في ذكراها ال 11.. ثورة 19 تموز - 3
سولين أحمي
ثورة شمال وشرق سوريا في 11 عاماً؛ كيف تشكّلت وتحوّلت إلى بدن لنظام الإدارة الذاتية الديمقراطية.
تدخل ثورة شمال وشرق سوريا عامها ال 12، وخلال هذه الأعوام تم تحرير المنطقة من القوى المهيمنة وحمايتها من هجماتها، ومن جهة أخرى بدأ تشكيل نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية.
القياديون في الإدارة الذاتية وضعوا نُصب أعينهم إدامة الثورة ونشرها كهدف في العقد الثاني من عمر الثورة؛ في الساحة السياسية إلى الدفاع والثقافة والاقتصاد والمرأة يُهدف إلى سد الثغرات في مجال تنظيم المجتمع وتقديم الخدمات.
إذاً، كيف وصل هذا النظام إلى هذه المرحلة؟ وكيف تشكّل؟
كيف تشكّل نظام الإدارة الذاتية؟
في #19-07-2012# ، تم طرد القوى المهيمنة من المنطقة وتأسيس نظام دفاعي. من الناحية السياسية، كانت هناك أرضية قوية فيها، وكانت الأحزاب القوى والسياسية تؤدي نشاطاتها. وفي تلك الفترة، كان هناك حزب الاتحاد الديمقراطي، ومجلس شعب غرب كردستان. كما وشُكلت الهيئة الكردية العليا قُبيل #19-07-2012# لكي تؤدي مهمة التنسيق بين القوى السياسية في المنطقة. بشكل عام كانت هناك تجربة تاريخية للنضال السياسي.
لكن الأمر الذي بدأ لأول مرة وأصبح مثلاً يحتذى به، هو تشكيل نظام الإدارة الذاتية المستند إلى فلسفة القائد عبد الله أوجلان، والذي خلق تفاعلاً كبيراً لدى الكرد ومكونات المنطقة؛ وهذه المرة الأولى التي يدير فيها الشعب نفسه في مجال التدريب والتنظيم والدفاع.
الخطوة الأولى كانت عن طريق تشكيل دور الشعب عام 2012، في المناطق والمدن والبلدات والقرى المحررة. في هذه المناطق؛ تم توعية الشعب عبر الاجتماعات والدورات التدريبية بأهمية إدارة أنفسهم على مختلف الصعد؛ وفي تلك المرحلة كان الموضوع الأمني الأهم الأبرز، وعلى هذا الأساس بدأ الشعب بأولى خطواته في تأسيس نظام دفاع ذاتي، وشكّل مجموعات صغيرة للدفاع.
كما أن الموضوع الأهم في تلك المرحلة كان تطوير العلاقات بين مكونات المنطقة التي فرّقتها سياسات الأنظمة السلطوية، كما جرى إطلاق الخطوات الأولى فيما يتعلق بتطوير إرادة المرأة وتقديم الخدمات.
شها خليل، إحدى مؤسسِات دُور الشعب قالت إن: دور الشعب من القواعد الأساسية التي بُنيت عليها ثورتنا، واتخذت من المجتمع اللبِنة الأولى لتنظيم الثورة، وعلى أساسه عملنا حينها على إعادة توحيد المجتمع وإعادة الحياة الكومينالية إليه، وتنظيم المجتمع؛ تدريبياً واقتصادياً وخدمياً وفكرياً، وحل الخلافات بين الأهالي.
الكومينات
مع تطور عمل دُور الشعب، بدأت ملامح تشكّل نظام الإدارة الذاتية، وهكذا تحوّلت دُور الشعب إلى كومينات تمثّل شكلاً أوسع من التنظيم، وتم تأسيس آلاف الكومينات في الأحياء والقرى، وتحت سقفها تم تشكيل لجان الصلح والتدريب والدفاع والصحة والمالية والثقافة والاقتصاد والخدمات، وكل لجنة تلتحق بدورات تدريبية في سبيل أداء عملها باحترافية. كما تشكّلت كومينات خاصة بالمرأة والشبيبة.
الكومينات واللجان التابعة لها شكّلت النواة الأولى لنظام الإدارة الذاتية فيما بعد؛ وكل لجنة تابعة للكومين تحوّلت فيما بعد إلى مؤسسة بحد ذاتها. على سبيل المثال، لجان الدفاع في الكومينات تحوّلت إلى قوات الحماية الجوهرية.
