في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.. المنتدى الثقافي يناقش تاريخ الظاهرة في ندوة موسعة
عقد مركز الفارابي للدراسات والاستشارات والتدريب بالتعاون مع مركز ليفانت للدراسات الثقافية والنشر ومؤسسة مؤنث سالم، ندوة موسعة، تناولت إشكالية العنف ضد المرأة في المجتمعات الشرقية، بحضور نخبة من المختصات والمثقفات.
في بداية الندوة تحدثت فرح ثريا الكاتبة والباحثة السودانية، عن تحديات تمكين المرأة في الحرب والسلم والمجاعات، مشيرة إلى أنها شهدت وقائع العنف الممارس ضد المرأة السودانية وقت الحرب، والانتهاكات التي مورست عليها من قتل واغتصاب وحصار على كل الأصعدة، لافتة إلى أن تقارير منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة أكدت تصاعد عمليات إجبار النساء على التجنيد في صفوف المجموعات المسلحة غير النظامية إلى جانب استغلال أطفالهن كدروع بشرية في حقول الألغام والمناطق المفخخة فضلا عن انتشار جرائم الاغتصاب التي أدت إلى الحمل غير الشرعي وانتشار مرض الايدز، لافتة إلى أن السودان شهد خلال الآونة الأخيرة جرائم اغتصاب قاصرات، ونتج عن تلك الجرائم حالات كثيرة من الحمل وانتهى الأمر بوفاة أعداد كبيرة منهن لعدم وجود أدوية أو مستشفيات.
جرائم وانتهاكات وحشية
وكشفت أن المرأة تعيش أسوأ الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغزة والسودان، ما يتطلب مواجهة الأخطار الناجمة عن الاضطرابات الجيوسياسية وعلى رأسها ما تتعرض له المرأة من عنف، وحثت المؤسسات الأممية على ضرورة دعم المرأة نفسيا في تلك المجتمعات مع الحرص على تأمين الحماية القانونية لها بكل السبل، وهذا يتطلب خلق حالة من الاستقرار في المجتمعات التي تعاني من الحروب والانقسام الداخلي، وهو ما تسعى إليه المرأة في المنطقة العربية من خلال مناشدة المؤسسات الأممية لمساعدة مجتمعاتنا على تأسيس دولاً عصرية مدنية تحمى المرأة قانونيا وتعمل على تمكينها اقتصاديا وسياسيا.
الحرب الناعمة ومكانة المرأة
ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديموقراطية في مصر، أكدت أن المرأة تتعرض لحرب شرسة منذ فجر التاريخ من خلال أساليب القوى الناعمة، بداية من اتهامها بأنها السبب في خروج آدم من الجنة ومرورا بالنظرة الدونية من قبل الفلاسفة ضمن خطط تغريب الهوية عن جوهرها، حيث مرت مكانة المرأة بمنعطفات حادة منذ تشكل المجتمع الطبقي وصولا إلى الرأسمالية والحداثة، ورغم أن المرأة تشكل أهمية عظمى في بناء المجتمعات عبر العصور، إلا أنها تعرضت لأساليب ممنهجة استهدفت النيل من مكانتها فضلا عن التعذيب والحط من شأنها، كما فُرض عليها الامتثال لصور نمطية لا ينبغي عليها الخروج عن أُطرها.
وأضافت أن الفيلسوف والمفكر سقراط لم ينصف المرأة حينما رآها صورة مشوهة عن الرجل، كما كان يراها مثل الشجرة المسمومة تقتل كل طير يهبط على أغصانها، ولم يجد أفلاطون للمرأة مكانة لها بين تصنيفاته الاجتماعية واقترح أن تكون من بين العبيد أو أقل مرتبة وكان يزدري أمه لأنها امرأة، كما أن جان جاك روسو صاحب نظرية العقد الاجتماعي صدّر صورة المرأة الخانعة وقرر في كتاباته أنها مجرد ملقنة يقتصر دورها على العمل الجسدي وتربية الأطفال، واصفة ما واجهته المرأة عبر التاريخ بأنه من أقذر وأحط الحروب الناعمة، خاصة وأن هناك عقائد تحط من شأنها وتقلل قدرها وتراها مخلوق منقوص لا ينبغي عليه الخروج عن الأدوار والصور النمطية المرسومة له.
الثقافة الذكورية والصورة النمطية
وأشارت إلى أن المرأة ثابرت وحاربت تلك المناهج الخارجة عن سياق الطبيعة ونجحت في اختراق تلك الصورة النمطية لتصبح عالمة وفيلسوفة وكاتبة ورائدة فضاء، ورغم الطفرة الكبيرة التي أحدثتها المرأة في مكانتها داخل المجتمعات الحديثة إلا أنها لازالت ممنوعة من مناصب بعينها، ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت سبّاقة في منحها حقوقها السياسية وضمان ترشحها لكل الاستحقاقات الدستورية، لم تنجح في الوصول لرئاسة البيت الأبيض بسبب الثقافة الذكورية واستمرار النظرة الدونية لها ومنعها من تقلد المناصب كما يحدث في بعض المجتمعات التي حالت أعرافها وتقاليدها عن تبوا المرأة مكانتها الحقيقية.
العنف الإلكتروني
أسماء فتحي مؤسسة مبادرة مؤنث سالم، تطرقت خلال كلمتها إلى قضية مستحدثة، تحت عنوان العنف الإلكتروني ضد المرأة، خاصة في ظل الطفرة التكنولوجية التي شهدتها البشرية على صعيد التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أن المرأة تتعرض لعنف في أثناء تواجها على الإنترنت سواء للعمل أو الترفيه، مشيرة إلى أن 60% من السيدات اللائي شاركن في بحث أجرته إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، أكدن أنهن لا يشعرن بأمان على الإنترنت، فضلا عن التحرش والنصب وغيرها من القضايا التي عادة ما تكون فيها المرأة ضحية.
وتطرقت أسماء إلى السبل القانونية لحماية المرأة من تلك الجرائم، في كثير من المجتمعات، مقررة أن المرأة لا تتوافر لديها السيولة المالية لخوض إجراءات قانونية بشأن تعرضها للعنف على الإنترنت نظرا لطول فترة الإجراءات وعدم قدرتها المالية على المتابعة في أكثر من جهة، إلى جانب تعقد الإجراءات ذاتها خاصة وأن كثيرا من مواقع السوشيال ميديا متخمة بحسابات وهمية يستغرق الوصول لأصحابها وقتا طويلا، ودعت الجهات المعنية بحقوق المرأة والمنظمات الحقوقية والأممية بضرورة خلق بدائل وسبل لتوفير الحماية للمرأة عبر الفضاء الإليكتروني ودعمها ماديا ونفسيا، خاصة وأن كثير من الأعمال باتت تمارس عن طريق شبكة المعلومات الدولية.
[1]