تنظيم داعش و هذا التوقيت لمفاجئاته
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4479 - #11-06-2014# - 13:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لماذا الان بالذات و بعد مرحلة الانتخابات، لماذا سمح اذن باجراء الانتخابات العراقية بسلاسة تقريبا و كان قادرا على منع اجراءه لو فعل فعلته هذا، اي احتلال نينوى و المناطق الاخرى التي تحت سيطرته الان، لماذا هذه النقلة النوعية كتكتيك او يمكن ان يتبعها كاستراتيجية مثلما فعلت التنظيمات الاخرى قبله ايضا في سوريا . لماذا لم يُحدث الفوضى التي نراها اليوم من قبل ، و هل اكتملت عدته الان، و ما الهدف من احتلال المدن و ان استوجب ينسحب منها، و لماذا هذا الخط الذي اعلن عنه هو هدفه الرئيسي . كل هذا و العديد من الاسئلة تنتاب الكثيرين، و الجواب يكمن في معرفة من وراء هذا التنظيم العسكري الاسلامي المتقلب كل يوم .
ربما اختلط الامر على العديدين و حاروا في امرهم نتيجة تضارب المعلومات حول كيفية انبثاقه و تنظيم شؤونه و من وراءه من حيث الفكر و العقيدة و التمويل و التسليح، الا ان تحركاته تفيد العديدين و ربما الاهداف المشتركة للاطراف التي تهدف الى تحقيق السيطرة الكلية على مسار السياسة العراقية تجعل المراقب ان يحتار او يعيد السبب الى احتمالات عدة . و عليه، يمكن ان تكون وراءه اطراف و ليس طرف معين بحد ذاته، و يمكن ان يكون له الفروع الرئيسية التي ترتبط كل منها بطرف دون اخر، و لكن من المعلوم ان بقايا البعث لها اليد في التعاون و المشاركة في تقويته لتحقيق مكسب لها على الارض في مناطق الاغلبية السنية، لذا نرى ان الضباط و المراتب العسكرية المتضررة من بقايا الحكم الدكتاتوري تلتحق به عند دخولهم المدن و قبله ايضا .
ان الوقت الذي اختاره هذا التنظيم لمفاجئاته و التنقل من مدينة لاخرى هي نقلة نوعية كبيرة و مفاجئة في العلوم العسكرية، و سيبقى اثر ما فعله هذه الايام على الوضع العراقي لامد بعيد و زرع عدم الاحساس بالامان و خيبة الامل لجميع العراقيين دون استثناء و من كافة المكونات مسيطرة عليهم .
اختيار الوقت و الاضرار و الفوضى بهذه المنطقة بالذات لصالح المحور الشيعي و من يواليه داخل العراق في هذه المرحلة المتنقلة بعد الانتخابات البرلمانية بالذات و في المستقبل القريب، الدعم السني بكل الاشكال . هذا ما يجعلنا ان نعتقد بان اختيار التوقيت لتغيير اللعبة ان لم يكن خطة عسكرية بحتة فربما فعله تنظيم الداعش بامر خارجي بعدما وقع تحت ضغوطات شتى في الرمادي و الفلوجة و مناطق الانبار الساخنة الاخرى . و عليه نجح الداعش بنسبة كبيرة و مؤثرة بهذا التحرك و اختلطت الامر في الحالة العراقية الحالية اكثر من قبل، و هذا يمكن ان نشك فيه ايضا عندما نقرا النتائج و ما يستفاد منه كل محور على حده .
هذا النجاح لخطط داعش ارجعنا الى الوراء كثيرا و ان استفاد منه هذا و ذاك في تسيير العملية السياسية و تحقيق الاهداف الضيقة القصيرة المدى البعيدة عن الوطنية و المصالح العليا للعراق . و هذا ما يدفع هذا التنظيم ايضا الى الغرور و الالحاح على الاستمرار في فعالياته بهذا الشكل، و ربما اذا تمكن سينقله الى بغداد و المناطق الوسطى عن قريب .
اذا كان الجيش بهذه المعنو يات و الجزء الكبير من الشعب يرحب به، فلماذا لا يستمر على هذا المنوال في تحركاته اذن اينما اراد .
اننا امام مرحلة خطيرة منذ سقوط الدكتاتورية، و بعد الاحداث الاوكرانية و بروز روسيا و انتعاشها و وقوفها بحزم امام امريكا و الدول الغربية ، فان امريكا فكرت في العودة عن بعض الامور التي ارادتها من قبل و من ضمنها اعادة النظر في انتشاراتها و توزيع مراكز قواها، و ستفيده العودة العسكرية لها الى العراق ضمن هذه المنطقة الاستراتيجية الهامة لها في هذه المرحلة و مستقبلا ايضا . فالتوقيت المختار يدلنا على امور لم نظنها من قبل، و الاهم هنا ذكره، هو تغيير الخارطة و ما الموجود على الارض نحو تشكيلات مختلفة و جديدة، و على المكونات الرئيسية للشعب العراقي ان تتقبل الامر و الواقع كما هو و ليس بتمنيات، و اللعبة على ما يظن الجميع ورائها ايادي و اهداف كبرى، عدا رؤس المحاور في المنطقة.[1]