المجتمعات هي من تصنع السلطة، والفلاسفة هم من يوجهون المجتمع
نعيمة عبد اللطيف
والمجتمع الكردي، بعد انهيار الإمبراطورية الميدية، وبعثرته في الشتات الذي افتعله أعداءه، واللعب على أوتار العاطفة والدين، حيث إن الكرد بطبيعتهم يمتلكون جوهراً إنسانياً لا يمتلكه أو قل مثيله في عالمنا أو العالم الجديد، وهذه نقطة ضعف كانت حجر عثرة في طريقهم، ولذا كان الكُرْد بأشد الحاجة لمن يجمع شتاتهم ويضعهم في دائرة العودة والتفكير والتذكير بذاتهم ووطنيتهم وقضيتهم المغتصبة والمسلوبة من قبل جميع الحكام والدول، وهذا يحتاج إلى شخص مُدْرِك لما يدور حوله، فيلسوف وخبير بمَوَاطِنِ الضعف والقوة، وفكِّ رموز شيفرة التاريخ ومراحل تطور المجتمعات.
ووَسْطَ هذا التخطيط الذي كان يحيط بالكرد وانجرارهم لألاعيب القُوى المستعمرة والمحتلة لأرضهم وشخصيتهم واستعبادهم من قبل الدول القائمة على سلب الأرض والعبد، كان لا بد من وجود شخص فيلسوف وقائد يقود ثورة لخلاص شعبه من نير العبودية، وبإدراك القائد “عبد الله أوجلان” للوضع الكردي المتأزم والتهاوي نحو الانحلال، اتخذ قراراً حاسماً، وبدأ الثورة بكلمتين (كردستان مستعمرة).
وهذه الثورة، ما كانت لها دور في تحرير الشعب الكردي لو لم تحتوي في جوهرها ثورة المرأة وتحرر الذهنية من القوالب المقيدة للمرأة الكردية خاصة والمرأة في العالم التي تئنُّ تحت وطأة أغلال وسلاسل العبودية.
وهو شرط للوصول إلى إنجاح الثورة الثانية والأشمل، والقائد أوجلان يرى من هذا المنظور للتخطيط لعالم مزدهر، خالي من أطماع الرأسمالية وجشعها، بالعودة إلى طبيعة (الايكولوجية) لخوص غمار المساواة والشراكة ببناء شرق أوسط حر ديمقراطي بالتعايش السلمي الذي هو أساس التغيير والتطور المجتمعي.
ونضال المرأة إلى جانب الرجل في جميع الميادين هو الطريق الأنسب لتحرر المجتمعات، والكرد في الشرق الأوسط يهدفون بنضالهم إلى تحرر شعوب الشرق الأوسط كافة ومنه إلى عالم متحرر دونما استغلال أو اضطهاد لأي شريحة أو جنس أو غير ذلك… الذي يتسم بخصائص الطبيعة الخالية من التسلط والاستغلال هي سمات اتخذته المجتمعات في بداية تكوينه.
غير أن الرأسمالية والطبقية اقتلعته من جذوره وأبعدته عن هذه الخصائص وغرست فيه الجشع والطمع وحب الذات.
لذا قام القائد عبد الله أوجلان بفكره وبفلسفته بثورة مجتمعية شاملة لإعادته إلى جذوره، كل هذا تطلّب مواجهة الذهنية التي امتدت لآلاف السنين والدول الرأسمالية والقومية والفكر المتطرف الأحادي الذي يمثل النظام التسلطي القمعي. وتتطلب محاربة عظيمة للوقوف في وجه هذا النظام الهرمي المتوارث منذ آلاف الأعوام وإحلال كونفدرالي مجتمعي.
وهذه الايديولوجية والفلسفة وَضَعَتْ الأنظمة القمعية العالمية في دائرة الخطر المحدق بها، فما كان منها إلا تدخلت في حبك المؤامرات والاتفاقات فيما بينها، وقد بدأتها في مؤامرة قد تكون الأولى من نوعها في التاريخ، فاجتمعت الدول العظمى القومية على كلمة واحدة واشتركت في مؤامرة دولية كُبرى لاعتقال وأسر فيلسوف العصر الحديث القائد “عبد الله أوجالان” وتسليمه إلى الدولة الفاشية التركية؛ لتبدأ مرحلة جديدة في عهد ثورة الشعوب وثورة المرأة.
ورغم أن #الشعب الكردي# لم يهدأ في مواصلة نضاله ومقاومته على جميع الجبهات ووصلت الثورة إلى أصقاع العالم، ورغم إيمان الكثير من الشعوب بهذه الثورة والانضمام إلى المقاومة واتحدت في سبيل كسر الأسوار المحيطة بإمرالي بهدف وغاية تحرير القائد من السجن كمطلب رئيسي للوصول إلى حرية الشعب الكردي لأنه يمثل الركيزة الأساسية لتحرير الشعوب في الشرق الأوسط والذي سينطلق منه الديمقراطية مثلما انطلقت وتوزعت الحضارة من قلب ميزوبوتاميا نحو العالم، لكن الأهم هو تكثيف الجهود، لتحرير القائد الذي هو أمل الشعوب في بناء الديمقراطية المنشودة، بتوحيد الصفوف في الداخل والخارج والعمل على نشر فكر القائد وإيصاله لاتجاهات العالم وكل المجتمعات وتكاتف المنظمات والشخصيات الحقوقية العالمية وتوحيد جهودهم عبر المحاكم الدولية ببناء لجان من أساتذة أكفاء بالقوانين الحقوقية والدولية، عندها تتوحد الجهود من خلال النداءات الشعبية والحقوقية والقانونية في العالم لفتح أبواب إمرالي وتحرير القائد أوجلان.
نعيمة عبد اللطيف عضوة مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي [1]