#برادوست ميتاني#
يتلقى الأيوبيون وخاصة شخصية#صلاح الدين الأيوبي# العديد من النقد والعتب من قبل بني جلدته الكرد بدعوى تقصيره القومي وبعده عنها. هنا لا أكتب مقالاً لتوضيح ذلك بل أذكر محطات عن دورهم بشكل خاص في سوريا وما له صلة بالجانب الكردي, ليبقى تقييم ذلك لكم فقط.
بعد احتلال سوريا من قبل الدخلاء المتعاقبين الغرباء بالرغم من تصدي أهلها من الكرد وبقية المكونات الأخرى لهم , تم تحريرها من قبل الدولة الأيوبية الكردية الإسلامية خاصة في عهد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي طهر البلاد من الفرنجة المعروفين خطأً بالصليبيين وقد تسلم الكرد خلالها سدة الحكم في العديد من الإمارات منها حماة المعروفة بمدينة أبي الفداء الأيوبي وكذلك إمارة الجزيرة وأيضا ً إمارة المروانيين في ميافارقين التي شملت شمال سوريا أيضا ً.
عند تأسيس الصليبيين الغازيين للإمارت في الشمال السوري قبيل تحريرها وخاصة روزافا كانت المناطق الكردية متوزعة فيما بين قادتها.في كتاب تاريخ العصر الايوبي تقول د.امينة بيطار ص 21 منه : أسس الصليبيون أربع إمارات منها الرها 1098-1144 وانطاكية.بالطبع أن المنطقة الكردية وخاصة في القسم الغربي من شمال سوريا تنضوي حينها إلى تلك الإمارتين.
نجح الناصر صلاح الدين الأيوبي في طهر البلاد من الفرنجة بعد أن حررها بجيش المسلمين الذي كان غالبيته من كرد المنتشرين في سوريا من كردستان ودمشق وحمص وحلب وروزافا والساحل ومنبج وأعزاز. هذه الأخيرة التي تعرض فيها لمحاولة اغتيال على يد أحد المسلمين بدافع مذهبي عندما ضرب بما يشبه مطرقة كبيرة على رأسه ولكن لحسن حظ صلاح الدين أنه كان يلبس خوزة على رأسه ولكن الجنود المسلمين انهالوا على الخائن بالضرب حتى قتلوه.
بعد أن حرر الناصر صلاح الدين سوريا كاملة بعناء شديد ,وضع الكرد في العديد من الإمارات على رأس الحكم منها حماة المعروفة بمدينة أبي الفداء الأيوبي وكذلك إمارة الجزيرة .ً تقول د.أمينة بيطار في كتابها تاريخ العصر الأيوبي ص 234 …ومن الظواهر الهامة في المجتمع في هذه الفترة ازدياد أهمية العنصرين التركي والكردي اللذين أصبحا القوة الضاربة للإسلام وجنوده المدافعين عنه وعن أرضه ومصالحه مع عدم نكران دور العنصر العربي.
عندما أحتل الصليبيون الشمال السوري وقع عبأ الدفاع عنها في البداية على عاتق الزنكيين الذين كان معظم قادتهم العسكريين من الكرد وخاصة الأيوبيين الذين رفعوا منذئذ لواء تحريرها. في ص59 فقرة امارة نورالدين زنكي من الكتاب السابق تؤكد الدكتورة ليلى بيطار على ذلك فتقول: بعد مقتل عماد الدين زنكي بسبعة أيام نهض أمير أنطاكية الصليبي بهيموند هاجم قسم من جيشه حماة والقسم الآخر حلب وعمل فيها القتل والسبي وغنم الكثير منهما . نهض في وجهه أسد الدين شيركو لرد تلك الغارة فتمكن من تحقيق بعض أهدافه وأنقذ عدد كبير من الأسرى ثم عرج على ارتاح واستاق جميع ما كان للفرنج منه وعاد إلى حلب مظفراً.
نتيجة انتصارات أسد الدين شيركو الأيوبي كان ظفر الدولة الزنكية بمكاسب كبيرة. ففي ص63 من ذلك الكتاب تقول د.بيطار : كان من نصيب نورالدين زنكي في امارة رها بتنازل ارملة اميرها الصليبي جوسلين راوندان وتل باشر وعينتاب واعزاز وقورس وحصن البارة وتل خالد وكفر لاثا وكفر سوت وحصن بسرفوث ودلوك ومرعش ونهر الجوز وبرج الرصاص.
وبعد انتصارات الكرد الأيوبيون تلك توجهت أنظار الزنكيين نحو شنكال إذ تقول د.بيطار في ص64 :تقدم نورالدين الى سنجار من الجزيرة واتفق مع أخيه قطب الدين بان يأخذ الرحبة وحمص وتكون سنجار لاخيه
ببروز شخصية صلاح الدين الأيوبي في الدولة الزنكية كانت الانتصارات كبيرة والدولة تتسع ومن المرجح أن الميول القومية تشد به إلى كردستان وذلك في حالة هاجس الخلافات تظهر بين لأفراد العائلة الزنكية .تذكر د.بيطار في ص124 :كان صلاح الدين الايوبي يراقب الأمور الناتجة عن الخلاف بين الاخين عزالدين مسعود وعماد الدين زنكي الثاني عن كثب ويعلم مدى خوف الزنكيين منه فاخذ في تثبيت أقدامه في المناطق الكردية أو التي ذات الغالبية الكردية منها منطقة رها والجزيرة والموصل وشنكال ونصيبين ورقة وحلب حيث استطاع فتح الرها وبعض المناطق الأخرى من الجزيرة ثم توجه لحصار مدينة الموصل عام 1182م.اهتم صلاح الدين بعد فتح سنجار بمدينة حلب فحاصرها (ص126 من ذلك الكتاب )وتخلى عنها له صاحبها مقابل ان يعطيه سنجار بذلك زاده الخابور ونصيبين والرقة 1183عام واصبح بذلك كامل بلاد الشام بيد صلاح الدين.
