محنة الشبك في نينوى
نعمت شريف
الحوار المتمدن-العدد: 4435
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
الشبك(1) هم مجوعة هندواوروبية ويتكلمون احدى اللهجات الكردية القريبة من الهورمانية والزازائية (الدملية) والكورانية، وأما الباجلان فهو احد عشائر الشبك الكبيرة والذي ينتمي بالاصل الى قبيلة باجلان الكردية في منطقة خانقين (2). لقد ترك التاريخ بصماته على هذه المنطقة منذ عهد الاشوريين والميديين على اقل تقدير. بدليل وجود قرى وقصبات كلدوآشورية وتركمان وعرب تحادد احيانا وتختلط بهم احيانا اخرى. زودت القرى الشبكية المزدهرة في شبكستان والواقعة في مناطق ديمية خصبة المدن والقصبات المجاورة وبضمها مدينة الموصل بالمحاصيل الزراعية منذ فجر التاريخ.
الموقع وعدد النفوس:
يقطن الشبك في ما يربو على (70) قرية وقصبة موزعة اداريا على خمسة نواحي وهي بعشيقة، برطلة، الحمدانية، تلكيف، والنمرود وتقع جميعها في محافظة نينوى، وتشكل قراهم قوسا حول شمال وشمال شرق مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى حتى اطلقت حكومة البعث البائدة عليها اسم الحزام الواقي للموصل(3).
لا توجد احصائيات يعتمد عليها عن الشبك ولكن يقول محمد الشبكي، الباحث والمدير الاعلامي لمنظمة الاقليات، فيقول ان قراهم (الشبك) السبعين تشكل هلالا او حزاما حول مدينة الموصل. ويسكن معظم الشبك، ويتراوح عددهم بين 400-450 الف شخص، في هذه القرى وفي مركز مدينة الموصل (4). ولكن حسب تقديرنا ان عدد نفوسهم لا يقل عن الخمسمائة الف في القرى والارياف ومراكز الاقضية والنواحي الخمسة. يقلص عدد الشبك بشكل فظيع ومتعمد لاسباب سياسية وكمخطط اكبر لمناهضة الكرد. لم يعد الشبك واليزيديين والفيليين كردا لتقليص عدد الكرد ومساحة كردستان معا، وبهذا الصدد كتب فيصل الدباغ:
ان نسبة الكرد اعلى من 16.5% لان معظم اليزيديين والكركريين والشبك والفيليين قد سجلوا عربا في هذا الاحصاء (1977)(5) (ص4)، ويستطرد ليكتب على الصفحة 14 ان السبب في ازدياد العرب ونقصان الكرد في هذا الاحصاء هو تسجيل جميع يزيديي سنجار والشيخان اضافة الى الشبك والكركر وتركمان تلعفر عربا.(6)
تشكل شبكستان (7) -ارض او موطن الشبك- منطقة مترابطة معظمها سهول ديمية خصبة وتمتد من نهر الخازر شرقا وحتى نهر الخوصر قرب تلكيف غربا، ومن جبل مقلوب شمالا والى الموصل وحتى نهر دجلة جنوبا، حيث تمثل شبكستان قوسا يتطابق مع الحدود الجنوبية لكردستان ومكملا لها. تحادد قرى الشبك وتختلط مع الساحل الايسر من مدينة الموصل وتمدد شمالا حتى سفوح جبال بعشيقة، وهذا جبل منعزل يقع الى الشمال من مركز ناحية بعشيقة. بأختصار، تمثل شبكستان منطقة زراعية خصبة بين الموصل والجبال الكردية. وهناك عدد من القرى والقصبات العربية والتركمانية والمسيحية المتفرقة هنا وهناك داخل وفي اطراف شبكستان. وهناك اقليات دينية بين الشبك كالسارلية(8) واليزيدية كأمتداد لمناطقهم في محافظة كركوك وقضاء الشيخان على التوالي.
يوجد عدد من القرى التاريخية والمواقع الاثرية في شبكستان ومنها على سبيل المثال الا الحصر:
الاربجية: وهي احدى اقدم المستوطنات في العراق ويعود تاريخها الى (7000) سنه حيث تشير التنقيبات الاثرية لعام 1933 الى (5000) سنة قبل الميلاد(9). لقد اصبحت هذه القرية جزءا من الموصل وتسمى الان بحي القاهرة.
