الأمة الديمقراطية هي الحل لأزمة الشرق الأوسط (1)
روناهي نودا/عبير محمد
يجري تنفيذ مشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان كحل على أرض روج آفا بشمال وشرق سوريا.
قامشلو المجتمع هو أساس الإنسانية إلى أنه تعرض للقمع من قبل السلطات منذ آلاف السنين وعاش تحت مظلة الدولة. على الرغم من كل تلك الممارسات، تمكن من حماية ثقافته ولغته. وفي مواجهة الدولة القومية، طرح القائد عبد الله أوجلان مشروع الأمة الديمقراطية كبديل لتدير المجتمع نفسه. اليوم يتم تنفيذ هذا المشروع في جميع أنحاء شمال شرق سوريا.
تم إعداد هذا الملف من أجل فهمٍ أفضل لمشروع الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية والأسس القائمة عليها، وهدفه وكيف تم تحقيقه على هذه الأراضي المقدسة للآلهة.
الأمة الديمقراطية
لا يمكن للأمة والأمة الديمقراطية أن تكتسب سلطة الإدارة بدون الحكم الذاتي أو الاستقلال للمدن والمناطق والنواحي. يجب أن تعزز حركة الأمة الديمقراطية بالتأكيد الاستقلال الديمقراطي للمدن والمناطق. وكي لا يتم تهميش الإدارات المستقلة للمدينة والإدارات المحلية والإقليمية واستخدام السلطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالكامل، فمن الضروري الاتحاد كأمة ديمقراطية مع الحركة الديمقراطية الوطنية.
الأمة الديمقراطية ومن خلال ممارساتها الكونفدرالية الديمقراطية تشكل بنية وهيكل سياسي أساسي، وهي تخلق جميع أنواع الكيانات الثقافية من العرق إلى الدين، ومن المجتمعات الحضرية والمحلية والإقليمية والوطنية وصولاً إلى نوع جديد من الأمة التي لا تزال في حالة التشكيلات السياسية الديمقراطية المستقلة. وعلى عكس تعصب الأمة القومية، فهي تحتضن التعددية الهوية والتعددية الثقافية والتكوين السياسي متعدد القوميات. ومن أهم النقاط التي تبرز في المقدمة الكومينات، والتعاونيات، والمجالس، وهي العناصر الرئيسية في الأمة الديمقراطية.
يتم إنشاء الكومينات في كل قرية وحي وشارع. ويتم إنشاء المجالس والتعاونيات في كل حي ومدينة، وتلعب دوراً رئيسياً في حل جميع مشاكل المجتمع. الأمة الديمقراطية هي انقلاب على مفهوم الدولة القومية الذي يقوم على أساس العرق. إنه نموذج جديد يتعارض مع نموذج الدولة القومية القائم على العرق. ويعبر عن هوية الشعوب والثقافات والثروات، لأنها أمة لا تُبنى عليها الدولة، وهي مجتمعية وديمقراطية.
يجب على المجتمع الأخذ بعين الاعتبار معايير معينة
يجب على المجتمع أن يحرر نفسه من كل الهياكل التي تعتمد على السلطة، كما يجب أن يكون لكل شخص رأي ومسؤولية في صنع القرار والإدارة. يجب إتقان الحياة الجماعية والاجتماعية والتشاركية في المجتمع بأسره. في الوقت نفسه، يجب على المجتمع تطوير الأخلاق والسياسات التي تعتمد على البنية الاجتماعية. يجب تدمير المعايير الجنسية والأبوية، وتأسيسها على أساس توازن الحياة الموجودة في شخصية المرأة. يجب ضمان مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية. من الضروري أن يكون هناك وعي لدى المجتمع بالعيش في وئام مع الطبيعة وأن يكون هناك أسلوب حياة بيئي وإدراك لمسؤولية الفرد تجاه الطبيعة. يجب رفض تصنيف الفئات والطبقات وما إلى ذلك والتي ولدت نتيجة للسلطة داخل المجتمع.
الكونفدرالية الديمقراطية
تعتمد الكونفدرالية الديمقراطية على المجتمع الأخلاقي والسياسي، كما تعتمد على السياسة الديمقراطية. إنها تظهر الإرادة الحرة للمجتمع الأخلاقي والسياسي. كما أنها تعتمد على الدفاع عن النفس. ولا مكان للهيمنة في منظمة كونفدرالية ديمقراطية. الكونفدرالية الديمقراطية هي شكل من أشكال الإدارة في يومنا هذا. نظام احتل مكانته في التاريخ بكل ثقله. لذلك، التاريخ ليس مركز الدولة، بل كونفدرالية. الكونفدرالية الديمقراطية ليست احتكاراً، إنها مجتمع. المجتمع كونفدرالي في الأصل.
