اختتام اعمال منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط بإصدار بيان ختامي
تمخّض منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط، عن جملة توصيات، تهدف مجملها إلى تعزيز السياسات الوطنية والإقليمية المتكاملة لحماية المرأة، والتعاون مع المنظمات النسائية الدولية والإقليمية، وبناء شراكات استراتيجية توفر الدعم للنساء.
أنهت وحدات حماية المرأة (YPJ) أعمال منتدى المرأة والحماية الثاني للشرق الأوسط، الذي انعقد أمس الاثنين في مقاطعة الطبقة، ببيان ختامي قدمه باسم إعلام وحدات حماية المرأة، روكن جمال باللغة الكردية، بينما قُرئ البيان باللغة العربية من قبل القيادية في وحدات حماية المرأة، نسرين العبد الله.
أدناه نص البيان:
في مستهل بياننا الختامي هذا، ولتبقى رسالتنا ونبراساً مضيئاً لعالم أكثر عدلاً وحرية، مليئاً بالسلام والأمان، نستذكر فراشات الحرية الأخوات ميرابال ورفيقاتنا الشهيدات، اللواتي ارتقين في معركة الحرية، منهن الشهيدة نالين موش، هيلين كارى، شفين كرزان، جيان تولهلدان، روجنا عكيد، ليلى آكري وآرين ميركان. نبعث التحية لأرواحهن النبيلة، ونستذكرهن كرموز شامخة للتضحية والعزيمة التي لا تلين، فهؤلاء البطلات قدمن أرواحهن قرباناً في محراب الإنسانية. لم يكن ذكرهن مجرد ذكرى عابرة في ذاكرة شعبنا ووطننا، بل إن ذكراهن إرث نستهدي به دفاعاً عن كرامتنا وحريتنا كنساء.
في هذا المنتدى، نجدد عهد الوفاء للقائد عبد الله أوجلان، رمز الفكر الحر ومنارة الكونفدرالية الديمقراطية، الذي جسّد بفلسفته الرفقة الصادقة مع المرأة ودعم نضالها من أجل الحرية. ونؤكد التزامنا بالمشاركة في حملة الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان، إيماناً بأن حريته هي حرية المرأة ومفتاح السلام والكرامة للشعوب.
ينعقد منتدانا هذا، منتدى المرأة والحماية الثاني، الموافق لتاريخ #25-11-2024،# تحت شعار المرأة المنظمة هي المرأة القوية، والمرأة القوية هي أساس الحماية الذاتية. يأتي ذلك في ظل الظروف الدولية والإقليمية الحساسة، والتحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، التي أصبحت بحكم موقعها وتنوعها مسرحاً لتجاذب الأمم وميداناً لصراعات الحرب العالمية الثالثة وآثارها المدمرة.
يستضيف المنتدى نخبة من القيادات النسائية وممثلات المنظمات النسوية من مختلف الأصقاع، للتباحث في واقع المرأة وأدوارها وما تكبدته جراء أهوال الصراعات التي تعصف بهذه المنطقة. فهذه الحرب العالمية الثالثة قد تحولت إلى صراع دولي طاحن، متجاوزة الأطر الحربية الضيقة، وأصبحت تُخَلّف آثاراً كارثية، وتُنذر بعواقب وخيمة غير مسبوقة.
إن رحى هذه الحرب الدائرة خلفت تداعيات كارثية على المرأة في الشرق الأوسط، حيث أصبحت ضحية أبشع مظاهر العنف، وهدفا ممنهجا لهذه الحرب الشرسة، حتى وصل الأمر إلى مستوى الإبادة الشاملة بحقها. لقد تجلت هذه الإبادة بأبشع صورها ضد وحدات المرأة الحرة – ستار (YJA-STAR) في جبال كردستان، التي تتحمل مواجهة أشرس الهجمات، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً.
أما في شمال وشرق سوريا، فإن المرأة تتعرض بشكل ممنهج لإبادة شاملة تنفذها الدولة الفاشية التركية، التي لا تكتفي بتنفيذ الهجمات العسكرية الأكثر توحشاً، بل تسعى أيضاً إلى تدمير الروح الثقافية والمجتمعية للمرأة السورية، للوصول إلى مبتغاها في تفكيك مقاومة الشعوب بأسرها.
وفي فلسطين ولبنان، تتحمل النساء عبء الحرب الكارثية الدائرة هناك، كما يعانين من الاحتلال والاضطهاد ويدفعن ثمناً باهظاً. أما في السجون الإيرانية والتركية، فإن المشهد أكثر مأساوية وسواداً، حيث تُعَلّق النساء على المشانق، وتصدر بحقهن أحكام بالسجن المؤبد، لمجرد أنهن تجرأن على رفع أصواتهن مطالبات بالحرية تحت شعار المرأة- الحياة- الحرية.
إن المرأة ما كانت ولم تكن يوماً مجرد ضحية عشوائية من ضحايا الحروب والنزاعات، بل كانت هدفاً من أهدافها، وفي كينونتها يتم ترويع الشعوب وترويضها، وبكسر إرادتها تكسر إرادة الشعوب وبهدر كرامتها تهدر كرامة الشعوب، لأنها نواة المجتمع القوي المتماسك، وبتفكيك بنيتها وروحها يتفكك المجتمع ويفقد قوته وإرادته، وعليه فإنه من الواضح بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ استهداف المرأة في هذه الحروب، لا يمكن توصيفه لجهة الضرر اللاحق بالمرأة بصفتها جزءاً من المجتمع، بل يتم استهدافها لأنها محور ارتكاز المجتمع ولبنة البناء الأولى، إنها كينونة الحياة التي تستهدفها قوى الاحتراب بشكل مباشر.
