تل موزان هو الموقع لمدينة اوركيش القديمة – المعروفة في الأساطير والتاريخ، والتي وضعتها تنقيباتنا في هذا الموقع في شمال شرق سوريا. لا تزال بداياتها غير معروفة، لكنها تعود علی الأقل للجزء الأول من الألف الرابع قبل الميلاد. لقد كانت المركز الأساسي للحوريين الذين احتفلوا بها في أساطيرهم كونها بيت أبو اڵالهة، كوماربي. كانت أيضا عاصمة مملكة سيطرت علی المرتفعات المجودة في الشمال، والتي احتوت علی النحاس، مما جعلها مدينة غنية.
.ان الذي يظهر امامنا اڵان كتل طبيعي، هو في الواقع مدينة مختبئة بين ركامها اجزاء من لحظات متفرقة في الزمان، مشكلة بطريقة غير متوقعة طبقات تراصت وتقاطعت في مجموعة مساحية من الأبنية والطبقات. من خلال عملنا في هذا الموقع الأثري، بدأت الروابط الخفية بين هذه الأجزاء، تكشف في موزان، عن صورة متناسقة لما كان في يوما ما مجمعا مدنيا متناسقا في أوركيش
في أعلی نقطة في الأفق، يوجد معبد كوماربي. البقايا الموجودة لدينا اڵان تعود لحوالي 2400 ق.م. و نعتقد أننا نعرف اسم الملك الذي بناه- تيش أتال، المعروف لدينا من تمثالين رائعين لأسدين من البرونز. لم يبق اليوم سوی أساسات المعبد المتوضعة علی تلة صناعية، والتي تخبئ بالتأكيد بقايا المرحلة الأقدم من المعبد نفسه.
بني المعبد علی قمة مصطبة واسعة: تم االكشف عن جزء محدود فقط من الجدار الحجري الضخم المحيط بالمصطبة والمدرج الأكثر عظمة وفخامة ولكنها كافية لإعطائنا احساسا بالمشهد المتناسق الذي استطاع القدماء ابداعه.
ولسوف نستمتع أكثر بهذا المشهد المتناسق كما كان منذ أكثر من أربع ألفيات ونصف، إذا تمكنا من إزالة كل الركام الذي تراكم علی سطح المربع الكبير الذي يربط مصطبة المعبد بالقصر الملكي. في السنوات القادمة، إذا توافرت الإمكانية للقيام بهذه المهمة العملاقة، سوف نتمكن من استعادة مشهد يمكن فقط لإعادة البناء ثلاثية الأبعاد أن تظهره للنور حاليا.
حصل التغير في المشهد القديم بسبب النمو العامودي للمدينة القديمة في الفترة ما بين 2200 و 1400 ق.م. بنيت منازل حول مصطبة المعبد. وعندما ضاقت الأحوال، تم البناء فوق المنازل القديمة المنهارة. هذه الطبقات المستمرة مرئية في مقطع كبير في الموقع والذي يقدم رؤية ممتازة للسراتيغرافيا الأثرية.
تحت هذا التدرج، يظهر للضوء القصر الملكي القديم، والذي يعود بشكله الحالي لوقت أحدث بقليل من المعبد، أي حوالي 2300 ق.م. لم يتم سوی تنقيب الجناح الخدمي بشكل كامل. أما الجناح الرسمي حيث عاش الملك، يمتد بعيدا تحت طبقات الاستيطان اللاحقة. قدمت لنا طبعات الأختام العديدة كنزا من المعلومات التاريخية عن السلالة الحورية التي حكمت المدينة وعن الملكات اللواتي تحدرن من الجنوب ومن ضمنهن ابنة نارام سين، ملك أكاد القوي الذي غزا كل سورية ولكنه بقي متحالفا مع أوركيش.
واحد من الأبنية الإستثنائية هو الحفرة الحجرية الكبيرة والعميقة حيث كانت تستدعی أرواح العالم السفلي عبر وسيط، يستطيع تفسير أصواتهم التي تشبه زقزقة العصافير. هذا البناء رائع كونه يحمل معنی ديني عميق. ولايزال هذا البناء يعطي تأثيرا عميقا للزائر بسبب عظمته و بسبب حالة حفظه الممتازة[1]