ماذا ينبغي أن يعمل شعب كوردستان إذا إندلعت الحرب بين أمريكا وإيران؟
مهدي كاكه يي
الحوار المتمدن-العدد: 6232 - 2019-05-17
المحور: القضية الكردية
في البداية نأمل أن لا تحدث حرب بين أمريكا وحلفائها من جهة وبين إيران وتوابعها من جهة أخرى، حيث إذا إندلعت حرب بين الطرفَين، ستكون حرباً مُدمّرة جداً في الأرواح والثروات، حيث يتم خلالها قتل أعداد هائلة من البشر وإستنزاف ثروات دول منطقة الشرق الأوسط وتدهور إقتصادها وتدمير البُنية التحتية لها وتلوّث بيئتها.
أرى أنه من الصعوبة حصول حرب بين الأمريكيين والإيرانيين لأسباب كثيرة. بالنسبة الى الجانب الإيراني، فأن الإيرانيين معروفون بِواقعيتهم وبراغماتيتهم لأن وقوع مثل هذه الحرب سيكون نهاية للنظام الإيراني، حيث أن التهديد الداخلي يكون أكثر خطورة على النظام الإيراني من الخطر الخارجي لأنّ أكثرية الشعوب الإيرانية يناهضون نظام الملالي في طهران للأسباب التالية:
1. قومياً، الشعوب الكوردية والبلوچية والعربية في إيران تناضل من أجل حريتها وتقرير مصيرها، حيث أنهم مضطهدون ومحرومون من حقوقهم القومية.
2. طبقياً، بسبب الفساد المستشري في إيران والحصار الإقتصادي المفروض عليها وسوء إستخدام النظام الإيراني لثروات البلاد من خلال الدعم المالي والتسليحي الكبير الذي يقدّمه لميليشيات حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي والحوثيين وحركة حماس والجهاد الإسلامية الفلسطينية وتدخله في الحرب الأهلية السورية ونشاطات إيران السياسية والإستخباراتية في مختلف أنحاء العالم والأموال الطائلة التي تصرفها على الماكنة العسكرية، فأنّ الإقتصاد الإيراني متدهور جداً وأنّ الطبقات الإيرانية الفقيرة والمتوسطة تعاني من الفقر والبطالة، وهي ناقمة على النظام. كما أنّه لهذه الأسباب فأنّ أصحاب المصانع والمعامل والمستثمرين المحليين يعانون من الركود الإقتصادي و التي تؤدي الى إفلاس الكثير منها.
3. مذهبياً، الإيرانيون السُنّة يعانون من الإضطهاد الطائفي ويودّون لذلك التخلص من النظام الإيراني.
4. دينياً، يعاني اليارسانيون واليهود والمسيحيون والبهائيون والزردشتيون وغيرهم من معتنقي الديانات غير الإسلامية من الإضطهاد الديني ويعملون على تحرير أنفسهم بالتخلص من نظام الملالي.
5. سياسياً، تعاني الشعوب الإيرانية من حُكمٍ دكتاتوري مُرعِب، حيث السجون مليئة بالمناضلين من أجل الحرية والديمقراطية والإعدامات تجري بِحقهم بشكل يومي، بالإضافة الى وسائل التعذيب والملاحقة والإرهاب التي يستخدمها النظام.
6. إجتماعياً، تعاني شعوب إيران من فرض قوانين دينية طائفية تُقيّد الحريات الشخصية وحرية الرأي وتعاني المرأة بصورة خاصة من هذه القوانين البالية التي عفا عنها الزمن.
من هنا ندرك مدى هشاشة النظام الإيراني الذي تنهشه المشاكل الداخلية وأعتقد بأنه لو قامت الحرب بين إيران وأمريكا، ستثور الشعوب الإيرانية وتقوم بإسقاط النظام.
خارجياً، عند قيام الحرب بين أمريكا وإيران، فأنّ دماراً شاملاً سيُلحَق بإيران، فيتم تدمير البُنية التحتية لإيران وتدمير مفاعلاتها النووية وكافة مواقعها العسكرية والأمنية والإقتصادية ومصافي نفطها والتي تقود الى الإنهيار الكامل لإيران في كافة المجالات. لهذه الأسباب فأنّ القيادة الإيرانية لا تريد خوض هذه الحرب التي تكون كارثةً كبرى لإيران وإندلاعها يُقرّر مصير النظام الإيراني سلفاً، فيختفي والى الأبد.
من جهة أخرى، فأنّ أمريكا لا تُحبّذ الدخول لِحربٍ مع إيران لعدة أسباب أهمها، أنّ هذه الحرب تكون مُكلّفة جداً إقتصادياً لأمريكا، حيث ترتكز إدارة الرئيس ترامپ على تحسين الإقتصاد الأمريكي. كما أنّ هذه الحرب قد تُكلّف إسرائيل وأمريكا ضحايا بشرية كبيرة، وخاصةً بالنسبة لإسرائيل، حيث عند إندلاع مثل هذه الحرب، بالإضافة الى إيران، ستدخل الحرب ضد إسرائيل بشكلٍ خاص وضد المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام، كلٌّ من ميليشيات حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وميليشات الحشد الشعبي في العراق والقوات الإيرانية في سوريا وحتى الحكومة السورية. كما أنّ هذه الحرب المدمرة قد تؤدي الى وقف صادرات نفط الخليج الى الخارج. بكل تأكيد، تدخل دول الخليج والأردن ومصر الحرب الى جانب أمريكا.
