العنف ضدّ المرأة عنفٌ ضدّ الحياة
هيفين رشيد
حادثة تاريخية قصيرة مرَّت عليها السنون، وعلينا معرفةُ حقيقة هذه الحادثة وما الهدف منها، كما ويجب أخذ العِبر منها في حياتنا، ونجعل من هذه الحادثة دافعاً لتصعيد نضالنا السياسي والتزامنا بنهج المقاومة وتقوية إرادتنا ضدّ الأنظمة الدكتاتورية التي تمارس العنفَ بشتى وسائله على المرأة كلما سنحت لها الفرصة.
الأخوات الثلاثة “ميرابال” تم اغتيالهن من قبل مجهولين في عهد الدكتاتور “تروخيلو” الذي مارس العنفَ ضدّ كل من يعارض نظامه، ومنهم الأخوات ميرابال، لقد كنّ معارضات سياسيات لنظام تروخيلو، وعملن على تشكيل حركة ضمّت مجموعة من المعارضين السياسيين ضد نظام تروخليو؛ وضمن هذه المجموعة كانت الأخوات الثلاثة يُلقبن بالفراشات، لجهودهن وحيوية الروح الشبابية التي يعشنها.
صدرَ أمرُ اعتقالهن وذويهن، وتم سجنهن والتمثيل بهن، ومن ثم تم قتلهن من قبل مجهولين، وفيما بعد يُكتشف بأن الدكتاتور “تروخيلو” وراء هذه المؤامرة، فهل هذا هو قدرُ كلّ من يعارض الأنظمة الدكتاتورية؟
طبعاً ليست تلك الحادثة هي الأخيرة ضمن سلسلة العنف والقمع حسب رأيي، هناك الكثير منها، فمثلاً المؤامرة عام 2013 التي نفذت ضدّ الناشطات السياسات في باريس (ساكينة وليلى وفيدان)، و(هفرين خلف وبريفان زيلان)، وليس آخرها “زلال عفرين”.
تاريخياً، كانت المرأة ذا قيمةٍ عالية في معظم المجتمعات الإنسانية، ووصلت لمرتبة الإلهة، أما في يومنا الراهن فوضع المرأة كالمدفونة تحت التراب، وأصبحت منسية، وصار الكلُّ يقرر عنها مصيرها ومستقبلها، ولقد اعتبرت المرأة شرف المجتمع وعليه حمايتها. لقد عشنا في مجتمعٍ بدون محاسبة الطرف الآخر في الجريمة. فبأي قانونٍ يتم قتل المئات من النساء باسم الشرف، ويتم إهانتهنَّ وإذلالهنَّ وتصغيرهُنْ، إضافةً إلى الانتهاكات المختلفة بحقهن.
بهذا الشكل أصبحت قضية المرأة بين المجتمع بيد الذهنية الذكورية، كلنا نعلم أنّ الكون يعتمد على الثنائية بين الجنسين، ولكن مع الأسف أصبح مجتمعنا يهتم أكثر بالذكور، ويُهمِّشُ دَورَ الإناث، خاصةً مع ظهور الدولة والسلطة التي حكمت عليها بالإعدام وهي على قيد الحياة، خصوصاً في عهد الرأسمالية، بعد أن كانت مؤسِّسةَ الحياة والمجتمع، حيث يتم ممارسة العنف الممنهج عندما اعتُبرت المرأة كسلعة تجارية ومورست عليها أشكال العبودية، وحتى في أوروبا يتم تسليط الضوء على جسد المرأة و إثارتها ومعاملتها كسلعة، بدءاً من نظراتها وشعرها وأظافرها، وهي لا تعلم مدى استغلالها عن طريق الإعلانات والدعايات، وبهذا الشكل يتم استغلال واستعمار المرأة (جسدياً و فكرياً).
أمّا في دول الشرق الأوسط، والتي لا تهتم بقوانين الجرائم ضدّ المرأة، وخاصة جرائم الاعتداء الجنسي، حُرمت المرأة من أبسط حقوقها كالتعليم والعمل إضافة إلى الانتهاكات التي أدّت إلى مقتل المئات من النساء.
لذلك، على المرأة أن تحرّر نفسها من عبودية 5000 عام، التي مورس عليها العبودية والعنف بجميع أشكاله، وعلى جميع النساء التيقّن بأنّ لهنَّ تاريخاً مهيباً.
في ميزوبوتاميا تاريخ إبداعات المرأة التي نشأت وتطورت، وهذا المكان أصبح مهدَ ثورة المرأة، وبهذه الثورة انفجر بركانُ الحياة الأعظم. ثم يأتي بعدها تاريخُ الطبقية والمدنية، وهي ثورة الرجل ويصبح المجتمع الرجل المهيمن والذي يرتكز على القمع والعنف الممارس ضد المرأة لتعيش المرأة في غيابٍ عميق عن الحياة التي أسستها بكدها واختراعاتها.
ومع بزوغ براديغما القائد “عبد الله أوجلان”، تطورَ وضعُ المرأة وتقدم نحو الأفضل، حيث عمل جاهداً بدون كلل وملل ليجعل منها صاحبةَ كلمة ومبدأ، ولتملك إرادةً قوية قادرة على تحمل المسؤولية والإدارة، وتكون صاحبة القرار والرأي في جميع الساحات، كما وأصبحت مناضلة ومقاتلة على سفوح جبال كردستان.
ولمناهضة العنف ضدّ المرأة، ينبغي العمل جاهداً على طرح أسس حرية المرأة، وضرورة تطوير ذاتها وتكثيف نضال معرفة الذات؛ لتكسر حاجز الصمت والخوف، فهي وحدها من تستطيع التحرر واستعادة حياتها الطبيعية والحقيقية مرة ثانية، متسلحةً بالوعي، لإنهاء العنف الممارَس ضد إرادة المرأة الحرة، مستندةً إلى فلسفة Jin, Jiyan, Azadî ليكون القرن الواحد والعشرين قرن المرأة بحقّ.
[1]