تقرير عن الهجمات التركية على أراضي “روج آفا” في إقليم شمال وشرق سوريا
ندى حسين ملكي
العدوان التركي المتصاعد على مناطق شمال وشرق سوريا بشكل كبير تجاوز كل الحدود، وهو يندرج تحت بند الإبادة الجماعية في مناطقنا، حيث لم نرَ هكذا إجرام واعتداء إلا ما قامت به النازية في الحرب العالمية الأولى والتي وضعت أسس ومبادئ الإجرام والإبادة الجماعية، ووفق ما صاغه المحامي البولندي رافائيل ليمكين 1959 تعبير الإبادة الجماعية أول مرة في كتابه حكم المحور في أوروبا المحتلة في عام 1944 حيث كتب:
– بشكل عام جريمة الإبادة الجماعية لا تعني بالضرورة التدمير الفوري والمباشر لأمة وإنما القصد من هذا المصطلح الدلالة على خطة منسقة من أفعال مختلفة تهدف إلى تدمير الأسس الجوهرية لحياة الجماعات القومية بهدف إبادة الجماعات نفسها قد تكون غايات مثل هذه الخطة حل المؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية واللغوية والمشاعر القومية والدين والوجود الاقتصادي للجماعات القومية وتدمير الأمن الشخصي والحرية والصحة والكرامة وحتى حياة الأفراد الذين ينتمون إلى هذه الجماعات.
-الإبادة الجماعية موجهة ضد الجماعة القومية بصفتها وحدة Entiy والأعمال المقصودة موجهة ضد أفراد ليس بصفتهم الفردية لكن بصفتهم أعضاء لهذه الجماعة.
فعندما نقارن ما كتبه المحامي رافائيل بما مر معنا نجد بأن أفعال المحتل التركي ترقى إلى الإبادة الجماعية، فهو عَمَدَ إلى تدمير البنية الاقتصادية وهو يهدف من خلالها إلى تفكيك المجتمع وتجويعه، فبتدمير مرافق الغاز والكهرباء والمياه ومخازن الحبوب والمدارس هو تماماً ما يندرج تحت بند الإبادة الجماعية.
عندما يقوم بضرب معمل الأكسجين والمرافق الصحية ونسف مشفى كامل لتدمير البنية التحتية لقطاع الصحة هو تماماً إبادة جماعية تحت بند تدمير الصحة.
الاستهدافات الفردية والجماعية التي تعرض لها أصدقاؤنا ورفاقنا، وإذا وددتم نورد لكم قائمة بالحدود الدنيا من ألف شخص تم استهدافهم من قبل هذا المحتل التركي، جريمتهم الوحيدة هي أنهم أعضاء في الإدارة الذاتية وهو تماماً يعبر عن مصطلح إبادة جماعية.
عندما يتم استهداف المدنيين وتعريض أمنهم الشخصي وحياتهم للخطر هو تماماً إبادة جماعية.
عندما يتم استهداف المراكز السياسية والإدارات المدنية هو تماماً يستهدف حل المؤسسات السياسية والاجتماعية والثقافية للجماعة وهو إبادة جماعية.
مما ذكرنا سابقاً حاولتُ أن أسقط ما ذكره المحامي رافائيل على ما نتعرض له من هذا العدوان السافر من دولة موقعة على بنود، تعريف الإبادة الجماعية، أي أنها على دراية كاملة بأنها تقوم بمخالفة ما وقّعَت عليه، وهذه الأفعال والممارسات التي قامت بها تركيا تُعَدُّ جرائم وفق القانون الدولي الإنساني العام، وينبغي أن يُحال مرتكبو هذه الجرائم إلى المحاكم الدولية المختصة لينالوا جزاءهم العادل.
فبحسب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما 17\7\1998 ووفق المادة \5\، تُشكل الجرائم التالية 1- جريمة الإبادة الجماعية
2- الجرائم ضد الإنسانية
3- جرائم حرب
4- جريمة العدوان
أولاً: جريمة الإبادة الجماعية (الجينوسايد) وفق المادة \6\ أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكاً كليا أو جزئياً
أ قتل أفراد الجماعة.
ب إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
ت إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً، وعليه فإن الجرائم المرتكبة من قبل النظام التركي ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية قانوناً.
ثانيا: الجرائم ضد الإنسانية: عرفت المادة \7\ من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم وتم شرحها في مقدمة التقرير.
تشمل الإبادة تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء بقصد إهلاك جزء من السكان وبالتالي ضرب مرافق الحياة من قبل تركيا ترقى إلى جرائم ضد انسانية.
عرفت المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم حرب – يكون للمحكمة المختصة بجرائم الحرب ولا سيما عندما ترتكب في إطار خطة سياسية عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.
لغرض هذا النظام الأساسي تعنى جرائم الحرب
أ الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة #12-08-1949# أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:
1 القتل العمد
2 إحداث معاناة أو الحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.
ب إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.
ت – الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الولي أي فعل من الأفعال التالية:
1 تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.
2 تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية.
3 تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ما دامو يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين والمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة.
4 تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن أصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة والملموسة المباشرة.
5 تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة الا تكون أهدافاً عسكرية.
6 إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة.
7 تعمد توجيه هجمات ضد المباني والموارد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد الذين خصصتهم اتفاقية جنيف طبقاً للقانون الدولي وبالتالي فإن الجرائم المرتكبة من قبل النظام التركي ترقى إلى جرائم الحرب.
جريمة العدوان:
أحالت الفقرة 2 من المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة مفاده وحسب الفقه الدولي فإن اعتداء أي دولة على أراضي دولة أخرى وقصف مدنها وقراها وبنيتها التحتية يشكل جريمة عدوان، وعليه وعلى كل ما ذكر سابقاً ندعو الأمم المتحدة ومحكمة الجنائيات الدولية ومحكمة العدل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان العالمية أن تقف على هذه الجرائم وتحاسب الدولة التركية وفق المواد المنصوص عليها والتي وقعت عليها تركيا كطرف في الاتفاقيات وتوقف العدوان فوراً وتلزم الدولة التركية بالتعويض عن الأضرار الجسيمة الناتجة عن عدوانها وفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية وفق العدل والقانون.[1]