أهمية عفرين الإستراتيجية تركياً، قطرياً وأوروبياً!
#بير رستم#
الحوار المتمدن-العدد: 8202
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
لا شك بأن الكرد يعانون من التطرف والعنصرية القومية للفاشية التركية مع بدايات المنهج العنصري في الفكر الطوراني التركي، وذلك منذ بداية القرن الماضي وبروز دور “جمعية الاتحاد والترقي” في إستانبول يوم #06-01-1889#، ومن ثم حركة “تركيا الفتاة”، وصولاً لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة مع الكمالية؛ نسبةً لمؤسسها كمال أتاتورك ولغاية اليوم حيث الجمهورية الثانية مع تزاوج الفاشيتين الدينية والقومية بطبعتها الأردوغانية وبالتالي فإن قضية عداء تركيا للكرد وطموحهم في تأسيس كيان سياسي لهم متجذر في فكرهم الفاشي وليس بأمر جديد وقد عانى -وما زال- شعبنا من هذه السياسات العنصرية التركية خلال كل الفترات الماضية حيث المجازر وسياسات الجينوسايد بحيث بات الكرد في بعض مناطقهم يشكلون الأقلية في الطرف الآخر من الحدود؛ أي في شمالي كردستان المحتلة تركياً!
وهكذا فإن ما تفعلها تركيا في عفرين ليس بالجديد عليها حيث سبق وأن طبقت تلك السياسة في عدد من المدن والمناطق الكردستانية داخل تركيا، مما أدى لتغيير ديموغرافية تلك المناطق، كما أسلفنا، ناهيك عما أرتكبت تركيا بحق باقي الأثنيات والمكونات التي كانت تتعايش متجاورةً في تلك الجغرافيا مثل مجازر الأرمن وطرد اليونانيين، وبالتالي فإن ما يحصل في عفرين ليس بغريب عن سياسات تركيا الفاشية ضد شعوب المنطقة وبالأخص الكرد مؤخراً، لكن وبالإضافة إلى تلك السياسات العنصرية، فإن عفرين أصبحت ضحية وقربان لصفقة سياسية دولية أشترك فيها الجميع وبالأخص الثلاثي؛ التركي، القطري ومعهم أوروبا طبعاً!
كلنا تابعنا خروج سوريا من لبنان عام 2005م وذلك بعد جريمة رئيس وزراء لبنان الأسبق؛ رفيق الحريري، والتي كانت سوريا وحزب الله متورطين فيها، وبعدها تم عزل النظام السوري البائد، إلا أن تم دعوة الأسد لحضور العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني الفرنسي في باريس يوم #14-07-2008# م. وطبعاً الدعوة لم تكن ل”وجه الله”، بل كان هناك ما يتم إعداده وطبخه في الخفاء وهو المشروع التركي القطري وبرعاية فرنسية أوروبية لايصال الغاز القطري لأوروبا وفعلاً عقد اجتماع ضم رؤساء الدول الثلاث بالإضافة للأسد في دمشق عام 2009 وذلك للتباحث حول المشروع بحيث يمر خط الغاز القطري من الأراضي السورية لتركيا، لكن حينها تدخل الإيرانيين وبتحريض من الروس وأفشلوا المشروع.
طبعاً تدخل الروس لإفشال مشروع الغاز القطري كان لابعاد من ينافسها في الأسواق الأوروبية لتتحكم هي فيها، ليس فقط اقتصادياً، بل ابتزازها سياسياً أيضاً! وربما كان ذاك أحد أهم الأسباب في إشعال الثورة السورية إلى جانب ظروف البلد والمنطقة عموماً حيث قيام الثورات ضد الظلم والاستبداد! وهكذا باتت سوريا ساحة صراع لأجندات دولية وإقليمية حيث تدخلت كل من إيران والروس إلى جانب النظام، بينما الحلف الآخر؛ تركيا، قطر، فرنسا ومن خلفها الأوروبيين دعموا المعارضة مالياً ولوجستياً وحتى عسكرياً وامتدت بنا الحرب لمدة تقارب 14 أربعة عشر عاماً! ويبدو أن ذاك كان ضرورياً وذلك لاسقاط أحجار الدومينو تباعاً ويبدو أن الطرفي القطري التركي الأوروبي لعبوا اللعبة بشكل ذكي أكثر بحيث سحبوا البساط من تحت أقدام الفريق المنافس واحداً تلو الآخر وصولاً لاسقاط النظام وإخراج كل الفريق من الجغرافيا السورية، بمن فيهم النظام السابق نفسه ولكن يبدو أن أكبر الخاسرين كانت إيران، فالروس بعدما ورطوه في أوكرانيا بات يبحث عن حبل نجاة من المستنقع.
ولذلك ولاستكمال المشروع؛ مشروع الغاز القطري، كان لا بد أولاً إخراج الإدارة الذاتية من عفرين لتصبح تحت النفوذ التركي الميليشاوي، وهكذا تم احتلالها فيما سميت بعملية “غصن الزيتون”، وها هي العملية تستكمل باسقاط النظام وإخراج كل من الروس والإيرانيين ولا أعتقد الابقاء على القواعد الروسية في سوريا، بل سيتم استبدالها بقواعد تركية، فهناك حديث بأن تركيا ستقيم خمسة قواعد في سوريا، ربما تكون هي قواعد لحراسة خط الطاقة أو الغاز القطري حيث كتبت موخراً جريدة (زمان التركية) بخصوص الموضوع قائلة”؛ بأن تركيا “تستعد مرة أخرى لطرح مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بينها وبين قطر، والذي يمر عبر السعودية والأردن وسوريا ووصولا إلى بلغاريا عبر تركيا”، والخريطة المرفقة تبين المخطط عبر جغرافية تلك الدول.
وهكذا فإن تركيا استقتلت للسيطرة على عفرين ومدعومة من قطر وأوروبا أيضاً، فكانت ضحية صفقة إستراتيجية قذرة أشترك بها الجميع وللأسف، طبعاً ستكون لها جانب إيجابي في تنمية المنطقة لتزدهر اقتصادياً، لكن دون أصحابها بعد أن تم تهجير أغلبية سكانها ومحاولة طرد من تبقى فيها من خلال فرض الأتاوات والخوات المجحفة على شعبنا وترك المجال لهذه الميليشيات والفصائل الخاضعة لتركيا بأن تعيث فساداً وجوراً بالمنطقة بهدف طرد من يمكن طرده وإخراجه من المنطقة ولذلك دعونا وندعو مجدداً شعبنا للعودة والتمسك بقراهم وحقولهم ولا بد سيأتي اليوم الذي تصبح فيها عفرين وشعبها حراً مستقلاً وربما باتت حرية عفرين وأهلها محكومة بحرية شعبنا في شمالي كردستان (تركيا).[1]