الأسم: عبدالرحمن
اللقب: الشيخ عبدالرحمن زين العابدين
اسم الأب: محمد زين العابدين
تأريخ الميلاد: 1904
تأريخ الوفاة: 1990
مكان الوفاة: #حلب#
سبه ومولده:
هو الشيخ العلامة اللغوي الصناع الموهوب، أبو صلاح الدين، عبد الرحمن بن الشيخ محمد زين العابدين بن أحمد بن عيسى الكردي الأيوبي البالساني (وبالسان منطقة كردية تقع في شمال العراق ) الأنطاكي، ثم الحلبي. ولد في أنطاكية، عام: ( 1904 م، وسجل في سجلات القيد المدني، في عام 1908)،(وأنطاكية مركز قضاء تابع ومرتبط بلواء الإسكندرون، الذي هو أحد الألوية التابعة لولاية حلب في التقسيمات الإدارية للدولة العثمانية ). نشأ في أسرة عُرفت بالعلم والفضل، فوالده عالم كبير،تقدمت ترجمته.. وجده شيخ محبٌّ للعلم والعلماء.
دراسته:
تلقَّى العلم على والده، ودرس على المشايخ في أنطاكية، وحفظ بعض المتون العلمية، وسلك على يد الشيخ علاء الدين النقشبندي رحمه الله، ثم عكف على الكتب، ينهل العلم النافع من معينها الثر الفياض، فبرع في علوم اللغة العربية، من نحو وصرف وأدب،وعلم المنطق والفلك، وكان صنَّاعاً بارعاً، وميكانيكياً عجيباً، وله قصص عجيبة في ذلك.. وكان مولعاً بتراجم العلماء، مُجلاً لهم، فقد سمعته يتحدث عن العلامة الكبير الشيخ محمد الخضر حسين التونسي، شيخ الجامع الأزهر، وعضو المجمع العلمي بدمشق، عندما زار حلب،وكان معجباً به. وكان محباً للشعر، حافظاً للكثير منه.. وكان شافعيَّ المذهب، ويوصي بالالتزام بالسنة، ومعرفة العلوم العصرية، والمحاكمة العقلية.
عمله:
هاجر مع أسرته من أنطاكية إلى حلب، فراراً بدينهم، من ظلم كمال أتاتورك وطغيانه، واستقروا في مدينة حلب بسورية، بحدود سنة (1357 ﮪ / الموافق 1938 م )، وفيها ظهرت شهرته ونبوغه، فعمل إماماً في جامع الأحمدية،ومدرساً لعلوم اللغة العربية، في المدرسة الشعبانية، والمدرسة الخسروية، ودار نهضة العلوم الشرعية ( المدرسة الكلتاوية )،التي أسسها العالم الرباني الشيخ المربي محمد النبهان الحلبي رحمه الله تعالى،كما كانت له دروس خصوصية، في النحو والصرف، والتوحيد والمنطق، لبعض طلاب العلم كالشيخ الدكتور عبد المجيد معاذ، والشيخ الدكتور محمد زهير ناصر، والدكتور محمود عكام والأستاذ الشيخ محمد مجاهد شعبان، رحمه الله تعالى.
وكان يجيد اللغة التركية، ويلم باللغة الكردية والفارسية، بالإضافة إلى تبحُّره في علوم اللغة العربية.. فقد كان يدرس كتب ابن هشام.
أقرانه:
من أقرانه: الفقيه النابغة الشيخ مصطفى الزرقاء، وكانت بينهما صداقة متينة، وصحبة عميقة، والعلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة... وغيرهما.
تلاميذه:
تلاميذ الشيخ كثيرون جداً، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
الشيخ الدكتور الفقيه عبد المجيد معَّاذ، والدكتور عبد الستار أبو غدة، والدكتور حسن أبو غدة، والشيخ محمد مجاهد شعبان رحمه الله، والشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون مفتي سورية الحالي، والشيخ الدكتور محمد صهيب الشامي مدير أوقاف حلب السابق، و المفكر الإسلامي
الدكتور محمود عكام،والذي عُيِّن حديثاً مفْتٍ ثان لحلب، إلى جانب مفتي حلب الحالي، فضيلة الشيخ العلامة الفقيه الدكتور إبراهيم محمد السلقيني،والعلامة المحدث المحقق الشيخ محمد عوامة، والعلامة المتفنن محمد بشير الإدلبي، والدكتور صلاح الدين الإدلبي، والدكتور محمد سعيد
الإدلبي الحفيد، و الشيخ صلاح الدين زين العابدين نجل الشيخ، الأكبر، والشيخ الشاعرأحمد تيسير كعيد، وغيرهم كثير.
صفاته:
كان جميل الصورة، معتدل القامة، إلى الطول أقرب، واسع الصدر،حنطي البشرة، كث اللحية، خافت الصوت، راجح العقل، ثاقب النظر حديده، صادق الفراسة، سخياً جواداً،لا يعرف التكلُّف،زاده الله بسطة في العلم والجسم، عفيف النفس، صدوقاً، متواضعاً،قال لي مرة: أنا خادم نعال العلماء، وكثيراً ما كان يردد هذا البيت:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر
وأذكر أني سألته مرة،( وقد رأيته في مكتبة الشيخ عمر الزيتوني،19442004 رحمه الله تعالى (،عن عقيدة أبي الطيب المتنبي، وأبي العلاء المعري، فقال لي: مالك ولعقيدتهم، هما من فحول الشعراء.. ثم أخذت بيده، وساعدته للوصول إلى مكتبة دار الفلاح،للشيخ محمد علي الإدلبي. ورأى مرة عندي كتاباً، عنوانه: قيس وليلى، فاستأذني أن يأخذه، فأعطيته إياه، وأنا في غاية الفرح والسرور..
