=KTML_Bold=حسين عمر : ألم يأتي يومك أيها الكوردي=KTML_End=
حسين عمر
رحلة الشعب الكردي عبر دهاليز التاريخ مليئة بالأهوال والمآسي والانكسارات المتتالية التي بدأت دون أن تنتهي .بالإخفاقات المريرة؛ وجداول من الدم سالت وتسيل منذ بدايات التكوين, دون توقف وحتى الآن؛ ظهر ملامح الوجود الكوردي مع بداية تكون المجتمعات القبلية على أرض موزوبوتاميا الموطن الأول للاستقرار والاكتشافات التي أدت إلى ظهور بوادر الحضارة الأولى في المنطقة وقد كان البدء بتربية الدواجن واختراع المحراث اليدوي البدائي وزراعة الحبوب. انقلاب كبير في تطور المجتمعات القبلية وثورة هائلة التأثير على اسلوب الحياة المعيشية لتلك القبائل التي انتقلت من حياة التنقل بحثا عن المراعي إلى إيجادها في مناطق الاستقرار الأولى في المنطقة وهو ما أدى إلى ظهور التفكير الممنهج القائم على أساس ما يجب ؛أي التفكير والتحليل واستنباط الحلول الممكنة لتحسين شروط المعيشة القاسية التي كانت تفرضها ظروف البيئة الطبيعية المتوحشة والقاسية؛ وبدأ ظهور تقسيم العمل داخل القبائل والتسلسل الهرمي الطبقي وبروز شخصيات ذو كفاءات في كافة مجالات العمل والحياة؛ وظهر فائض في الإنتاج والذي أدى بدوره الى مشاركة أصحاب العقول في إدارة شؤون القبيلة؛ جنبا إلى جنب مع الزعيم الأقوى بدنيا الآمر الناهي حتى ذلك الوقت وهكذا ظهرت نظام إدارة القبيلة /القرية الدولة/وبدأت تسخر الطبيعة وتغيير فيها؛ كما إن المعتقدات الروحية اكتسبت بعدا أخر في هذه المرحلة من خلال خلق المعتقد وتأطيره وأظهاره بحلة مقنعة بالظاهرة المتبناة وليس خوفا منها كما كان سائدا في تلك المراحل؛ وبدأت القبيلة/الدولة/تستقر في رقعة خصبة وحصينة خارجة من الكهوف والمغاور الطبيعية إلى أطراف السهول لتبدأ رحلة شاقة في مصارعة الطبيعة بظواهرها وتسخيرها خدمة لمصالحه.
ومع هذا التحول في بنية القبيلة بدأت اللغة تأخذ منحى آخر وذلك بالخلاص الكلي عبر المراحل من الاشارات والرموز الى إعطاء كل شيء أسما خاصا به وتداول تلك الكلمات للتعبير عن أشياء بعينها. وأدى ذلك إلى ظهور الاختلافات في اللغة والتطور الطبيعي لكل قبيلة .
في هذه المرحلة بالذات بدأت مظاهر تكوين الأقوام تتبلور شيئا فشيئا لتتطور الى شعوب وأمم. وهكذا ظهر الشعب الكردي في مرحلة مبكرة في خضم التطور الذي تحدثنا عنه كأحد أقدم الشعوب على وجه المعمورة مكونا بنيته التحتية الأساسية من اللغة ورقعة أرض معينة ومعتقد روحاني خاص واقتصاد مشترك؛ وبالرغم من التحول والاستقرار المبكر إلا انه ومنذ بداية تكوينه ظل يعاني ويعاني دون ان يحقق إلا القليل من الإنجازات الوطنية والقومية. وهكذا استمر رحلة الشعب الكردي وهو يعيش مرحلة مخاض التكوين دون الوصول إليه؛ لأسباب كثيرة وكثيرة جدا ؛ منها التسامح الطاغي والنية الحسنة وتصديق وعود الغير كما ان الكرد يمتلكون سمة خاصة وخاصة جدا وطاغية عليهم أكثر من أي شعب أخر في العالم وهو العمل من اجل رفعة الغير وأعلاء مكانته وتحقيق الانتصارات له؛ يبني صروح الثقافة للغير وتبقى ثقافته مجهولة يشارك في تطوير مجتمعات الغير ويبقى مجتمعه يعاني من كل الويلات يقود ثورات الغير الى النصر وتظل ثوراته أعوام وقرون دون المبتغى ؛يدافع عن الغير ويقف في طريق ابن جلدته يفضل الغريب على القريب ويقف مع القريب ضد الأخ؛ هذا هو طبعه وهذه سماته منذ رحلة إبراهيم الخليل الذي تنازل عن أرضه وترك موطنه بحثا عن الأمان ودرءً للبلاء بالرغم من وجود كل مقومات المقاومة والدفاع؛ إلا انه آثر الرحيل بهدوء؛ طالت الرحلة حتى وصل إلى أرض خضراء كثيرة المراعي والمياه ؛استقر فيها وأسس وطنا ومملكة ومعتقدا ولكن باسم الغير وللغير وبه تبدأ سلالة بني إسرائيل ومنه ينطلق سلالة الانبياء؛ وكان أخرهم النبي محمد (العربي)حسب توصيف العروبيين؛ على الرغم من إن كل المعطيات التاريخية تدل أن أصول الخليل إبراهيم تعود الى الأقوام التي أنبثق منهم الشعب الكوردي؛ على أرض موزوبوتوميا؛ تلك الأرض الذي جاء في التوراة على انها جنات عدن؛ لتواجد كافة مقومات الحياة عليها .وهكذا منذ بداياته مازال الكورد يخدم الاقوام الأخرى يبني للغير دول ومماليك تحت يافطة الأخوة والدين وخاصة في عهد الإسلام وتحت شعار كلنا مسلمون كلنا أخوة: استطاع العرب والترك والفرس استغلال الكرد كل لمصلحة قومه على أن يظل الكوردي خانعا ناكرا لأصله متنازلا عن أرضه فاقدا لخصوصيته القومية يرفع سيفه دفاعا عن الحاكم الظالم باسم الدين لقد سخر كل الشعوب الذين اسلموا الدين لصالح شعوبهم وأوطانهم ماعدا الكورد الذين سخروا حياتهم وأرضهم ومالهم في سبيل الدين ؛وهذه أحد أهم اسباب بقاء الكورد سائرا في رحلته المستمرة منذ التكوين الذي لم يكتمل .[1]