السلامية: وتقع على الساحل الشرقي لنهر دجلة والى الجنوب من الموصل بحوالي 18 ميلا. وتشير التنقيبات الاثرية في التلال القريبة منها الى وجودها في الالف الثالث قبل الميلاد، وازدهرت في العهد الاشوري ثم اندثرت، واعيد بناؤها اكثر من مرة، وقد وصفها ياقوت الحموي كلاتي: قرية كبيرة من أعمال الموصل وتبعد عنه بحوالي (8) فراسخ (18 ميلا تقريبا) على الساحل الشرقي لدجلة. اكبر قرى الموصل، اجملها والطفها .....(10) وهناك قرى ومناطق اخرى لم يتم التنقيب عنها لحد الان نظرا للاهمال الدائم لها.
لقد اكتشف علماء الاثار اسطوانة وجزءا من لوحة طينيتين وغيرهما تحمل كتابات مسمارية. ويعتقد ابن خلكان ان سور السلامية كان قد بناه الاشوريون، ربما هذا هو موقع مدينة رسن الاقدم الذي ورد ذكرها في الانجيل (11).
الصراع على هوية الشبك:
لايزال الصراع على هوية الشبك مستمرا كما هو على مناطق شاسعة من كردستان. تحدد ملكية الارض حسب شخصية سكانها. لقد اصبح الشبك في العراق المعاصر ضحايا بلا رأي بسبب موقعهم بين الشمال الكردي والحكومات المتعاقبة على الحكم في بغداد الى الجنوب منهم حيث استهدفتهم مشاريع التعريب لتثبيت الحدود الجنوبية لكردستان الى الشمال من الشبك، وبهذا تقي مدينة الموصل، وهو ثاني اكبر المدن العراقية، من الطموح الكردي. تمر مشاريع التعريب في حالات مد وجزر تتناسب مع نضال ومطاليب الشعب الكردي، فمع مطلع الحكم البعثي عام 1963 بعد انقلابهم المشؤوم في 7 شباط، وضع النظام مخططه للسيطرة على الشبك ودعته الحزام الواقي للموصل او درع الموصل. مارس مؤيدوا هذا المشروع ضغوطا كثيرة لترحيل الذين دعوهم من اصحاب التبعية الايرانية الى ايران. حقيقة او وهما، زرعت الحرب النفسية البعثية خوفا حقيقيا في نفوس الشبك لعزلهم من الانتماء الى الثورة الكردية في ستينات وسبعينات القرن الماضي. النظر الى الشبك بعين التبعية الايرانية لا يقل خطورة عن التبعية الايرانية التي هجر بسببها ربع مليون من الكرد الفيليين في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وتحت التهديد بالترحيل، ترك العديد من عوائل الشبك قراهم وهاجروا الى المدن الكبيرة كالموصل اختفاءا من الترحيل. وبانتهاء المرحلة الاولى من حكم البعث، خف الضغط عن الشبك قليلا ولكن الصراع على نفسيتهم وهويتهم مستمرة الى يومنا هذا.
في الثمانينات وفي حملة منظمة، قام موظفوا الاحصاء العراقيون بالضغط على الشبك لتسجيل اسمائهم كعرب. إعيدت استمارات الاحصاء الى اصحابها الذين سجلوا كردا مع تغيير انتمائهم الكردي الى عشائر عربية في الحملة الثانية بعذر التأكيد او تصحيح الاستمارات حيث قام موظفون بعثيون بأجراء مقابلات شخصية. لم ينجو من العقاب الا الذين قبلوا بدون تردد وطلب من هؤلاء، وقاموا بتشجيع الاخرين ليحذوا حذوهم وطلبوا من العديد من هؤلاء ليعملوا لصالح امن الموصل ومنح آخرون لقب الشيخ، وخصص له راتب شهري ليرأس قرية او عشيرة. نفذت منظمات حزب البعث ومديرية الامن العامة واعضاءهم هذا المخطط القذر وكانا الجهازين المسؤولين للضغط على الشبك وتعريبهم.
