#صفحات من ثورة الشعب في روجآفا#، ل آلدار خليل: توثيقُ الصراع لأجل الحياة.
جوان تتر.
مركز الفرات للدراسات، 26/03/2018.
توثيقاً مختلفاً عمّا هو سائد في باب التوثيقات المعتادة، يمضي كتاب: “صفحات من ثورة الشعب في روج آفا” للسياسي: آلدار خليل، والصادر لدى دار هركول للنشر، نحو تأريخٍ لصفحات نضالية شملت كل مرافق التفكير والحياة في روج آفا، دون كللٍ أو تعب لدى الشعب أو لدى الحركة السياسيَّة والعسكرية والاجتماعيَّة برمّتها وعلى حدٍّ سواء، ذاك التوثيق الذي يأتي بمثابة عنصر فاعل في تدوين تاريخ الشعوب، مع اليقين المطلق أن لا توثيق يجاري الكتابةَ والتدوين على عكس أنواع وأجناس التوثيق الأخرى المتعدّدة، والمعتمَدة على الأغلب ربمّا.
بدءاً من السرد التاريخي لروج آفا نحو الثورة، ثورتها الخاصَّة بها والمختلفة مطلقاً، وليس انتهاءً بالسرد التاريخي لما قبل الثورة انطلاقاً إلى الإعداد التنظيم وتشكيل الأحزاب والضغط الكردي الذي حصل بفعل الحركة السياسيَّة الكردية التي نشطت وعرفت أن لا حراكَ حقيقي دون الالتزام بالفكرة المحوريّة، التي هي الثورة قبل وبعد كلّ أمرٍ، يبدو الكتابُ نقيَّاً وخالياً من أي تزويرٍ حصل فيما مضى بالنسبة لهكذا نوع من الكتابات التأريخية السياسيَّة.
سوريا، تلك الرقعة الجغرافيَّة التي تختلف عن أي رقعةٍ جغرافية أخرى في الشرق الأوسط، حيثُ الصراع الدائر، والذي وجّه دفّة الأزمة السوريَّة نحو حلولٍ مجترحة، يشرحها آلدار خليل بين دفتّي الكتاب/الوثيقة، هذا الفلاش باك –العودة للخلف- المكثّفة داخل الكتاب يمنح انطباعَ رغبةٍ ملحَّة على أن يكون توجّه التأريخِ تدويناً هكذا وبهذي الطريقة: الانتقالُ من الماضي –مقارنةً مع الحاضر- إلى الحاضر، ومن ثمّ الوثب من الحاضر نحو المستقبل، حتّى ولو كان هذا المستقبل تخييلاً، غير أنّ الرؤية السياسيَّة الواضحة ستمنح البعد الحقيقي لهذا التخيّل السابق.
أهميَّة الكتاب تكمن في الدقّة التوصيفيَّة/التأريخيّة، ومن ثم النقطة الأشد أهميَّة، والتي هي أن آلدار خليل كان جزءاً من كل هذه التوثيقات وعايشها بنفسه.
$أهميَّة الكتاب$:
يحظى التدوين بين الشعوب بأهميَّة تأريخيَّة، ناهيك عن القيمة الفنيَّة لهكذا آثار والتي تبقى خالدة عبر الأزمان، وما كتبه الفلاسفة والناشطون السياسيَّون المؤثّرون فعلاً على الرأي العام العالمي والمجتمع المحلّي، وخاصةً تلك المجتمعات التي تخوض حروباً مصيريَّة، إلا الدليل الأقوى والدامغ على أنّ التدوين يبقى لفتراتٍ أطول من باقي أشكال التوثيق والأرشفة مهما كانت أجناسها وأشكالها المختلفة.
