كان الدكتاتور عادلا في ظلمه لكوردستان و الاهوار معا
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2448 - #28-10-2008# - 00:35
المحور: حقوق الانسان
اتذكر ايام الجامعة و ما التقيت من الاصقاء و من بينهم من كان من اهل الاهوار ، اعجبني احدهم كثيرا من حيث الشخصية و الاخلاق و الايمان بافكاره اليسارية و حبه لعقائده و مبادئه ولغيره كما احب لنفسه، و الاجمل ما احسيت به في وقت كان الدكتاتورية تزرع روح الحقد و الضغينة بين ابناء قومية وطائفة واحدة فما بالك بين قوميتين ، و كان هذا الصديق على ابسط ما كان عليه و هو محبوب من الجميع نتيجة لحسن تعامله و فكره و وعيه الكامل و كانه عائش في مجتمع التقدم و الانسانية ، و عند التاكد من اهتماماته و التقرب منه لمعرفة ما في جوهره تجلى لي مدى تاثير عائلته اليسارية الفكر و العقيدة و العمل على مسار فكره و حياته، انا العائش بين جبال ربوع كوردستان و هادي حافظ العائش في عمق و اغوار الاهوار في العمارة ، ماذا يشدنا الى البعض غير الفكر والعقيدة.
و هكذا تعمقت الصداقة و شدًنا الفكر الملائم و العقلية المتفتحة و استغرب الكثيرون و من القوميتين العربية والكوردية لما كنا عليه من حسن الصداقة و حب البعض و كنا نحمل اسرار بعضنا العقائدية و الفكرية ، و كم من ليالي الشتاء الطويلة تناقشنا في القسم الداخلي و تعمقت و تقوت و تمتنت الثقة بيننا ، و لو كانت ازلام الدكتاتور يعلمون بنقطة واحدة من ما يدور بيننا و من سجالاتنا فلم يعلم احد ماذا كان مصيرنا و لم نكن نعلم بالانتماءات الحزبية لبعضنا ، و كنت انا منتميا الى عصبة كادحي كوردستان و لا اعلم ماذا كان انتماءه و لم اساله لحد اليوم حقا ، بل جل ما اعلمه انه يساري الفكر و العشق و الهوى.
اليوم و بعد تحرير العراق و سقوط الدكتاتور و نحن نحس بالتطور النسبي في كوردستان مقارنة بعهد الدكتاتورية على الرغم من انه ليس محل طموح الجميع و فيه من السلبيات و الثغرات التي لا يمكن السكوت عنها ، و عمل النخبة و المثقفين مهم في هذه المرحلة من اجل انتقاد الوضع الراهن و ايجاد البديل المناسب لكل مشكلة وازمة في سبيل خدمة الجميع و اتباع طريق التقدم ، و انا اعيش هنا و لي الحرية النسبية حقا في التعبير عن ارائي و اعتقاداتي، و على امل التغيير المقنع . اما ما يصلني من الاخبار التفصيلية عن الاوضاع العامة في الاهوار و انا اتذكر صديقي العزيز و ما عاناه في حينه ، اقول اليوم ماذا يقول هو في قرارة نفسه و لم نتواصل حقا منذ ثلاث و عشرين سنة للظروف التي مرينا بها ، الا انني اعلم انه في اية حال يعيش ان كان لحد اليوم في العراق ، و تفكيري هذا يعتمد على ما كان يفكر فيه و اقارن اعتقاداته و اماله و الوضع الذي تعيش فيه الاهوار الان.
و كان في احلك الاوقات و اصعبها يفكر في الطبقة الكادحة و اطفال الفقراء و المعدمين، و كما هو الحال لم يتغير وضعهم لحد اليوم و لم تعد البسمة التي تمناها الى افواههم حتى بعد سقوط (ابو العوج) كما كان يسمي الدكتاتور.