الإدارة الذاتية الديمقراطية
تشمل الإدارة الذاتية الديمقراطية سبع أسس وهي الأسس السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدبلوماسية والأمنية والقانونية. سيؤثر هذا المشروع على منطقة الشرق الأوسط بأكمله كمشروع حل. الإدارة الذاتية الديمقراطية تعني رفض العنصرية التي فتحت الطريق لآلية الدولة المركزية والبيروقراطية والفردية، وتعني التغلب على المشاكل التي نشأت بسببها.
يقول القائد عبد الله أوجلان عن الإدارة الذاتية الديمقراطية إذا كانت الأمة الديمقراطية روحاً، فإن الإدارة الذاتية الديمقراطية مثل اللحم والظفر في تكوين الأمة الديمقراطية. إنها حالة التجسد والبروز.
أسس الإدارة الذاتية الديمقراطية هي كما يلي:
الهيكل السياسي
هو أساس المجلس الذي يمثل مؤتمر المجتمع الديمقراطي، ويتبعه لجنة إدارة صغيرة. ويعمل هذا الهيكل السياسي على التقليل من سلطة الدولة والقيود المفروضة والمزيد من الحرية. إن مناقشة السياسة التي تتبعها الإدارة الذاتية الديمقراطية لا تقل أهمية عن معرفة شكلها ووظيفتها. فهي تُبرز الثقافات والشعوب التي تم اعتبارها غير موجودة على المسرح السياسي. وتبرز المفهوم التعددي الديمقراطي القائم على المساواة. السياسة الديمقراطية تساند وتدعم المجتمع الذي تم تدميره، ويكسب القوة الطبيعية للفرد على أساس الحرية.
الهيكل القانوني
يحدد القانون نطاق ومحتوى الإدارة الذاتية الديمقراطية ودستورها. في جميع المجتمعات، يتم إدارة العمل والحياة الاجتماعية وتنظيمهما ليس بموجب القانون فقط، بل من خلال الأخلاق أيضاً. فالأخلاق والسياسة هما حقيقة المجتمع، فهو يتولى إدارة شؤونه الداخلية أخلاقياً، ويدير شؤونه بشكل قانوني مع الدولة. لأن القانون يقوم على صياغة دولة ديمقراطية، ولتحقيق العدالة هناك طريقة واحدة فقط وهي إضفاء الطابع الديمقراطي على القانون بحيث تتكيف الدولة مع مصالحها، وهو ما يعني سن القوانين والدساتير الديمقراطية.
الأساس الاقتصادي
إنه يظهر نوع الاقتصاد الموجود. كما يتضمن سياسة إنشاء السدود وتحديد الموارد السطحية والجوفية. وهو كنظام اقتصادي لا يقبل الرأسمالية. هذا النظام أصبح اقتصاد الشعب. يركز على المراقبة والانضباط، ويرتبط بالإنتاج، ويقوم على الاكتفاء الذاتي، والاحتياجات الاجتماعية وعلى قيمة الاستخدام. الإدارة الذاتية الديمقراطية، لا تعتمد مثل الرأسمالية على الملكية الخاصة وتعتبرها قلب النظام. إن مفهوم الإدارة الذاتية الديمقراطية هو أن الأدوات تخص الأشخاص الذين يستخدمونها، وبالتالي فإن المنتج الذي ينشأ يعود إلى المنتجين وأصحاب العمل.
واحدة من أهم المشاكل التي تواجه المنطقة اليوم هي بلا شك مشكلة البيئة. إن النظام الرأسمالي، بسماته المتمثلة في العمل البشري الذي يجعل كل شيء سلعة، لا يأخذ في الحسبان مدى إلحاقه الضرر بالطبيعة وأسس المجتمع. في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية، يتم استخدام الفرص والتقنيات الحالية لمصالح المجتمع وتلبية احتياجاته دون الإضرار بالطبيعة. وبذلك يساهم في إنقاذ ملايين الأشخاص الذين يموتون من الجوع كل عام. في مفهوم الإنتاج للإدارة الذاتية الديمقراطية، لا توجد مسألة الإضرار بالطبيعة والإضرار بصحة الناس.
