مكانة المرأة في الحضارة الإيلامية (سنة 3200 – 539 قبل الميلاد) (القسم الثاني)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 6714 - 2020-10-25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مكانة المرأة في الأديان الكوردية (4)
قبل الحديث عن الآلهة الإناث للإيلاميين وملِكات إيلاميات، من المفيد أن نذكر أنه لم تكن النساء في كوردستان القديمة تحظى بإحترام كبير فحسب، بل كانت مساوية للذكور، حيث كانت المرأة تستطيع إمتلاك الأرض وإدارة الأعمال، وكانت تتلقى أجرًا مساويًا لِأجر الرجُل، ويمكنها السفر بِحُرّية بمفردها، وكانت النساء من العائلة المالِكة يعقدن اجتماعات مجلسهن الخاص بشأن السياسة. إن الإحترام والحقوق التي تتمتع بها المرأة في المجتمع الكوردي في الوقت الحاضر قد تكون مستمدة من الثقافة الإيلامية القديمة.
الآن نعود للتحدث عن الآلهة الإناث للإيلاميين وملِكات إيلاميات.
الإلهة (پنيكير Pinikir)
هي أولى وأهم إلهة في تاريخ إيلام، حيث أنها معروفة من خلال وثائق مكتوبة لهذه الإلهة. هذه الإلهة هي رئيسة المجمع الديني الإيلامي (پانثيون pantheon)، وهي معروفة بِأُم الآلهة. أطلق علماء الآثار إسم (پنیكیر) عليها لمقارنتها مع (إيشتار Ishtar) التي هي إلهة الحُب والحرب في بلاد ما بين النهرَين(h). كانت هذه الإلهة أكثر أهمية من الإلهات الأخرى في معاهدة (هيتا Hita) التي تُبيّن عالَم الآلهة الإيلامية. هذه المعاهدة تبدأ بالنص التالي: أوه، إستمعي (پنیكیر) والآلهة البارزين المحترمين الآخرين! هذا التعبير يشير الى أهمية الإلهات في الدين الإيلامي والثقافة الإيلامية (i). إسم هذه الإلهة مترجمة أو مكتوبة بأشكالٍ مختلفة. بعض أسمائها مكتوبة ك(پنیكیر Pinikir) والبعض الآخر ك(بنيكير Binikir). (پنیكیر Pinikir) هي رئيسة الآلهة الإيلامية ك(أم الآلهة). بإستثناء (پنیكیر Pinikir)، لم تكن أية إلهة تملك السلطة والنفوذ، خاصة النفوذ الديني في مختلف العصور. كانت سلطتها ونفوذها لدرجةٍ أنها كانت قائدة الآلهة في العصر الإيلامي. بعض الباحثين يعزون سلطتها الدينية الى نظام الحُكم الأمومي. حصول تطورات إجتماعية وسياسية ودينية في إيلام، قاد الى حلول النظام الأبوي محل النظام الأمومي الذي قد يكون بسبب (هوبان Huban) أب الآلهة. تبؤ أم الإلهات، (پنیكیر Pinikir) لمنصب رئيس الإلهات الإيلاميات يؤكد على قيمة وأهمية الأُم في الحضارة الإيلامية في أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد. كان يُشار الى (پنیكیر Pinikir) بعد (هوبان Huban) الذي كان أحسن الآلهة الإيلامية وكان زوج (پنیكیر Pinikir). كانت الآلهة والإلهات الإيلامية يتزاوجون فيما بينهم وينجبون أطفالاً. تمت تسمية (پنیكیر Pinikir) على أنها حاكِمة السماء الى عهد قريب وكان عامة الناس يطلقون إسمها على أسمائهم الشخصية في حالات كثيرة. كان الإيلاميون يعتقدون أنها كانت لها قوة اللعنة والشقاء.