انني حقا اعلم كيف يعيش صديقي بعدما سيطر على الوضع من هو لم يكن في الحسبان ، و تغير وضع الاهوار الى حال لم يكن يتمناه الجميع ، و كان جل احلامنا العيش الرغيد و العدالة الاجتماعية و المساواة و الحرية و العلمانية و التقدم و الديموقراطية ، فكيف هو الان ان كان في الاهوار و يرى ما يسيطر على زمام الامور، و يتصرف باموال و مخصصات المنطقة من ليس له الحق الكامل و اهل الهور محروم منها ، و لم يتحقق من الموعود غير القليل جدا.
بشكل عام، ان الوضع السياسي الاقتصادي في العراق اثًر بشكل سلبي على حال الاهوار و لم يتم ما كان يجب ان تتمتع به الاهوار و اهلها ، و كما هي كوردستان ، شهدت الاهوار الضيم و الظلم و تغير واقعها الاجتماعي الاقتصادي و الجغرافي من التجفيف و التغير الديموغرافي و تضرر اهلها و أُنفل العديد منهم كما هو اهل كوردستان ، و هرب من هرب و سُجن من سُجن و عاد منهم بعد السقوط البعض القليل دون اية اسناد او دعم حكومي او سياسي ، نظرا لما هو علية العراق عموما من الوضع السياسي الذي لم يتمكن من خطو الخطوة الاولى لاعادة اعمار و تاهيل اهل الهور بما يستحقونه.
و كما هي طبيعة كوردستان فالاهوار لها جمال خلاب و يمكن استثمارها عن طريق المشاريع السياحية التي تدر على اهلها و على العراق منافع جمة ، و يجب ان يوفى اهلها بشيء و لو قليل مما قدموه و ضحوا بكل غالي و نفيس كمناضلين و ثوار ، لانها كانت الملاذ الامن للمناضلين و الفقراء و المعدمين و اصحاب المواقف و المباديء الهاربين من ظلم الدكتاتور ، و للاسف لم يشاهد لحد اليوم اي دور لاحد يمكن ان يعتمد عليه لانتعاش المنطقة.
الوضع الاجتماعي الاخلاقي لاهل الهور ذو طبيعة تُزهي العقل و العاطفة لما فيه من الصفات الكريمة و الجمال و المحبة و ما يتضمنها عفويا من المباديء الانسانية و العاطفة و العلاقات الحيوية الاجتماعية المطلوبة لما يتصف به واقع الاهوار الاجتماعي من الخصوصيات، الى جانب فقر و الواقع المزري فلم تهتم السلطة بها بشكل مطلوب ، هناك عتب ايضا على المنظمات المجتمع المدني التي كانت بالامكان مد يد العون للتاهيل و العمل ، الا انها ضعيفة جدا و لم تصل الى مستوى تذكر ، و بالاخص ماهو لصالح اعادة تاهيل و تنظيم وضع المراة البائس و واجباتها المتضاعفة و رزوحها تحت نير ثقل العادات و التقاليد و الجهد و العمل الاضافي ، و ما وقع عليها من الظلم و جور من قبل الدكتاتورية من جهة و صعوبة حياتها العملية و تدني مستوى الخدمات و عدم تقديرها ماديا و معنويا و عدم تنويرها لمطالبة حقوقها من جهة اخرى، و تقع اكثرية صعوبات الحياة في الهور على عاتق المراة بالاضافة الى الواجبات الاجتماعية .
لذا يمكننا ان نقول و بشكل واضح و فصيح بان الاهوار تستحق اكثر مما هي عليها و لابد ان تكون مستوى خدمتها مضاعفة لانها تحملت اكثر بكثير من المناطق الاخرى ، و يجب ايصال كافة الخدمات العامة اليها و من ثم العمل على تحويلها الى منتجعات سياحية كبيرة جالبة للسياح و هي تتلائم مع هذا الهدف ، بالاضافة الى تقديم كل ما يساعد على رفع مستوى الثقافي والاجتماعي لها.[1]