصير بالنسبة إلى السوريين عبر حوار داخلي، ومصير سوريا يجب أن يحدده شعبها دون تدخل أجنبي وأضاف رئيسي أن “السيادة السورية خط أحمر والوجود غير الشرعي للولايات المتحدة هناك هو سبب عدم الاستقرار”، ويجب إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية في سوريا، مشيراً إلى أن “التنظيمات الإرهابية في إدلب مصدر خطر للمنطقة”، داعياً القوات الأميركية المتواجدة في سوريا للمغادرة)). وهنا نجد توافقاً في الموقفين الروسي والإيراني بخصوص “مغادرة القوات الأمريكية” حيث الطرفان يأملان بخروج هذه القوات وإنهاء مشروع الإدارة الذاتية وحل المسألة وفق صيغة ما سميت ب”التفاهمات” مع الجماعات الخاضعة لتركيا في الجنوب ووسط البلاد، لكن نلاحظ تباين واضح بين الموقفين التركي والإيراني حيث الأخير يحدد الجماعات الإرهابية تلك التي تتواجد في إدلب وتابعة لدرجة كبيرة للإرادة التركية وذلك بعكس هذه الأخيرة التي تعتبر أحزاب وقوى الإدارة الذاتية من سياسية وعسكرية هي “المجاميع الإرهابية”.
وأخيراً لنقف عند الموقف التركي من مختلف القضايا وبالأخص تلك التي تتعلق بالملف الكردي، لكن وقبل الوقوف على ما يخص القضية الكردية، فإن قضية اللاجئين السوريين شغل حيزاً مهماً في خطاب أردوغان وذلك لكون ذاك الملف يشكل هاجساً كبيراً له ولحزبه حيث يمكن أن يحدد مصيره ومصير حكومته في الانتخابات القادمة ولذلك طالب بحل مشكلة اللاجئين من خلال “العودة الطوعية والآمنة” بحسب تعبير أردوغان، كما أعرب عن “أمله في إيجاد حل للأزمة السورية بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2254″، طبعاً لا يغيب عن بال المتابع للمواقف التركية؛ بأن يقصد بالعودة الآمنة هو احتلال المزيد من الأراضي السورية وبالأخص تلك التي هي خاضعة للإدارة الذاتية.
بالمناسبة تركيا ليست لها مشكلة لو تم تسليم مناطق الإدارة للنظام، بل هي سلمت فعلاً مناطق كانت خاضعة لمجاميع هي تحركها كبيادق على الرقعة الجغرافية السورية، كما رأينا من خلال الموقف الروسي، المهم أن لا تكون هناك مناطق خاضعة لقوى وأحزاب كردية وهذه تأكدت بعد احتلالها لعدد من المناطق الكردية مثل عفرين وسري كانية حيث لو كان الخلاف مع تنظيم سياسي تقول عنه إنه “إرهابي”؛ طرف الإدارة الذاتية، لكانت سلمت تلك المناطق الكردية للمجلس الوطني الكردي وكلنت بذلك وجهت ضربة موجعة للإدارة الذاتية وقواها السياسية والعسكرية وقوّت من دور ومكانة المجلس كطرف حليف لها ومناهض لسياسات حزب الاتحاد الديمقراطي وكذلك كانت حينها يمكن أن تدعي؛ بأنها ليست ضد الكرد وإنما طرف تعتبره إرهابياً، لكن موقفها في تلك المناطق كشفت دون ريب لكل من يملك ذرة عقل، بأن تركيا تعادي الوجود الكردي وليس فقط بعض الأطراف الكردية.
وللتأكيد أكثر على معاداة تركيا لأي مشروع سياسي كردي -حتى وإن كانت “خيمة في جنوب أفريقيا”- ومن دون العودة لتصريحات زعمائهم خلال كل الفترة الماضية -وأولهم أردوغان- والاستشهاد بها، بل إننا سنبقى في البيان لنأخذ منه مقتطفات تؤكد على ما سبق وقلناه حول الموقف التركي ومعاداته لأي مكسب سياسي في المنطقة حيث جاء في كلمة أردوغان بخصوص “العملية العسكرية التركية في سوريا” ما يلي: ((وأكد الرئيس التركي.. أن بلاده “مصرة على اجتثاث بؤر الإرهاب في سوريا، وأنها تنتظر من روسيا وإيران دعما بهذا الخصوص”. وقال أردوغان: “مصممون على اجتثاث بؤر الشر التي تستهدف أمننا القومي من سوريا”، مضيفاً أن بلاده تنتظر الدعم من روسيا وإيران بصفتهما دولتين ضامنتين بمسار أستانة في كفاحها ضد الإرهاب بسوريا. وأردف قائلا: “(مدينتا) تل رفعت ومنبج شمالي سوريا باتتا بؤرة للإرهاب وحان تطهيرهما منذ وقت طويل”، ولفت إلى أن ضرورة أن “يُفهم بوضوح وبشكل قطعي أنه لا مكان للإرهاب الانفصالي وامتداداته في مستقبل منطقتنا”)).
