هل يغزو الحرس الثوري الإيراني إقليم جنوب كوردستان؟
بيار روباري
في الأونة الأخيرة تردد أن نظام الملالي الشرير الذي يحكم ايران منذ نحو (44) أربعة وأربعين عامآ، يقوم بإرسال أرتال عسكرية ضخمة نحو الحدود مع إقليم #جنوب كوردستان# ، من ضمنها أليات عسكرية ثقيلة، بحجة محاربة المجموعات الكوردية (الإرهابية)!!!.
وسبق هذا التحرك الميداني على الأرض، عدة تسريحات أدلى بها في الأيام السابقة، عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين من مسؤولي نظام الملالي، التي هددوا فيها بإجتياح الإقليم بريآ ما لم تقوم السلطات المحلية، بطرد المجموعات الكوردية المعارضة من شرق كوردستان، أو إبعادها عن الحدود مع #شرق كوردستان# .
وفي هذا الصدد شن رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية “محمد باقري”، هجومآ عنيفآ على الأحزاب الكوردية الإيرانية المعارضة المتواجدة في إقليم جنوب كوردستان، وهدد قائلآ: “إن لم يفِ العراق بوعوده بخصوص الأحزاب المعادية لجمهورية إيران الإسلامية، سوف نقوم بضربهم ونجتاح الإقليم للقضاء عليهم.
ومن جهته أعلن قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، العميد “محمد باكبور”، أن جناح النخبة في الجيش الإيراني، يقوم بتعزيز وحدات العمليات البرية والمدرعات والقوات الخاصة، في المناطق الشمالية الغربية والغربية من إيران، هذا وفقآ لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا). وفي هذا الإطار أظهر مقطع فيديو بثته منظمة “هينغاو” الحقوقية الكوردية يوم الخميس الماضي، مركبات يبدو أنها تنقل دبابات إلى بلدة أشنوية على الحدود العراقية.
لفهم ما يحدث ومدى جديته، والأهداف الكامنة خلف هذا التصعيد الفارسي الأرعن والجديد ضد إقليم جنوب كوردستان وتوقيته، لا بد من طرح عدة أسئلة جوهرية والإجابة عليها ومن هذه الأسئلة:
الأول: ما هو أهداف هذا التصعيد الأرعن؟
هناك عدة أهداف يسعى لتحقيقها نظام الملالي الشرير القابع في “قم وطهران” ومن هذه الأهداف:
1- إرهاب سكان شرق كوردستان، ومنعهم من التمرد والخروج في مظاهرات بمناسبة مرور عام على قتل “مهسا أميني” على يد عصابة الملالي قبل عام من الأن، وتحويل أنظار الناس عن هذا الموضوع وإشغالهم بقضايا لا أصل لها. الأحزاب الكورية في شرق كوردستان لا تمارس أعمال عسكرية منذ عدة سنوات.
2- إنهاء المعارضة الكوردية، التي كانت تأخذ من العراق وجنوب كوردستان مكانآ لها، ولا تملك سوى بعض المكاتب فقط لا غير.
3- ممارسة الضغط على مشيختي الإقليم، وتحجيم دورهما في العراق، ومنعهما من العودة إلى مدينة كركوك.
4- إرسال رسالة للجانب الأمريكي مفادها: إذا أغلقتم الحدود السورية – العراقية أمامنا، سنقوم بزعزعة وضع الإقليم وحليفكم البرزاني.
5- فتح ممر بري يمر عبر “كركوك وشنگال” وصولآ للحدود السورية ومنها الوصول إلى الضاحية الجنوبية، التي يحتلها الأذعر حسن زميرة وحزبه الطائفي، في حال تم إغلاق ممر البوكمال أمام نظام الأفاعي (الملالي) الفارسي.
6- إرسال رسالة للطرف التركي، بأن الكلمة في العراق هي لنظام الملالي الفارسي وستبقى كذلك، عبر أتباعها وعملائها الشيعة الذين يحكمون البلد من خلال ميليشياتهم الإرهابية والإجرامية.