وبما ان الانتماء الكردي لم يكن مقبولا، سجل معظم الشبك انتماءهم كشبك، ولكن هذا ايضا لم ينقذهم من محنة الاحصاء لان الشبك في نظر البعث كرد ولان تسجيل الشبك كان رفضا للانتماء العربي، ولم يقبل الشبك شبكا لينجوا من العقاب. تم ترحيل ما لا يقل عن ثلاثين الفا من الشبك الى معسكرات في المناطق الواقعة ضمن اقليم كردستان ذات الحكم الذاتي آنذاك. من 1988 وحتى 1991 كان هناك للشبك في مناطق حرير بمحافظة اربيل معسكرات يعيشون فيها في حال يرثى له. وبعد الانتفاضة الكردية عام 1991 فقدت الحكومة البعثية السيطرة على المنطقة والمعسكرات حيث عاد معظمهم الى المدن وبعضهم الى مناطقهم الاصلية.
منعت حكومة البعث حتى عام 2003 جميع الاكراد وبضمنهم الشبك من شراء الاراضي والدور السكنية في مدينة الموصل، ولكن هذه السياسة لم تشمل اولئك الكرد والشبك الذين قبلوا التعريب ويحملون بطاقات الاحصاء كعرب. كان الكرد والشبك يستعينون باصدقاء عرب او كرد مستعربين لشراء الاراضي والدور. وكان يوجد في مدينة الموصل ما لا يقل عن خمسين الفا من الشبك ويتركزون بشكل رئيسي في منطقة الساحل الايسر من الموصل وبضمنها مناطق النبي يونس والنعمانية والدركزلية والعطشانة والزهور والمناطق الواقعة بين طريق الموصل- اربيل وطريق الموصل-الكوير.
النشاط الثقافي واحتمالات المستقبل:
في الوقت الذي دعم العديد من الشبك الثورة الكردية، وخاصة بتزويد المواصلات والاتصالات واستيعاب موجات المهاجرين بسبب الحرب او المجاعة وغيرها من الكوارث حيث زودوا بالمأوى والمساعدات الاخرى لاعادة توطينهم في المنطقة، عانى الشبك الكوارث من غارات القبائل وإعمال الثأر والانتقام الكثيرة لا لشئ الا بسبب موقعهم الجغرافي بين العرب جنوبا واخوانهم الكرد شمالا.
لا تساعد طوبوغرافية شبكستان للقيام بعمليات مقاومة لانبساط اراضيها وسهولة تحرك القوات النظامية فيها وحتى ان الصدامات العشائرية كانت تتم السيطرة عليها بأستخدام الشرطة المسلحة ولم تكن هناك حاجة لتدخل الجيش العراقي. وهكذا نجد على مر العصور ان الحملات العسكرية منذ عهد الاشوريين والميديين والاسلام والعثمانيين جلبت على المنطقة الدمار والويلات، واية قوة سيطرت على شبكستان والمرتفعات المجاورة الى شمالها، كانت عادة تسيطر على مدينة الموصل.
بالرغم من ان التنظيمات السياسية للشبك حديثة العهد، ولا تعبرعن محنتهم على الوجه المطلوب، فقد اظهر الشبك ارادة جماعية قوية لصيانة شخصيتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم. كان الشبك يحاربون كأقلية ويمنعون من اي نوع من التعبير عن كيانهم القومي والحضاري، وكانت جميع مراحل التعليم باللغة العربية ولم يسمح بوجود مدارس كردية شبكية، والمطبوعات الكردية وخاصة بلهجتهم كانت معدومة وممنوعة اصلا في المنطقة برمتها، رغم ان اول مدرسة كردية في المنطقة كان الاحتلال البريطاني قد اسسها عام 1919 في قرية كوكجلي(12).
لقد ظهرالعديد من الفنانين والمغنين الشبك في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وبالتعاون مع اخوانهم الناطقين باللهجة الكرمانجية استطاع هؤلاء نشر العديد من الاغاني والاشرطة الموسيقية. ومن الذين نشروا نتاجاتهم، تم ملاحقة احدهم من قبل الحكم البائد حتى هرب الى كردستان وتم مصادرة نتاجات الثاني. وهذه الاغاني المسجلة متوفرة في اسواق دهوك واربيل في ظل حكومة الاقليم، ولكنها كانت ممنوعة ايام البعث المقبور في الموصل حيث يتردد غالبية الشبك.
