=KTML_Bold=الكورد.. والإستراتيجية الأمريكية الجديدة=KTML_End=
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 4989 – 2015-11-18
المحور: القضية الكردية
“الغريق يتمسك بقشة” هي مقولة ومثال يتردد على ألسنة الضعفاء بكثرة وذلك في نوع من التبرير أو التأكيد على أن من حق الضعفاء والمغلوبين على أمرهم؛ أفراداً وشعوباً أن يمدوا أياديهم إلى أوهن القوى والأسباب والمشاريع وذلك بحثاً عن النجاة والخلاص كما الغريق الذي يجرفه السيل يحاول أن يتمسك بالقشة، فما بالك إن كانت تلك “القشة” جذع شجرة سنديانة.
هذه المقدمة هي المدخل لمن يزايد -من القوميين والراديكاليين العرب- على شعبنا الكوردي بالوطنيات وبأن الكورد يمدون أياديهم للغرب وتحديداً الأمريكان وقد أصبحوا -أي الكورد- جزء من المشروع الغربي الأمريكي وإعتبار ذلك خيانة للقضية الوطنية وبنوع من الإستغباء لشعبنا وكذلك للذاكرة التاريخية حيث ينسى هؤلاء الإخوة؛ إنه وبأقل من قرن من الآن هم أنفسهم -أي العرب- قد وقفوا مع المشروع الغربي؛ آنذاك كان المشروع البريطاني-الفرنسي وذلك بالضد من الخلافة العثمانية و”أخوة الدين” وكان تأسيس اثنا وعشرون بلداً عربياً من خلال الإستراتيجية الغربية.. فهل وقتها خان العرب الوحدة الإسلامية، أم أسسوا لمشروعهم القومي السياسي، ثم هل وجد الكورد لدى شعوب المنطقة حلول سياسية تنصفهم كإخوة ومواطنين وشركاء حقيقيين في هذه الدول الغاصبة لجغرافية كوردستان وقام الكورد وفي “نكرانٍ للجميل” بالركض إلى “الحضن الأمريكي”، أم أن الوضع المزري والبائس لشعبنا هو الذي دفع به نحو الإستراتيجية الأمريكية لعله يجد فيه خلاصه وإنعتاقه من الظلم والعبودية والإجحاف بحقه.. ثم لما يكون حلالاً لكم أنتم العرب التنسيق مع الإستراتيجيات الغربية وعلى الكورد يكون من المحرمات و”الخيانات الوطنية”، فها هي قياداتكم السياسية والعسكرية -معارضة ونظام- تبحث لها عن مكان في الإستراتيجية الأمريكية.
لكن لا عتب كبير على المثقف والسياسي العربي في هكذا قراءات ومواقف سياسية وذلك عندما نجد سياسياً كوردياً وقيادي في حزب؛ الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا وله تاريخه النضالي والقومي وهو يقدم نفس القراءة السياسية وربما أسوأ منها وللدخول في الموضوع، فإننا نورد لكم ما يقوله: السيد عبد الحكيم بشار؛ نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري وذلك بخصوص الإستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا وذلك من خلال مقال له نشره يوم أمس الخميس على صفحته الشخصية وواصفاً تلك الإستراتيجية ب ” الخاطئة”، وأنها “تأتي لصالح نمو وتنامي الحاضنة الجماهيرية لداعش، والتي تشكل أهم عوامل قوتها”. ويوضح مكامن الخلل في تلك الإستراتيجية -وبحسب قراءته- بالمقولة التالية؛ أن “رفض الولايات المتحدة الأمريكية تقديم السلاح اللازم للجيش الحر لمحاربة داعش ونظام الأسد، وكذلك سعي الولايات المتحدة زج المكون الكردي من خلال بعض التنظيمات في المعركة ضد داعش؛ مما سيخلق حساسية مفرطة لدى المكون العربي، خاصة الشرائح الفقيرة والذي لابد أن يؤدي إلى تعاطف العديد من هذه الشرائح مع داعش كرد فعل على السياسة الأمريكية”.. لكن وفقط للتذكير نقول بأن أمريكا والغرب عموماً تبحث عن شركاء حقيقيين في المنطقة وهي في البداية قد دعمت المعارضة السورية والجيش الحر ولكن وعندما وجدت بأن أغلبية الدعم تذهب للجماعات السلفية والمتطرفة أوقفت دعمها وبدأت بالتنسيق مع الكورد كونهم أقل المجتمعات الشرقية راديكالية وأكثرها إنفتاحاً على الغرب وثقافتها وأكثر المكونات قبولاً للإستراتيجية الجديدة وهم بالأخير لن يخسروا أكثر، بل لا يملكون شيئاً ليخسروه بالأساس وبنفس الوقت يحتاجون لدعم خارجي لإنجاح مشروعهم القومي في المنطقة.