لكي يتفرغ صلاح الدين الأيوبي لحروب التحرير وخاصة في شمال سوريا أراد أن يعتمد على بطانة تثق بها وخاصة أنه يدرك ألاعيب الصليبيين في إثارة الفتن الدينية والمذهبية والعرقية ضده .لهذا ولعوامل أخرى لا نغيب عن ذلك الحس القومي الكردي لديه , فقد كان يختار العديد من القادة والأمراء من العائلة الأيوبية .ففي ذلك تؤكد د.أمينة بيطار من كتابها السابق الذكر في ص 128 عندما تقول : لم يكن صلاح الدين غافلاً عن اجراءات الصليبين فاخذ يعين اقرباءه على إمارات شرقي الامارات الصليبية.وتجزم ذلك د.بيطار في ص234 من كتابها: ومن الظواهر الهامة في المجتمع في هذه الفترة ازدياد أهمية العنصرين التركي والكردي اللذين اصبحا القوة الضاربة للاسلام وجنوده المدافعين عنه وعن ارضه ومصالحه مع عدم نكران دور العنصر العربي.
بالرغم من تناول د.أمينة بيطار لفترة الأيوبيين بشيء من المنهج التاريخي ولكن الدوافع السياسية جنبتها العديد من الحقائق الموضوعية والتي تنتمي إلى الشعب الكردي وعلى ما يبدوا أن الكاتبة لم تجد مفراً من ذكر الحقيقة التي هي غلبة العنصر الكردي في المجتمع والحراك الوطني وخاصة ما يتعلق بالدولة الأيوبية ,لأن في هذا الكتاب الذي يقترب في عدد صفحاته ألى 300 صفحة من الشحة أن يعثر القارىء على اسم الكرد بالرغم من ذكر معظم المكونات كالتركية والأرمنية والسريانية والعربية وخاصة في المنطقة الكردية من سوريا وبالأخص عند ذكرها لسكان منطقة الرها المتحدة مع مناطق الجزيرة والرقة في سوريا قبل اقتطاعها عن بعضها فيما بعد اتفاقية سايكس بيكو .بل أن التعبير الأكثر استخداما روتينياً من لدنها كان هو الجيش الإسلامي العربي والمجتمع العربي الإسلامي والعرب وهكذا .فذلك ما هو ينافي الحقيقة الموضوعية التاريخية وخاصة أن كتابها معد لطلاب جامعة دمشق التي توضع بوحي من السلطات في دمشق.
علماً أن بعض مصادر تذكر الدور القوي للعشائر الكردية في الجيش الأيوبي منها مقالة بقلم أ.ماجد عبدالله اعتمدت على مصادر منها كتاب صلاح الدين السلطان القوي وموحد الإسلام للانكليزي ستانلي .فتذكر المقالة أنه كان ترتيب الجيش الأيوبي بحسب القبائل الكردية المنضوية تحت لواء السلطان صلاح الدين في المقدمة كان الهذبانيون أو الروادية وهم بنو أيوب وعلى الميمنة القيمريون الذين كانوا حينها أمراء وينسب إليهم حالياً في دمشق القديمة حي القيمرية كما كان معهم في ترتيب الجيش الكرد الهاكاريون .أما على الميسرة كان الكرد الكيكان وهي من أكبر العشائر الكردية المنتشرة في عموم كردستان .بينما على المؤخرة كانت عشيرة الزارزرية وينتمي إليهم القاضي الفاضل قاضي قضاة الدولة الأيوبية أبن خلكان.
في سياق ذلك يؤكد كتاب شرفنامة ج1 ص108 للمؤرخ شرفخانى بدليسي :فوض السلطان الايوبي الملك العادل بن نجم الدين أيوب أمور حكومة الجزيرة الى نجله الملك الاشرف (هذا قرابة 2000م) وفي ص 109 يقول تنازل الملك الاشرف لقاء جلوسه على عرش دمشق عن حران والرها والرقة وراس العين لاخيه الملك العادل 1228 -1229
بالختام
تؤكد العديد من المصادر على أهمية الدور الأيوبي الكردي في سوريا وما قاموا به من بناء ازدهار حضاري كبير
ففي ص119 يقول أ.مروان بركات في كتابه جبل الكرد –عفرين : في ظل الدولة الايوبية شهدت بلاد الشام ومصر وكل البلاد التي حكموها الاستقرار والازدهار في مختلف مناحي الحياة ومنطقة جبل الكرد (عفرين)التي كان قد هجر سكانها نتيجة ظلم وهمجية السلاجقة الاتراك ولكنها ازدهرت من جديد في الفترة الايوبية.
المصادر:
بالإضافة إلى المصادر الواردة في النص راجع أيضاً :
-عاشور –بعض أضواء جديدة على إبن عساكر والمجتمع الدمشقي في عصره – ص217
6– أبو شامة –تاريخ الروضتين في اخبار الدولتين ج1 ص 48.[1]