عنوان الكتاب: سوريا: دور الاتفاقيات الدولية في عمليات التهجير القسري (3)
مؤسسة النشر: منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” و “رابطة تآزر للضحايا”
تأريخ الأصدار: 2023
أربعة أعوام مضت على شنّ تركيا عمليتها العسكرية بالتعاون مع فصائل “الجيش الوطني السوري” تحت مسمّى “نبع السلام”، على منطقتي رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض/ كري سبي شمال شرقي سوريا، والتي أطلقتها في 9 من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وسيطرت خلالها على كامل المدينتين وأجزاء من ريفيهما، بعمق ما يقارب 30 كيلومتراً من الطريق الدولي M4 ، قبل أن توقف العملية بموجب اتفاقين منفصلين مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، في 17 و22 من الشهر ذاته.
العملية التي بعثرت أوراق المنطقة، وغيرت خرائط السيطرة لصالح الجيش التركي على حساب قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، لا تزال آثارها السلبية مستمرة على الأهالي حتى يومنا هذا، بما نجم عنها من تغيير ديموغرافي وإفراغ المنطقة من مكوناتها الأصلية التي كانت تشكّل تنوعاً غنياً لطالما أعطاها طابعها المتفرد، إذ تتمازج فيها ديانات وقوميات مختلفة مثل السريان والآشوريين والأرمن والشيشان والعرب والكرد والتركمان والماردلية، كما تعد مثالاً يُحتذى به في السلم الأهلي والتعايش المشترك.
يقول الناشط المدني من المكون الشيشاني، ريان أخته، بهذا الصدد: “من يعرف تكوين مدينة رأس العين/سري كانيه الاجتماعية والثقافية يُدرك تماماً ما حصل من مسح وطمس لتلك الهوية الغنية المفعمة بروح التآخي والتعايش السلمي والتكاتف، هذه الهوية ليست نتاج سنوات قليلة مضت، بل تشكل إرثاً قديماً تناقلته الأجيال على مدار عقود وبقيت محافظة عليه رغم ما حصل في سوريا، فقد كانت أبواب هذه المدينة مفتوحة أمام العديد من العوائل القادمة من محافظات أخرى بعد أن تعرضت لظروف الحرب، وكان الأهالي بأطيافهم كافة مجتمعاً مضيفاً للنازحين ومثالاً يُقتدى به”.
ويرى الكاتب والباحث، شورش درويش، أن العملية العسكرية التركية كانت تستهدف بالأصل البنية الاجتماعية الكردية، موضحاً: “قبل العملية سمعنا خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي أشار فيه إلى أن طبيعة المنطقة، ويقصد رأس العين/سري كانيه (لا تناسب نمط حياة الكرد)، فيما كانت موسكو وواشنطن متواطئتين مع نهج أردوغان”.[1]