هل حرية العراق تنتج قيادة مسؤولة؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2292 - #25-05-2008# - 03:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كتبت في عمودي الخاص المعنون (موقف)في صحيفة راية الجرية،العدد 35 في #11-04-2003# و بعد يومين فقط من سقوط الدكتاتور ، مقالا عن حرية العراق و ما تصطحبه معها، فقد كتبت(يمكننا ان نقول ان هذه الحرب المشتعلة هي قبل اي شيء و كتحصيل حاصل، ومن غير قصد حتى،هي تصحيح لما افسده الدهر، وما يمكن ان نسميه غدر التاريخ و المتسلطين و المتنفذين في العراق و من ورائهم الولايات المتحدة الامريكية نفسها ، و تسببوا هم قبل غيرهم لما آل اليه العراق، و هل يمكننا ان نفكر احيانا ولو لوهلة من الزمن ، انه تكرار لما جرى و التاريخ يمكن ان يعيد نفسه، والسلسلة المعقدة الآتية من المشاكل الكبرى يمكن ان يذهب ضحيتها آلاف الابرياء).
هذا ما تنبات به غي حينه و نرى اليوم ما حدث ، و القوة الغاشمة و المصالح الاقليمية سبب كل ما حصل، واليوم يمكن ان نسال، هل الحق يعود لاصحابه بعد طول الغيب نتيجة كل هذا الغدر؟ام هناك تداعيات مصالح الكبار؟ الم تلتق في هذه الحلقة المتسلسلة ايضا مصالحنا مع مصالح الكبار ؟و هل تجري الريح بما لا تشتهي السفن؟، بعد كل هذه التغييرات الحاصلة؟
و للاجابة عن كل هذه الاسئلة ، يجب ان ننظر بعين المتفحص الدقيق لما هو عليه واقع العراق الجديد و المنطقة من جهة، و ما تريده امريكا و مصالحها بالذات، و ما يجب ان تكون الخارطة السياسية الاجتماعية الثقافية و ما تعتزم تطبيقها في المنطقة من جهة اخرى.
قبل اي شىءلابد ان نعترف انه مهما حصل من بعد اسقاط الدكتاتور فانه نسبيا من مصلحة عامة الشعب، ولكن! مهما طالت العتمة سيظهر بصيص الضوء من الافق، و الحرية مهما كانت مساحتها تحتاج لمزيد من التضحيات من المتلهفين وراءها،لذلك نرى اكثر المضحين هم من يعرفون طعم و مذاق الحرية.
ولكن ما افسد مذاق فرحة السقوط هو تلك العقبات و المشاكل الكبيرة التي تلته، باضافة الى الاخطاء الكبرى للولايات المتحدة المريكية و ما ارتكبته هي و المسؤول الشرقي العاطفي من الحطايا، وبه تعكرت صفاء الجو.لو اسهبنا اكثر من هذا الجانب، ليس هناك مسؤول صاحب سلطة في شرقنا هذا قاطبة لا ويعتبر نفشه آمرا و ناهيا و قائدا و ليس غيره(الناس والعامية) الا مطيع لما يصدر منه و من السلطة المتنفذة ومن يمثلها سواء كان صائبا في اوامره و تقديراته او مخطئا في حساباته الى آخر حد، حتى و لو كان ضاربا المصلحة العامة عرض الحائط.
يمكننا ان نحدد الاسباب و العوامل الرئيسية لصدور مثل هكذا افعال من قيل من كان له صفة في السلطة و لماذا يتقبل الشعب منه هذه التصرفات التي تقيد من وحريته و تبعده عن امانيه، اول الاسباب هو بداية الخروج من كل كبت لحاكم ظالم هو التنفس و قبول ما يجري نتيجة التخبط الذي حصل بشكل عام بالاضافة الى المستوى الثقافي العام للمجتمع و المسؤول او السلطة و ما هيتها على وجه الخصوص و من ثم الطبيعة الاجتماعية للشعوب الشرقية التي تنبثق منها شخصية المسؤول كما حللها المرحوم الدكتور علي الوردي بدقة متناهية في بحوثه المتعددة، ومنها الوضع الاقتصادي و امكانياته لمداراة مريديه، اما مقدار او مساحة الخدمة التي يقدمها او امانة المسؤولية التي تقع على عاتقه لا تقع ضمن عوامل تقييمه لمعرفة مستوى نجاحه في عمله ونتاجه الا نادرا جدا.
