حرب اقتلاع الزيتون من جذورها، وروح الوطنية متمسك بإعادة الجذور إلى أصلها
محمد علي
هكذا أردنا عنواناً لمقالتنا هذه، والتي نريد من خلالها تسليط الضوء على الاحتلال التركي البغيض لسوريا، ومنها عفرين بعد ستة أعوام من التنكيل والتهجير والقتل وممارسات لا أخلاقية بحق المواطنين للكرد الأصليين.
في عفرين الآن ما زال آلة حرب الإبادة العرقية والثقافية والاجتماعية لا مثيل لها وفريدة من نوعها والمنافية لكل القيم والأعراف الانسانية مستمرة بكل عنجهية، ويمكن اختصارها بجملة واحدة؛ إنها ممارسة جينوسايد والتغيير الديموغرافي للهوية الجغرافية والتاريخية لمدينة عفرين برمتها، وبالرغم من مرور الأعوام الستة على احتلالها، فهذه الدولة الفاشية ما زالت مستمرة في توغلها اللاأخلاقي من الانتهاكات بحق الشعب الكردي في هذا الاقليم الذي كان آمناً وتحت حجج ومسميات لا معنى لها، فقط لها معنى واحد ووحيد، هو الحقد والكراهية الدفينة والتاريخية للحقيقة المعروفة باسم قضية حرية الشعب الكردي وأصالة وجوده عبر التاريخ الحضاري من بين شعوب الشرق الاوسط. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا أصبحت هذه القضية عقدة تاريخية لدولة الاحتلال التركي المارقة؟
فالرد على هذا السؤال بسيط وواضح إلا للذين يعمهون وعن سبق وإصرار وقصد، لأن هذه الدولة القومية المبنية أساساً على جذور وثقافة شعوب الشرق الأوسط وبالأخص#الشعب الكردي# ، كون لهذه الدولة تاريخاً طفيلياً ولا جذور لها من حيث العراقة والثقافة والحضارة، ولا يمكن أن تثبت وجودها الطبيعي من دون إنكار وابادة وجود ثقافات غيرها من الشعوب والاخص الشعب الكردي، ولهذا فقضية وجودنا الاجتماعي والثقافي والسياسي هي عقدة وجودها التاريخي، فحقيقة عندما يتم الحديث عن الدولة القومية بشكل عام والتركية بشكل خاص ينتابني شعور أكاد أن لا أتمالك نفسي وأقول: أهذا هو إله الشر الذي ورد ذكره على لسان النبي والفيلسوف “زرادشت” وأكد ذلك معظم الاديان السماوية والوثنية؟ أم هي أبعد من ذلك؟ لا بل أقول إنها خلاصة قذارة الامبراطوريات والانظمة الاستبدادية الموغلة في الممارسات الوحشية بحق الامم والشعوب المغلوبة على أمرها والمختزلة في شخصية حكومة كل من حزبي العدالة والتنمية وحركة القومية الفاشية المعروفة بالتحالف الاردوغاني وبخجلي الفاشيين، الأولى الاسلاموي الشوفيني والثاني القوموي الفاشي، ولعلي لست مبالغاً فيما ذهبت إليه أعلاه، لأن الممارسات اليومية في الواقع الحالي في عفرين وعلى مرأى ومسمع العالم؛ تؤكد على ذلك حيث نرى ونسمع يومياً منذ أول أيام احتلال عفرين وإلى يومنا هذا وبعد دخولنا للعام السابع، كافة الممارسات المنافية للقيم الانسانية مستمرة، أفلا تذكرنا قتل الكردي على الهوية وسبي النساء وزجهم في السجون والاعتداء النفسي والجنسي وفرض الاتاوات وتجريف الاراضي والمواقع الأثرية التاريخية وحرق الأشجار المثمرة واقتلاعها من الجذور والمتاجرة بها، بنفس الممارسات الوحشية التي مارستها الفاشية التركية في كل من ديرسم ووادي زيلان وروبوسكي؟
نعم إنها دولة لا تعرف حدوداً من القواعد الأخلاقية وتقوم بانتهاكات لا تخطر حتى على بال إبليس أو أية قوى استعمارية غاشمة.