الزراعة هي المصدر الرئيسي للغذاء. تطوير وتشجيع الزراعة العضوية هو النهج الأساسي للزراعة في الإدارة الذاتية الديمقراطية. لا تعمل الزراعة العضوية فقط على حماية الأرض، ومنع التلوث البيئي، وحماية التوازن البيئي، بل تعمل كذلك على حماية صحة المجتمع. تؤكد الإدارة الذاتية الديمقراطية وتشجع على تطوير الزراعة. أنها تعتمد على الزراعة التي تتم في سياق التوازن البيئي. وتحاول إقامة توازن بين الزراعة والصناعة والمناطق الريفية والمدن في هذا السياق.
هناك نسبة كبيرة من البطالة في كردستان، حيث تشير بيانات رسمية إلى أن معدل البطالة يبلغ نسبة 20% لكن هذا المعدل بعيد كل البعد عن الحقيقة. حيث يتم استبعاد النساء اللواتي تشكلن نصف المجتمع من تلك البيانات. إذا تم تقديم البيانات الصحيحة، فيمكن القول إن هناك نسبة أكبر من 50% من البطالة في كردستان. البطالة بشكل عام نتاج الرأسمالية.
الأساس الثقافي
وهو يشمل اللغة الأم والتاريخ والفن. حدد القائد عبد الله أوجلان عنصراً أساسياً للإدارة الذاتية الديمقراطية وهو الأساس الثقافي. الثورة اللغوية هي أهم وأكبر ثورة في التاريخ الاجتماعي. واللغة هي إحدى العلامات الفريدة للتطور الاجتماعي الذي يمتلك ذاكرة وخبرات عملية شكلت الحياة الاجتماعية لعشرات الآلاف من السنين. في هذا المجال، ليس هناك حقبة فحسب، بل هناك التصورات والمعاني والأسماء والعناوين وآثار العمليات الاجتماعية، لأن اللغة تصبح ذات معنى فقط في التنشئة الاجتماعية.
لا يمكن فصل الثقافة عن تاريخ البشرية. إن مفهوم تاريخ الحكم الذاتي الديمقراطي، يحتوي على بروز وتشكيل وتطور القيم الديمقراطية المجتمعية للتاريخ الاجتماعي. يقول القائد عبد الله أوجلان عن التاريخ يجب أن يصبح التاريخ علم اجتماع، كما يجب أن يصبح علم الاجتماع أيضاً تاريخاً. كما يقول التاريخ هو الآن ويربط الواقع الذي نعيشه في الحياة اليومية بالتاريخ.
جزء مهم آخر من الثقافة هو الفن الذي يبرز جوانب الثقافة باستقلالية، فهو مجال فريد من نوعه يمكن أن يجمع بين الأمس واليوم والغد. وهو أهم درع ضد اضطهاد الرجل. كما أنه يشارك في عملية بناء الأمة الديمقراطية، ويبني نفسه من خلال التنظيم الواسع. تصريحات القائد أوجلان هي بيان للمجتمع الديمقراطي بقدر ما هي بيان يقود نهضة كردستان والشرق الأوسط. تولي الإدارة الذاتية الديمقراطية اهتماماً رئيسياً للنهج الذي يقول لا يمكن للفن أن يوجد بدون أيديولوجية، ولا يمكن للحركة الفنية أن توجد بدون تنظيم.
الأساس الدبلوماسي
ويشمل العلاقة مع الأشخاص والمجتمعات الأخرى. والتواصل مع دول مجاورة مختلفة ومع الكرد في أجزاء كردستان الأربعة، هناك العديد من التعريفات التي تظهر للدبلوماسية، مثل العلاقة بين الدبلوماسية والسلطة، والدبلوماسية والتفكير الاستراتيجي، والتفكير الاستراتيجي والدبلوماسية والسلطة، والدبلوماسية والبيانات التاريخية.
