نوروزنا: نوروز الخير والنضال
نعمت شريف
الحوار المتمدن-العدد: 4382 -
المحور: القضية الكردية
نوروزنا:
نوروز الخير والنضال
بقلم: نعمت شريف
في الحادي والعشرين من آذار سيحتفل #الشعب الكردي# وغيره الكثيرون من الشعوب الهندواوروبية في كردستان وايران وافغانستان كل على طريقته الخاصة حيث تحمل هذه المناسبة معان و دروسا وعبرا خاصة لكل شعب. ولكن نوروز كردستان يحمل نكهة خاصة، ومذاقا خاصا، يذكرنا بطعم النضال، وعبير الحرية الذي نشمه مع نسمات الربيع، حيث تبدأ دورة جديدة للحياة، وعام آخر من مواصلة الكفاح من اجل حياة افضل لشعبنا الذي عانى طويلا وقاسى الامرين من الظلم والاضطهاد على ايدي الحكومات المتعاقبة على دفة الحكم ليس في العراق فحسب ولكن في جميع الدول المقتسمة لوطننا.
مع مقدم نوروزنا تعود بي الذاكرة الى ما قبل اثنين واربعين عاما وانا لم اتجاوز العشرين من عمري بعد، حيث كنت نشطا في صفوف اتحاد طلبة كردستان الاغر فرع الموصل، وكنا قد قررنا اصدار نشرات جدارية في المدارس التي نتواجد فيها، تيمنا بنوروز وتحديا للاتحاد الوطني لطلبة العراق، الواجهة الطلابية لحزب البعث، وكان هذا الاتحاد يمارس ضغوطا شتى ضد طلبتنا على جميع المستويات. قبل ايام عثرت على افتتاحية تلك النشرة الجدارية مع قصيدة من بين كتاباتي القديمة فعادت بي الذاكرة الى نوروز عام 1972، حيث لنوروز ذالك العام قصة:
كان ذلك اليوم الربيعي يوم 18 آذار 1972 في مدينة ام الربيعين، وكانت نشرتنا جاهزة ليتألق اسم اتحاد طلبة كردستان في سماء المدرسة حال تعليقها على الجدران، وفي الوقت ذاته، كنا في لجنة المدرسة قلقين على رد الفعل البعثي. كان الزملاء ينتطرون في الممر عندما دخلت على مدير اعدادية المستقبل، يا ترى ماذا سيكون ردة فعله؟ لم يعجبه الطلب ولكنه رد بعنجهية واضحة، هذا من شؤون الاتحاد. كان جوابه مخيبا لامالنا، ولكن لم نتراجع، واتصلنا بلجنة المدرسة، فكان رد على الرحب والسعة سنحاول استحصال موافقة الفرع، ويعنى فرع الاتحاد الوطني، وطلبنا ان نسترجعها قبل يوم 21 اذار على الاقل بيوم. وخاب ظننا، ورغم الحاحنا، لم نحصل على النشرة الا بعد مضي ما يقارب الشهر، وبشرط مقابلة محرر النشرة في مقر الاتحاد في الساحل الايمن.عزيمتنا لم تلن، واصررنا على تعليق النشرة رغم مرور الزمن عليها. قررت لجنة المدرسة لاتحادنا وكنا اربعة للذهاب للاستجواب. وفي الطريق انسحب اثنان ولم يبق معي الا واحد وهو الاخ علي مزوري (الوحيد الذي اتذكر اسمه).
كان لنا موعد مع مقر اتحادنا في الساحل الايسر، في حال القاء القبض علينا، فأنهم سيتصلون مباشرة بفرع الحزب الديموقراطي الكردستاني في الموصل وكان آنذاك الاستاذ على سنجاري، مسؤول الفرع، قد اكتسب شهرة بالصلابة ودعم الطلبة والشبيية الكردستاني في نضالهم الشاق في المناطق المختلطة في الموصل. استوقفنا الحارس بقوله الاستاذ يريد مقابلة المحرر فقط واما الاخ الثاني فبامكانه الانتظار هنا مشيرا بيده الى كرسي في حديقة المقر. كان الاستاذ أسامة جثيثا ضخما ربما يحتاج الى المساعدة ليقوم من مقعده. لم يكن اللقاء وديا ولكن لم يخرج عن المألوف حيث كان التركيز على محتويات النشرة وبشكل رئيسي على الافتتاحية وقطعة شعرية، وكلاهما كانتا من كتاباتي آنذاك، ثم تابع ببعض الارشادات لاصدار النشرات في المستقبل. تنفس زميلي علي الصعداء عندما خرجت من الغرفة، وودعنا الحارس وكان الظلام قد حلا، فقال، كيف كان؟ فأجبت لا بأس، فقال ضاحكا ربما سيغتالوننا في الطريق فحسن المعاملة يأتي في باب التغطية. وفي لحظات استوقف سيارة للاجرة وعدنا، وفي اليوم الثاني علقنا نشرتنا في الممر الرئيسي امام غرفة المدير، وكانت فرحتنا لا توصف. وادناه الافتتاحية والقصيدة التي استدعت الاستجواب:
زملائي الطلبة:
في مستهل هذه الكلمة يسر اتحاد طلبة كردستان ان يعرب لكم عن تمنياته لكم بالموفقية والنجاح مع قدوم نوروز الخير والنضال، ونود ان نقف قليلا على شواطئ نوروز لنفسر معناه التاريخي ومحتواه الثوري.
