لفت الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني #جميل بايك# ، الانتباه إلى حالة التوازي بين القضيتين الكردية والفلسطينية، وقال بأنه إذا تم حل كلتا القضيتين، فسوف تُزال أرضية المؤامرة والعمليات العسكرية في الشرق الأوسط.
وأوضح جميل بايك أن القضيتين الكردية والفلسطينية، هما أكبر قضيتين في الشرق الأوسط، وهما أيضاً أكبر ديناميكيات التحول الديمقراطي، وقال إن حل هاتين القضيتين ممكنة من خلال منطق العقل والنهج الديمقراطي، ولذلك ستزال التعصب القومي والديني والتعصب القومي للدولة وجميع أنواع التعصب الذي هو مصدر المشاكل في الشرق الأوسط، والحل الدائم لهاتين القضيتين سيحقق في إيران والعراق وسوريا وتركيا وإسرائيل تحولاً ديمقراطياً، وإيجاد الحل لهاتين القضيتين مهمتان و كبيرتان للغاية، ومن ناحية أخرى، فإنها ستُزال أرضية المؤامرة والعمليات العسكرية في الشرق الأوسط، وحل إيجاد الحل للقضيتين الكردية والفلسطينية سيكون له تأثير إيجابي على العالم أجمع.
الهجوم الإسرائيلي على غزة
وذكر جميل بايك أن الإبادة الجماعية تُرتكب في غزة، ودعا إسرائيل إلى وقف هذه الهجمات على الفور، وفي الوقت نفسه، دعا بايك الشعبين الكردي والفلسطيني إلى عدم مغادرة بلادهما مهما حدث.
وقيّم الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) جميل بايك، الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي بدأ بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول، لوكالة فرات للأنباء (ANF) وقال:الحرب ضد الفلسطينيين ليست جديدة، لقد استمرت سياسات الحرب والإبادة الجماعية منذ عقود، وما يجري الآن هو جزء من هذه الإبادة أو استمرار لها، وقد يكون إعلان الحرب بغرض تنفيذ الخطة المعدة لها وتبرير التصرفات والحصول على دعم من الداخل والخارج، وبخلاف هذا، لا يوجد معنى آخر ومختلف لإعلان الحرب، قد يكون هذا منطقياً فقط بالنسبة للقوى المهيمنة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف الناتو (NATO)، وكذلك بالنسبة لبعض الدول الإقليمية التي تسعى إلى القوى والسلطة، ولأن هذه القوى لديها صراعات، فإن لها مصالح في المنطقة ودولة إسرائيل هي أيضاً من بين هذه القوى المهيمنة.
ولذلك فإن ما يتم القيام به وما يُراد القيام به لا يختلف عن هذا الوضع أبداً، ولا يمكن تقييم التغطية الحربية إلا في هذا السياق، وإلا فلا معنى له بالنسبة لفلسطين وللفلسطينيين، لقد ظل الشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال والقمع منذ عقود ويناضل من أجل الحرية والتحرر وهنا نستطيع أن نشبه نضال الشعب الفلسطيني بالنضال الشعب الكردي، إن نضال الشعب الفلسطيني مستمر منذ مائة عام ولم تنته هذه الحرب أبداً.
وبالطبع هناك أحداث جديدة تحدث الآن وهذا وضع جديد وفي رأينا وبشكل عام ظهرت نتيجة من هذا النوع، ولا يمكن أن يستمر الأزمة لفترة طويلة وحل القضية مفروض من جميع الجهات ولا ينبغي تجاهل هذه الحقيقة، وهذه الحقيقة لا يمكن إزالتها بإعلان الحرب والتأكيد على المجازر، وحاليا لا تتصرف القوى الإقليمية والعالمية وخاصة دولة إسرائيل وفق هذه الحقيقة، ولذلك لم يتم حل القضية.