تعتمد الإدارة الذاتية الديمقراطية على الدبلوماسية في خدمة وتعزيز بناء الحياة المشتركة والتضامن وظروف العمل بين الشعوب. يُطلق على الاسم الذي سيتم تحديده اسم الدبلوماسية العامة أو دبلوماسية الشعب. الإدارة الذاتية الديمقراطية ليست حكومة، حتى لو كانت متوافقة مع مفهوم الدولة، فهي لا تهدف إلى أن تصبح دولة. إنها إدارة ذاتية مباشرة للمجتمع وجزء من المجتمع الأخلاقي والسياسي. ومصدر القوة الأساسية لدبلوماسية الإدارة الذاتية الديمقراطية هو القوة الجوهرية أو القوة التنظيمية للمكونات التي تمثلها الإدارة الذاتية. وهي مرنة في السياسة ومنفتحة على التسوية، لكنها حازمة وذو موقف في قواعدها. مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ليس مشروعاً تم تطويره للكرد وكردستان فقط. فالعلويون، والشركس، والآشوريون والسريان، والروم، والموسويون، والعرب، إلخ. يمكنهم تشكيل إداراتهم الديمقراطية الخاصة. الإدارة الذاتية الديمقراطية هي وحدة المجتمعات حيث يتشارك المجتمع في الهوية والثقافة والمعتقدات والمصالح الاقتصادية. إنها طريقة حرة للتعبير والتنظيم واكتساب الحق في التمثيل في جميع مناحي الحياة. كما تشكل الإدارة الذاتية الديمقراطية وحدة المجتمعات حيث ينضم كل شخص إلى الحياة المشتركة على أساس الاختلافات وعلى أساس وحدة الحرية والديمقراطية. لهذا السبب فإن الإدارة الذاتية ليست كالدولة القومية وليست إعادة هيكلة تؤدي إلى التفرد والعنصرية.
الغرض الأساسي من الدبلوماسية التي يتعين القيام بها مع مكونات الأجزاء الأربعة من كردستان هو كما يلي:
التعبير عن شمال كردستان بشعار تركيا ديمقراطية... كردستان المتمتعة بالحكم الذاتي. حيث يجب على الجمهورية التركية في المرحلة الحالية إما القبول بالإرادة القومية والمساواة للشعب الكردي على أساس الاختلافات، ووضع حقوق وحريات الشعب الكردي تحت الأمن الدستوري ودمقرطة نفسها بعد تنفيذها للحل الديمقراطي، أو ألا يتوقع الشعب الكردي شيئاً من الدولة، ويطرح حلوله ويعلن عن كردستان المستقلة بكل مؤسساتها.
يجب على إقليم كردستان التمتع بعلاقة دبلوماسية مع إدارة الإقليم الكردستاني الفيدرالي تقوم على أساس الديمقراطية، واتباع السياسات الوطنية التي تحمي الإنجازات وتطورها، والتي تهدف إلى الوحدة والتعاون بين الكرد وشعب كردستان، وتقوم على تطوير النضال الديمقراطي فيما بينهم.
شرق كردستان هو ثاني أكبر جزء من كردستان جغرافياً ومن حيث عدد السكان. ولهذا فهو يتمتع بمكانة مهمة. ويمكن أن يلعب دوراً مهماً في دمقرطة الشرق الأوسط بقدر دوره في دمقرطة إيران.
روج آفا هو أصغر جزء من كردستان من حيث الجغرافيا والسكان. الشعب الكردي في هذا الجزء الذي ترك تحت سلطة الدولة السورية، قد عرف النضال الوطني الديمقراطي مبكراً بعد الشمال وشارك بأقوى الطرق. مع دعمه للتطورات في الأجزاء الأخرى، فقد احتل مكانه لأول مرة بين الأسس والأركان الأصلية للثورة.
أساس الحماية الذاتية
يطلق عليه الأساس الأمني. يتناول موضوعات المجازر ليس فقط المذابح الجسدية، بل الإبادة بكل أنواعها وأشكالها. ويجب على المجتمع بناء قواه الدفاعية الخاصة في هذا المجال. القائد عبد الله أوجلان يقول عن أساس الحماية الذاتية؛ أساس الدفاع عن النفس لا يقل أهمية عن الخبز والماء، وبدونه لا يمكنك العيش. إن بناء التنظيم الذاتي في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، مثل المجالس والبلديات والتعاونيات والمنظمات الصحية والتعليم والمؤسسات الاقتصادية يعني ضمان الأمن. لا يمكن اعتبار الحماية والدفاع عن النفس تشكيل مسلح فقط. فالحماية والدفاع عن النفس يعبر عن تنظيم المجتمع في كل مجال من مجالات الهوية والحياة. القائد عبد الله أوجلان عندما يذكر قضايا مثل الأكاديميات والمجالس والمؤتمرات يعتبرها في نفس الوقت مراكز للدفاع والحماية الذاتية.
غداً: فوزة اليوسف: السياسة تدار من قبل المرأة والشعب
[1]