ثانيآ، ما هي عواقب مثل هذا الإجتياح البري على وضع الإقليم في حال حدوثه؟
برأي سيكون له عواقب وخيمة عديدة منها:
إندلاع حرب كوردية – كوردية بين حزب الطالباني و حزب البرزاني، وستكون دموية وشرسة جدآ وسيغذيها الفرس والأتراك لتدوم لأطول مدة ممكنة.
حرب كوردية – شيعية في كركوك وفي جميع المناطق المتنازع عليها.
الإطاحة بسلطة البرزاني وطرده من مدينة “هولير”،.
إنتهاء الوحدة الشكلية بين حزب الطالباني و حزب البرزاني، وبالتالي إنتهاء الإقليم (الفيدرالي).
سيحدث دمار وخراب كبيرين، وسيسقط ألاف الضحايا من الكورد، وسيتهجر الملايين ويتحولون إلى لاجئين بسبب المعارك.
سينهار الوضع الإقتصادي، وتهرب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية من الإقليم، ويتفشي الفلات الأمني.
عودة الإقليم الكوردي إلى ما قبل العام (2003).
تراجع الدور الكوردي في العراق والمنطقة، وسيتخلي الغرب عنهم لأنهم غير جدرين بأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم فما بالكم يتحولوا إلى دولة.
رابعآ، هل نظام الملالي قادر على تنفيذ إجتياح بري واسع في عمق أراضي الإقليم؟
عسكريآ نعم، هو قادر على تنفيذ إجتياح بري واسع في عمق أراضي الإقليم وإحتلالها لأن العصابتين لم تصنعا شيئآ للدفاع عن أراضي الإقليم وحماية أهله من أي عدوان خارجي وخير دليل على ذلك هجوم تنظيم داعش على هولير. إذا كان مسعود وبافل الطالباني، لم يستطيعوا مواجهة تنظيم داعش، فهل سيقدرون مواجهة جيش الملالي؟؟ فذاك مستحيل.
كل ما فعله هؤلاء وعلى مدى (30) ثلاثين عامآ، هو نهب أموال النفط والغاز الكوردي وأموال الجمارك وبيع الأراضي، ووضعها في بنوك خارجية، وشراء القصور الباهظة في الدول الغربية، وبناء قصور في الإقليم كل ذلك على حساب أمن الإقليم وسكانه الكورد.
من الجهة الأخرى، القتال سيكون له تبعات على داخل ايران، وخاصة أن نظام الملالي – الأفاعي منبوذ من قبل عموم الناس في ايران وليس فقط الشعب الكوردي، والوضع المعيشي سيئ للغاية، وهناك ظلم رهيب، وكبت لا يطاق على الحريات: الفردية، القومية، الحزبية، الفكرية، الفنية، المذهبية، والإيرانيين يبحثون عن أي فرصة مهما كانت صغيرة للتخلص من هذا النظام الإرهابي وبأي شكل كان. ولذلك ليس مستبعدآ حدوث إنفجار الوضع في شرق كوردستان وعموم إيران، وغير مستبعد أيضآ إستغلال أطراف دولية، لإطالة زمن الحرب من خلال دعم الأطراف الكوردية بالسلاح والعتاد، ليس حبآ في الكورد ولا ليكسبوا المعركة، وإنما لإستنزاف إيران إقتصاديآ وماليآ وعسكريآ.
خامسآ، ما هي خيارات البرزاني والطالباني إن قام نظام الملالي بغزو الإقليم فعلآ؟
لا يملكون الكثير من الخيارات على أرض الواقع، كل ما سيفعلهونه الحفاظ على كرسي المشيخة كلآ في مشيخته أو مزرعته، حتى لو إحتل ملالي الفرس كامل أراضي الإقليم، يكفيهم مدينة هولير والسليمانية، تمامآ مثل المجرم بشار الأسد، وتهريب عائلتهم للخارج ومعهم ما بقيا من أموال داخل الإقليم.