لاحظوا مصطلحي؛ “أمننا القومي” و”الإرهاب الانفصالي” فهو سيرد عدد من المرات في خطاب أردوغان بحيث يعطي توضيحاً كاملاً؛ بأن القضية تتعلق ب”انشاء كيان سياسي كردي انفصالي” بحسب مزاعم أردوغان والذي أضاف قائلاً؛ ب((“أن مكافحة تنظيمات “بي كي كي” و”واي بي جي” وبي واي دي” الإرهابية مهمة مشتركة للجميع، معربا عن ثقته في استمرار التعاون بين الدول الضامنة بأستانا لتحقيق الأهداف المقررة. وأشار إلى أن التنظيمات المذكورة إضافة إلى “داعش” وبقية التنظيمات الإرهابية تشكل أهم تهديد للأمن في سوريا ووحدة أراضيها، مؤكدا ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب)). وهنا مرة أخرى يزعم تخوفه على وحدة الأراضي السورية وهو الذي يحتل من خلال مجاميع سلفية تكفيرية لمناطق شاسعة من جغرافية سوريا!
لكن ما يلاحظ في خطاب أردوغان هو افتقاره لأي دعم إقليمي أو دولي -بعكس المرات السابقة- حتى من حلفائه في أستانة أو الناتو ولذلك يحاول دائماً أن يعود للقضايا نفسها وتذكير أولئك الحلفاء بها وأن ((تركيا ساهمت بشكل كبير من خلال العمليات ضد الإرهاب على حدودها الجنوبية بحماية أرواح المدنيين والحد من الهجرة غير القانونية والحفاظ على وحدة أراضي سوريا))، رغم معرفة الجميع بأنها مزاعم كاذبة حيث ولمدة سنوات كانت “داعش” على حدودها لكنها لم تحاربها يوماً، بل نسجت معها علاقات اقتصادية تجارية وكذلك أمنية، ذلك بخصوص إدعاءاتها في “محاربة الإرهاب”، أما بخصوص “قضية الحد من الهجرة الغير شرعية” للدول الأوربية فقد تقاضت تركيا عنها الملايين ومن دون أن تقدم الملاليم للاجئين، وبخصوص مزاعمها “الحفاظ على وحدة أراضي سوريا” فهي فقط لا تريد أن تكون هناك جغرافيا يديرها الكرد، كما وضحنا سابقاً، لكن أن تعود للنظام أو تحتلها هي أو حتى مجاميع الايغور والشيشان فهي لا تعتبر مساً بوحدة الأراضي السورية بحسب سياسات تركيا!
ولذلك نجده في كل مرة يشير الدعم الخارجي للإدارة الذاتية وبأن يجب أن تقطع أمريكا ذاك الدعم وها هو هنا أيضاً يشير ب((أن تنظيمات “بي كي كي” و”واي بي جي” و”بي واي دي” تتخذ بدعم خارجي خطوات تهدف لتقسيم سوريا))، مجدداً مزاعم التقسيم وبالتالي التخوف من نشوء كيان كردي شبيه بلإقليم كردستان، كما قالها أردوغان بأكثر من مناسبة، بل إنه يشتكي من دور حلفائه ضمن محور أستانة حيث وبعد أن “أعرب.. عن شكره لنظيريه الروسي والإيراني جراء تفهمهما للمخاوف الأمنية التركية”، أضاف؛ “لكن الأقوال وحدها لا تساهم في تضميد الجراح”. وأن ((يجب انسحاب هذه التنظيمات الإرهابية على بعد 30 كلم من الحدود التركية، بموجب الاتفاقيات السابقة، إلا أنها لم تنسحب حتى الآن)). وذلك في إشارة واضحة إلى عدم حصوله على موافقة روسية أو إيرانية حيث يقول أن “التفهم للمخاوف الأمنية التركية” كلامياً قولياً لا يكفي وبأن “الأقوال وحدها لا تساهم في تضميد الجراح” وهي دلالة واضحة؛ بأن تركيا لم تنل أي موقف عملي لدعم عملياتها العسكرية.
كلمة أخيرة؛ إننا ومن خلال ما سبق وما أستعرضناه من مواقف الدول الثلاث في “مستنقع أستانة”، بأنهم يحاولون القضاء على الإدارة الذاتية وبالتالي على أي دور كردي فاعل حيث لا دور يذكر للمجلس الوطني كقوة سياسية يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً لو سقطت الإدارة مع قواها المجتمعية والعسكرية، وبأن المسألة مرهونة بالدعم الأمريكي لها وبالتالي يجب مراعاة المصالح الأمريكية قدر الامكان حيث دون الدعم الأمريكي سيتم ابتلاع الجغرافيا التي هي تحت نفوذ مسد وقسد، لكن الملاحظ بأن مواقف كل من روسيا وإيران هي استسلام الإدارة للنظام على غرار تفاهمات حصلت مع المجاميع التي كانت تديرها تركيا في الجنوب والوسط مع اعطاء الكرد بعض المكاسب الثقافية ربما، بينما تركيا لا تريد أي دور للكرد، بل لو استطاعت لقضت على الوجود الكردي في المنطقة وذلك على غرار ما تفعلها في المناطق الكردية التي تحتلها ولذلك فإننا نعتبر بقاء المجلس الوطني الكردي ضمن ذاك التحالف -“الائتلاف السوري”- مع تركيا هي خيانة بحق الشعب والقضية ويتحمل في جزء كبير منه قيادة إقليم كردستان والبارزانيين تحديداً وللأسف ونأمل في تغيير موقف أولئك الأخوة، أما بخصوص الإدارة الذاتية وقواها المختلفة، فإننا نأمل انفتاحاً أكثر على المجتمع والعمل على تأمين الاحتياجات الضرورية المعيشية والأمنية والحقوقية من خلال برامج وسياسات تخدم المنطقة أما على صعيد العلاقة فكلنا أمل أن يجدوا صيغة تجعل الأمريكان يضغطون على النظام السوري للوصول إلى تفاهمات بينه وبين الإدارة الذاتية وصولاً لحل سياسي يرضي الطرفين.[1]