العدو لا يحاربُ الفاشلين
بكر حج عيسى
أصبحت محاربةُ الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي pyd ممنهجةً، وبجميع وسائل وأدوات الحرب الخاصة، سواء من قبل العدو المباشر أو أدواتهم ووكلائهم في الداخل، وبأساليب خبيثة جداً. وليس من الصدفة أن تحاربنا جميعُ هذه القوى، رغم خلافاتهم المذهبية والسياسية، ولا من الغريب توحّدهم جميعاً ضد قضية شعبنا، ابتداءً من دولة تركيا والنظام البعثي وإيران وداعش وتيار الإخوان المسلمين ومجموعة الائتلاف السوري، وغيرهم؛ لكنّ غيرَ المقبول أو المعقول وطنياً وأخلاقياً انضمامُ وتأييد بعض الأحزاب الكردية إلى هذا الصف، الذي يعملُ ليلاً ونهاراً على إبادتنا، قومياً وثقافياً وسياسياً، وترديد ما يردده الأعداءُ ضد إدارتنا ومكتسباتنا من قبل تلك الأحزاب التي تدورُ في فلك الحزب الديمقراطي الكردستاني- عراق.
بل يذهبون إلى أكثر من أساليب العدو في محاربتنا، من خلال إنكار ونفي أعمال المرتزقة الوحشية ضدّ شعبنا في عفرين، والتشهير بالإدارة عند حصول أي خطأ، وفي المقابل هم صمّ وبكمٌ أمام ممارسات العدو وإجرامهم!، كما ويعتبرون تجربةَ الإدارة الذاتية فاشلةً، قومياً وسياسياً وإدارياً وعسكرياً، ودون طرح البديل الأفضل من قبلهم، أو دون أن يكون لهم أيّ مشروعٍ سوى تكرار تجربة إقليم كردستان العراق في روج آفا، ومطالبتهم بالمحاصصات الحزبية.
إنّ التصريحات الإعلامية والتحليلات السياسية التي تصدر عن بعض القياديين والسياسيين، في الداخل السوري وفي هولير، لا تصنّف تحت مسمّى النقد السياسي، بل تشمّ منها رائحةَ العداء فقط، من خلال تشويه تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، واتهامها بالفشل، ولكن لا أعلم كيف تقيمهم للنجاح والفشل، وعن أي فشل يتحدثون؟
وعند استحضارنا للمثل القائل: من بيته من زجاجٍ فلا يرمي بيوت الناس بالحجارة، يمكننا كذلك الحديث عن المُنجز والنجاح: كوجود حكومتين في الإقليم وقوتين عسكرتين مختلفين، أو مغامرة الاستفتاء الذي أعلنه الإقليم من طرف واحد ودون استشارةٍ إقليمية أو دعم دولي، ومن نتائجه كانت خسارة أجزاء كبيرة من مساحة الإقليم، وكذلك الانسحاب المخزي من شنكال مما أدى إلى مجزرة جديدة بحق الشعب الإيزيدي هناك، أو إقامة معسكرات الاحتلال التركي على صدر كردستان، و توغل جيش الاحتلال التركي في الإقليم بكل حرية، إضافةً إلى تجميد البرلمان وتعطيل كل المؤسسات، ناهيك عن عدم التجرؤ على صف تركيا كقوة احتلال في عفرين وسرى كانية وجنوبي كردستان، وكذلك عدم المساهمة حتى يومنا هذا في انعقاد مؤتمرٍ وطني كردستاني بل رفضه وعدم قبوله… كلُّ هذه الإخفاقات العسكرية والسياسية والإدارية، حتماً يحقّ لنا الوقوف عندها ملياً، والتفكّر قبل نسخ التجربة ونقلها إلينا.
حتى لا نؤمنُ بأنّ مصلحةَ شعبنا وبلدنا أهم من كل الأجندات الحزبية والعائلية، سنعيش دوماً في دوامة الانشقاقات، وسنكون لقمةً سائغة للأعداء.
وكما تقول الحكمةُ: لا تُرمى بالحجارة إلاّ الشجرة المثمرة، يمكننا القول: لو كانت تجربة الإدارة وpyd فاشلة في روج آفا لما حاربها الأعداءُ، لأنّ العدوَّ لا يحاربُ الفاشلين، ولا يحتضنهم ويأويهم كما يأوي (الكردَ الجيدين) ويدعمهم ويهيئهم لمحاربة مكتسبات شعبنا.
مع الأسف، مازالت هناك أحزابٌ بأسماءٍ كردية وكردستانية، حريصةٌ على رباط الحبل السري بينها وبين العدو، وتستمد قوتها عبر هذا الحبل من العدو، كما يستمدّ الجنينُ عبر الحبل السري غذاءه من المشيمة، وبانقطاع هذا الحبل سيموت. وهؤلاء لا حياةَ لهم بانقطاعهم من العدو لأنهم، لا يؤمنون بقوة الشعب، ولهم نقول: اقطعوا حبال العدو، وارتبطوا بحبال الشعب، فالشعب هو النبع الوحيد الذي لا يجف.[1]