المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان
سليمان جعفر
لا يمكن الحديث عن المؤامرة الدولية القذرة التي استهدفت القائد الأممي “عبد الله أوجلان”؛ بكتابةِ مقالٍ هُنا أو سردٍ من هناك، بل يحتاج الأمر لكتابة مجلدات تشرح سبب تكالب قوى وأحزاب دولية وإقليمية ومحلية حول خطفه، ولأن ما جرى التخطيط له في دوائر الاستخبارات العالمية كان كافياً لإظهار خُبث نوايا المتكالبين على هذه الشخصية الشجاعة والفريدة التي حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه من براثن قوى الهيمنة العالمية التي كانت ومازالت تأمل بالسيطرة على مقدّرات العالم والإبقاء على حياة فئة متسلطة تتحكم بمصير البشرية من خلال تنفيذ مخططهم الإجرامي والسري الذي فضحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عندما قال بكل صراحة؛ إن هدفهم هو (المليار الذهبي)، تلك العبارة التي لم يفهمها العديد من البشر، فوصفوه بالرئيس المجنون، وكان مشروع الشرق الأوسط الجديد عام 1992 إحدى الطرق الى ذلك، وأدرك القائد “عبد الله أوجلان” خطورة المشروع، فسارع إلى طرح مشروع الأمة الديمقراطية عام 1993، فأصيب الناتو بالهيستيريا، إذ كيف لشخصٍ أن يرفض مشروعهم ويطرح مشروعاً بديلاً له، فاتفقت الولايات المتحدة مع تركيا على أن هذا الشخص (وتنظيمه الذي يترأسه) يشكل عائقاً أمام تنفيذ مخططاتهم، ومعلوم أن تركيا قد أقنعت الناتو سابقاً بأن حزب العمال الكردستاني، اغتال رئيس وزراء السويد “أولف بالمة” في #28-02-1986# ليتم تصنيفه كمنظمة إرهابية، بالرغم من اعتقال القاتل الحقيقي و(إخفائه)، والذي لا علاقة لحزب العمال الكردستاني به، لا من قريب ولا من بعيد، وقد رأت الولايات المتحدة بأن حجة الانتقام من القائد (أوجلان) قد أصبحت في متناول يدها، وبدأت تشد من أزر تركيا لخطف القائد، وحشدت تركيا ومعها “الناتو” لذلك أساطيل جيوشها البرية والجوية والبحرية حول سوريا والضغط عليها لتسليمها القائد أوجلان أو إخراجه من سوريا.
وفي هذه المعمعة التي افتعلتها تركيا وتهديدها بأنها ستدمر سوريا إن لم يتم تسليمهم القائد، أظهر المناضل أوجلان قمة الوفاء والإنسانية عندما قال: لن أكون السبب في دمار بلد فتح لنا أبوابه لسنوات طويلة، وتابع يقول: تركيا ستضرب آبار النفط وحقول القمح، فإذا ضُرِبَ النفط شُلّت سوريا، وإذا ضُرِب القمح جاع الناس، فآثر القائد الخروج من سوريا والتوجه الى أوروبا للبحث هناك عن حل للقضية التي يناضل من أجلها، ولكن أوروبا كشفت القناع عن وجهها، فاتضحت المؤامرة أكثر عندما أغلقت كل مطاراتها في وجهه، وتوّجت المؤامرة بخطفه وتسليمه للدولة التركية في عملية أقلُّ ما يمكن وصفها بأنها قرصنة دولية بكل ما تعنيها الكلمة.
ولم تفتر عزيمة القائد أوجلان حتى وهو أسير ومقيد اليدين، حيث أدهش العالم بجوابه عندما قال له الضابط الذي كان يقف بجانبه في الطائرة التي أقلته من كينيا وهي تحط في تركيا، بأنه سيقضي بقية حياته في السجون، حيث قال له القائد ساخراً: إن عمر الإنسان لا يُقاس بعدد السنوات التي عاشها، بل بعدد السنين التي خدم فيها شعبه.
إن ما قدّمه القائد أوجلان لشعوب المنطقة لم يقدمه أحد على مرّ التاريخ، حيث أعطى كل مكون، الحرية في التعبير عن نفسه بثقافته وبلغته، وأعطى المرأة المكانة التي تستحقها، ولم يقتصر عطاءه على الكرد فقط، بل شمل كل المكونات والشعوب، والواجب الإنساني والأخلاقي يفرض على هذه المكونات أن ترفع من وتيرة النضال حتى تحريره جسدياً، لأن مكان هذه الشخصية الوطنية والتاريخية، هي بين شعبه وليس خلف القضبان، فالحرية تليق به، وسيبقى القائد عبد الله أوجلان رمزاً ومنارة تنير طرق النضال للشعوب المقهورة.[1]