برادوست ميتاني
برزت في تفاصيل الحياة العامة الدمشقية شخصيات كردية، كان لها بالغ الأثر في الحياة السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، وعرف البعض منها بكرديته، وأصوله، وجذوره الكردية، وغيب أصل العديد من هذه الشخصيات، أو حُرِّف ذلك الأصل، وعن قصد في أغلب الأحيان، وفيما يلي نبذة عن بعض هذه الشخصيات:
– شاعر الشام خليل مردم بك، صاحب نشيد حماة الديار: ولِد الشاعر خليل مردم بك في دمشق، حارة فخر الدين الرازي الكردي قرب الجامع الأموي، من أسرة سياسية عريقة ومثقفة. دَخل مدرسة الملك الظاهر في باب البريد، لينهي مرحلته التعليمية الابتدائية فيها. تزوّج من حفيدة مُفتي دمشق الشيخ محمود الحمزاوي السيدة فاطمة الزهراء. درس شاعرنا الفقه الإسلامي عند الشيخ عطا الله الكسم، وقرأ على يد المحدّث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسيني. وقد ترك الدراسة لظروف معيشية قاهرة بعد وفاة أبيه سنة 1912م.
-السيدة زمرد خاتون (ست الشام) ابنة نجم الدين أبي الشكر أيوب بن شادي بن مروان: راعية العلم زوجة الملك ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركو بن أيوب، أخت صلاح الدين الأيوبي، درست الفقه، وعلم الحديث وأصبحت فيهما مدرسة حتى صارت عالمة. أنشأت المدرسة الشامية البرانية والجوانية، وأقامت مصنعاً للأدوية، عملت فيه مائة امرأة. شاركت ست الشام في حروب صلاح الدين مع الصليبيين، حيث قادت الكتيبة الطبية، باسم كتيبة الحافظات، يطببن ويقاتلن، وقد استشهد ابنها في معركة حطين، فزغردت لاستشهاده، توفيت ست الشام يوم الجمعة 16 من شهر ذي القعدة 616 للهجرة، ودفنت بالمدرسة البرانية.
-ابن أبي الهيجاء: هو محمد بن أبي الهيجاء بن محمد الأمير الفاضل عز الدين الهذباني الأربيلي. ولد سنة عشرين هجرية، بأربيل، وقدم الشام وكان مهتماً بالتاريخ والأدب والسياسة وعلم الكلام، وكان شيخاً كردياً مهيباً على رأسه عمامة مطرزة، يسترسل شعره من تحتها.
#إبراهيم هنانو# : الثائر المحامي والحقوقي والزعيم الكردي قائد ثورة الشمال السوري 1919-1921م الذي خاض أكثر من 124 معركة ضد الفرنسيين وكان غالبية جنوده من الكرد، كما أنه أصبح رئيس لجنة الدستور السوري عام 1928م.
-#صلاح الدين الأيوبي# : الكردي الغني عن التعريف، هو الذي وحد دمشق ووحد الموصل، وحلب، ومجمل سوريا، ومصر لمحاربة الغزو الأوروبي منذ سنة 1176م وصولا إلى معركة حطين، وعمه أسد الدين شيركو أيضاً غني عن التعريف.
-إبراهيم شكاكي: صنائعي كردي برع في صناعة النسيج في حي النوارة، وصانع قماش البروكار، الذي يعد من أرقى أنواع القماش في العالم، يعرف باسم البروكار، الذي هو اسم مركب من برو-كار، بالكردي “برو تصغير لاسم إبراهيم، وكار يعني عمل” أي من عمل إبراهيم …
–#يوسف العظمة# : الذي كان رئيس أركان الجيش السوري والجيش البحري والذي ناضل ضد الاستعمار الفرنسي، لن ينسى التاريخ أبدا ً البطل يوسف العظمة قائد معركة ميسلون عام 1920م، الذي كان وزيرا ً للحربية عندما لم يأبه بطلب الملك السوري، حينها فيصل بن الحسين له بعدم خوض المعركة، لأنهم يمثلون قلة أمام جحافل غورو القادمة من بيروت؛ لاحتلال دمشق، ولكنه رد عليه قائلا ً: أنا أعرف بأن قواتنا قليلة، ولكن خوفي أن يقول أحفادنا في يوم من الأيام “أن سوريا، قد احُتلت من غير مقاومة”.
محمد علي العابد: الذي كان أول رئيس للجمهورية السورية، وهو كردي الأصل عام 1932م حتى 1936م. وكذلك الرئيس حسني الزعيم عام 1949م، والرئيس أديب الشيشكلي من عام 1949م حتى 1954م، والرئيس شكري القوتلي، الذي تسنم سدة الحكم في البلاد لمرات عديدة، وأيضا ً الرئيس فوزي سلو، من بعدهم، بالإضافة إلى رئيس الوزراء مأمون الكزبري، ووزير المعارف#محمد كرد علي# عام 1920م، و وزير الدفاع أحمد نظام الدين، وكذلك في الجانب العلمي والثقافي، والفني وغيرهم كثيرون.
سليمان عفريني (حلبي): الذي قتل كليبر في مصر عام 1801م عندما كان يدرس في جامع الأزهر بمصر.
–المجاهد إبراهيم شيخاني: ولد في تاخا كردان /حي الأكراد/ 1868م شارك في الثورة السورية الكبرى 1925م، واستمر فيها حتى انتهت عام 1927م وفي عام 1936م التحق بالثورة الفلسطينية الكبرى وكان حينها في السبعين من عمره، واستشهد في العام نفسه في شرقي الأردن.