إن قوى الحداثة الرأسمالية تزيد من تفاقم المشاكل وتجعل الحل صعباً والقضيتين الكردية والفلسطينية أصبحتا من المشاكل المتجذرة في الشرق الأوسط، إن الأهداف التقليدية لدولة إسرائيل واضحة، إسرائيل تريد القضاء على الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية، وتأتي الهجمات الحالية على غزة في هذا السياق، ولم تتصرف دولة إسرائيل خارج نطاق هذه السياسة حتى الآن، لأن الذهنية الحالية لا تسمح بذلك.
إن ذهنية الدولة التقليدية والألاعيب وتدخلات القوى المحلية والدولية يشكلون عقبات أمام التوجه الجديد وأمام حل المعضلة، وما يحدث في غزة هو نتيجة هذه الذهنية وهذا التدخل وهذه الألاعيب، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان قد تم اتخاذ الخطوات اللازمة لحل المعضلة والنتائج الحالية لم تكن لتحدث،
ان الشعب الفلسطيني لم يكن معادياً لليهود أبداً، لقد ناضل ضد ذهنية الدولة التي تقوم بالاحتلال والإبادة، ووجد خلاصه في هزيمة هذه الذهنية، وهناك بين شعب إسرائيل نهج ديمقراطي يرى الحقيقة، ويمكن القول أن هذا النهج أصبح قوياً جداً، وتجري منذ أشهر مظاهرات ضد إدارة نتنياهو وسياساتها، وإن الأنشطة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني مهمة للغاية لحل القضية الفلسطينية، ومن المعروف أن موقف الشعب هذا لم يتغير، حيث تحاول دولة إسرائيل أو إدارة نتنياهو استخدام واستغلال ما قامت به حماس ضد المدنيين، والتي تسببت في الاحتجاجات ضد إدارته، لتغيير موقف شعبه،
لكن رغم ذلك فإن الشعب لا يغير موقفه في خضم الحرب، الشعب يريد الحل الديمقراطي، وهذا الموقف مهم جداً، ومن ناحية أخرى، فإن هذه القضية العادلة للشعب الفلسطيني تحظى بدعم كافة الشعوب المضطهدة والاشتراكيين والقوى الديمقراطية والمحبة للحرية، وكل هذه العناصر تعزز النضال الديمقراطي للشعب الفلسطيني والحل الديمقراطي للقضية، لكن نهج الدول والقوى الخاضعة لنفوذها هو العكس، إنهم يفاقمون المشكلة ويجعلون الحل صعباً، لأنهم لا يتعاملون مع المشكلة بالمنهج الديمقراطي، بل على أساس المصالح السياسية والاقتصادية والمختلفة ويتدخلون فيها وهذا ينطبق تماماً مع النهج الأمريكي، والنهج الذي تتبعه الدول الأوروبية مماثل له،
وفي المقام الأول تنتهج تركيا وإيران نفس الطريقة، وعلى وجه الخصوص، فإن النهج الذي تتبعها تركيا برغماتية للغاية، وهي تنتهج سياستها على أساس استمرار إبادة الشعب الكردي، والدول العربية تتخذ من حماية مصالحها نهجاً لها لأن الإدارات الحالية تسير سياساتها وفق مصالح الدولة، لذلك نجد بأن الدول بعيدة كل البعد عن المجتمع في الشرق الأوسط، إن مصالح الدول تعتمد بالكامل على معاداة المجتمعات، وهنا قام القائد آبو بتحليل الوضع في الشرق الأوسط بالتفصيل، لذلك لا تتمتع الدول العربية وغيرها من دول المنطقة بعقل ديمقراطي، وفي هذه الحالة، هل يمكنهم إظهار النهج الصحيح للقضية الفلسطينية، وإظهار العلاقة الصحيحة والإرادة لحل القضية الفلسطينية؟
بالطبع لا يستطيعون ذلك، وهذا لا ينطبق على الدول العربية فحسب، بل على جميع القوى والدول، من لا يملك عقلاً ديمقراطياً لا يمكنه أن يمثل قوة الحل.
