عن فتيات التيار اتحدث
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 6672
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
في اطار المراجعة النقدية لتجربة - تيارمستقبل #كردستان سوريا# - تستحضرني تجربة المرأة في تأسيس التيار وتبوأ مواقع قيادية فيه، رغم ان هذه الامكانية لم تكن متاحة في اغلب الاحزاب الكردية الاخرى، فقد انطلق مشروع التيار الوطني الديمقراطي ، وتشارك في إعداده وانطلاقته ، العديد من الاتجاهات الشبابية ، ذات الرؤى السياسية والثقافية والاجتماعية , تلك التي تقاطعت في نقاط مفصلية اساسية , كان جميعها يبحث عن الحقيقة , حقيقة الوجود والمطلب ، رغم إدراكهم صعوبة الوصول الى هذه الحقيقة ، تحت القسر والاستبداد , وتجريف العقل الكردي ، والمزاعم الكثيرة والمسيجة بدوائر الخداع والتزييف ، والنزعة الابوية .
اكد التيار في بيانه التأسيسي على العمل من اجل وحدة الاختلاف وزرع ثقافة الحوار واحترام الاخر المختلف في توجهه السياسي بغض النظر عما يكون موقفه من التيار , على ارضية أن التيار حالة نوعية يؤمن بالتعدد والاختلاف ويسعى الى بلورة مفهوم مدني للتعاون والتعامل , ينطلق من تعزيز المشتركات الوطنية والبناء عليها , بمعيارية الفعل السياسي والمجتمعي المشترك , بعيدا عن عقلية الاصطفاف والتنافر ، وإنما وفق ما استجد من تبعات نضالية , وما تتطلبه من قراءات وأفعال سياسية , تخضع للمتغير السياسي والراهن الزمني , وتبتعد عن التقديس والفردنة ، من حيث أن أي إطار تتحدد أهميته من انسجامه مع الهم القومي ، وقدرته على تبني الفعل السياسي العملي دفاعاً عن ذاك الهم ..
ومنذ التأسيس كان للشباب والشابات الكرديات دور مميز، ومشاركة فعالة ، كالصيدلانية روفند التمو التي تركت مهنتها وتفرغت للعمل السياسي والدعوي في عمل دؤوب طوال اليوم دون استكانة للراحة او شعور بالتعب والملل ، وفي تحد صارخ لعادات المجتمع وتقاليده ، ولألة القمع السلطوية ، والانسة سعاد علي ، وزاهدة رشكيلو وهرفين اوسي ونارين متيني وام رستم والهام احمد واخريات لا تستحضرني اسمائهن ، هؤلاء النسوة عملن بصمت وتفان ، من اجل تجسيد فكر التيار والانتفاض على قيم العائلة والعشيرة الحزبية ، التي كانت لا تهتم بالمرأة وحقوقها الجندرية ، فكان لهن دور كبير في تطوير التيار وتقدم مسيرته النضالية ، وقد حظي هذا الدور، بدعم القيادات الشبابية المهمة مثل خليل حسين وريزان شيخموس ومحمد رسيني وهيبت معمو وانور حفتارو يحيى السلو، كل ذلك اكسب التيار بروزا سياسيا واعلاميا لم يستطع قادة التيار توظيفه واستثماره فيما بعد .
حاول المتربصون الدخول من نقاط محددة لإضعاف مسيرة التيار وكسر ارادته ، وتحديدا من الجانب النسائي ، الا انهم فشلوا في الاختراق وكان لهم بالمرصاد على كل الصعد ، لكن لم تهدأ المحاولات ، لا بل استمرت لإفراغ التيار من نهجه ومضمونه ، وحرفه عن مساره وتدجين معارضته ، والعمل على شقه الى اجزاء مجهرية ، لكن المشكلة التي واجهت هؤلاء عدم معرفتهم بالية اتخاذ القرار ومصدره ، الامر الذي دفعهم الى تحرك سريع لاغتيال دينامو التيار وناطقه الرسمي مشعل التمو ، لقطع مسيرته ، وضرب اوصاله ، وتفكيك روابطه،، وتخفيف اخطاره – هذا ما تم - عندما انقسم التيار على نفسه واصبح تيارات فارغة من أي مضمون او محتوى حقيقي .