ولكن لِمَ كل هذا الاستغراب؟ ألا يقولون، إن هتلر قد أخذ الدروس وفنون الإبادة العرقية من النظام والدولة التركية أيام الاتحاد والترقي في ذهنية اتاتورك اللعينة، ومع ذلك فالمقاومة في وجه هكذا نوع من الاحتلال الشرس والقذر ستكون أيضا مميزة وفريدة من نوعها.
صحيح تم احتلال عفرين أرضاً، ولكنها روحاً وشعباً ما زالت مرفوعة الهامة وصامدة أمام كل التحديات والممارسات والسياسات التي تحاك بحقها، فبالرغم من التهجير القسري فشعبنا ما زال يكافح ويناضل في الشهباء ضمن كل الشروط والظروف القاسية متحدياً كل ممارسات الاحتلال التركي والنظام السوري من فرض الحصار والحرمان من أسباب الحياة وضمن امكانياته البسيطة، يقاوم ولن يتراجع قيد أنملة عن هدفه الأسمى ألا وهي العودة المشرفة إلى عفرين أرض الآباء والأجداد، والدليل الدامغ على ذلك هو التفاف شعبنا حول قواته وإدارته الديمقراطية رغم كل المعاناة اليومية وعلى حساب جوع ومرض ابنائه ومع ذلك لا يتخلى عن العودة الى الجذور، ومن هنا نناشد الانسانية والاحرار في العالم وكل القوى الديمقراطية التواقة الى الحرية للقيام بواجبها تجاه شعب عفرين والشعب السوري الوطني الشريف عامة للوقوف الى جانبه لأنه القوة الوحيدة في سوريا تحارب الارهاب الداعشي نيابة عن العالم، وكذلك ننادي كل القوى والأطراف الدولية ومنظمات المجتمع المدني والامم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات حقوق الانسان: كفاكم هذا الصمت المخجل والمذل، وعليكم التخلي عن المعايير الازدواجية في التعامل مع القضايا وبالأخص الشرق أوسطية، ومنها قضية حرية الشعب السوري والكردي في وجه الاحتلال والاستبداد والدكتاتورية، فنحن من نعاني مرارة القهر والظلم والتنكيل من إرهاب الدولة التركية الداعشية نيابة عنكم، ومناداتنا لكم ليس توسلاً، وإنما تنبيه للخطر الكارثي القادم إذا ما استمر صمتكم المخزي حيال داعمي الإرهاب في سوريا وبالأخص الاحتلالين التركي والإيراني، وها نحن قاومنا ونقاوم وسنقاوم اعتماداً على قواتنا الذاتية وبإمكانياتنا المتواضعة لأن المقاومة هي الخيار الوحيد لشعبنا التواق الى ِالحرية والسلام والعدل الانساني
ومن الواضح أن هجمات الاحتلال التركي الاخيرة على اقليم شمال شرق سوريا أهدافها كانت جلية وهي من أجل فرض الخناق على الادارة الذاتية والتجربة الديمقراطية الرائدة في سوريا، ولأجل تهجير السكان الاصليين الى الخارج، وإلا فلماذا تقوم تركيا بتدمير المراكز الحيوية والمعيشية في هذه الجغرافيا الآمنة من سوريا؟ أليس تجويع الأهالي ومن ثم توجيههم نحو الهجرة هي مقصدها؟ وخاصة بعد فشل دولة الاحتلال التركي الذريع في محاولتها التآمرية مع الجهات المشبوهة من المرتزقة والنظام السوري وحتى الروسي في الضغط على الادارة الذاتية لتسليم نفسها الى النظام السوري، نعم هكذا كانت النوايا ولا زالت، إلا أن شعبنا وقواه السياسية والعسكرية قد قالت كلمتها الأخيرة، وأصبح التلاحم بين الشعب والإدارة الديمقراطية أكثر متانة وقوة من السابق لأنهم قد انتهلوا معرفتهم ووعيهم وايمانهم من نظرية الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب المستند الى فكر وفلسفة الكونفدرالية الديمقراطية للشعوب لقائدها ومفكرها العظيم عبد الله أوجلان.ِ[1]