وبطبيعة الحال، الوضع الحالي مؤلم ومحزن، تجري في غزة إبادة قاسية ومؤلمة للغاية. ونحن ننتقد وندين هذه بشدة. هم يقولون بوضوح: من المؤكد أن الشعب سيحاسب هذه الذهنية وهذه الدول التي ترتكب هذه الإبادة الجماعية،
إننا ننتقد وندين بشدة تلك القوى التي تدعم سياسات الإبادة الجماعية التي تتبعُها دولة إسرائيل، ونعرب عن نفس الموقف للقوى التي تظهر موقفاً على أنها تساند الشعب الفلسطيني،
إن نهج جميع القوى الإقليمية والعالمية المذكورة متشابه في جوهره، إنهم ليسوا أصدقاء لشعب إسرائيل ولا هم أصدقاء لشعب فلسطين، كل واحد منهم يتعامل مع القضية لتنفيذ سياساته وهذا النهج غير مقبول إطلاقاً، ويتوجب على الجميع أن يتبع النهج الصحيح حيال هذه القضية، ولا ينبغي لأحد أن يقف ضد القضية المشروعة للشعب الفلسطيني وللشعب الكردي وضد نضالهم المشروع، كما ولا ينبغي أن يدعموا سياسات الإبادة الجماعية،
ويجب على دولة إسرائيل وإدارتها أن تغير على الفور نهجها الحالي وأن توقف الهجمات، والتخلي عن سياسات الحرب والإبادة الجماعية، السيناريوهات التي نتحدث عنها الآن خطيرة ولن يتم قبولها أبداً ولا يجوز تهجير أي شعب أو مجتمع من مكانه، هذه إبادة جماعية ولا يوجد سبب آخر لتبرير ذلك وهذا ما فُرض على الشعب الفلسطيني حتى الآن، لقد تم تهجير الشعب الفلسطيني وتم احتلال أراضيه ومصادرته، ولا يزال ملايين الفلسطينيين في المنفى والآن يفرض نفس الشيء على أهل غزة والأمر نفسه يُفرض على الشعب الكردي، وهذا ما تحاول دولة الاحتلال التركي فعله في روج آفا وهذا الوضع غير مقبول أبداً، ما نريده للشعب الكردي، نريده أيضاً للشعب الفلسطيني ومهما حدث فالشعب يجب أن يبقى على أراضيه.
تقوم التنظيمات الفلسطينية على اتخاذ مواقف مختلفة لكي تتواصل الحرب، فالصراع ما بين حركتي فتح وحماس وإدارة مزدوجة هي موضوع للنقاش حتى الآن، كيف يؤثر هذا الوضع على الصراعات القائمة ما بين التنظيمات الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني؟
وهناك خصوصية هامة أيضاً للحرب القائمة ما بين حزب الله اللبناني وإسرائيل التي توصف على أنها حرب مضبوطة، وقد أدلى زعيم حزب الله نصر الله بشأن هجمات 7 تشرين الأول بهذا البيان: لقد قررت حركة حماس هذا القرار بالكامل، ولكن بعد شن إسرائيل الهجمات على قطاع غزة، فُتحت جبهة جديدة، ماذا يعني مشاركة حزب الله؟
وأي تأثير سيشكله على الحرب القائمة؟ هل هناك خطر من تحول حرب إسرائيل وحركة حماس إلى حرب إقليمية؟
هناك حرب إقليمية منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط، فمنذ قرن من الزمن والمنطقة تعيش في حالة من الحرب، لأن المشاكل كثيرة، وكذلك متعلقة ببعضها البعض، ولا توجد مشكلة لا تخلق العواقب الإقليمية، وكل الأمور متشابكة مع بعضها البعض وتشكل التأثير على بعضها، فمنذ بداية القرن العشرين وحتى حلول منتصفه، وقعت حربين عالميتين كبيرتين، الحرب العالمية الأولى والثانية، وبعد هذين الحربين، قلّت الحرب في أوروبا، ولكن لم يكن الأمر كذلك في جميع أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص لم تنتهي الحروب أبداً في الشرق الأوسط، حيث استمرت حروب الدول فيما بينها وكذلك ضد الشعوب، حيث هناك حرب إبادة جماعية منذ قرن من الزمن في كل من كردستان وفلسطين، حيث يتم فرضها من قِبل الدول، كما أنه هناك مقاومة ونضال للشعب في مواجهة هذا الأمر، ولذلك، الأمر المهم ليس تقييم الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، ولكن الأمر المهم هو أن نقوم بالتقييم عن كيفية خروج الشرق الأوسط من هذا الأمر،
ومن الناحية الأخرى، طالما استمرت القضايا الحالية، وطالما تم التعامل مع القضايا بالذهنية الحالية وطالما لم يتم التوصل لحل القضايا، فلن تنتهي الحرب، ولن ينجو الشرق الأوسط من الحرب الإقليمية، حيث أنه سيجر الأجزاء الأخرى المتبقية من العالم إليه.
