اين الثقافة الكوردستانية من القيم الانسانية البحتة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3196 - #25-12-2010# - 13:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تاريخ مليء بالمنغصات و العقد و المنعطفات و الاحتلال و ما يخلفه كماهو المعلوم ليس بقليل، و الجغرافية الجبلية الوعرة و ما تتميز بصعوبة التنقل و ما تحتاجه من القوة، المجتمع مهما كان فيكون متسما بهذه الصفات و الذي ينبثق في هكذا ظروف فتفرض عليه الطبيعة مجموعة السمات المتميزة المتناقضة حتما مع بعضها، الشجاعة و القوة بتعريفها الشرقي و الكرم و المبالغة في الاحترام و التقدير للاخر و في الوقت ذاته هناك من السلبيات كالسلب و المداهمات و قطع الطريق و البداوة مع العاطفة المسيطرة و حب الذات و في احيان اخرى نكران الذات و خدمة الاخر بشكل معيب، من مقارعة المخالف الى الخنوع للاخر، من التفكير و التامل فيما وراء الطبيعة و في شؤون الخلق و التعمق فيه و الابداع في طرق اداء الواجبات الدينية الى الانقطاع عن الغيب والواقعية و التعامل الاني مع الموجود و السطحية في التفكير و المعيشة.
هناك فروقات شاسعة بين المستوى الثقافي للمكونات المختلفة لشعب كوردستان طوال تاريخه عبر المراحل المتعاقبة و وفقا للظروف السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية التي كان فيها، والاختلافات الموجودة بين المكونات المختلفة له استنادا الى صعوبة الاتصال و التواصل، نلاحظ انبهاره بالمباديء و القيم الانسانية و الشغف الى الحرية في التعامل مع الحياة حينما يكون محتلا قابعا تحت الظلم و الغدر و ايديه و اعينه معصوبة من قبل الاخرين، و هو يبدع في طرق التفكير و التامل الى الحياة و يستثمر جيدامن الوافد اليه ويبدع في التصوف، و الطرق المثالية من الفكر و العقلية التي تمتع به عقود و قرون، تنبع افكاره متوافقه مع ظروفه، و يضحي بكل ما لديه من اجل ما يؤمن به من جهة و يفرط به بسهولة في احيان اخرى، و هو متوحد متراص و متعاون في حين و منشق على البعض و متصارع و متنافس مع نفسه في حين اخر، و هو متواضع و معتز بنفسه و متبختر و مختال ايضا في وقت اخر، الا انه من الثابت عليه انه متصارع و متهور لو احس ببصيص من الحرية و هو يتخندق امام البعض و لم يتذكر عهود الضيم التي مرت به، و يصادق الاخر الذي لا يستحق التعامل معه.
اليوم و بعد انقضاء مرحلة الايديولوجيات القحة و التعصب بجميع اشكاله، وصلت الانسانية الى حال متجردة من الافكار الضيقة الافق الى حد كبير، و تسود الثقافة العالمية في التفكير و انتزاع العقلية و النظرة الخاصة الى الامور و المفاهيم بشكل نسبيو تتحول الى التعميم في التفكير و التوجه، و بعدما فتحت الابواب و وصلت الينا اشعاعات الافكار المختلفة و تصادمت مع بعضها من جهة و تصارعت من جهة اخرى عند بوابة الشعب الكوردستاني، بينما تلاقحت و تمازجت بشكل عام عند دخولها الى عمق المجتمع رغم ارادة الممتنعين و وصلت تاثيراتها الى نسب كبيرة من الشعب و بالاخص النخبة و في تقدم مستمر لحد اليوم.
اننا نشاهد هيجانا في الثقافات المتنوعة للشعوب وما وصلت من بوادر لها و ما لدى الشعب الكوردستاني بنفسه ، و الحق انه لازال في بداية الطريق و هو يرزح لحد الان تحت تاثيرات الرواسب و التراكمات الماضية و يأن تحت ثقلها رغم محاولاته المتكررة للتحرر، على الرغم من ذلك اننا يمكن ان نسمي هذا الواقع بالمرحلة المتنقلة او الظرف المتاملة في كيفية التزاوج و التطعيم بين القديم الجديد.
لازال الشعب الكوردي الى اليوم يصارع مع الاخر من اجل الاعتراف به كيانا و مكونا على الارض و بما يمتلك من القيم و السمات الخاصة التي تفرقه عن الاخر في بعض منها بشكل مطلق، و في الوقت ذاته يريد الخروج من التقوقع الذي فرض عليه و الانعزال الذي كان فيه لمدة طويلة و لحد اليوم في بعض الامور.
ما استجد عليه وهو لازال حائرا في تخبطه و استغرابه هو مجيء القيم الانسانية و الافكار و الاعتقادات و النظريات الكبرى عبر نوافذ مختلفة و من جميع الجهات، بشكل مباشر احيانا و غير المباشر في اكثر الاحيان، وهو يريد ان ينفذ بجلده من صعوبة الامر عليه و من بعض الافرازات التي ارهقته جراء صراع القديم الجديد و في نفس الوقت يُفرض عليه البقاء ثابتا مستقرا على ماهو عليه و المراوحة في المكان دون تقبل الجديد و هو المستحيل علميا في تطور الشعوب و المجتمعات.
انه يلمس ماهو الجميل و المفيد من الاتي و لكنه يعلم انه بثقيل على امكانياته و مستواه و تحمله و في الوقت ذاته يعلم بمدى استفادته لو اقتحم بنفسه في الشؤون المختلفةلهذا المولود الاتي و ما فيه من الثقافة الجديدة و الحداثة في جيمع المجالات.
من الامور التي اشغلته و هو يعيش في دوامة التقبل او الرفض هو نمط معيشته و كيفية تاثر ظروفه الاجتماعية الثقافية يالمستجدات، يقحم نفسه احيانا فيما يهمه و ما ياتيه من الشرق و الغرب دون دراسة ممعنة و يتفادى اخرى بشق الانفس.
العلاقات المتوترة بين الظروف السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية التي هو فيه لم تفسح له المجال لبناء و تاسيس طريق معبدة و واضحة المعالم للوصول الى محطة التفاعل مع القيم الجديدة، و هو المتربى و المدرًب على المقدسات و وجوب الالتزام بها لحد التضحية بالنفس من اجل الحفاظ عليها ومنذ القدم. و هذا ما يسبب التراخي في الحيوية المطلوبة لتقبل الجديد و التي تصنع المجتمع المنتج و تصلح الانسان و يدعم تطوره اينما كان و ليس في كوردستان فقط.
اذن ماهو عليه هذا الشعب انه لم يستوعب بعد القيم الجديدة ان صح ان نسميها بهذا الاسم، فهو لايزال على الهامش من بعض المفاهيم و يتقمص احيانا شخصية المتقبل من المظهر و خارجيا و لكنه يعيش في صراع داخلي مع الذات لسلخ القديم الذابل و ليس الجديد و الذي يحتوي في طياته كل ما يمس الانسان وفق العصر الجديد و ما يهم معيشته و لابد له ان يستقر و هذا ما يوضحه لنا عامل الزمن عاجلا كان ام اجلا، و الشعب الكوردستاني في الاخر يتقبل هذه القيم برحابة الصدر.[1]