حّتى اللحظة الرّاهنة من حياتنا تحظى كتب السير الذاتيَّة للسياسيين والثائرين الحقيقيين بالقراءة والشعبيَّة حول العالم من قبل الأفراد ضمن المجتمع الذي يحضر مخاض التغيير، وهذا التدوين في روجآفا-شمال سوريا قليل جداً، لا بل ويمكن أن نطلق هنا لفظة أشدّ قسوة، إن قلنا أن ذاك التدوين معدوم على وجه التقريب، الأسباب ربمّا تكمن في اضمحلال القراءة والتعرّف على تجارب الشعوب خلال فترات الصراعات والنزاعات الوجوديَّة، تلك الفترات التي تحدّد أيديولوجيَّات الشعوب وتوجّهاته على كافَّة الأصعدة، سياسيَّاً وحزبويَّاً وانسانيَّاً حتّى، لذا فإن إدراك أهميَّة اليوميَّات، سياسيةً كانت أو يوميةًَّ بحتة تسردُ الحياة في عهدٍ أو عصرٍ ما، وعلى الأخصّ زمن الحروب والنزاعات، تفضي بالنتيجة إلى تدوين يوثّق ما حصل، أو يحصل خلال التدوين.
لذلك، تكمن أهمية الكتاب في تدوين ما جرى خلال فترات حساسَّة في التاريخ السوري كدولة، والتاريخ الكردي كمكوّن كان مقموعاً على فترات زمنيَّة طويلة جداً، ليساهم ذاك القمع في تأطير التجربة الكردية بشكلٍ أشدّ في مواجهة القمع وتأمين قوى تواجه هذا القمع بالمزيد من الديمقراطيَّة وإفساح المجال أمام كل المكوّنات للمشاركة أو –إبداء المشاركة حتّى- في صياغة وطن غير مبنيّ على أساس قومويّ-عرقي، بل على أساس ديمقراطي فقط، من خلال التجربة والممارسة العمليَّة للأسس الديمقراطيَّة، من خلال ما كتبه القائد الكردي عبد الله أوج آلان في كل مؤلّفاته السابقة، هذه المرجعيَّة التي تُزيد من الإصرار على الرغبة في التدوين، ليظلّ هذا التدوين كنقشٍ على حجرٍ لا يذهب بفعل تغيّرات المناخ ولا يمكن لأحدٍ أن يسجن تلك الأفكار المدوّنة أو أن يُخرجها عن سياقها وإطارها، كل شيء موجود بين دفّتي مجموعة أوراق مصفوفة تدعى، كتاب، وما لهذه المفردة الآنفة الذكر من دلالات تاريخيَّة عميقة
$بدايةُ الحدثِ توثيق$اً:
ينطلق آلدار في الفصل الأول من الكتاب/الوثيقة من العناصر والأرضيَّة الممهّدة، أو الأحرى، تلك التي مهّدت لترسيخ فكرة ومبدأ إخوّة الشعوب، حيث الصراعات السياسيَّة التي كوّنتها المعارضةُ السورية في الخارج، ومن ثمّ التركيز على ضرورة بناء أرضيَّةٍ توحّدية مشتركة: “الظروف والوقائع وتركيبة العلاقات والتطوّر الاقتصادي والاجتماعي وأنظمة الإقصاء والقمع وطبيعة وصيرورة الحياة السياسيَّة تفرض نموذجاً واضحاً وصادقاً ينجح في الحفاظ على الجميع، ونسج شبكة علاقات تعايشية على أسس فكرية متينة ومقبولة من الجميع وبين الجميع، وهنا كانت نظرية الأمَّة الديمقراطيَّة وأخوَّة الشعوب التي وجد الجميع فيها مرآةً لهويَّته وقبولاً واضحاً لتطلّعاته الحياتيّة وحقوقه الانسانيَّة”. بهذا التوضيح المكثّف لفكرة الأمّة الديمقراطية ومبدأ أخوّة الشعوب، ينطلق الكتاب نحو مسائل أعمق تتعلّق بالشقاقات السياسيَّة التي عصفت بالدولة السوريَّة إبّان فشل الحكومة الاتحاديَّة التي أعلنت عن الانفصال بين “سوريا ومصر” 28/أيلول-سبتمبر 1961 وبدء تشكّل الكيانات السياسيَّة الكرديَّة، ورسم أطر سياسيَّة لكل كيان سياسي، مستقلّ بحدّ ذاته، وإعطاء فكرة عن المناطق أو الدول التي يتواجد فيها الكرد، ومن ثمّ الانطلاق من فكرة الشعب الواحد إلى الكيانات السياسيَّة المتصارعة والمنقسمة على ذاتها، ما أثّر على قوّة الكرد ككيان ونسيج مجتمعي-سياسي قويّ لا يمكن الاستهانة به، وفي معرض هذا الأمر، لا يخفي الكاتب أسفه الدفين والواضح عبر المفردات على هذا الانقسام الذي كان يحصل: “لستُ هنا في معرض اتهام أو تصويب موقف هذا الطرف أو ذاك، إنما فقط أودّ التأكيد على أن حجم الانقسامات، أمر لم يكن من الممكن تبريره قط على أنَّه انشقاقات ذات خلفيَّة طبقية أو إيديولوجيَّة أو مبدئيَّة، وإذا كان هذا العدد الكبير من الأحزاب قد سبَّب في مرحلة ما انتعاشاً كبيراً للحركة السياسية خصوصاً في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، فإنه خلق بالمقابل حالة من انعدام الثقة بالأحزاب السياسية التي وجد الشعب في قسمٍ منها على الأقل، بأنَّها كانت نتاج صراعاتٍ شخصيَّة أو عائليَّة”.
