قراءة سريعة في بيان عين عيسى #17-12-2019#
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 6442
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
رغم ايماني بالمشروع القومي الكردي الا ان هذا الايمان لا يعيق العمل في اطار الوطنية السورية وبناء دولة المواطنة المتساوية التي تطمح الى تحقيق الحرية والديمقراطية والمساواة والشراكة الحقيقية وانهاء الاستبداد والهيمنة والاستئثار والاقصاء....الخ وفي هذا السياق يمكن النظر الى ما سيأتي لاحقا من قراءة سريعة في بيان الادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بالرغم من الاصوات الرافضة – معظمها في الخارج- لأي حوار او لقاء مع تيار الادارة الذاتية بمسمياتها المختلفة لأسباب باتت معروفة للجميع . فالبيان اشار الى عدم وجود عوائق قانونية امام المجلس الوطني الكردي من اجل فتح مكاتبه التنظيمية والحزبية ومزاولة نشاطه السياسي والاعلامي والاجتماعي دون الحاجة الى موافقات امنية مسبقة واسقاط الدعاوي والقضايا المرفوعة امام القضاء بحق شخصيات وقيادات المجلس الوطني الكردي المقيمة خارج البلاد دون اية استثناءات ودون وجود اية عوائق لانتقالهم الى روجافا وعموم شرق وشمال سوريا وممارسة نشاطهم بكامل الحرية اضافة الى تشكيل لجنة مختصة لتقصي الحقائق والتحقيق في ملف السجناء والمغيبين ومشاركة جميع نتائج اللجنة مع المجلس الوطني الكردي وقيادة قسد في اقرب وقت
لقد جاء مضمون البيان كما اشار في المقدمة بناء على مبادرة قوات سوريا الديمقراطية لخلق وتعزيز اجواء الثقة بين الادارة وبين المجلس الوطني الكردي ولعب دور المفتاح الاساسي في حل الخلافات وانهاء الصراعات الكردية- الكردية حيث تضمن معظم ما كان يطالب به المجلس الوطني الكردي باستثناء عدم حسم ملف المعتقلين والمغيبين .
للمرة الاولى يتحدث بيان الادارة الذاتية عن المشاركة الفعلية مع المجلس الوطني الكردي وتوحيد الخطاب الكردي في سوريا ، وبناء هذه الشراكة على اساس الندية التي طال انتظارها رغم العديد من الاتفاقات – هولير ودهوك- والمبادرات التي اطلقت من قوى وشخصيات محلية ودولية كالمبادرة الفرنسية . حيث شكل البيان تطوراً نوعياً من حيث العمل على تحقيق اجراءات بناء الثقة – الغير مكتملة بعد- كي تضع حدا للصراعات الاعلامية والسياسية التي كانت تجري في المراحل السابقة بغرض الدفاع عن الذات الايديولوجية او للحظوة بما هو قائم او التحكم واكتساب مساحات اضافية كما ان اسقاط التهم السابقة عبرازالة العوائق امام من هم في الخارج والسماح بحرية العمل والعودة الى الوطن ينهي أي مبرر حقيقي لبقاء هؤلاء في الخارج تحت حجج وذرائع باتت في مهب الريح ، فعودتهم الى الداخل والعمل بين الشعب الكردي والدفاع عن حقوقه ومصالحه بعيدا عن المزايدات او الاسباب الموجبة التي بررت لهم بعض البطولات بات ضروريا الان .
انتظر الوطنيون كثيرا وهم يتمنون الوصول الى هذه اللحظة التي جاءت متأخرة بسبب الخسارات التي حصلت في عفرين وكري سبي وسري كانيه الا انها خطوة مهمة في حماية ما تبقى من الوجود الكردي تجاه شرور الاحتلال والاستيلاء على الممتلكات فالحاجة الى وحدة الموقف الكردي تبرز الان اكثر من أي وقت مضى بسبب التدخلات الاقليمية والدولية المروعة والاتفاقات الاخيرة والتي بموجبها شرعنت احتلال اراضي كثيرة من كردستان سوريا وادت الى القتل والتدمير واستمرار الخطر على الجزء المتبقي منها ضمن التوازنات القائمة .
ان توحيد المطالب الكردية الوطنية والديمقراطية والحضور القوي والمكثف في اللجنة الدستورية وفي الحل السياسي القادم وكسر هيمنة الدولة المركزية القائمة والمتأثرة بالأيديولوجية الشوفينية في تعصبها لقوم ولغة وثقافة واحدة بعيدا عن الهوية الوطنية الجامعة والاعتراف بحقوق جميع المكونات والاثنيات يشكل عملا اساسيا في المرحلة القادمة وانفلاتا من المكبس المطبق على الكرد ومن السيل الجارف الذي يتهددهم .
لا يمكن اكتشاف النوايا الحقيقية لتنفيذ مضمون بيان الادارة الذاتية الا بالعمل والمساعي والجهود الدؤوبة والمركزة كعمل مجسد في الممارسة اليومية والاستراتيجية في ظل الواقع القائم للسلطة والمعارضة .
لابد من البحث الجدي والمشترك عن نموذج جديد لحل القضية الكردية في سوريا خارج النزعة الالغائية والاقصائية والانفصالية بحيث يستند الى الاعتراف الدستوري والقانوني بالشعب الكردي في سوريا ويتسم بسمات خاصة لها علاقة حميمية مع الحرية الثقافية واللغوية والديمقراطية ويتوافق مع معظم الحقائق التاريخية والجغرافية والاجتماعية والتي تخلق ارضية خصبة لتعايش الشعوب وبناء الاوطان على اسس الوحدة والتكامل من جهة وعلى الامن والسلام من الجهة الاخرى فهل تفعلها القوى الكردية وتكون على مستوى التاريخ ...![1]