هل يمكن انتاج الفاشية من اتباع مجريات التاريخ الاسلامي ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - #05-01-2015# - 12:37
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
عندما تفكر بانك الحق المطلق و الاخر على الخطا، عندما تعتبر توجهاتك و عقليتك و كينونتك و فكرك و ايمانك و سلوكك هو الصح و الحقيقة، و عكسه خطا ، عندما تعتبر كل ما تملكه و تتسم و ما تعيشه هو جوهر الحقيقة و لا حقيقة سواه، ماذا يمكن ان تنتج منه، اعتقاداتك الدينية و اضافة الى تعصبك العرقي و ما استنتجته من تاريخك و ما حدث فقط، و عندما تكون انت تؤمن ما تؤمن دون ان تضع نسبة للخطا لك او نسبة من الحقيقة لغيرك، اليس هذا جوهر الفاشية بكل معنى الكلمة .
لو اقتصرنا كلامنا على الاسلام و ما يمكن ان يؤدي الالتزام به الى الفاشية، يجب ان نقتنع بان الاسلام و تاريخه و ما مر في هذه المنطقة هو مصدر الفاشية المحتملة، و ما يمكن للفاشية الانبثاق منه هو النص المقدس الذي لا يحتمل الخطا و صالح لكل زمان و مكان و غير قابل للنسخ وا لحذف و لا حقيقة غيره في نظر السلفيين و هم اداة الفاشية، و كل هذه السمات المثالية و التعصبية للدين الاسلامي و العرقية او القومية العربية، هي ما يؤكدها ابن حنبل و السيد قطب و الابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب و غيرهم كثيرون . و مواقفهم و ارائهم ممتلئة بالنصوص المعتمدة و المفسرة من الايات القرانية، و القران هو الذي يرفض اي نص عقيدي او فكري غيره و لا يعمل بذاته فقط بل يجبر من يؤمن بالدين الاسلامي ان يتبع العمل على نفيه و ازاحته بكل الوسائل الممكنة لديه . وخير دليل على ذلك و هو ما يوجد من الفقهاء المسلمين استاثروا بالفاشيين من تاريخ الغرب و المنطقة امثال موسوليني و هتلر كما هو نظرة حسن البنا اليهم، و وجهوا الجميع بما فعلوا ضمنا من خلال الحفاظ على العرق و نفي الاخر .
من جانب اخر، اليس من الفاشية ان تفرض الحجاب على المحصنات التي تعتبرها عرضك و تنتهك الجواري و السبايا التي تحصل عليها غنيمة الحرب او تشتريها كاية سلعة اخرى، اليست الاثنتان انسان و لكل منهما عرضها و شرفها و شخصيتها و عقليتها و حياتها التي يجب ان لا تختلف عن الاخريات، اليس هذا حلال و واجب التنفيذ وفق فلسفة القران و نصوصه .
من يتابع المسلمين و ما يعتبرون انفسهم المؤمنين بالدين الاسلامي من الفقهاء و العامة، و بما اختلط في عقليتهم بمفاهيم العصر و ما يتبعون من مزج القومية و التعصب القومي من خلال الدين، فلم نسمع عن تحريم السبي لنساء الايزيديين على ايدي داعش بشكل رسمي و واضح، اليس هذا الفاشية بنفسها و يحصل ما اتى به الاسلام في وضح النهار جهارا و بشكل مباشر و في القرن الواحد و العشرين .
الفاشية هي عدا التعصب الاعمى و حب الذات من خلال الايمان بالقومية او العرق الصافي بشكل عام، فانها من جانب اخر هي الاحساس بالنقص و التاريخ غير المشرف الخاص بالمجموعة التي تنتمي، و هي الالتزام بالقوة و نفي الاخر من اجل العودة الى السيادة و القوة و الاعتلاء و التكبر و العودة الى السلطة التي كنت فيها في مرحلة تاريخية ما من قبل، او تريد ان تصل اليها باي وسيلة و عملية كانت، و منها نفي و انهاء و استئصال الاخر بكل السبل. اليست الفاشية هي الاحساس النابع من البحث عن الثار و الانتقام ضد الاخر التي تعتبره اقل منك او لك الحق ان تكون اعلى منه، اليست الفاشية هو انكار الديموقراطية و ما يؤدي اليها من الارضية الموجبة لتطبيقها و ان انكر الاسلام السياسي ذلك . اليست الفاشية هي التوسع على حساب الاخر بالقوة ظلما و هل الفتوحات دوافعها يمكن ان تكون في خانة اخرى غير ذلك .
خلط الاسلام المباديء الاساسية للقومية او العرقية مع ما اعلنه من الاسس العامة للدين الاسلامي من اجل الحفاظ على القومية و استخدمه وسيلة لنفي الاخر و ذوبانه عن طريق اللغة او الانهاء الجسدي في كل المحاولات التي هدف التوسع و نفذ ما كان سهلا له في هذا الجانب، و كم من قوميات استعرب و لحد الان المحاولات مستمرة و بشكل مختلف من خلال تلك العملية التي ينتهجها الاسلام السياسي اليوم، اليس هذا تنفيذ للفاشية بما تعنيه نصا و عملا .
ان كان العرب في صدر الاسلام في الحضيض و التخلف و لولا هذه التوجهات وا لافكار و العقائد الفاشية لكانوا الان في خبر كان و لم نجد منهم الا اقوام صغيرة منعزلة في الجزيرة العربية يرعى الابل و يعيش تحت الخيمة .
اي التاريخ الاسلامي ممتليء بالافعال القذرة و السلوك الفاشية و توارثت الاجيال تلك العقلية الفاشية بقشرة اسلامية سياسية، وكما نحن فيه اليوم نرى تنظيمات و احزاب اسلامية سياسية لا تختلف باي شيء يُذكر عما سلف من هذا الجانب و هي تطبق الفاشية في هذا العصر .
طالما بقت تلك الافكار متداولة و يؤمن بها الاسلاميين و لم ينزعوا عنها ما يؤدي الى نفي الاخر، فان المجتمع و خاصة في هذه المنطقة معرض لافرازات الفاشية و سلبياتها، و طالما التزمت السلفية بما تامره به العصبية و القبلية و تنفذ ما هو موجود في نخاعها بوسيلة سلفية قحة لا تليق بالعصر عن طريق هذه التنظيمات التي تنتشر و نحن في القرن الواحد و العشرين، نكون نحن و العقلية الانسانية جمعاء معرضة للفناء . اي تاريخ الاسلام و ما يتضمن من الاحداث و ما توارثنا منه من الافكار و العقائد عن طريق الدين و ما نؤمن بما فعل السلف و نعتقد انه الصح و الحقيقة انه سيبقى عاملا اساسيا لانتاج الفاشية و استمراريتها لمدى غير منظور.[1]