وأكد الرئيس المشترك لكومين الشهيد روكن بحي الكورنيش في مدينة قامشلو محمد علي مسوّر أن الكومنيات لا زالت كمدرسة اجتماعية لأهالي المنطقة ومكاناً لتجمّع مكونات المنطقة، وقال: نعمل على تلبية احتياجات ومطالب الأهالي، وحل مشاكلهم الاجتماعية والخدمية وغيرها.
المجالس
الكومينات التي أدت عملها بين صفوف المجتمع تحوّلت إلى سقف تنظيمي أوسع وأعلى، ونظمت نفسها على شكل مجالس، وفي هذا الإطار تم تأسيس المجالس في الأحياء والمدن والقرى، من ممثلي وممثلات الكومينات والمؤسسات الخدمية كالبلدية ومؤسسات الدفاع.
ومن أجل تسهيل العمل، اندمجت مجالس الأحياء وشكّلت مجلس المدينة، واتُخذت خطوات مماثلة في النواحي والبلدات.
في 12 عام 2013، اتُخذ قرار باتباع نظام الرئاسة المشتركة للمجالس والكومينات في الكونفرانس الأول لمجالس المدن والنواحي والبلدات.
الإدارة الذاتية
أواخر عام 2013، اتُخذت خطوة إلى الأمام في تأسيس نظام الإدارة الذاتية، وأُعدّ ميثاق العقد الاجتماعي الذي نصّ على اعتماد 3 لغات رسمية (العربية والكردية والسريانية) وإفساح المجال أمام المكونات الأخرى لتعلّم لغاتها، وألا يقل تمثيل النساء عن 40 بالمائة في مختلف المؤسسات، كما شدد على ضرورة وجود تمثيل لمختلف مكونات المنطقة في نظام الإدارة الذاتية.
وحسب ميثاق العقد الاجتماعي، تأسّس نظام الإدارة الذاتية على 3 أعمدة، وهي المجلس التشريعي والمجلس التنفيذي والمحكمة العليا.
بُعيد ذلك، تم تأسيس المجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة وفق ميثاق العقد الاجتماعي، ومن ثم شكّل المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الجزيرة، التي أُعلن عنها بشكلٍ رسمي في #21-01-2014# ، وكان أكرم حسو أول رئيس للمجلس التنفيذي، واتُبعت خطوات مماثلة في مقاطعتي كوباني وعفرين في 27 و29-01 على الترتيب.
وبسبب الانقطاع الجغرافي بين المقاطعات الثلاث، لم تكن هناك علاقات مباشرة بين إداراتها الذاتية، لذلك شُكلت منسقية عامة للإدارات الثلاث.
أُسّست هيئات تحت سقف الإدارات الذاتية الديمقراطية، وفقاً لحاجة كل مقاطعة، وعبر هذه الهيئات شكّلت أنظمة التعليم والصحة والدفاع والاقتصاد والثقافة والمرأة والشبيبة والخدمات.
وتطور نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية انطلاقاً من دور الشعب والكومينات والمجالس.
عام 2016، تحوّلت منسقية الإدارة الذاتية للمقاطعات الثلاث إلى الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا، وفي العام ذاته، صادق المجلس التشريعي لمقاطعة الجزيرة في جلسة له في شهر آذار، على نظام الرئاسة المشتركة في الهيئات والدوائر والمؤسسات التابعة للإدارة الذاتية، وصادق أيضاً على رفع نسبة تمثيل المرأة من 40 بالمائة إلى 50 بالمائة.
بعد 2015، توسّعت رقعة المناطق المحررة في شمال وشرق سوريا من مرتزقة داعش ك (منبج، والطبقة، والرقة، وتل أبيض ودير الزور) وهذا ما دفع بالإدارة الذاتية لخطو خطوة أخرى إلى الأمام. لذلك تم إعلان الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في #06-09-2018# .
وتضم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 3 أقاليم؛ وهي الجزيرة والفرات وعفرين. في كل إقليم يوجد مجالس تنفيذية وتشريعية، ويصدر كل مجلس تشريعي القوانين التي تخص منطقته، بالإضافة لوجود المجلس العام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والذي يكمن مهامه في سنّ القوانين التي تخص شمال وشرق سوريا.
[1]