ألشبك بين مطرقة االتعريب وسندان الارهاب:
كانت فترة السلم بين الثورة الكردية وحكومة البعث للاعوام 1970-1974 حاسمة في الصراع على شخصية الشبك حيث ان التحاضن الكردي-الشبكي لم يسبق له مثيل بسبب الانفتاح في العلاقات الكردية-الحكومية، وبالرغم من ان السياسة الكردية الرسمية والمفاوضات لم تذكر الشبك قط الا ان التحرك الطبيعي للكرد نحو الجنوب والاختلاط واحتضان شبك السهول لاخوانيهم الجبليين اقلقت الحكومة المركزية انذاك على مستقبل الموصل. وواضح ان الاموال الطائلة وكوادر وتنظيمات حزب البعث والامتيازات وعناصر الامن وبضمنهم الكرد المنضمون في صفوف البعث والامن وخاصة الناطقين بالكرمانجية دخلت المنطقة كالسيل العارم. قام حزب البعث بتأسيس منظمات بعثية في معظم قرى الشبك واغدقت الاموال والامتيازات كالاسلحة والسيارات للذين انتموا للبعث واصبحوا يتجولون في المنطقة ويعقدون الندوات والاجتماعات ليل نهار مستخدمين جميع وسائل الترهيب والترغيب بالاضافة الى فتح مقرات ومراكز واتحادات للطلبة والشبيبة والعمال والتعاونيات الفلاحية وجميعها كانت منظمات موالية لحزب البعثِ. لقد منع الشبك من الدراسة، كما منعوا من الوظائف الحكومية المهمة حتى الذين كانوا أعضاءا في حزب البعث لم يعطوا ما كانوا يستحقونه لان الحكومة كانت دائما تشك في ولاءاتهم. لم يكن النظام البائد راضيا عن الشبك ولذلك عمدت الى محو الشبك من الوجود فعمدت الى سياسة التعريب المقيتة للمنطقة، وعلى هذا الاساس هجرت الحكومة اكثر من 3000 عائلة شبكة بعد ان دمرت بيوتهم امام اعينهم. ونتيجة لهذه السياسة تم تدمير 30 قرية شبكية ومصادرة ممتكاتهم.(13)
واما عن الارهاب الذي يتعرض له الشبك فلا يقل ضراوة عما يتعرض له المكونان الاخران الايزيدي والمسيحي في محافظة نينوى، وربما اقسى لمتاخمة قراهم لمدينة الموصل ولقلة دفاعاتهم العسكرية والسياسية، واما الصمت الرسمي والاعلامي عما يجري للشبك فأقل ما يقال مخيب للامال ليس في العراق الجديد وفشل الحكومة الفيدرالية في حماية الاقليات فحسب وانما في الرد الكردي ايضا على الهجمات المتكررة على قرى الشبك واخلاء الموصل منهم تقريبا. يقول غزوان حامد ان عدد العوائل التي نزحت من مدينة الموصل حسب احصاءات يقومون بأعدادها منذ عيد الفطر المبارك الماضي 9-8-2013 وصل الى (800) ثمانمائة عائلة وصلوا الى سهل نينوى في مجمعات الغدير و المحبة و طيبة والزهراء ........... ما يجعلنا قلقين هو هذا الصمت الاعلامي والرسمي تجاه هذه القضية الخطيرة(14) واما الهجمات الارهابية على الشبك فتكاد تكون يومية ولكن ابرزها تتمثل في الانفجارات التي طالت قرى خزنة تبة (50 شهيدا و160 جريحا يوم 11 آب 2008)، واورطةخراب (36 شهيدا و 57 جريحا يوم 14 أيلول 2013)، والموفقية (13 شهيدا و35 جريحا يوم 17 تشرين الاول 2013) وغيرها من القرى القريبة من مركز محافظة نينوى.
منذ سبعينات القرن الماضي، لم تعر المنظمات الكردية كثير اهتمام الى هذه المنطقة الحساسة. ورغم الاهمال غيرالمتعمد، اتصل عدد من الشبك بالقيادات الكردية في المناطق القريبة وعملوا جاهدين لايجاد الترابط بين الشبك والحزب الديموقراطي الكردستاني، ولم تكن هناك اي توجه جماهيري لاستقطاب الشبك ولم تكن هناك اي توجيه صريح لاية منظمة كردية للعمل بين صفوف الشبك، وبقيت العلاقات فردية وشخصية كما هو الحال في السنوات الاخيرة. وفي اواخر عام 1973 وعام 1974 استطاع فاضل أغا باجلان ان يجمع عددا من رجاله والانضمام الى صفوف الثورة آنذاك والقيام بتشكيل وحدة من قوات البيشمركة، ونال رتبة عسكرية في صفوف الجيش الثوري الكردستاني. بقي فاضل أغا على هامش الاحداث يعاني من الاهمال وقلة الاسلحة والتدريب ولذلك ومع اندلاع الحرب عام 1974، وتحت ضغط الحكومة لاقاربه وعشيرته، وجد الفرصة مؤاتية لترك صفوف البيشمركة والانضمام الى صفوف الحكومة، ورغم ذلك لم يحمل السلاح ضد الثورة الكردية قط.
