بوصلة الحل في إمرالي
أين الحل
سليمان أبو بكر
لعل المرء يُصاب بالذهول إذا ما نظر إلى اللوحة السياسية في العالم مما قد يحدث، حيث أصبحت الأحداث تتسارع وتتخبط فيما بينها، ما يثير الجدل فيما سيحدث. فالكل كان يترقب حدوث تغييرات في الصراع الدائر، سواء في أوكرانيا أو فلسطين أو لبنان، بأنها ستكون بداية النهاية لتصفية الحسابات، لكن يبدو أن هناك تغيير غير واضح المعالم في الأحداث الدراماتيكية التي تحدث، بالأخص بين قوى الهيمنة العالمية، فبعد انتخاب ترامب مجدداً ازدادت التكهنات في الكثير من المواضيع، وذلك بالنظر إلى برنامج ترامب الانتخابي، لكن هل سيكون كما قال؟
فالتركيبة الجديدة للحكومة الأمريكية بعد الانتخابات تدل على توقعات مرجحة في تلك الصراعات والحروب الدائرة، حيث لا يُستبعد وقف الحروب بالأخص في أوكرانيا، وذلك من خلال جُملة من المقايضات يُتوقع أنها اتُفِقت عليها، وستطبق ويُحتمل أن تكون على شكل تنازلات عن بعض المناطق وخصوصاً في أوكرانيا لصالح الروس في سبيل إخلاء الروس ساحة الشرق الأوسط، وهذا سيُرتِّب على جميع الأطراف إعادة الحسابات في استراتيجياتهم المعلنة، أو سيحدث ما هو الأسوأ، وهو تركُ الغرب هذه الساحة للروس، وهو ما سيجلب كوارث ليس على المنطقة فقط بل على رؤوس قوى الهيمنة المركزية نفسها وبالتالي نهايتها.
وفي كلا الحالين ستكون مجتمعات الشرق الأوسط الخاسر الأكبر، حيث ستُجلب لها أزمات عديدة (اقتصادية، سياسية، عسكرية…).
إذاً ما الصواب، وأين الحل؟
فعلى صعيد تركيا التي عقدت آمال كبيرة على عودة ترامب، لكن المتغيرات الحالية في تركيبة الحكومة الأمريكية الجديدة يبدو أنها تشير إلى أن حكومة تركيا ستواجه الزوال والانتهاء في حكمها الاستبدادي الداعشي، وتصريحاتها الأخيرة بدعوة القائد أوجلان إلى البرلمان وأنها ترغب في السلام؛ ماهي إلا كشف الحقيقة فيما يحدث في داخلها وخارجها من أزمات خانقة تشير إلى انزلاقها نحو الهاوية، لكنها لا تزال تتمسك بأمل من سراب، وإنْ دلّت تلك الحقائق على شيء؛ إنما تَدلُّ على أن شخصاً مثل “القائد اوجلان” هو المُنقِذُ الوحيدُ لجميع أزماتها، لكنَّها تُحاولُ فرض الشروط كي تُبين للعالم بأن تركيا ما زالت قوية وتحتفظ بالحلول.
أما على صعيد إسرائيل التي وصلت بها الأمر إلى رسمِ خرائطَ جديدة لسيطرتها والتي ترسمها لنفسها، فيبدو أنها لم تَحسِبْ حساب المجتمعات، لا الحكومات، التي تتواجد في تلك الجغرافيا بأنه في لحظة مفاجئة ستغيِّر المجتمعات موازين القُوى، وستغيِّر الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه عليهم.
بالنسبة لإيران فهي خطر على الغرب من خلال:
1 تمددها بمفهومها الشيعي السني المختلط عضوياً ببعضه البعض
2 هي بوابة للروس والصين بثقليهما الاقتصادي، ولهذا تعتبرها الغرب خطورة يجب الانتهاء منها.
يُعيدنا السؤالُ، إلى أين ستتوجه البوصلة السياسية للواقع الراهن؟
الحل يَكمُنُ في البحث عن السِّلمِ دون الحروب، وهذا ما سيدفع، بدقة، الديمقراطية إلى البحث عن طريق لاحتواء جميع الأطراف والجلوس للحوار، وهذا ما تم تأكيده في رسالة القائد أوجلان الأخيرة (عندما تتوفر الشروط والظروف القانونية والسياسية له، سينقل الحروب إلى سلام) ولديه القوة على تنفيذ ذلك.
وبذلك يُتطلب من جميع الأطراف/دولية، إقليمية، محلية/ أن تتحرك في هذا المجال، والبحث لإيجاد تلك الأرضية القادرة على استيعاب خطاب هذا القائد، والعمل على تحقيق حريته الجسدية أولاً، وتهيئة تلك الأرضية والظروف له، وبذلك يمكن القول إن جميع الأزمات ستزول، ويبدأ الإنسان بالعيش بكرامة وحرية، وإمِّا فأن تلك الأزمات ستستمر وسيدخل العالم في حروب لمئة عام قادمة.[1]