يبدأ الكتاب بانزياحه التدوينيّ نحو ما سأسميه هنا _إن جاز التعبير – بالانزياح اللذيذ إلى أدب اليوميَّات، حيث الحديث عن التجربة الشخصيَّة للمدوّن في الانضمام للحركة الثورية الكردية عقب إعلان الكفاح المسلّح الكردي، هذا الكفاح الذي ضحّى من خلاله مجموعة من الشبّان الثوريّ بحياتهم وشبابهم كرمى للثورة وتحقيقها على أكمل وجه، لا يخفى على أحد، كنوعٍ من انحياز لأدب اليوميات، الذي لاقى صداه منذ أن دوّن الثائر آرنستو تشي غيفارا في دفتر يومياته المعنون ب (يوميات بوليفيا)، وكذلك المفكر المدني أنطونيو غرامشي بعنوان: (دفاتر السجن)، هذا السرد اللذيذ يتوقف في الفصل الثاني، ليدخل الكتاب لمرحلةٍ سرديّة جديدة، وعنونها المؤلّف ب”الإعداد والتنظيم” حيث الحديث عن بدء تأسيس (حزب الاتحاد الديمقراطي) وما سبق الإعلان من تحضيرات ومناقشات واختيار مكان بعيد عن سطوة وقمع النظام السوري آنذاك بهدف البدء بالترتيب السياسي، والاجتماعات التحضيريَّة للتأسيس والإعلان.
لا شكّ أن أي حزب في طور تأسيسه سيلقى تحويراتٍ من داخل الحزب ذاته، هذا ما يقول عنه المؤلّف/المدوّن، لكن في إطار تاريخي سياسي معيّن تحكمه النزاعات أو ربمّا الزمن كفيل بإيجاد حلٍ له من خلال المزيد من التنظيم.
$شرارة الثورة/الأزمة$:
محاولات النيل من الكرد سياسيَّاً بدأت منذ اندلاع، الحراك الشعبي في عموم سوريا نتيجة آليَّة القمع التي كان يتّبعها النظام على مدار سنوات طويلة، واستمرّت حتّى هذه اللحظة، لكن السياسة الكرديَّة عقب المظاهرات الاحتجاجيَّة التي عمّت مختلف المناطق السوريَّة، دفع بالكرد إلى رسم خطط بديلة من خلال تقوية الذات، ويبدأ المؤلّف بسرد هذه الصيرورة باختيار شعار/سلوغان ثوري اتخّذه السوريَون في كل المناطق، وأعني هنا شعار: “الشعب السوري ما بينذلّ”، الذي لاقى صداه في حناجر السوريين أجمعين: “لكننا طرحنا فكرة أننا لا نريد خوض أي صراع على السلطة كما حدث في البلدان العربية الأخرى، وإنما نسعى إلى بناء مجتمع ديمقراطي حرّ، ونريد أن يكون ذلك نموذجاً جديداً للحلّ في الشرق الأوسط برمَّته، لأننا نؤمن بأنّ الثورة لا تكمن في السيطرة على الحكم وإعادة إنتاج القديم، وكان طرحنا غير مستساغٍ بالنسبة للكثيرين، وكانوا يقولون لنا: إنّ النظام سيسقط وأنتم تقولون نريد بناء مجتمع ديمقراطي، ولا نريد السيطرة على الحكم!”. من هذا المقطع بالذات الذي يسرده السيد آلدار وصولاً إلى المرحلة السوريَّة في راهننا الحالي، يكمن الفرق في ما أسبقه المؤلّف/المدوّن بكلمة: “قالوا لنا” وبين ما نفّذوه الكرد سياسيَّاً وعسكريَّاً على أرض الواقع، حيث الحقيقة تجلّت وتوضّحت، ومن ثم وصولاً إلى البيان الصادر عن مجلس “حزب الاتحاد الديمقراطي” بتاريخ 30 آذار عام 2011م، الأخير الذي أسماه المؤلّف/المدوّن، “إخراج سوريا من عنق الزجاجة” وإيصال المجتمع السوري