لم تولي التنظيمات الكردية اهتماما كافيا لتطويرعلاقاتها مع المنطقة ككل والتغلغل بين ضفوف الشبك حتى عام 2003 بعد سقوط النظام البعثي. ورغم تواجد عدد من الشبك بين صفوف الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، كانت صلة الكرد بالشبك لا تزال على المستوى الاكاديمي حيث يتكلمون احدى اللهجات الفرعية للكردية. اليوم وفي اجواء تفاقم الصراع حول المناطق المشمولة بالمادة (140)، واستهداف الشبك في مدينة الموصل والقرى المحيطة بها، ورغم تأخرها، تلعب حكومة اقليم كردستان دورا كبيرا في الدفاع عن المنطقة وحماية الشبك من الهجمات الارهابية ضد قراهم وتجمعاتهم، حيث تمثل هذه مرحلة حاسمة في تنامي الشعور القومي والانتماء الكردي لدى الشبك.
دور حكومة اقليم كردستان:
يبدو ان حكومة الاقليم قد خطت الخطوة الاولى على رحلة الالف ميل كما يقول المثل الصيني والمتمثلة في توفير الحماية للشبك والمكونات الاخرى في نينوى من الارهاب كجزء من المناطق الكردستانية خارج الاقليم (15). وبلا شك يشكل هذا اهم العوامل في توفير الامن والاستقرار في المنطقة. واما على صعيد نشر الوعي السياسي والقومي ورغم اهمية االبرامج الاذاعية على ندرتها، تبقى المنطقة بحاجة الى تلفزيون تبث بالشبكية اسوة بالمكونات الاخرى، بالاضافة الى التنمية الاقتصادية. لا تزال المنطقة مهملة من قبل الحكومة الفيدرالية وحكومة نينوى المحلية، وتشير جميع التخمينات الى ان نسمة الشبك تتراوح بين 400-500 الف نسمة ولذلك من حقهم ان يكون لهم ما لا يقل عن اربع ممثلين في البرلمان العراقي، في الوقت الذي يمثل المكونين الايزدي والمسيحي خمس ممثلين لكل منهما ولا يزالان يطالبان بالمزيد. للشبك ممثل واحد فقط على قائمة التحالف الكردستاني. ولذلك نعتقد انه يمكن لحكومة الاقليم اتخاذ بعض الخطوات لدفع عجلة التقدم في المنطقة، ومنها الضغط على الحكومتين المحلية في نينوى والاتحادية في بغداد للعمل على تطوير المنطقة اسوة بباقي مناطق العراق. تحتاج المنطقة الى مشاريع الماء والكهرباء والطرق والمستشفيات وغيرها من متطلبات الحياة الحديثة. ان مركز ناحية بحجم بعشيقة (16) لا يزال يفتقر الى مستشفى اوعيادة تستطيع استيعاب خمسة جرحى فقط. والخطوة الثانية لحكومة الاقليم يمكن ان يكون بفتح مكتب او تعيين مسشار من الشبك يكون له صفة رسمية يستطيع ايصال صوتهم بشكل مباشر الى حكومة الاقليم، حيث انه لا يوحد اي نائب لهم في برلمان كردستان (لانهم ضمن المناطق خارج كردستان). ان وجود فروع الاحزاب الكردستانية في المنطقة، ووجود الهيئة الاستشارية للشبك لا ينفيان بالضرورة فتح مكتب لشؤون الشبك او تعيين مستشار لشؤؤنهم.
