الشرق الأوسط في ظلّ الإدارة الأمريكية الجديدة
لقمان عبد الله –
إنّ السياسةَ الأمريكية لا يعتريها أيّ تغييرٍ مهما تغيرت الرئاساتُ الأمريكية، وما يتغير فعلاً هو نهجُ أولئك الرؤساء في تطبيق السياسة الأمريكية من المنظور الحزبي- طبعاً إما جمهوري أو ديمقراطي.
والكلُّ متفقٌ هنا على ضرورة صون وحماية المصالح الأمريكية، وتوسيع مناطق النفوذ تبعاً للضرورات الجيوسياسة.
وتلعب شخصيةُ الرئيس الأمريكي المنتخب دوراً مهماً في الأوساط الإعلامية، وإعطاء صورة منعكسة للسياسات العميقة لاتحاد الولايات الأمريكية، في ظلّ الهيمنة العالمية لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي وتطور وكالات الإعلام بشكل ملحوظ مع تطور التكنولوجيا العالمية.
إنّ منطقةَ الشرق الأوسط لها نصيبٌ من تلك التطورات والتغيرات المتجددة في المنطقة، فالأحداثُ التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تمتدّ بتأثيراتها إلى كافة أنحاء العالم، وتتسم رسمُ خارطة السياسة العالمية وفقاً لمعطيات نتائج الأحداث.
وقد شهدت المنطقةُ تغيراتٍ دراماتيكية منذ عام 1991 إبّان الأزمة العراقية الكويتية، وأدّت إلى تدخلٍ أمريكي مباشر في منطقة الشرق الأوسط، وما أعقبها من أحداثٍ أهمّها انهيارُ منظومة الدولة القومية، والذي كانت انطلاقته من تغيير الحكم في العراق بدل الدولة المركزية وتحويله إلى حكمٍ شبه فيدرالي وبمفهوم ضيق لذلك المصطلح، وبعدها قامت ثوراتُ التحرر العربية والتي انطلقت من شمال إفريقيا لتستقرّ في عددٍ من دول الشرق الأوسط، وما تزال تداعياتها تؤثرُ في مصير المنطقة إلى يومنا هذا.
تعددت البؤرُ الساخنة واحتدمت الصراعاتُ العرقية والمذهبية، الأمر الذي لم يكن في حسابات الثورات العفوية التي انطلقت في المنطقة، ولعلّ حربَ غزة كانت نقطة التحوّل الجوهرية في تلك الصراعات، وقد أخذت تلك الحربُ منعطفاتٍ خطيرة تبلورت في تصفية قيادات كل من حماس وحزب الله، ومن ثم التدخلات العسكرية المباشرة في المناطق المجاورة كحجة لتصفية منابع بؤر الإرهاب فيها.
وقد كان للقضية الكردية مكانة في تلك التطورات أيضاً، فالكرد الذين دافعوا عن مناطقهم ضدّ أعتى إرهابٍ شهدته البشرية، واستطاعوا كسرَ شوكتهم وإذلالهم في قلب عاصمتهم المزعومة، فلا بد أن تكافئ الإنسانيةُ ذلك الشعبَ الكردي، وتضمن له كافة حقوقه المشروعة في ظلّ إطار سياسةٍ عالمية جديدة يتم فيها تغيير العديد من العهود والمواثيق والاتفاقات القديمة والتي كانت مجحفة كثيراً بحقهم.
لا شكّ أنّ المهامَ المطلوبة من الإدارة الأمريكية الجديدة والمتجددة في منطقة الشرق الأوسط هي مهامٌ حساسة، وتطبيقها يحتاج لدرايةٍ ودراسة مكثفة لطبيعة الشرق الأوسط وتنوع الأبعاد السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيه، فمن جهةٍ ستسعى تلك الإدارةُ إلى الحفاظ على الوجود والمصالح الأمريكية وشركائها في المنطقة، وبالمقابل ستلعب دورَ الفيصل في حلّ الصراعات الدائرة في المنطقة والتي لا تحتمل الإطالة في وقت حلها.
بالطبع سوف تعتمد تلك الإدارةُ على قوىً فاعلة ومؤثرة ومنظمة في تحقيق أهدافها ورسم خارطة طريقٍ جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، ولعلّ الكردَ هم خيرُ من سيمثل تلك القوى. فالشعب الكردي أثبت عبر تاريخه أنه شعبٌ محبٌّ للسلام والحرية والديمقراطية، ولا يشك أحدٌ في ولاء الكرد لمبادئهم وأهدافهم النبيلة.[1]