بعد المظاهرة الاولى التي انطلقت في قامشلو في الاول من نيسان 2011 تضامنا مع اطفال درعا والتي كان شعارها درعا.. نحنا معاك للموت سارعت هرفين اوسي القادمة من دمشق لتقود المظاهرات بنشاط ونكران ذات ، ولتتصدى لالة القمع السلطوية ، وتشتبك مع الاجهزة الامنية التي حاولت ان تقمع الحراك الشبابي الذي انطلقت مسيرته ولم تتوقف الا بتدخل بعض الاحزاب الكردية التي طرحت مفهوم الخط الثالث ، والنأي بالنفس ، والى ما هنالك من شعارات وممارسات ، كان الهدف منها اجهاض الحراك ووأد النشاط.
لم يغب اسم فتيات التيار عن المظاهرات (زاهدة- هرفين- نارين ) فقد كان لديهن الاستعداد لمواجهة أي شيء ، بما فيه الاعتقال والموت ، وهذا ما حصل لزاهدة رشكيلو عندما اصيبت بطلق ناري ، عندما اغتيل مشعل في وضح النهار، ولازالت حتى الان في المانيا قيد المعالجة .
كانت رسالة هرفين وزاهدة ونارين وكل شباب تيار المستقبل تتلخص في القول: اننا شعب نريد ان نعيش كما يعيش الاخرون – ما في حدا احسن من حدا - وكانت هؤلاء النسوة نموذج للمرأة المقاومة التي تريد ان تفعل شيئا لشعبها ومجتمعها ، نموذج للمرأة التي تريد ان تستعيد الوطن في صورته الحقيقية بما هو وطن الجميع ، على قاعدة المواطنة المتساوية ، والاعتراف الدستوري بحقوق جميع المكونات ، وحل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية .
لقد حاولت بعض الاحزاب الكردية في ذلك الحين اسقاط التيار والتشهيربه ، بسبب سياساته النقدية والتجديدية ومناوئته لشمولية السلطة واستبدادها ، وفي الحقيقة في هذا كان ، ادانة لهم ، وسقوط لتجربتهم التقليدية ، التي لم تستطع التفاعل مع الحدث الثوري الذي وقع .
اليوم يحاول تيار مستقبل كردستان سوريا باعتباره الامتداد النضالي لتلك التجربة الغنية بالدروس والعبر، بالإخفاقات والنجاحات التي لم تستطع الاستمرار في الصعود ، بعد اغتيال عميد شهداء الثورة السورية مشعل التمو ، وخاصة على الصعيد التنظيمي ، والية المشاركة والتفاعل مع الواقع الموضوعي ، وبناء حالة وطنية كردية معارضة للاستبداد ، والدفاع عن القضية الكردية من منظور سوري ، وليس تنفيذا لأجندات او تعليمات قادمة من خارج الحدود كل ذلك دفع السلطة السورية وحلفائها الاقليميين والمحليين الى ضرب التيار وتقسيمه الى مجموعات لا وزن لها ولا تأثير .
من هنا، اناشد الجميع ، ممن لا زال يرتبط بتلك التجربة وبالأحلام والافكار التي امن بها مجموعات وافراد ، المبادرة الى التحضير لعقد مؤتمر توحيدي ، لتأطير الطاقات ، واعادة الحياة الى ذلك المشروع التجديدي ، الذي كان رهاننا جميعا عليه ، من اجل اصلاح احوال الحركة ، واحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي الكردي السوري ، وتحقيق اهداف وطموحات شعبنا في اطار تعزيز المشتركات ، والظفر بالحقوق السياسية والديمقراطية.[1]