كل عام يمر علينا ذكرى نوروز العظيمة ويصادف ذلك يوم 21 آذار، هذا اليوم الاغر الذي اعتدنا ان نرى قمم الجبال مضيئة بألسنة النيران المشتعلة فيمتزج هيبة النار بوقار رياض الشمال، لون النار، ولون الغابات، اولهما رمزالديمومة والنضال على ارض كردستان، وثانيهما رمز لوفرة الخيرات. يمتزج الرمزان لتخرج صورة واضحة المعالم لمعطيات النضال، ولم يكن اعتباطا اختيار يوم 21 آذار عيدا لنوروز منذ القدم حيث يقف نوروز وجها لوجه مع عروسة الفصول فيكون قمة الرمز في كردستان، هذا الرمز المكثف في تاريخ الكورد وكوردستان الى ابعد حد، يتراءى امامنا كل عام نوروز حقيقة سرمدية، عاليا فوق قمم الجبال وفي عزالربيع حيث البهجة والنشاط والحيوية.
ان كل من تساءل عن هذا الرمز وحاول انتزاع الشرنقة عنه وما اكثر الذين تاهوا في دروب الالتباس والخرافات، فهذا نوروز يقف شامخا هذه الايام على ارض كردستان يروي قصة النضال ويدحض تقولات الجهلة وما يروى على لسان المغرضين:
قبل 2583 عاما كان هناك حاكم طغى في الارض فأخذ يسفك الدماء ويغتصب اموال الابرياء، ومرت الايام وهو بهذه الكيفية يسطو ويقتل باقيا على كرسيه من دون رادع او وازع من ضمير، ولكن الشعب الكردي المعروف ببطشه اذا غضب وصار يقدم القرابين تلو القرابين على مذبح حريته حتى ظهر البطل الكردي (كاوة الحداد) الذي وضع خطة لضربه فجند جيشه وآمن بحرية الشعب وتوفير الجو الديموقراطي لاختيار حاكمه فأوعز الى الشعب بأنه يجب ان يثور ضد هذه الطاغية ويسقط سلطته وحدد يوما للثورة ضده، هذا الحاكم الذي استحوذ على ارض كردستان وافنى شبابه وشرب دماءهم، فجعل النار علامة الثورة لتحرق عرش الطاغية، وفي الصباح الباكر لليوم المقرر للثورة اشعلت النيران وزحفت الجيوش واحاطت بمعاقل المعتدين واسقطت السلطة واستمر اشعال النيران حتى نجاح الثورة، ومنذ ذلك الحين اصبحت النار شعارا للنضال ضد الطواغيت وجاحدي حقوق الشعب وهكذا اصبحت النار رمزا للثورة الكردية التي لا تسكت على ضيم ولا تنسى ان لكل شعب الحق في تقرير مصيره.
المحرر
في #16-03-1972#
قوس قزح في سماء كردستان
شعر: نعمت شريف
أماه، اماه
قربي المصباح اكثر
وخذي للثورة الكبرى قميصي
واحرقيني، واخلقي من قبلاتي
بحر دم عاد نارا من بصيصي
أماه، اماه
حركي المجداف اكثر
وخذي من وحشتي موعد صدق
نلتقي فيه على مائدة الافطار عندي
ونغني
حيث يحلو عبر عينيك الغناء
أماه، اماه
مزقي الاكفان فالقلب غيور
والسكاكين على عنق الحمامة
حيث ميلادي وموتي وقميصي
وبقايا من حياتي
غرباء
في الزوايا القاويات
غير انت
عقدتي، كل حياتي
فخذيني
كيف يحلو عبر الامي الصفاء!
مرة اخرى اعود
للحب، للحرب، للوطن
فخذي للثورة الكبرى قميصي
واحرقيني
واخلقي من قبلاتي
بحر دم عاد نارا من بصيصي
الجمعة #02-07-1971#
[1]