حزب العمال الكردستاني شوكة في حلق الفاشية التركية
كورديار دريعي
دأب النظام الفاشي التركي على الإعلان كل فترة عن أنه قضى على حزب العمال الكردستاني PKK بشكل شبه نهائي، وأنه لم يتبقَ من الحزب سوى عدد من الأعضاء الذين سيُقضى عليهم لاحقا!! طبعاً هذه التصريحات ليست وليدة شهر أو شهرين، سنة أو سنتين، وإنما هي وليدة تأسيس الجمهورية التركية منذ 1923، حيث وبعد كل مجزرة ارتكبتها الفاشية التركية وبعد إخماد كل ثورة كردية لم تتوانَ القادة الأتراك عن الإعلان من أنهم قضوا على القضية الكردية نهائياً، بدءاً من مصطفى كمال أتاتورك مروراً ب “كنعان أفرين” وليس انتهاء بأردوغان، ولكن الواقع أثبت أن كل الحكومات والرؤساء السابقين رحلوا وبقيت القضية الكردية عصيّة على الإنهاء رغم كل الإبادات والمجازر الوحشية.
وبالعودة إلى حزب العمال الكردستاني، فإن الدولة التركية ومنذ تأسيس الحزب 1978 بدأت بإعلان الحرب عليه، ولم يكن الانقلاب العسكري 1980 بقيادة الجنرال “كنعان افرين” في جانبه الأوسع إلا للقضاء على بروز الحركة الكردية في شمال كردستان وصعود اليسار في تركيا، ورغم كل الاجراءات الفاشية، وزجّ الآلاف من المناضلين الكرد في السجون وملاحقة كوادر العمال الكردستاني في الجبال، تمكَّنَ الحزب في 1984 من إعلان انطلاق الكفاح المسلح ضد الفاشية التركية، ورغم عدم وجود تكافؤ في الإمكانات والتسليح والعدة والمساندة القوية لحلف الناتو لتركيا إلا أن حزب العمال الكردستاني صعّد من نضاله وطوره وألحق بالجيش التركي خسائر كبيرة، مما اضطرت الدولة الفاشية التركية الى اتباع سياسة الأرض المحروقة والتهجير القسري للكرد من قُراهم وإحراق تلك القرى أملاً في محاصرة “كريلا” حزب العمال الكردستاني وعزلهم عن الشعب أو عن أية إمكانية للاستفادة من القرويين سواء تنظيمياً أو لوجستياً، ففي التسعينيات دمرت تركيا أكثر من 5000 قرية، ومع ذلك لم تستطع القضاء على حزب العمال الكردستاني رغم تكرارها للتصريحات المكررة حول القضاء على الحزب، وقد أدرك الرئيس التركي الراحل “تورغوت أوزال” حقيقة عدم جدوى الاسلوب العسكري في حل القضية الكردية، ولذلك دعا في 1993 إلى حل سلمي داخلي للقضية الكردية، وهو ما أودى بحياته، بغض النظر عمَّا تقوله تركيا عن أسباب وفاته المفاجئ، ولتتجدد المواجهات بين الجيش التركي وثوار حزب العمال الكردستاني الذين أوصلوا الاقتصاد والوضع السياسي التركي إلى الحضيض، لتتدخل الناتو بقيادة أمريكا ووفق مخطط قذر أدى إلى اعتقال المناضل “عبد الله أوجلان” الذي تحول من قائد للحزب إلى قائد للشعب وتسليمه لتركيا في 1999 ومع ذلك بقي الحزب رغم ما وضعه دوائر المؤامرة من آمال على تفكك وانهيار حزب العمال الكردستاني بعد اعتقال القائد اوجلان، ومع مجيء حزب العدالة والتنمية الأردوغاني إلى سدة الحكم في 2002، سعت تركيا إلى تصفية حزب العمال الكردستاني من خلال اتباع سياسة الخداع والمناورة والادعاء بأنها ستحل القضية الكردية سلمياً، وما كان زيارة رئيس اقليم كردستان السابق مسعود البرزاني برفقة الفنان شفان برور إلى آمد وحضور أردوغان برفقة الفنان المستترك إبراهيم تاتليس في 2013، إلا مسرحية أردوغانية تركية لتمرير مخططه في جر حزب العمال الكردستاني إلى التصفية تحت يافطة مفاوضات السلام، وهذا ما تكشف في 2015 حين أعلن اردوغان الحرب على الشعب الكردي بعد أن كان في مفاوضات مباشرة مع القائد أوجلان الذي عمل كل ما في وسعه لتحقيق السلام المشرف في تركيا وباكور كردستان، ومنذ 2015 وحتى الآن قامت الفاشية التركية الأردوغانية بعشرات الحملات العسكرية على باشور كردستان وجبال قنديل وتعلن في كل مرة أنها دمرت حزب العمال الكردستاني، ليعود الكريلا ويصفعون أكاذيب تركيا بالمزيد من المقاومة وتوجيه الضربات القوية لجيشها المهزوم معنوياً في جبال كردستان، ومؤخراً وفي 27-11-2023 أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، تنفيذ هجمات عسكرية في 6 ولايات في كردستان الشمالية ضمن عملية كهرمانلار-30، ووفق وزير الداخلية، استهدفت الغارات تنظيم حزب العمال الكردستاني، وأسفرت عن تدمير 63 كهفًا وملجأً ومستودعًا، هذا التصريح بحد ذاته يعبر عن فشل أردوغان وفاشيته في تحقيق حلمه العثماني وعنجهيته في القضاء على حزب العمال الكردستاني، حيث كان يعلن دائماً أن الإرهاب – بحسب وصفه يأتي من خلف الحدود، فكيف إذاً يقوم بعمليات داخل الحدود التركية ويعلن تدمير العشرات لا بل المئات من مخابئ ونقاط حزب العمال الكردستاني؟ والحال هذه إذاً، أليس من حقنا أن نسأل اردوغان: من أين جاءت كل هذه النقاط والكهوف والمواقع للحزب داخل شمال كردستان؟ فتصريح وزير الداخلية التركي بحد ذاته اعتراف بأن حزب العمال الكردستاني ليس في جبال قنديل فحسب، وإنما هو في داخل شمال كردستان، وأن كل التصريحات الأردوغانية وقيادات جيشه الفاشي ما هي إلا أكاذيب رخيصة للتسويق الداخلي، وأن الكريلا أقوى من أن ينهيها نَمِرٌ مِنْ وَرَقْ مثل اردوغان الذي سيرحل كسابقيه، وسيبقى الحزب شامخاً وشوكة في أعين الفاشية التركية إلى أن ينال القائد أوجلان حريته الجسدية وينال الشعب الكردي حقوقه.[1]