وهكذا يمكن أن تعتبر قراءة هذا السياسي الكوردي من أسوأ القراءات للواقع الإجتماعي والسياسي للمنطقة خاصةً وعندما نجده في المقارنة بين الحاضنة الإجتماعية في كل من العراق وسوريا يميزها عن بعضها؛ حيث يعتبر أن سنة العراق ونتيجة السياسة الطائفية للنظام قد وقفوا مع “داعش” وبالتالي تم توفير الحاضنة الإجتماعية لها.. ومع أن هذه الشروط تطبق على الواقع السوري أيضاً؛ حيث السنة ومنذ سنوات عديدة يشعرون بالغبن الطائفي، بل في المرحلة الأخيرة ومع بدايات الثورة السورية بدأت ملامح هذه السياسة تبرز بشكل فاضح وخاصةً بعد دخول كل من إيران وحزب الله اللبناني على الخط ووقوفهم إلى جانب النظام السوري عسكرياً ولوجستياً.. إلا أن السيد حكيم بشار يرفض توفر الحاضنة الإجتماعية ل”داعش” بين العرب السنة في سوريا مع أن أغلبية الفصائل العسكرية -إن لم نقل كلها- والتي تقاتل في سوريا باسم المعارضة هي ذات خلفية دينية سنية وسلفية أيضاً.
ولكن أسوأ ما في هذه القراءة هي النقطة المتعلقة بالكورد وهو يصف الدعم الأمريكي والكوردستاني من الإقليم -نفسه- والمقدم لدعم وتقوية قوات حماية الشعب وكذلك إلى البيشمه ركة القادمون إلى كوباني ب”سعي الولايات المتحدة زج المكون الكردي من خلال بعض التنظيمات في المعركة ضد داعش” وهو وبنفس الوقت يعاتب الأمريكان لما لا يتم “دعم الجيش الحر” أيضاً.. ويا ليت لو أكتفى بذلك بل يضيف هذا القيادي الكوردي؛ بأن ذلك “سيخلق حساسية مفرطة لدى المكون العربي، خاصة الشرائح الفقيرة والذي لابد أن يؤدي إلى تعاطف العديد من هذه الشرائح مع داعش كرد فعل على السياسة الأمريكية”.. ناسياً بذلك أن أغلبية مقاتلي “داعش” من تلك الحاضنة الإجتماعية وقبل أن تكون هناك أي إستراتيجية أمريكية بخصوص الكورد وهكذا يعني كل هذه الحاضنة الموجودة ل”داعش” في المنطقة العربية وتحديداً بين العرب السنة لا يجدها هذا “السياسي الحكيم” بل فقط ومن خلال الإستراتيجية الأمريكية الجديدة والداعمة للكورد فسوف “تخلق” تلك البيئة الإجتماعية.
وهنا يتبادر إلى ذهني قضية أخرى مشابهة تماماً وأود طرحها عليكم؛ حيث وبعام 1-;-9-;-9-;-1-;- وفرت أمريكا وقوى التحالف الدولي منطقة حماية لكورد العراق ولم يتم توفيرها للشيعة آنذاك في الجنوب، فهل أدت تلك السياسة إلى زيادة العداء وخلق مناخ للمنظمات الإرهابية، أم خلق أقليم كوردستان هي اليوم تقوم بحماية باقي الكورد.. ثم كيف هي “إستراتيجية خاطئة” وإقليم كوردستان العراق، بل حزبه أيضاً -أي الحزب الديمقراطي الكوردستاني (سوريا) نفسه- جزء من تلك الاستراتجية والمشروع الأمريكي ومن يومين قاموا بالتوقيع على إتفاقية الشراكة والدفاع المشترك عن كوباني وغربي كوردستان.. والنقطة الأخيرة والتي نود أن نذكر الجميع بها؛ إن الكورد يدافعون عن وجودهم وعرضهم وأرضهم وجغرافياتهم وبالتالي فهم في حالة دفاع عن النفس وأن حق الدفاع مشروع في كل القوانين والشرائع السماوية والأرضية، ثم هل نسينا شعار “الأرض التاريخية” وحق تقرير المصير للشعب الكوردي.. لكن يبدو أن المال الفاسد والإرتزاق السياسي له أثر أكبر من كل الشعارات والأيديولوجيات السياسية لدى تجار الثورة السورية.
[1]