–المجاهد عيد محي الدين الرشواني: كان ضمن مجموعة الشهيد أحمد آغا الملا، وشارك في الثورة القائمة في دمشق ضد الفرنسيين.
-المجاهد محمود برازي مخلوطو: أيضاً كان ضمن مجموعة الشهيد أحمد آغا الملا، اغتيل الشهيد محمود مع اثني عشر من رفاقه في قرية معربا، وكان من خيرة أبطال تاخا كردان.
-المجاهد أحمد آغا الملا: ولد في تاخا كردان عام 1891م، أصدر مع صبحي عقدة جريدة أبي نواس عام 1922م شارك في الثورة السورية الكبرى 1925م شكل فيها مجموعة كبيرة تجاوز عددهم مائة من شباب الكرد، كان هو والمجاهد “علي آغا ولفو”، يقودان السياسيين الوطنيين في تاخا كردان، وقاد الشباب الكرد في معركة الغوطة، ومعركة النبك وجسر تورا. حكم الفرنسيون عليه غيابياً حكم الإعدام، واحرقوا داره في القابون وقد اغتيل مع اثني عشر من رفاقه في معربا عام 1926م
-المجاهد أبو دياب محمود البرازي: كان في الجيش التركي دركياً، ولكنه ترك ذلك، والتحق بالثورة مشكلاً مجموعة كردية في دمشق، وهو أول من أطلق الرصاصة على الجنرال الفرنسي غورو القادم بجيشه من لبنان لاحتلال سوريا، وقتل حينها مرافقه في 25 حزيران 1921م، خاض المجاهد أبو دياب معارك الثورة من بدايتها حتى نهايتها.
-المجاهد محمد سعيد جعف كلو الشيخاني الملقب ب “أبي الموت”: كان ضمن مجموعة الشهيد أحمد الملا من تاخا كردان، وكان أحد الثوار الثلاثة الذين اقتحموا دار مدير الأمن العام الفرنسي بيجان في 23 كانون الثاني عام 1926، وهناك وطنيون آخرون كرد كثر، أمثال المجاهد فارس الشيخاني، وفارس البرازي، ومحمد علي زازا، وجمعة إيزولي، وحسن حمزة، ومحمد خير زازا، وسعيد عدى، وسليمان ميقرى حسين، وجميل إيزولي، وأحمد بارافي، وعزت إيزولي، وأحمد أوصمان، وحنفي إسماعيل زازا، ومحمد رجب كحلة، وسيدو ديكو، وحسني نازى برازي، وغيرهم طيب الله ثراهم.
العوائل والبيوت الكردية في دمشق
بالإضافة إلى الشخصيات الكردية التي عرفتها دمشق، هناك العوائل والبيوت الكردية العريقة التي قطنت دمشق وعملت فيها، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
بيت النشواتي، وبيت الطباع، وبيت الحفار، وبيت السيروان، وبيت برمدا، وبيت نظام الدين، وبيت العقاد، وبيت الصباء، وبيت القاووق، وبيت رمضان، والبرازي، وغيرها من الأسر والعائلات العريقة، كل هذه البيوت في دمشق هي من أصول كردية
ففي دمشق من حي النفيس الى حي العفيف، أي من شارع أسد الدين، باتجاه الجبل غالبيتهم العظمى من أصول كردية، وكذلك بيوت من قبيل مقري، وخاني، والملا علي، وقابوك، ورمضان، ولوصي، والطباع، والدباس، وآشيتي، وسوركي، وسوركجي، وقرة چولي، وغيرها…الخ
ومنهم من سكن دمر والزبداني، وكذلك في واد المشاريع في دمر، فيها ما يقارب 200 ألف كردي، ناهيك عن الأحياء الدمشقية.
المحصلة، أن الأصول الكردية في دمشق فقط ما يربو على مليون مواطن من أصول كردية، وبناءً على وثيقة بريطانية أن 30 بالمائة من سكان دمشق، هم من الكرد، وأسمع مراراً أن اسم جبل قاسيون مأخوذ من اسم كاشيون، وهم أحد أجدادنا الكرد، وكذلك أن اسم جبال القلمون مأخوذة من أصل كردي.
في الختام
أمام تلك العينات التي هي غيض من فيض، من ذلك الحضور الوطني للكرد في دمشق كمثال لبقية المدن الأخرى، والتي قد نأتي لاحقاً إلى الحديث عنها، وحجمهم ودورهم وبطولاتهم وتفانيهم المغيب في كتب وحوليات، وإعلام، وتربية السلطات الحاكمة، نقول ونحن مستغربون بل مندهشون من سياسة إنكار وجود الشعب الكردي كقومية موجودة على أرضها وذات حقوق وطنية، ذلك الذي يشيب شعر الرأس، بسبب بعد تلك السياسة البعيدة عن الحق والعدل، والإنسانية
-المصادر
-مجلة الحوار –العدد 71 سنة 2018م
-صفحة أكراد دمشق -17 نيسان 2024م
المقتطف ج2-19فبراير-1937م –
كتاب آثار بلاد الرافدين من العصر الحجري القديم حتى الغزو الفارسي –تاليف سيتون لويد ترجمة محمد طلب-ص 108
-جبل الكرد –عفرين عبر العصور للأستاذ مروان بركات
كتاب الوافي بالوفيات -–الجزء الخامس -ص112 لصلاح الدين الصفدي
-عن موسوعة دمشق الالكترونية للكاتب عماد الأرمشي.[1]