ولذلك يمكننا بشكل عام ان نعلنصراحة ، ان نوعية السلطات و الحكومات و المسؤولين يمكن تعيينها و تقييمها بدراسة الوضع الاقتصادي الثقافي الاجتماعي للمجتمع، ومن الايجابي الاعتماد على المتغيرات المنظورة و ما يواكبها في المنطقة من المؤثرات العالمية و الاعتماد الكلي على المؤسسات و العقول الجماعية في تحديد مساحة السلطات عبر القناعات المشتركة و الديمقراطية، لا عن طريق الهيمنة و العنف و التهديد المنتجة اصلا للاساليب الوتوقراطية و في اكثر الاحيان البوليسية بعينها.
عندما نتكلم عن ةالمسؤول او السلطة كجزء هام لضمان الحرية و التي تكون في مصلحة الشعب يمكن ان نبين الركيزة الاساسية لها. ان القائد او المسؤول المتربى في خضم الصراعات الاحتماعية الاقتصادية الشرقية يكون ذا ذهنية عير خالية من العصبية و الانانية و حب الذات و العنف ، و لذلك يمكننا القول علينا ان نحاول التزاوج و الاختلاط التام بين الثقافات و المباديء الشرقية و الغربية في عالم جديد يقتخر بالحرية و الديمقراطية،لنجعل من حرية العراق بداية لنهاية الاعتماد على القوة و الهيمنة و السيطرة بالعنف على نوعية الحكم و السلطة، وعندئذ يمكن القول اننا نعمل من اجل تغيير الممارسات للنفوذ و السيطرة عند المسؤول و القائد بحيث نمنعه من ةالسعي في ترجمة سلطته الى النفوذ اجتماعي و اقتصادي و الاستفادة الفردية و الحزبية للاستحواذ على مراكز مرموقة بين كل المتساوين معتمدا على امكانياته و مكوناته في السلطة و المسؤولية، و به يتحول صفة الولاء و المريدية الى احترام القانون و حب الوطن بعيدا عن ةالفساد و الرشوة.
لنجعل المسؤول و المواطن كلا بحدود عمله بعيدا عن تقوية المركز و الفخفخة، و الاعتماد على الحساب و العقاب(حتى على كيفية الكلام و المخاطبة) و بعيدا عن توزيع الالقاب و التملق الزائد و الخوف و حتى في نوعية الجلوس في حضرة المسؤول او كيفية النظر اليه بطرف العين او رفع النظر او غير ذلك من كيفية الكلام من قبل المواطن المغلوب على امره، و ما الكلمات الرنانة الممدحة الناطقة به تجاه المتنفذ في اكثر الاحيان لتمشية طلباته لا دليل على تلك القدسية التي تعطى للمسؤول ما يؤدي الى التغيير في وضعه و حاله و ان كان من الذين لا يتصفون بتلك الصفات قبلا.
كل ذلك يمكن ازالته و الغاؤه لو بدانا بوضع الحجر الاساس لحكم القانون و احترام حقوق المواطن و الوطن و المصلحة العامة، وتوفير متطلبات الحياة، و يمكننا منة ذلك لان العراق غني بثرواته و امكانياته المادية و المعنوية.بذلك يكون المسؤول كلما كان موقعه اعلى ، يكون تضحياته و تحمله و عمله بمقدار مسؤوليته و اكبر من محاولته الذاتية في التسلط و الهيمنة فقط،معتمدا على القانون لتحديد الصلالحيات لا على العصبية و المُلك، و تبدا بفك العقد الكثيرة في شخصية الشرقي و منها المسؤول الذي يجب ان ينزع عنه عقدة السيطرة و الفردية و التسلط و حب البروز و تكوين المنزلة الاجتماعية و السطوة الخاصة،و منع المراسيم و ما ينتج عنها من البذخ و الترف على حساب المواطن الاعتيادي بعيدا عن الخدمة الحقيقية للمجتمع. حينئذ يمكن ان نتلذذ طعم الحرية التي تنتج سلطة القانون و المسؤول الحقيقي في خدمة الوطن و المواطن.
السليمانية/كردستانالعراق
[1]