رغم كل هذه المشاهد المأساوية، لن يخلق لدينا إحباطاً أو قنوطاً. إن المرأة، رغم كل ما سبق، هي طاقة لا تنضب، كالطائر الفينيقي تنهض من ركامها ورمادها، جبارة لا تكسرها عوادي الزمن، ولا تقبل أن تكون ضحية على مائدة الاستبداد المتوحش. إنها الثورة المتجددة كتجدد الفصول، لا تكسر همتها وإرادتها الكوارث، ولا يوجد تعريف للاستسلام في قاموس حياتها.
لقد أصبحت وحدات المرأة الحرة – ستار (YJA-STAR) وقوات حماية المرأة في شرق كردستان، ووحدات المرأة في شنكال، ووحدات حماية المرأة بكل هوياتها، بما في ذلك قوات بيث نهرين السريانية وقوات حرس الخابور الآشورية، هي المرآة العاكسة لحقيقة وجوهر المرأة. تمثل هذه القوات أعظم التجارب التي يمكن للنساء من جميع أنحاء العالم أن تعول عليها وتحتذي بها.
فإن هذه المؤسسات العسكرية الخاصة بالمرأة تمثل النموذج الأنصع والاستثنائي لمقاومة المرأة، وتجسد إرادتها في حماية كينونتها.
حيث لعبت هذه المؤسسات دوراً ريادياً في بناء منظومة دفاعية قائمة على أسس الكونفدرالية والكومينالية، والتي تتحدى السلطوية المركزية وتفتح آفاقاً رحبة نحو الديمقراطية المجتمعية.
هذه القوات المذكورة أعلاه أثبتت قدرتها على تحويل الألم والمعاناة إلى قوة للحل ومنعطف إلى التغيير، وتحويل المأساة إلى فرصة للنهوض، فالمرأة مع هذه القوات أصبحت محور ارتكاز لبناء عالم جديد قائم على الحرية والعدل والمساواة، وفي هذا السياق، باتت المرأة رمزاً لمشروع إنساني يتجاوز قيود السلطة التقليدية ويؤسس لعلاقات مجتمعية تستمد قوتها من التضامن والتنظيم المشترك.
في ظل هذه التحديات المصيرية، جاء منتدى المرأة والحماية ليؤكد على أن بناء منظومة دفاعية للمرأة في إطار كونفدرالية المرأة في الشرق الأوسط، ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة إنسانية وأخلاقية ملحّة، والتي من شأنها أن تكون الدرع الحامي والحامل لأحلام العدالة الاجتماعية، كما أن اتحادنا ونضالنا المشترك لا يمثل فقط رفضاً للواقع المظلم الذي تفرضه علينا قوى الاستبداد، بل هو في الوقت ذاته نقطة الانطلاق نحو بناء مستقبل جديد أكثر سلاماً وأكثر إنسانية ضمن ثقافة الأمة الديمقراطية، تتبوأ فيه المرأة صدارة وريادة مسيرة الحرية والكرامة.
على ما تقدم، فإن الأهداف الرئيسة لهذا المنتدى كان النقاش على العديد من المحاور، منها:
1- آثار الحرب العالمية الثالثة والصراعات المتصاعدة على النساء في الشرق الأوسط وسبل مواجهتها.
2- تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المرأة في مجالات الحماية والدفاع.
3- مناقشة السياسات والإجراءات اللازمة لضمان حماية المرأة.
4- تسليط الضوء على أهمية حماية النساء وتعزيز ثقافة الدفاع الذاتي النسوي كأداة لتمكينها.
5- وضع استراتيجيات عملية لبناء آليات دفاعية محلية وإقليمية تحمي النساء وتضمن مشاركتهن القيادية الفاعلة في بناء المجتمع الديمقراطي والأيكولوجي وتضمن الحرية للمرأة.
6- تعزيز التعاون مع الحركات والمنظمات النسوية لتوفير بيئة آمنة ومستدامة للنساء في الشرق الأوسط.
وفيما يلي التوصيات الاستراتيجية:
· تنظيم مجلس الأمن والحماية للمرأة في شمال وشرق سوريا.
· تعزيز السياسات الوطنية والإقليمية المتكاملة لحماية المرأة.
· تطوير برامج تعليمية تُعنى بتمكين المرأة من المهارات والمعرفة اللازمة للدفاع عن كينونتها وتمكين بناء قدرات النساء في مجالات السياسة والدبلوماسية في الحماية والدفاع.
· تبادل التجارب الفكرية والعملية للدفاع الذاتي النسوي بهدف مواجهة الإبادات والاغتصاب الممنهج بحق النساء.
· بناء شبكات دعم نسوية تعمل على مستوى محلي وإقليمي بهدف تشجيع النساء على الانخراط في مجالات الأمن المجتمعي والدفاع.
· إطلاق مبادرات تدريبية لدعم النساء في مجالات الدفاع المجتمعي وتطوير قدراتهن لتولي أدوار قيادية في حماية مجتمعاتهن.
· التعاون مع المنظمات النسوية الدولية والإقليمية، وبناء شراكات استراتيجية لإنشاء آليات مشتركة توفر الدعم والتدريب للنساء في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
. تعزيز التعاون الإقليمي لإنشاء منصات مشتركة تسهم في تبادل الخبرات وتوفير الحلول العملية والفعالة لقضايا الحماية للنساء في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
·العمل على تطوير إطار عمل إقليمي يتبنى توصيات المنتدى ويسهم في وضع سياسات موحدة لحماية النساء وتعزيز دورهنّ في بناء السلام والحماية المجتمعية.
· تبنّي مبادرات مشتركة مع منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات النسوية العالمية، لضمان توجيه الجهود الإقليمية نحو خلق بيئة آمنة وحرة للنساء في الشرق الأوسط. [1]