ولم تزل التنظيمات الفلسطينية بنفسها لم تخلق بعد وحدة قوية فيما بينها، وهذا الأمر بالطبع يشكل تأثيراً من الناحية السلبية على نضال الشعب الفلسطيني، ولكن يجب على المرء أن يعلم ويفهم أنه لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحال وكيف برزت على السطح، فالقضية ليست فقط جراء الصراعات ما بين حركتي حماس وفتح، بل إن الحركة الفلسطينية هي بشكل عام أصبحت ضعيفة ومنقسمة،
وهناك انقسام ما بين حركة فتح والجماعات الأخرى، وهم في حالة من الضعف، ولم يحصل هذا الوضع فقط نتيجة ضغط الدول، بل حصل لأسباب إيديولوجية وسياسية وتاريخية، فالحركة الفلسطينية لا يمكنها أن تتغلب على الوضع الراهن إلا من خلال إدراك وحل هذه الأسباب، ولكي نفهم نحن أيضاً وضع الشعب الفلسطيني وحركته، ينبغي علينا أن نكون على دراية بهذا الأمر.
كما هو معروف، أنه مع تأسيس الدولة الإسرائيلية، وقعت العديد من الحروب ما بين الدول العربية وإسرائيل، حيث أن الدولة الإسرائيلية وبدعم من قوى الحداثة الرأسمالية لم تخسر في هذه الحروب وحافظت على وجودها، وانطلاقاً من أساس الذهنية والإيديولوجية التي تتخذها كأساس، نفذت سياسات الاحتلال والإبادة الجماعية في فلسطين، وكان القلق من انهيار الدولة الإسرائيلية حاضراً في مقاربات الدول العربية، حيث كان يُشاهد تحرير فلسطين في انهيار إسرائيل، وعندما لم يحصل هذا الأمر أيضاً، قطعوا علاقاتهم مع القضية الفلسطينية، فالضرر الأكبر على القضية الفلسطينية كان من خلال هذه المقاربة وسياسات الدول العربية، وكما هو معروف كيف تتعامل بعض الدول العربية مع النازحين الفلسطينيين، والآن أيضاً، ليس هناك مقاربة صحيحة وذو موقف للدول العربية.
فعندما يتعاملون مع القضية بذهنية الدولة، لا يصبحون قوة للحل، وبعد أن فهم أن الدول العربية لن تكون قادرة على حل القضية الفلسطينية، حيث تعززت قوة الحركة الفلسطينية وأحرزت قضية الشعب الفلسطيني تقدماً، وبعد حرب الستة أيام، تطورت الحركة الفلسطينية وتعززت بناءً على الخط المستقل، حيث حصلت على دعم مهم من الشعوب في كل من الشرق الأوسط وجميع أرجاء العالم وأصبحت تتمتع بالنفوذ، وتمكنت من جعل الحل والاعتراف بالقضية الفلسطينية على جدول الأعمال، ولم تتمكن الدول من الاهتمام بقضية الشعب الفلسطيني، حيث أن الشعب الفلسطيني حظي باهتمام ودعم مهمين من شعوب العالم.
