تتواصل التقارير الدولية التي ترصد انتهاكات النظام التركي بحق المكون الكردي، وأحدثها تدعو هذا النظام الاستبدادي إلى الكف عن ملاحقة الفعاليات الثقافية واللغوية الكردية.
وفي تقرير حديث، حثت منظمة هيومن رايتس ووتش تركيا على إنهاء الملاحقات القضائية التي تساوي بين الفعاليات اللغوية والأنشطة الثقافية الكردية والإرهاب، ووصفت هذه الممارسة بأنها تمييزية وإساءة استخدام للقانون، وفق ما نقلت صحيفة توركيش مينيت التركية.
ويكثف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على مدار السنوات الماضية، ملاحقته للكرد بشتى الطرق والوسائل، وعادة ما تكون التهمة الجاهزة لديه الانتماء إلى جماعة إرهابية، حيث تحولت تلك التهمة إلى مقصلة يطارد بها الكرد داخلياً وخارجياً.
قضية رفعت روني
واستدل تقرير هيومن رايتس ووتش على تلك الممارسات بمحاكمة مواطن يُدعى رفعت روني، 59 عاماً، وهو مترجم كردي وعضو في جمعية أبحاث اللغة والثقافة في بلاد ما بين النهرين، حيث حُوكم مؤخراً بتهمة الانتماء إلى منظمة مسلحة، وقد زعم الادعاء أن تدريسه للغة الكردية وأنشطته تدعم الإرهاب رغم عدم تقديم أي دليل ملموس.
وأمضى روني ما يقرب من 3 أشهر في الحبس الاحتياطي قبل إطلاق سراحه، لكنه لا يزال يواجه عقوبة محتملة بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات إذا أدين، وتقدم منظمة MED-DER المسجلة قانونياً دروساً في اللغة الكردية وتروج للحقوق الثقافية للكرد، وتواصل عملها على الرغم من مثل هذه الإجراءات القانونية.
استمرار أعمال العداء
يقول أحمد حبش الناشط السياسي الكردي في ألمانيا، إن الدولة التركية عندها فوبيا للأسف من أي شيء مرتبط بالشعب الكردي، لدرجة أنها عمدت إلى تدمير الآثار الكردية في مدينة مثل عفرين السورية عندما احتلتها أنقرة، وتم نهب بعضها بغرض طمس كل ما يتعلق بالهوية الكردية.
وأضاف، في تصريح هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الحكمة تقول إنك إذا أردت أن تقتل شعباً فعليك بلغته وثقافته، وهذا ما يقوم به النظام التركي، ومن هذا المنطق يستمر العداء التركي مع الشعب الكردي، منذ قدوم الأتراك إلى مناطقهم الحالية، بل وتعمل أنقرة حتى على محو العادات والتقاليد الكردية القديمة.
ودعا حبش المنظمات الدولية والحقوقية إلى الدفاع عن الشعب الكردي، خصوصاً في ظل الأعمال العدائية للدولة التركية في شمال وشرق سوريا، ورغبتها في وأد تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية الناجحة، التي تحقق مبدأ العيش المشترك بين الشعوب المختلفة في هذه المنطقة من كرد وعرب وسريان وكلدانيين وغيرهم.
قيود على التعليم باللغة الكردية
ويشير تقرير المنظمة الدولية إلى أن التعليم باللغة الكردية في تركيا محدود، حيث لا تقدم سوى مدارس قليلة دورات اختيارية لمدة ساعتين أسبوعياً، الأمر الذي يترك لمنظمات مثل MED-DER مهمة سد هذه الفجوة، فيما يزعم المدعون أن مثل هذه الأنشطة تجند الشباب للانضمام إلى الجماعات المسلحة، ما يثير انتقادات من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان.
وأشارت هيومن رايتس ووتش على أن أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية التركية تضمن حرية التعبير الثقافي وحق التجمع، ووصف مدير المنظمة، هيو ويليامسون، استهداف جهود دعم اللغة الكردية بأنه اعتداء غير قانوني للهوية الثقافية، داعياً أنقرة إلى وقف الملاحقات القضائية المتعلقة بهذا الشأن.
وكثيراً ما يتعرض الكرد في تركيا لضغوط ترغمهم على عدم التحدث بلغتهم الأم، وتزعم السلطات في كثير من الأحيان أن الأشخاص الذين يتحدثون باللغة الكردية يرددون شعارات دعماً لمن تصفهم بجماعات إرهابية.
ويقول محمد أمين كليج المحلل السياسي التركي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن النظام التركي المتحالف مع اليمين المتطرف يريد القضاء تماماً على الكرد، مؤكداً أنه لا يكترث بأية حقوق ولا دستور أو قانون.
ويضيف أن نظام أردوغان تحول إلى الاستبداد والديكتاتورية، ليس ضد الكرد وحدهم، بل ضد الجميع، وأصبح عدوانه تجاه الكرد ممتداً على مساحة الجغرافية الكردية، سواء داخل الأراضي التركية أو خارجها.
تاريخ من الحظر
ويعود تاريخ الحظر المفروض على استخدام اللغة الكردية في تركيا إلى سنوات عديدة، فقد تم حظر اللغة والملابس والفولكلور والأسماء الكردية في عام 1937، وكانت كلمات الكرد وكردستان والكردية من بين الكلمات المحظورة رسمياً، وبعد الانقلاب العسكري في عام 1980، أصبح التحدث باللغة الكردية محظوراً رسمياً، حتى في الحياة الخاصة.
ولم تصبح رؤية اللغة الكردية على شاشات التلفزيون وفي وسائل الإعلام المطبوعة ممكنة إلا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ بسبب الاشتراطات التي فرضت على أنقرة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن الانجراف نحو القومية وتحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرف في العقد الماضي أدى إلى زيادة الهجمات العنصرية ضد الكرد، وملاحقة كل ما يتصل بالثقافة والوجود الكردي.[1]