مشمولاً بالمجتمع الكردي في سوريا إلى: “بر الأمان والاستقرار”، من خلال مجموعة مطالب ركّزت على إطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيَّين وإلغاء الأحكام العرفيَّة وإبطال مفعول أجهزة المخابرات التي سيطرت على كل مرافق الحياة المدنيَّة ضمن كامل بدن المجتمع السوري، ناهيكم عن مطالب أخرى أكثر دقَّة تشمل إدخال سوريا إلى مرحلة “الدمقرطة”، مطالب كانت تعتبر في الصميم، وكانت (في حال إن تمّ تنفيذها) تعتبر خطوة جريئة يقدِم عليها النظام السوري في خطوات خجولة نحو الإصلاح.
لا شكّ وأن المؤلّف/المدوّن، على يقين تامّ بأنّ ما يُكتب سوف يبقى، الأرشفةُ الحقيقيَّة من خلال الكتابة والسرد، وجلب الأمثلة وإدراج البيانات الصادرة آنذاك عن حزب الاتحاد الديمقراطي، ومن ثمّ رحلة عودة الكوادر إلى روج آفا لممارسة الفعل السياسي عقب انتشار الاحتجاجات في عموم الدولة السوريَّة شاملةً كل الأطياف والمكوّنات المختلفة، على الرغم من الخطوات القمعيَّة لدى النظام السوريّ القائم بذاته آنذاك، وقسوته في مواجهة التظاهرات أو أي مظاهر كرديَّة، ويسبق ذلك اشتباك أتى المؤلف على ذكره أثناء محاولة عبور أعضاء من الحزب للحدود واستشهاد اثنين من الرفاق ممنّ قرروا العودة إلى روج آفا، إذن التضحية كانت منذ اللحظات الزمنيَّة الأولى في سبيل العودة إلى البلاد والمشاركة في صوغٍ سياسيّ مختلف ومغاير أتى وقته، ولا بدّ من المشاركة. الفقرة التي عنونها المؤلّف ونجح في العنونة: “العودة إلى روج آفا والطريق المرويّ بالدم”.
بالإمكان التقاط فقرات بعينها داخل المؤلَّف، والاستدلال عبرها على البصيرة السياسيَّة والتنبؤ من خلال الفعل السياسي الحقيقي، وبالإمكان الاستدلال على هذا المقطع –والكتاب يتوافر على عشرات من مثل هذه النماذج-: “لم تكن هناك أية معارضة سوريَّة حقيقية، مهما ادَّعت بعض المجموعات إنها معارضة وذات توجّه ديمقراطي خالص لوجه الوطن، ولهذا انتهت إمكانيات البحث عن شريك سوري فعلي للتعاون معاً في التصدي لممارسات النظام وسياساته، فالتنظيمات المتواجدة لا تمتلك رؤى مختلفة كثيراً عن رؤى النظام فيما يخصُّ القضية الكرديَّة”، إذن الجمل لا تصفّ اعتباطيَّاً، بل تتأتّى الكتابة خلل تفكّر سياسيّ بما كان سابقاً وما آلَ إليه الحالُ في الراهن من أيَّامنا، إن كان ذا سياسيَّاً سوريَّاً أو مجتمعيَّا أيضاً من خلال التغيّرات التي حصلت منذ ذاك الوقت وحتّى الآن.
لا يخفي المؤلَّف، كمية الضخّ الإعلامي المعارض لحقائق القضيَّة الكرديَّة، ورؤية حزب الاتحاد الديمقراطي للحلّ السوريّ، ومن ثم الانزياح (أعني انزياح وسائل إعلام المعارضة السوريَّة) إلى رسم ما هو مخالف للحقيقة الفعليَّة والتي لا تحتاج إلى إثباتات فهي جليَّة للجميع، ومن ثمّ الانتقال إلى مرحلة الثورة من خلال الثقافة والفنّ، العنصرين الأساسيَّين في ثورة أي شعب.