وهناك الكثير من الأسباب التي جعلت من الحركة الفلسطينية في اليوم الحالي ضعيفة ومنقسمة، ويجب عليها أن توضح السبب الأهم من هذه الأسباب، وإن الأساس في تعزيز الحركة الفلسطينية هو التأثير والمساهمة الإيديولوجية الاشتراكية بمثابة أمر حاسم،
كما أن التقدم الذي حققته الحركة الفلسطينية في أعوام الستينات والسبعينيات متعلق بهذا الأمر، وبدون شك، لم تكن جميع الجماعات المقاومة لديها الإيديولوجية الاشتراكية، ولكن حتى الذين لم يكن لديهم إيديولوجية اشتراكية، كانوا تحت تأثير هذا الأمر وحتى أنهم كانوا يستندون على الأساس السياسي والاجتماعي، وكانت تجري انطلاقات وتطورات مماثلة في الدول الأخرى أيضاً من الشرق الأوسط، وكانت إحداها كردستان.
وبالطبع، إن هذه التطورات التي ظهرت في العالم وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط، كانت تشكل خطراً على مصالح الحداثة الرأسمالية، وبدورها، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية من أجل منع التطور الاشتراكي، إلى دعم المجموعات التي تتبنى الأيديولوجية الدينية وإنشاء مثل هذه المجموعات، ونتيجة لذلك الأمر، ظهرت الجماعات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط، وقامت من خلال هؤلاء سد الطريق على التطور الاشتراكي، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وفقدانها لنفوذها الإيديولوجي الاشتراكي التقليدي، فقد اكتملت المهمة الموكلة لهذه الجماعات الدينية المتطرفة، وكانت هذه السياسة التي طوّرتها الولايات المتحدة الأمريكية، يتم تنفيذها من قِبل حلف الناتو، وكان يُقال لهذا الأمر مشروع الحزام الأخضر، وعلى سبيل المثال، عملوا على انضمام تركيا إلى حلف الناتو ومن ثم شكلوا جماعات الطرق الصوفية والدينية ضد الحركة الشعبية الديمقراطية النامية وجعلوا من كل جماعة ككونترا.
وكان هذا الأمر يرتبط بهذا الهدف وهذه السياسة، فاليوم، إن الكوادر الذين يديرون تركيا، قد تلقوا التدريبات في جمعيات الولايات المتحدة وحلف الناتو، ولذلك، فإن الخطابات المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل والناتو ليس أكثر من مجرد خطابات فحسب، والغرض من ذلك هو جعل مطالب الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الناتو محل قبول بشكل أكبر والحصول على المزيد من الدعم منهم.
ومثل العديد من التنظيمات الدينية، ظهرت حماس كنتيجة لهذه السياسة، حيث أُفسح المجال أمام حركة حماس لتقسيم وإضعاف الحركة الفلسطينية، بتشجيع ودعم من الولايات المتحدة وإسرائيل نفسيهما بشكل مباشر، وكان الهدف من هذا الأمر هو إضعاف الحركة الفلسطينية وكذلك تغيير مسار القضية الفلسطينية، حيث تم تطوير الإيديولوجية الدينية، وإخراج نضال الشعب الفلسطيني المناهض للاحتلال والإبادة الجماعية عن مساره، حيث تحول نضال التحرر والحرية إلى حرب دينية، كما أن الدولة الإسرائيلية هي بالأصل لديها ذهنية دينية، وفي مواجهة ذلك الأمر، تم إيجاد حركة حماس التي لديها ذهنية دينية، وبهذه الطريقة تم إخراج القضية المحقة للشعب الفلسطيني عن مسارها، والآن هي حرب الأديان وحرب أرمجدون (معركة اليوم الأعظم للرب) وما شابه، حيث يجري إيضاح الأمور، فهذه أكاذيب ومغالطات وأمور خارجة عن مسارها، فقد ضرب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمثلة على الأحداث التي وردت في التوراة، وقبل ذلك بوقت قصير، صرح الرئيس الإيراني في اجتماع الأمم المتحدة بأن المهدي الآن يعيش على وجه على الأرض، وهذا الأمر يعبر عن مستوى التحريف.