من هنا نرى أن الحرب إذا قامت، لا تكون نزهةً للطرفَين المتحاربَين. من جهةٍ أخرى وضعت أمريكا شروطاً قاسية لإيران لتتجنب الحرب والحصار الإقتصادي. من هذه الشروط هي إنهاء برامجها النووية للأغراض العسكرية والتوقف عن صنع صواريخ بالستية والإمتناع عن مساعدة حزب الله اللبناني والحوثيين وحماس وحركة الجهاد الفلسطينية والحشد الشعبي العراقي والإنسحاب الكامل من سوريا وإيقاف النشاطات السياسية والإستخباراتية في دول العالم، خاصةً في الدول الإسلامية ودول أمريكا اللاتينية والأفريقية. كما أنّ أمريكا وإسرائيل والدول الأوروپية وحتى روسيا والصين لا تسمح مطلقاً بإمتلاك إيران لقنابل نووية والتي تعمل على الإخلال بالتوازن السياسي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط والتي بِدورها تقود الى حربٍ عالمية ثالثة ولذلك فأنّ روسيا والصين غير مستعدتَين للدخول في حربٍ عالمية كارثية لِبلدَيهما ولِلبشرية جمعاء من أجل إيران.
ماذا يجب على الكوردستانيين عمله في ظل هذه الظروف العصيبة؟
على القيادات الكوردستانية أن تضع أسوء الإحتمالات في إستراتيجتها، وهي حالة قيام حربٍ بين أمريكا وإيران. من الآن يجب القيام بترتيب وتوحيد وتحصين البيت الكوردستاني وذلك بِقيام القوى السياسية والوطنيين الكوردستانيين في كل إقليم كوردستاني بِعقد مؤتمر وطني، يضع المؤتمرون في هذه الأوقات الصعبة مصالح شعب كوردستان فوق المصالح الشخخصية والعائلية والحزبية، ليضعوا إستراتيجية للدفاع عن إقليمهم وكيفية إدارته خلال الحرب ووضح خطة متكاملة للإكتفاء الذاتي في الغذاء والطاقة وكل مستلزمات الحياة الأخرى والعمل على تحرير كافة المناطق الكوردستانية حسب الإمكانيات المتوفرة.
بعد أن تكون لكل إقليم مرجعية سياسية، ينبغي على هذه المرجعيات عقد مؤتمر كوردستاني عام لإنتخاب مرجعية سياسية لكوردستان الكبرى لِقيادة كوردستان والتنسيق بين الأقاليم الكوردستانية وإنشاء سوق كوردستانية مشتركة.
سيكون إقليم شرق كوردستان ساحةً للقتال أثناء الحرب ولذلك على المرجعية السياسية المُشكّلة القيام بتحرير كافة الأراضية الكوردستانية فيه، بما فيها مناطق إيلام وكرماشان وتأسيس حكومةٍ، تقوم بإدارة الإقليم، بالإضافة الى قيامها بالتعاون والتنسيق مع الأقاليم الكوردستانية الأخرى.
إقليم جنوب كوردستان على الأرجح ستدور فيه الحرب ولذلك يجب إعلان حالة الطوارئ وفتح باب التطوع للشباب للدفاع عن إقليمهم وأن يتم التنسيق مع الأقاليم الكوردستانية الأخرى. كما أن الفوضى ستدبّ في العراق وتضعف ميليشيات الحشد الشعبي وتنهار معنوياتها و تتفكك القوات المسلحة العراقية وبذلك تكون فرصة تاريخية كبرى للإقليم
لتحرير كافة المناطق الكوردستانية المحتلة من قِبل العراق في جنوب كوردستان، إبتداءاَ من الموصل ومروراً بكركوك وخانقين ومندلي وإنتهاءاً بِبدرة وجصان.
بالنسبة الى إقليم غرب كوردستان، ينبغي ترسيخ الحُكم الكوردستاني هناك وحمايته من القوات السورية والإيرانية المتواجدة هناك. أعتقد بأنه في حالة وقوع الحرب، فأنَ أمريكا لا تسمح لتركيا بالتحرش بإقليم غرب كوردستان في مثل هذه الظروف الحساسة.
من الضروري الحفاظ على الوضع الراهن في إقليم شمال كوردستان وعدم التحرش بالقوات التركية خلال فترة الحرب لإبعاد تركيا عن التدخل في الشؤون الداخلية لكوردستان، حيث بعد أن تضع الحرب أوزارها، سيأتي دور تركيا وستنهار ويستقل شمال كوردستان وينضم لكوردستان الكبرى.
يجب أن يتمّ عقد المؤتمرات الكوردستانية بالتنسيق مع أمريكا والدول الأوروپية وإسرائيل ودعوتها لحضور تلك المؤتمرات وعقد إتفاقية رسمية معها للموافقة والمساعدة في تأسيس دولة كوردستان. إنّ الدول الغربية وإسرائيل منذ الستينات من القرن العشرين قد وضعوا خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط الكبير وتقوم بتنفيذها تدريجياً وعلى مراحل وأنّ هذه الخريطة تتضمن دولة كوردستان، لأنّها تكون في صالح هذه الدول، إلا أنه مع الأسف فأنّ الظروف الذاتية الكوردستانية غير مهيئة، حيث أنّ شعب كوردستان مشتت وأن قياداته السياسية غير مؤهلة، ومعظمهم هم عبيد الدولار والسلطة ويتحاربون ويتناحرون فيما بينهم و في الوقت نفسه يخدمون مُغتصبي كوردستان.[1]