في ظل خيمة ب#مخيم واشوكاني# على أطراف مدينة #الحسكة#، يجلس محمد برفقة والده وأطفاله، ويسرد مخزوناً من ذكريات حياته وحاله في قريته ويقارنها بما آل إليه حاله الآن.
يقول محمد أحمد، “ندعو ليلاً نهاراً بأن يفرجها الله علينا ونعود إلى قريتنا، حتى لو أعود وأجلس في ظلال جدار منزلي لكن سأكون مرتاحاً وقتها”.
ويوم أمس، اكتملت ثلاث سنوات على نزوح “أحمد” من قريته أم الخير القريبة من مدينة سري كانيه، إذ أدت السيطرة التركية عليها لتغيير حياته رأساً على عقب، بعدما كان يعيش “بسعادة” ويعتاش من مرود بقالية صغيرة ضمن القرية.
وصادف التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر هذا العام، الذكرى السنوية الثالثة للعملية العسكرية التركية برفقة فصائل معارضة موالية ضد سري كانيه وتل أبيض عام 2019.
وفي خيم مغبرة بمخيمات تتوزع في مناطق شمال شرقي سوريا، يعيش الفارون بعدما تركوا خلفهم منازلهم وأراضيهم وأعمالهم.
ويضيف أحمد”، بعد إنهاء حديثٍ مع والده أمام خيمتهم المجاورة للطريق العام ضمن المخيم، “تغيرت علينا الأوضاع كثيراً، نفسياً لسنا مرتاحين، كل شيء صعب هنا، لكننا مجبرين على البقاء، لو أملك مأوى آخر لتركت هذه الخيم”.
وبينما يلهو أطفاله بالقرب منه، يأمل النازح أن يعود لقريته قريباً.
ويعاني النازحون السوريون في مخيمي النزوح، (مخيم سري كانيه وواشوكاني) في الحسكة، أوضاعاً صعبة، في ظل تجاهل المنظمات الإنسانية لهم، فالخدمات شبه معدومة والمساعدات المقدمة محدودة وغير كافية، بحسب نازحين التقت بهم نورث برس.
يقول “أحمد” إن أوضاعهم “تعبانة وفرص العمل قليلة، فحتى المنظمات الإغاثية لم تعد تساعدنا”.
ورغم هذا الوضع، يرفض النازحون في المخيمين العودة إلى ديارهم تحت الراية التركية، نظراً للانتهاكات التي ترتكبها فصائل مسلحة بحق السكان، إلى جانب فقدان الأمان بفعل الاقتتال المستمر بين الفصائل على النفوذ والسرقات وعمليات التهريب.
ويقطن ما يقارب 30 ألف شخص من نازحي سري كانيه، في المخيمين، اللذين افتتحتهما الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، عقب الهجوم التركي.
ورغم الكم الهائل من النازحين في المخيمين، لا تعترف منظمات الأمم المتحدة بوجودهما، باعتبارهما “غير شرعيين”.
ويقول ديلاور محمد علي، مدير مكتب الصحة في مخيم سري كانيه: “هناك تجاهل كبير من قبل المنظمات في الاطلاع على أوضاع النازحين ضمن هذه المخيمات”.
ويضيف: “لم يدخل أحد من المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى هذه المخيمات، للاطلاع على أضاع النازحين وتقديم المساعدة”.
وفي مخيم واشوكاني، يجد محمد عيسى (26 عاماً)، صعوبة في التأقلم مع الحياة، “الحياة هنا صعبة جداً على عكس ما كانت أوضاعنا أثناء تواجدنا في قريتنا”.
ويتذكر “عيسى”، حياته السابقة في قريته السودة بريف سري كانيه، “الحياة الاجتماعية والمعيشية كانت جيدة، كنا نعمل في الأراضي الزراعية وغيرها عكس ما نعيشه هنا، فرص العمل داخل المخيم قليلة جداً”.
ويشير، بينما تطهو شقيقته وجبة الغذاء على بابور كاز صغير تحت خيمتهم، إلى أنهم يتكبدون معاناة كبيرة في العيش ضمن المخيمات، “خلال الشتاء عندما تأتينا العاصفة، تقلع الخيمة كلها”.
وفي خضم المعاناة التي يمر بها النازحون ضمن المخيمات، يبقى الحنين إلى الماضي أملاً يتمسكون به للعودة يوماً ما.
ويقول “عيسى” بلهجته المحلية، “نشتاق لقريتنا كثير، لو يطلع بإيدنا سنعود حالاً لكن لا نستطيع”، في إشارة منه إلى وجود فصائل مسلحة في قريته.
إعداد: دلسوز يوسف[1]