ويكمن خلف هذه الخطابات والمقاربات حرب المصالح للدول المعنية، وللأسف، بعد صعود حماس إلى الواجهة وإضعاف القضية الفلسطينية، فقدت الحركة الفلسطينية استقلاليتها، ففي الوضع الحالي، الديناميكيات الخارجية هي التي لها الثقل والاتجاه، وليست الحركة الفلسطينية.
والوضع الآخر الذي يضعف الحركة الفلسطينية، هو الاعتقاد بأن القضية لا يمكن حلها إلا من خلال الدبلوماسية، فالحركة بدلاً من أن تعتمد على النضال المشترك والوحدة الديمقراطية للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، تعمل على اتخاذ الدبلوماسية مع الدولة كأساس لها، وهذا الأمر خطأ تاريخي، حيث أن هذه المقاربة الخاطئة كانت السبب في حدوث تضحيات قاسية،
فلو كان قد تم اتخاذ النضال والتحالف الديمقراطي للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني كأساس، لكان قد تم التوصل للحل في القضية الفلسطينية، ولكان قد تحقق ترسيخ الديمقراطية في إسرائيل، ولكن لم يتم القيام بذلك، فمع محادثات أوسلو جرى تهدئة الحركة الفلسطينية، وتسبب هذا الأمر في تعميق الاحتلال والإبادة الجماعية بشكل أكبر، فمثلما تم فرض الأشياء على الحركة الفلسطينية، فُرضت أيضاً على الشعب الكردي والحركة التحررية الكردية، حيث أن الدولة التركية عملت على تطوير الطرق الصوفية وتنظيمات الكونترا تحت مسمى الجهاز السري لمخابرات الجندرمة (JÎTEM) ومرتزقة حراس القرى لسد الطريق على النضال التحرري، وكان حزب الله واحداً من بين هذه التنظيمات، فاليوم أيضاً، تقوم الدولة على دعم هذا التنظيم وتحاول من خلالهم تعزيز سطوتها في كردستان، حيث أن خطابات وزير الداخلية السابق بشأن هذا الموضوع تكشف جوهر هذا الأمر.
ومن ناحية أخرى، كما حدث مع الحركة الفلسطينية، كان المطلوب أن يتم استسلام الحركة التحررية الكردية تحت مسمى اللقاءات والحوار، إلا أن القائد أوجلان حال دون ذلك من خلال تطوير حل الأمة الديمقراطية وتطوير النضال في العصر الجديد على أساس التحالف الديمقراطي والنضال المشترك للشعوب، وبهذه الطريقة، استمر تطوير نضال الحرية والديمقراطية، وبهذا الأمر تم الحفاظ على أمل الحرية في كردستان والشرق الأوسط، ونتيجة لذلك، تم اتخاذ خطوات مهمة في كل من تركيا وسوريا، فقد تحول التحالف الديمقراطي في تركيا الذي أوجده الشعب الكردي والقوى الديمقراطية إلى خندق مهم، وحصلت ثورة روج آفا، حيث قام الكرد والعرب ببناء علاقة جديدة على الأساس الديمقراطي، كما كانت هناك خطوات مهمة للغاية على المستوى الأخير في شرق كردستان وإيران.