سادسآ، هل ستدافع الحكومة المركزية الشيعية الطائفية عن إقليم كوردستان؟
لن تطلق الحكومة الشيعية طلقة واحدة دفاعآ عن إقليم جنوب كوردستان وسكانه الكورد، كل ما ستفعله هو إصدار بعض البيانات الهزيلة والدعوة للهدوء وتجنب قصف المدنيين، ودعوة الشيعة مغادرة أراضي الإقليم، وستقوم سرآ بتقديم كافة المعلومات الأمنية والإستخباراتية للفرس وجيشهم، وترقص فرحآ وهي تشاهد إذلال البرزاني والطالباني، ونهاية مشيختهما وحكاية الإقليم الفيدرالي.
والخطوة الثانية سيقمون بإستلام المناطق التي إحتلها قوات الحرس الثوري، وفرض سيطرتهم عليها كليآ عبر قوات الحشد الشيعي الطائفي، وقوات الجيش والمخابرات. وهذا طبعآ سيكون لقاء سكوت الحكومة الشيعية تجاه الغزو الفارسي وتقديم الدعم للقوات الغازية. إذا الحكومة الشيعية لم تطلق طلقة واحدة ضد المحتلين الأتراك فهل سيطلقون النار ضد المحتل الفارسي الذي يحمي مؤخرتهم؟ أجدب من يصدق ذلك.
سابعآ، هل ستتدخل الولايات المتحدة لمنع الملالي من تنفيذ هجومهم البري؟
برأي، أمريكا لن تتدخل وذلك لتأديب “مسعود البرزاني” ، ومع بافل طالباني. الولايات المتحدة لن تتورط في حرب مع ايران من أجل حماية جماعة البرزاني والطالباني. لن تقوم أمريكا بأكثر من إصدار بيان باهت تدعوا فيه الأطراف المعنية إلى ضبط النفس وحل المشاكل الحدودية بالحوار والطرق السلمية، لرف العتب عن نفسها أمام الرأي العام الأمريكي فقط.
ثامنآ، ما هي تدعيات مثل هذه العملية البرية على العلاقة بين الكورد والشيعة ووحدة العراق؟
بإعتقادي سيحدث القطيعة بين الطرفيين، وخاصة بين البرزاني و الشيعة . وسينتهي شيئ إسمه العراق الموحد، وسنعود إلى فترة ما قبل حرب الخليج الثانية.
الخلاصة:
أنا شخصيآ، أستبعد أن يقوم نظام الملالي بالتورط في عملية غزو كبيرة وواسعة لأراضي إقليم جنوب كوردستان، فهو يعرف التبعات السياسية، الأمنية، والإقتصادية لمثل هكذا عملية وخطورتها. وبرأي بالنسبة له إتمام إنتاج قنبلة نووية أهم من كل الإقليم، والسبب في ذلك هو رغبته في الحفاظ على نفسه من خلال إمتلاك أسلحة نووية، وتحصين موقعه في مواجهة الغرب وخاصة أمريكا.
لكن من الوارد أن نظام الأفاعي بإحتلال بعض المناطق الحدودية لمنع دخول عناصر البيشمركة إلى أراضي شرق كوردستان، وثانيآ ليقول للداخل ها قد أنجزت نصرآ وطردت (الإرهابيين) من المناطق الحدودية، بهدف رفع شعبيته المتدنية وإلهاء الناس والتغطية على الأوضاع الداخلية المزرية. ولكن السياسي المسؤول يأخذ بعين الإعتبار أسوأ السيناريوهات وعلى ضوئها يحضر نفسه وشعبه، وللأسف نحن الكورد ليس لدينا مسؤولين وإنما بعض المتسلطين والفاسدين والحرامية واللصوص والمهرجين.[1]