هواياته ومهاراته:
وكان رحمه الله تعالى، منذ شبابه يحبُّ الرياضة البدنية، والمشي الطويل، وكان صياداً ماهراً سديد الرماية، لا يخطىء الهدف، يَصْطاد الطيور وهي طائرة، والحيوانات وهي راكضة، وله في ذلك قصص كثيرة، ومشهورة، وكان صناعاً ماهراً، يصنع مثاقب وأميالاً وإبراً من الفولاذ و المعادن بيده، وكأنها خارجة من مصنع آلي،وفي خلال الحرب العالمية الثانية، انكسر في معمل شركة الغزل و النسيج بحلب، ترس مسنَّن في أحد الأجهزة، وكان مسنناً، في أسنانه تعرج وحركات دقيقة، وتوقف المعمل ولا يمكن جَلْب بديل جديد ولا يمكن لحامه، فَذُكر لهم الشيخ عبد الرحمن،فأتوه بالمسنَّن المكسور، فصنع لهم بديلاً عنه كأنه هو حين كان جديداً، وشغَّلوا به الجهاز، وكان قنوعاً لا يناقش في الأجر، فأعطوه ثمناً له، لو طلب عشرة أضعافه، لما ترددوا في دفعه.
ومن أهم مزاياه التي تميز بها بالبراعة واشتهر بها، أنه كان ساعاتياً، ميكانيكياً، خبيراً بصيراً بالساعات على اختلاف أنواعها وحجومها، وكان إذا استعصى على الساعاتية في حلب إصلاح ساعة توقفت أو احتاجوا إلى قطعة غيار لها غير موجودة، كانوا يلجؤون إليه، فيقوم بإصلاحها، أو يصنع لهم قطعة الغيار المطلوبة.
وكان خبيراً ممتازًا في الأسلحة النارية بأنواعها وأحجامها، وكذلك كان ذا خبرة واسعة في سقاية الفولاذ، بمختلف أنواع السقاية ودرجاتها، وكان يقول: إن أقسى أنواع الفولاذ هو ما يسمى بفولاذ الهواء، وكان يصنع من فولاذ الهواء، ( موسىً ) من النوع الذي في نصاله قطع عديدة، كما ذكر ذلك العلامة الفقيه الكبير الشيخ مصطفى الزرقاء، رحمه الله تعالى.
ثناء العلماء عليه:
أثنى عليه الشيخ الكبير أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان، رحمه الله، عندما زار حلب، وكذلك أثنى عليه، العلامة الكبير سماحة الشيخ السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وأحد مؤسسيها، عندما زار حلب أيضا، وكان العلامة الشيخ الفقيه مصطفى الزرقاء يثني عليه كثيراً، وقد كتب نبذة عنه، طلبها منه العلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ليضعها في آخر كتاب الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام، للإمام القرافي، والذي حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.
وكذلك أثنى عليه الشيخ العلامة اللغوي عبد الغني الدقر رحمه الله، وكان العلامة المفسر الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ الجليل حسن حبنكة الميداني، رحمهما الله تعالى، يثني على الشيخ عبد الرحمن، ويطلب من تلامذته أن يكونوا مثله في الرماية ومعرفة الصناعات، وكان يقول: هكذا ينبغي أن يكون العالم.. وكذلك كان الشاعر عمر يحيى الحموي ثم الحلبي، يكثر من الثناء على الشيخ.
مؤلفاته:
لم يؤلف الشيخ كتباً، بل ألف رجالاً، وطلاب علم كباراً، ولما سأله أخصُّ تلاميذه الشيخ محمد مجاهد شعبان، قائلاً له: يا سيدي لماذا لم تؤلف كتباً ؟ أجابه الشيخ بقوله: ما ترك الأوائل للأواخر شيئاً، وحسب العالم تلامذته.. هكذا كان رأيه، ولو ألف كتباً، لكانت مراجع مهمة.
وفاته:
أصيب في أواخر السبعينات من القرن العشرين الميلادي،( بمرض الاكتئاب (فلزم البيت، وترك التدريس في المدرسة الخسرويَّة ( الثانوية الشرعية بحلب ) وسمن بدنه وترهل من عدم الرياضة والحركة، وقد حاول صديقه الحبيب العلامة الشيخ مصطفى الزرقاء، إقناعه بالعودة للتدريس، فلم يفلح، ثم توفي الشيخ رحمه الله تعالى، مأسوفا ومحزونا عليه من الجميع، وكانت وفاته في شهر شباط (فبراير (، من عام ( 1990 م ).. وشيَّعته مدينة حلب الوفية، وهي حزينة على فراقه، لأنه كان فلتة من فلتات الزمان، الذي قلما يجود الزمان بمثله. ودفن في تربة الصَّالحين، ورثاه العلماء والشعراء، رحمه الله تعالى، وجزاه عما قدم للأمة، خير الجزاء.
لقد عمر الشيخ طويلاً، فقد عاش عمراً ناهز السادسة والثمانين، قضاه في سبيل العلم والتعليم، وفي صحبة الكتب العلمية، وخدمة الناس، عاش الشيخ فقيراً في الدنيا، لم يستطع أن يذهب إلى الحج، لعدم وجوبه عليه، لضيق الحال، ولكنه كان غني النفس، غنياً بعلمه ومواهبه، ولو أراد المال، لحصل له الكثير منه،بسبب صناعاته ومهاراته، ولو كان عند غيرنا لأقاموا له نصباً تذكارياً، وكتبوا اسمه في سجل الخالدين. وألفوا عنه المجلدات.[1]