$دور الثقافة والفنّ في الثورات$:
لا أعلم، ولكن من الممكن القول ها هنا، اقتصار الكتاب على رؤية غير كاملة لدور الثقافة في ثورات الشعوب كان السلبيَّة الوحيدة في المؤلّف الذي بين أيدينا، وجميعنا بات يعلم كمّ المراكز الثقافيَّة الكرديَّة ومهرجانات الفن بكل أنواعه في عموم روج آفا، لكن الكتاب لم يذكر إلا البدايات، ربّما الأمر سيكون أكثر أهميَّة لو أنّ الكتاب احتوى على قسمٍ أكبر من (الفصل السادس) الذي لا يتعدّى حجمه الصفحة الواحدة، وكان من الضروريّ أن يكلّف قائمون على تلك المراكز الثقافيَّة بالسرد والتوثيق من خلال ثورة الفنّ، وليس بعيداً، كنموذج، الثورة الفرنسيَّة، التي كانت بالنسبة لفرنسا عصراً تنويريَّاً، من ناحية الفنّ والأدب والسينما، أو ربمّا ارتأى الكاتب/المدوّن أن يتولّى الأشخاص الفاعلون والقائمون على هذه الثورة الثقافيَّة في روج آفا بمهمتهم في التوثيقِ سرداً وتدويناً.
$التأريخ ضمن الكتاب$:
مع تقدّم القراء في قراءة سرديَّات كتاب: “صفحات من ثورة الشعب في روج آفا” لكاتبه السيد: “آلدار خليل”، سيكشف كمّ التجميع الهائل والجهد في توثيق البيانات الصادرة والمفاوضات مع الأحزاب الأخرى التي نظرت على نفسها أنّها فاعلة، أو كانت فاعلة في وقتٍ مضى، ومن ثم لقت نفسها وحيدةً دون سند، فيما يمضي مشروع أو حلّ “الإدارة الذاتيَّة” متحوّلاً من رسمٍ على ورق إلى حقيقةٍ يشهدها الكرد في مناطق روج آفا، هذا التوثيق الذي يُدوّن لأجل أن يلقى قارئٌ آخر غير كرديّ على كل ما سيهمّه فعلاً في تكوين فكرةً حقيقيَّة مدعومة بالأدلّة والتوثيقات عن ثورة الشعب التي اندلعت في عموم روج آفا ولا تزال مستمرّة، على الرغم من محاولات البعض في إخفاء ملامح هذه الثورة وطمسها من خلال العدوان أو الأطماع في السيطرة وكتم صوت هذا الشعب، وعلى رأس القائمة الدولة التركيَّة التي تحاول في هذه الأثناء محو تراث حضاري كردي كامل ونسفه من خلال الصواريخ والوحشيَّة المتّبعة في عفرين.
على مدى 331 صفحة من القطع المتوسّط يمضي الكتاب في إثر التوثيقِ تدويناً واستشهاداً بأحداث دوّنت كوثائق ورقيَّة نُشرت في معظم وسائل الإعلام الكردية والسوريَّة، بدايةً من التأسيس، وصولاً إلى يومنا هذا، كمحاولةٍ ربمّا لفتح الباب أمام الكتابة المسهبة حول تاريخ ثورة الشعب في روج آفا.
$الخلاصة$:
كل ما سبق، يعتبر تمهيداً للولوج إلى عالم ثوريّ، يستمدّ ثوريَّته من خلال المقاومة، سياسيَّاً أو عسكريَّاً، السردُ الذي يليق بتاريخٍ ما، وها هو يدوّن على ورق ويُجمَع بين دفّتي كتابٍ ليبقى دليلاً وإشارةٍ إلى تاريخٍ معاصر، ليس قديم، ولكن بعد أزمانٍ مقبلة سوف يُعتّق أكثر، ويبقى كتجربةٍ أقل ما يمكن القول عنها أنّها عالميَّة/تاريخيَّة، ومن المفيد الإطّلاع على تجربةٍ ثوريَّة كهذه، تجربة سوف تُدرَج في قائمة وحكايات الشعوب الثائرة. [1]