لنأتي إلى سؤالكم المطروح، باعتبار أن القضايا متشابكة في الشرق الأوسط والعديد من القوى الإقليمية والدولية منخرطة في هذه الحرب، فإن الحرب التي تُوصف على أنها حرب بين إسرائيل وحركة حماس قد تحولت إلى حرب إقليمية، كما أن وضع حزب الله اللبناني ومشاركته في القضية يندرج أيضاً في هذا الإطار، فالنفوذ الإيراني معروف على حزب الله اللبناني وعلى العديد من القوى الأخرى، وهذه ليست بأمور سرية، كما أن نفوذها معروفة على حركة حماس، ولذلك، فإذا ما تصرف حزب الله و القوى الأخرى بالطريقة التي ذكرتموها، فلن تنقطع عن إيران، كما أن هناك علاقات للدولة التركية مع حركة حماس، حيث أن السلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية والحركة القومية تحاول منذ فترة طويلة استغلال حركة حماس والقضية الفلسطينية، فالدولة الأكثر استغلالاً واستثماراً للقضية الفلسطينية هي تركيا،
كما أن هناك نفوذ للولايات المتحدة والقوى الأخرى للحداثة الرأسمالية على إسرائيل، حيث أن جميع هذه القوى تستغل قضية إسرائيل وفلسطين على أساس مصالحها الخاصة، ومن هذا الجانب، هناك احتمال وخطر من أن تصبح هذه الحرب حرب إقليمية، كما أن الأمور التي تحصل بالأصل، هي في إطار الحرب العالمية الثالثة، كما أنه هناك صراع على القوة بين قوى الحداثة الرأسمالية، حيث هناك صراع على امتلاك موارد الطاقة وخطوط الطاقة وطرق التجارة والمياه والأرض وما شابه، ولا يترددون في استخدام جميع أنواع القضايا والمشاكل لإضعاف بعضهم البعض.
قتل الكرد والتعاطف مع الفلسطينيين
وقال باييك: إن أردوغان ينفذ عملية احتيال ونفاق كبيرة، فهو يتصرف وكأنه يدعم الشعب الفلسطيني، بهذه الطريقة يخفي وجهه الحقيقي، فكيف يمكن لمن يمارس سياسات الإبادة بحق الشعب الكردي أن يكون صديقاً للشعب الفلسطيني؟
فمن هو صديق للشعب الفلسطيني يجب أن يكون صديقاً للكرد أيضاً، لأن الكرد والفلسطينيين يعانون بشدة في الشرق الأوسط، وترتكب مجازر ضدهما، أحد الذين ارتكبوا المجازر هي الدولة التركية، والآخر هي دولة إسرائيل، كيف ستصبح تركيا صديقة لفلسطين، وأردوغان يفعل هذا بالكامل لمصلحته الخاصة، يريد أردوغان استكمال الإبادة الجماعية للكرد في ظل الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، فهو يفعل ذلك لتعزيز سلطته، ولتغيير أجندة تركيا، وتجنب أي رد فعل لهم، وقد قال أردوغان عن حماس: إنها ليست إرهابية، وعندما سألوا سكرتير الناتو: أردوغان لا يرى أن حماس منظمة إرهابية، ماذا لديك لتقوله حول هذا؟، قال سكرتير الناتو: هذه ليست مشكلة بالنسبة لنا، وهذا يعني أن أردوغان يشن حرباً نفسية، إنه يشن حرباً خاصة، وهو ليس صديقاً للشعب الفلسطيني، يجب على الجميع رؤية هذا؛ أولئك الذين يهاجمون فلسطين يقومون بتدريبات في قونية، يتلقون التدريب هناك، ثم يذهبون ويقصفون الفلسطينيين، التجارة بين تركيا وإسرائيل هي الآن أكبر من أي وقت مضى، وحتى في هذه الحرب ما زالت مستمرة، كيف يكون صديقاً للشعب الفلسطيني؟ وهو يتاجر بالشعب الفلسطيني، إنه يضحي بالشعب الفلسطيني، أردوغان يتفاوض بشأن القضية الفلسطينية، ويقول: إذا كنتم تريدون مني أن أرى حماس كإرهابيين، فيجب أن تروا أيضاً وحدات حماية الشعب كإرهابيين، وبهذه الطريقة يريد استكمال الإبادة الجماعية للكرد، ولهذا السبب يتصرف وكأنه يدعم الشعب الفلسطيني، إنه ينفذ عملية غش ونفاق كبيرة.[1]