من ارشيف الذاكرة
الذكرى الثامنة و الخمسون لرحيل رائد الحركة الشعرية الكوردية الحديثة في القرن العشرين (عبدالله گۆران) فی 18 – 11 - 1962
وريا عمر امين
.
كنت طالبا في الصف الاول فی كلية اللغات بجامعە بغداد في السنة الدراسية (1967 – 1968) ..كان الدكتور المرحوم حبيب الحسنى يدرسنا مادة اللغة و الادب العربي.. طلب منا نحن الطلبة ان ننجز تقاريرا عن الادب الكردى باللغة العربية. وقع اختيارى انا على الشاعر (گۆران) حيث كنت من مريديه و حفظة شعره ..و كتبت عنه هذا التقرير ..وبعد ان اطلع علية الدكتور حبيب الحسنى اثنى عليه كثيرا و قيمه بدرجة امتياز.. شجعني كثيرا بالاستمرار بالكتابة و قال (هذا التقرير يرقى الى مستوى بحث ، عليك بنشره)..شكرته كثيرا وقلت له (استاذي العزيز ...هذا التقرير اعداد وليس بحثا وكان جوابه : بالنسبة لك و انت في الصف الاول فی قسم اللغە الكردیە و لغتك الام ليست العربية ..اكثر من بحث ) .احتفظت بالبحث ولم انشره الى سنة 1983 حيث نشرتها فی جریدە (العراق) تحت اسم مستعار (ازا) و بعنوان (قراءات في شعر كؤران) بثلاث حلقات ..نشرت الحلقە الاولى منه فی العدد 2125 فی 27/1/1983.
تمر هذه الايام الذكرى الثامنة و الخمسين لرحيل هذا الشاعر العظيم ( 18-11-1962)..بهذه المناسبة نعرض صورة من التقرير مع مقتطفات منه:
.
(گوران هو عبدالله سليمان بك ابصر النور في حلبجة عام 1904 وقضى سنين طفولته فيها ولم يتسنى له ان يتلقى دروسا منظمة لا في المدارس الدينية التي كانت انئذ المجال السائد للدراسة ولا في المدارس الحكومية التي لم تكن توجد الا ما ندر. وقد اتیح له ان یدرس فترە وجیزة فی كركوك ، الا ان الظروف العائلية سرعان ما اضطرته الى ان يترك دراسته هذه ايضا و يعود الى حلبجة ، حيث اصبح معلما ابتدائيا بعد سنوات قلائل. فقد كان هو بثقافته المتواضعة من القلائل الذين يمكنهم ان يتولوا مهمة تعليم الاخرين ، بالنظر للامية الهائلة التي كانت سائدة حينذاك و ندرة من له اقل المام بالاساليب التربوية الحديثة. غير ان كوران لم يكن من الذين يرضون بهذا القدر من المعرفة و بمجهوده الذاتي استطاع ان يطور ثقافته الفارسية و التركية و العربية و يتعمق في الادبين الفارسي و التركي ، كما تعلم اللغة الانكليزية و اتقنها و أخذ بناصية الترجمة منها و اليها). (ص1)
....
( دخل گوران معترك الحياة في مجتمع ملؤه الجهل و المظالم و التشاؤم ...مجتمع كله خوف و رهبة من الاوهام و الخرافات. دخل معترك الحياة في هذا المجتمع بعقله الراجح و فكره الثاقب متحديا كل الاوضاع السائدة و العواقب المؤلمة المترتبة عليها ...ولم يلثم اي شىء نضاله العنيد في سبيل اسعاد مجتمعه ، فحمل باحدى يديه شعلة العلم و المعرفة و مد يده الاخرى الى ايادى البؤساء ليعبرهم من الوف المنعطفات و الاهوال حتى يصلوا الى الحرية و الانعتاق. كان يذرف الدموع الساخنة عندما كان الحديث يجري عن اليتامى والارامل و الثكالى وعن بؤسهم و جوعهم و مرضهم و عن حرمانهم في مجتمع فاسد لا كلمة فيه للضمان لمثل هؤلاء البؤساء في قاموسه الملىء بالكذب و الرياء.). (ص6)
....
( ان المدرسة الشعرية التي اسسها كوران اصبحت قدوة لعدد كبير من شعرائنا الشبابالذين اخذوا ينهلون من موردها و يسيرون على هداها).(ص8)
...
فقد كان لايزال امام كوران شواطىء لم تسنح له فرصة الولوج فيها..كانت امامه مكامن في الحياة و قيمها..والطبيعة و جمالها و الادب و افاقه.. تمنى في حياته ان يتغنى بها جميعا وتصل الى يده اورادها ليختار منها باقات جميلة ليضعها في مزهرية الادب الكردي و ليصنع منها اكاليل لقبور شهدائنا الابرار. و ليشد باقات من هذه الورود فوق جباه و اعناق الاطفال الذين فقدوا ابائهم في سوح الوغى في طريق النضال.
تمنى كوران ان يستخرج من عصارة هذه الورود بلسما شافيا لجروح المعذبين و المضطهدين وراء القضبان و في دياجير السراديب....ولكن مات كوران كئيبا و كسير الفؤاد قبل ان تتحقق امنياته الغالية التي كان يحلم بها.
....
أن قصائد كوران ثروة عظيمة لشعبنا الابي ..ثروة ادبية زاخرة لا تقدر بثمن ولا يمكن ان تقدر). (ص8)
وريا عمر أمين
كلية اللغات – قسم اللغة الكردية
الصف الاول – ب -
.
1 - على ضريح گۆران في مقبرة گردى سیوان – السلیمانیە 10-12-2010
2 - مع شاهۆ نجل الشاعر عبدالله گۆران – بغداد 11-5-2011