الحصار الروسي للمخيمات
سليمان جعفر
يُخطئ من يعتقد أن حكومة دمشق تحاصر مهجَّري #عفرين# في مخيمات الشهباء، فحواجز النظام ليست سوى مُنفِذة للأوامر الروسية التي تفرض الحصار فعلياً، وإليكم الدليل:
قبل أن تهاجم تركيا ومرتزقتها مقاطعة عفرين عام 2018، وصلت قوات روسيَّة تحت مُسمَّى (المصالحة)، وذهبنا كَوَفْدٍ للترحيب بهم وإبداء استعداد الإدارة لتلبية ما يلزمهم،
وأثناء وصولنا؛ كان رئيس المركز بانتظارنا، وعندما صافحناه، كان الإعلامي المرافق يلتقط الصور، فانتفض الضابط الروسي وكأن ثعباناً لدغه، وقال بلهجة غاضبة: لا أسمح لكم بنشر صوري معكم!!!، وكان تحليلنا لتصرُّفه هو أن دولته قد يكون لها يد في مؤامرة ما ضد عفرين، وتأكد صحة تحليلنا عندما أضاءت روسيا الضوء الأخضر لتركيا كي تغزو عفرين.
بعد تهجيرنا قسراً من ديارنا ونزوحنا إلى مقاطعة الشهباء استمر المحتل التركي باستهدافنا في المخيمات لإرغامنا على الابتعاد عن عفرين. ذهب وفدٌ آخر من مقاطعتي الشهباء وعفرين ليضع مركز المصالحة الروسي في الشهباء بصورة الوضع والطلب منهم بالتدخل لدى الجانب التركي لوقف قصف المنطقة (كون روسيا دولة ضامنة)، فقال الضابط الروسي: لن نرفع السلاح بوجه تركيا “كُرمى عيونكم”!! إن كنتم تريدون السلامة فككوا هذه المخيمات وغادروا هذه المنطقة!!!
قال له أعضاء الوفد: إلى أين تريد أن يذهب قرابة مائة وخمسون ألف عفريني معظمهم أطفال ونساء وشيوخ؟ فقال لهم: هذه مشكلتكم!!
تتالت اللقاءات بين الإدارة الذاتية ومركز المصالحة الروسي بغية تأمين مقومات الحياة للمهجرين، وبعد كل جولة لقاء مع الروس تبدي فيها الإدارة إصرارها على الصمود والمقاومة للعودة الى عفرين، كانت دولة الاحتلال التركي ترتكب مجزرة وعلى مرأى ومسمع مركز المصالحة الروسي.
الحصار الحالي ليس الأول، فقد تم محاصرة المهجّرين منذ وصولهم الى مناطق الشهباء وحتى هذه اللحظة، ولكن الحصار الحالي أشد وأقسى، حيث توقفت مولّدات الكهرباء منذ يوم 25 تشرين الثاني نتيجة نفاد المازوت، وكافة المخيمات ومناطق الشهباء تعيش في ظلام دامس، والأفران ومضخات المياه ستتوقف عمَّا قريب نتيجة النفاد الحتمي لما يمتلكونه من المازوت الذي يُمنع دخوله الى الشهباء منذ أكثر من شهر، أما أكثر القطاعات التي تأثرت بالحصار فهو قطاعي التعليمي والصحة.
فالقطاع الصحي أصيب بشبه شلل نتيجة منع دخول الأدوية والمازوت، مما اضطرت إدارة المشفى بتقليل خدماته الى الحد الأدنى والاقتصار على قبول الحالات الإسعافية الخطرة، وهذا الأمر أدى الى وفاة طفلتين حتى الآن.
أما فيما يخص القطاع التعليمي، فقد تم إلغاء الدوام في المدارس نتيجة عدم توفر المازوت للسيارات التي تنقلهم من وإلى مدارسهم.
وفي كل حصار كُنَّا نناشد المنظمات الدولية والإنسانية لحث النظام على رفع الحصار دون جدوى، أما الآن فلن نناشد أية منظمة، بل نناشد أصحاب الضمائر الحية، عسى أن تتحرك فيهم النخوة تجاه فئة من الوطنيين السوريين الذين يشكلون درعاً لحماية حلب، بل كل سوريا، لأنهم عندما يغادرون الشهباء ستحتل تركيا حلب، ولن يتحقق الحلم التركي إلا بموافقة الروس، وها هم الروس ولاعتبارات سياسية يستثمرون حاجة المهجرين لتحقيق مصالحهم، ولكن غاب عن مخيلتهم أن مهجَّري عفرين قد أقسموا بأن أمامهم طريقين لا ثالث لهما، فإما العودة إلى عفرين بعد تنظيفها من الأدران، أو الموت هنا في مناطق الشهباء. [1]