يعرض هذا التقرير خلاصة 62 إفادة جمعتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” خلال العام 2022، من ناجين/ات تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة في منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، اللتين سيطرت عليهما فصائل سوريّة معارضة مدعومة من تركيا بعد عملية عسكرية أسمتها تركيا باسم عملية”نبع السلام” في 2019.
من الجدير بالذكر، أن هذا التقرير جزء من مشروع أوسع لدعم ضحايا التعذيب في سوريا، وتحديداً في المنطقة الشمالية منها، والذي بدأت “سوريون” العمل عليه مع شركاء محليين منذ العام 2021. حيث نُشِرت ورقة مشتركة آنذاك تحت عنوان: “الاحتجاز التعسفي والتعذيب سياسة اضطهاد ممنهجة في شمال غرب سوريا”، وثقت خلاصة 40 مقابلة مركّزة تمّ إجراؤها مع ناجين وناجيات تعرضوا للاعتقال التعسفي والتعذيب على يد مجموعة من المجموعات المسلّحة المختلفة في شمال غرب سوريا في العام 2021.
تنوعت أساليب التعذيب وسوء المعاملة والإهانات، التي كشفت عنها الشهادات الحديثة والبالغ عددها 62 إفادة، ما بين اللكم والصفع و الركل، والضرب بالعصي والجلد بالكبل الرباعي والحرق بأعقاب السجائر واستخدام طريقة الشبح (البلانكو) إضافة إلى الصعق بالكهرباء.
أظهر تحليل الشهادات الذي قامت به “سوريون” عن استهداف واضح للكرد، فقد بلغ عددهم/ن (46) ضحيّة، فيما تم توثيق (16) حالة تعذيب ضدّ سكان آخرين من عرب المنطقة.
تورطت معظم الفصائل التابعة للجيش الوطني السوري/المعارض بعمليات الاحتجاز التعسفي والتعذيب، إلا أنّ أسماء فصائل محددة تم ذكرها بشكل أكبر من باقي المجموعات المسلّحة، منها: فرقة الحمزة/الحمزات التي تورطت بما لا يقل عن 20 حالة تعذيب وسوء معاملة وإهانة،وفرقة السلطان مراد التي تورط بما لا يقل عن 12 حالة، بينما تورطت فرقة المعتصم ب8 حالات.
أفاد العديد من الناجين/ات بأنّ الأسباب الظاهرية لعملية الحرمان من الحرية ولاحقاً التعذيب و/أو سوء العاملة، حدثت نتيجة اتهامات المجموعات المسلّحة لهم بوجود ارتباطات مفترضة بينهم وبين الإدارة الذاتية (قوات سوريا الديمقراطية) التي كانت مسيطرة على المنطقة حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، أمّا فعلياً، واستناداً إلى أقوال الشهود، فإنّ السبب الرئيسي لعمليات الاعتقال والتعذيب كان بهدف ابتزازهم مادياً وإجبارهم على دفع الفدية، ولاحقاً التخلّي عن ممتلكاتهم ومغادرة مناطقهم الأصلية التي ينتمون لها.
هذا وتأتي الانتهاكات التي يوثقها التقرير خلافاً لاتفاقية وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا، الذي وقعته كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 17 -10- 2019، حيث أكد الاتفاق في بنده الرابع على أن: “البلدان يكرران تعهدهما بصون حياة الإنسان وحقوق الإنسان وحماية المجتمعات الدينية والعرقية.”
كما تجدر الإشارة إلى أن الشهادات التي قدمها الضحايا تتقاطع مع تقارير العديد من المنظمات الدولية والمحلية، التي وثقت اعتقالات واسعة النطاق وحالات تعذيب، ارتكبتها مختلف أطراف الصراع في جميع المناطق السورية.
إذ رصدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقريرها الصادر في آذار/مارس 2023، استمرار تفشي الاعتقال التعسفي والاستخدام المتزامن للتعذيب في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية و”هيئة تحرير الشام” و”قوات سوريا الديمقراطية” و”الجيش الوطني السوري”.
وفي إطار عملها على مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، منها رأس العين/سري كانيه، قالت اللجنة أن: “لديها أسباب معقولة بأن أعضاء من “الجيش الوطني” استمروا بحرمان الناس من الحرية بشكل تعسفي واحتجاز بعضهم بمعزل عن العالم الخارجي وبعضهم الآخر بطريقة ترقي إلى الاختفاء القسري، وكذلك استمرار أعضاء من “الجيش الوطني” بارتكاب جرائم التعذيب، بما في ذلك الاغتصاب والمعاملة القاسية والقتل وأخذ الرهائن والنهب، مأكدةً أن هذه الانتهاكات “كلها ترقى إلى جرائم حرب”.
فيما وثقت منظمة “هيومن رايتس وتش” عمليات نقل غير قانونية لسوريين إلى الأراضي التركية، واصفة العملية بالنقل القسري من أراضٍ محتلة.
كما كشفت رابطة تآزر للضحايا و”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، في شهر آذار/مارس 2022، عن وجود أكثر من (120) مفقود نتيجة عملية “نبع السلام” [1]
=KTML_Link_External_Begin=https://www.kurdipedia.org/docviewer.aspx?id=509586&document=0001.PDF=KTML_Link_External_Between=https://www.kurdipedia.org/admin_editor.aspx?expand=0&lng=11&id=20230726094532509586=KTML_Link_External_End=