ان نضال الشبك للدفاع عن وصيانة شخصيتهم القومية نضال صعب وصامت الى حد كبيرويتميز بالمقاومة السلمية الهادئة، وتطوير ثقافتهم ولغتهم القوميتين جهد الامكان، وتطوير علاقاتهم تدريجيا مع اخوانهم الى الشمال منهم رغم سياسة التعريب المنظمة التي كانت تمارسها الحكومة ضدهم. ورغم كابوس التعريب الذي كان يخيم على شبكستان كانت الجهود مستمرة لتطوير ثقافة ولغة الشبك ورفع مستوى الوعي السياسي عندهم للحفاظ على شخصيهم القومية.
نعمت شريف
nemsharif@aol.com
ألمصادر والملاحظات:
(1) بالرغم من ان كلمة الشبك ذات مدلول ديني، الا ان تاريخها يعود الى ماقبل الاسلام، وتطلق هذه الكلمة في الوقت الحاضر على جميع الذين يتكلمون لهجة الشبك، والاغلبية الساحقة من الشبك يدينون اليوم بالاسلام، على المذهبين الشيعي (65%) والسني (35%).
(2) أبراهيم باجلان، مؤرخ: الشيخ محمود الحفيد سبق وان طلب تحويل خانقين الى محافظة عام 1930، صوت العراق، 28 كانون الثاني 2014. يقول هذا المؤرخ ان الشيخ محمود الحفيد طلب اثناء المفاوضات مع الحكومة العراقية عام 1930 تشكيل لواءين، الاول يضم جميع المناطق الكردية التي كانت منضوية تحت لواء الموصل حينها على ان تكون دهوك مركزا لها، فضلا عن تحويل خانقين الى لواء يحمل اسم (لواء باجلان) ويضم مندلي وجلولاء والسعدية.
(3) تقرير مديرية الامن العامة في الموصل بأرقام احصاء عام 1977 والذي يقدر عدد الشبك ب (27551) نسمة.
(4) محمد الشبكي، الشبك: نبذة مختصرة، نقاش ليوم 6 حزيران 2007، باللغة الانكليزية. http://www.niqash.org/articles/?id=1862
(5) فيصل الدباغ، الاكراد والاقليات الاخرى في احصاء 1977 الجزء الاول، مطبعة به روه رده، 1983 باللغة الكردية.
(6) المصدر السابق ص 14.
(7) يعرف الشبك منطقتهم بهذا الاسم، ولم تستعمل الحكومات المتعاقبة على دفة الحكم في العراق لانها تدل على كردستانية المنطقة، او على اقل تقديم عدم عربيتها.
(8) السارلية هم كاكائيوا الشبك، حيث توجد اربعة قرى منهم مثل كبرلي والبساطلية وتل اللبن وخرابة سلطان حيث انهم يتكلمون لهجة الشبك، ولكن في معتقدهم كاكائيون كبقية الكاكائيين في محافظة كركوك.
(9) جمال بابان، اصول اسماء المدن والمواقع الاثرية في العراق مطبعة المجمع العلمي الكردي، بغداد، 1976و 1989، الجزء الاول ص 15.
(10) نفس المصدر السابق، ص 204.
(11) نفس المصدر السابق.
(12) عبد الفتاح بوتاني، فصل الشبك عن الكرد لاغراض سياسية يخالف الواقع والتاريخ، 23 نوفمبر(؟)
http://www.hekar.net/modules.php?name=News&file=-print-&sid=1548
(13) محمد الشبكي، الشبك: نبذة مختصرة، نقاش ليوم 6 حزيران 2007، باللغة الانكليزية. http://www.niqash.org/articles/?id=1862
(14) علي عبد سلمان، موقع براثا نيوز نزوح الشبك من الموصل مستمر و مهتمون يتساءلون سبب الصمت الرسمي عنه، 02/10/2013م http://www.burathanews.com/news_article_213187.html
(15) صفاء عبد الحميد, محمد شفيق، السومرية، البيشمركة ترفع حالة التأهب في المناطق المتنازع عليها منعا لتسلسل داعش إليها، 4 كانون الثاني 2014 http://www.alsumaria.tv/news/
(16) عاطف العزي، الرئيس اسامة النجيفي واقامة ولاية المزصل، صوت العراق، 31-10-2013
واغضبت شركة اكسيون بغداد بتوقيع اتفاقات للتنقيب عن النفط في ست مناطق امتياز في كردستان في 2011 من بينها منطقتي بعشيقة وألقوش وهما في أراض تتنازع عليها نينوي وكردستان.[1]