ولد الدکتور نور الدين زازا عام 1919 في قضا و معدن الواقع بين ديار بکر وآل عزيز، وهو سليل اسرة وطنية عريقة قدمت الدعم والمساندة لنضالات الشعب الکردي، وبشکل خاص أبان ثورة شيخ سعيد 1925 ونتيجة لذلک اودع والده ملا يوسف وشقيقه الأکبر الدکتور نافذ السجن في ترکيا. بعد الإفراج هاجر الدکتور نافذ وأخوه نور الدين الذي لم يکن يتجاوز السابعة من عمره إلى سوريا، وبعد تنقلات عدة استقر بهما المقام في القامشلي حيث مارس الدکتور نافذ مهنة الطب واضعاً إمکاناته الطبية في خدمة شعبه.
وعندما اتم نورالدين المرحلة الثانوية في سوريا، حاول الالتحاق بالثورة الکردية في کردستان العراق، إلا أنه اعتقل وأودع السجن في بەغداد. وبعد الإفراج عنه سافر إلى لبنان، حيث أکمل المرحلة الجامعية الأولى، ومن ثم توجه إلى سويسرا حيث نال شهادة الدکتوراه في العلوم التربوية عام 1956 وکان على اتصال دائم بقضايا شعبه، وقد بذل جهوداً کبيرة لشرح معاناة واوضاع الشعب الکردي للرأي العام الأوربي. وأسس جمعية طلبة الأکراد عام 1949 مع بعض زملائه، واصبح رئيساً لها، واصدر مجلة (صوت کردستان).
في عام 1956 بعد حصوله على الدکتوراه، عاد إلى سوريا لمتابعة مسيرة النضال، ولکن بشکل اکثر تنظيماً، فکان عام 1957 الذي ساهم مع مجموعة من رفاقه الأوائل في تأسيس الحزب الديمقراطي الکردي في سوريا، وعين رئيساً له فيما بعد، فبدأت مرحلة جديدة من النضال عنوانها الدفاع عن وجود الشعب الکردي وحقوقه المشروعة. بعد فترة قصيرة لمع نجم الحزب في الشارع السياسي السوري، مما أدى إلى اعتقاله عام 1960 وأثنا و المحاکمة قدم الدکتور مذکرته الشهيرة إلى رئيس محکمة أمن الدولة العسکرية، التي دلت على سعة فکره بمختلف القضايا السياسية والاجتماعية والحقوقية ومعرفته بوضع الشعب الکردي وحقوقه السياسية والقومية. مما جا و في تلک المذکرة:
(سيدي بالرغم من حوادث التفرقة والتمييز العنصري، تجري وتطبق في مجالات عديدة وبطرق شتى، فأريد أن اکشف لسيادتکم قبل عرض الوقائع عن السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى تلک الوقائع والحوادث المؤسفة، وذلک السبب هو أن في الإقليم الشمالي في العربية المتحدة واقع ملموس وموضوعي هو حقيقة وجود الشعب الکردي الذي کان ولا يزال يعيش على أرضه ضمن نطاق جمهوريته العربية المتحدة، جنباً إلى جنب مع إخوانه العرب، وهو شعب له لغته وعاداته وتقاليده الخاصة به، وهو غيور على هذه اللغة والعادات والتقاليد، وحافظ على مقوماتها… واڵان نحن في هذا التاريخ من حياة البشرية التي تسعى حثيثة من اجل تعاون وتفاهم الشعوب،لتحقيق تقدم ورخا و أفضل للإنسان وتوطيد السلام والارتقا و بالشعور والکرامة الإنسانية إلى مستواها اللائق؛ کما قلت أن اللغة الکردية والعادات والتقاليد الکردية لدى الشعب الکردي وتمسکه بها لم يکن في يوم من الأيام مصدراً من مصادر التفرقة والخلاف بين الشعبين العربي والکردي..).
دخل الانتخابات البرلمانية عام 1961 کمرشح عن البارتي، وکاد أن يحقق فوزاً ساحقاً في الانتخابات لولا تدخل السلطات وقيامها بتزوير النتائج.
سافر إلى لبنان واعتقل هناک ثم عاد لسوريا عام 1963 حيث نفته السلطات إلى محافظة السويداء.
في عام 1967 عاد إلى ترکيا ومن هناک سافر إلى سويسرا عام 1970 حيث وافته المنية هناک عام 1989.
لقد شارک الدکتور نورالدين بفعالية في الحرکة الثقافية والسياسية لشعبه، وکتب في عدة صحف ومجلات مثل هوار، وروناهي. وقام بطبع ملحمة مم آلان بالحروف اللاتينية، وترجم الراعي الکردي لعرب شمو إلى الکردية. وفي عام 1982 اصدر کتاباً بعنوان (ندا و إلى الشعب الکردي) عن حياته ومعاناة الشعب الکردي.