الإلهة (كيريريشا Kiririsha)
(كيريريشا Kiririsha) ليست إسم هذه الإلهة، بل هي لقب لها والتي هي كلمة مركبة من كلمة (كي ري Ki ri) التي تعني (إلهة) و كلمة (Risha) التي تعني (عظيمة) وبذلك تعني (الإلهة العظيمة). في النص الذي يظهر فيه كل من (هوبان Huban) و (شوشيناك Shushinak) و (كيريريشا Kiririsha)، تمّ إظهار (كيريريشا) ك(الزوجة العظيمة) بشكل منفصل. كانت معروفة كإلهة الأم وكانت ليست فقط زوجة (هوبان)، بل كانت زوجة (شوشيناك) أيضاً. من المحتمل أن هؤلاء الآلهة الثلاث كانوا إخوة لأن مثل هذه العلاقة كانت موجودة بين العائلات الملكية الإيلامية بحيث كان أخَوان إثنان يتزوجان أختهما ولكن ليس في نفس الوقت. الإله الذكري الذي قام بإجبار الإلهة العظيمة للتخلي عن الزعامة له، كان الإله (هوبان). إنه كان في المرتبة الثالثة خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، ولكنه أصبح رئيس الآلهة الإيلامية في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد. كانت تتم عبادة (هوبان) دائماً في جميع أنحاء مملكة إيلام، بِعكس الإلهات اللواتي كُنّ تتم عبادتهن في مناطق معينة من إيلام أي أنهنّ كنّ إلهات محليات [j]. في إحدى أقدم النقوش الإيلامية، يظهر حاكِم غير معروف لمنطقة (ليان Lian) في معبد هذه الإلهة والذي يقول أنه خادم لها. وصلت نفوذ الإلهة (كيريريشا) الى مدينة (سوسه). قام الملوك الإيلاميون ببناء معابد لهذه الآلهة في مناطق عديدة. عُرِفت هذه الإلهة بأُم الآلهة والإلهة العليا للمعبد في سوسه التي تحمي جميع الناس [k]. بعض الوثائق الإيلامية المكتشفة تشير الى أن الموطن الأصلي للإلهة (كيريريشا) هو في جنوب شرق إيلام وكان بيتها في ليان (بوشهر). قامت (أُنتاسگول Untasgul) ببناء معبد (چوقازَنبيل Choqazanbil) للإلهة (پينكير) ومعبد آخر للإلهة (كيريريشا) في (دور – أُنتوش Dour-Untoush) في سنة 1250 قبل الميلاد. إسم هاتَين الإلهتَين ومعبدهما منقوش على لوحة برونزية محفوظة في متحف (لوڤر Louvre) في فرنسا. الأمير (هينّي Henni) يستغيث بِهاتَين الإلهتَين، (پينكير) و(كيريريشا) ويُسمّيهما أُمّتا الآلهة في (مال – أمير Mal-amir) في حوالي سنة 710 قبل الميلاد.
الإلهة (مانزات)
تمت عبادتها في عهد (هيتا Hita) لأول مرة وكذلك عُبدت في عهود أخرى. يقع معبد هذه الإلهة في المدينة الإيلامية (هوپشين Hupshen). يبدو أن الإسم القديم ل(مانزات) كان (نينالي Ninali) وتحول الى (مانزات) في وقت غير معروف. كان (نينالي) أحد الآلهة البابلية الذي تزوج (شيموت Shimut) في إيلام. تُظهِر النقوشات الإيلامية أنّ الإلهة (مانزات) كانت تُعبَد من قِبل الملوك (l).
الإلهة (پارتي Parti)
لم يتم العثور على أدوات خزفية أو نقوش تُشير الى هذه الآلهة، إلا أنه يُعتقد أنها الإلهة المجاورة للإله في نقش (كورانگون Kurangun)، هي (پارتي) أو الأُم الحسنة للآلهة وزوجة الإله (هوبان). يبدو أن نفوذها كانت تقتصر على منطقة (آياپير Aiapir) أو (إزيه Izeh) وكانت معبودة من قِبل حكومة (هاني Hani) المحلية في زمن الملِك (شوتروك – ناخونته الثاني Šutruk-Nakhunte Second) (سنة 1155 – 1184 قبل الميلاد).
الإلهة (ناروندي)
كانت إلهة النصر، وإسمها له معنى أمومي في اللغة الإيلامية. كانت الإلهة (ناروندي) حامية حقوق الإنسان والتمتع بها، وكانت تلعن اللصوص والغزاة الى جانب الآلهة الذكور مثل (این-شوشیناگ) و(ناههونته)(17).
الإلهة (ایشمه كرب)
كانت معبودة من قِبل الإيلاميين وكانت تُشرف على العلاقات المرتبطة بين الناس وتعاقب الذين لا يتمسكون بالإلتزام بالعهود والمواثيق والقوانين (18). كانت الإلهة (ایشمه كرب) حاضرة في المحاكم جنباً الى جنب الإله (این-شوشیناك).
الملِكة (ناپيراسو Napirasu)
عاشت هذه الملِكة في العصر الإيلامي الوسيط (حوالي سنة 1300 قبل الميلاد). كانت زوجة ملِك إيلام (اونتاش ناپيريشا Untash-Napirisha). قام هذا الملِك ببناء مدينة أطلق عليها إسمه (اونتاش ناپيريشا) وأقام فيها نصباً وتماثيل كثيرة، منها تمثالاً لزوجته، الملِكة ((ناپيراسو) التي ترتدي في التمثال رداءً مطرزاً ذا أكمام قصيرة وتوجد في معصمها الأيمن أربع معاضد و في أصبع يدها اليسرى خاتماً، واضعة يدها على البعض التي يبدو أنها قد تقوم بِتأدية طقس ديني. التمثال موجود في متحف لوڤر في العاصمة الفرنسية، پاريس.
[1]