الكرد في معجم البلدان
جان دوست
مدخل وجيز:
معجم البلدان كتاب جغرافي هام وضعه شهاب الدين بن أبي عبد الله المشهور بياقوت الحموي الرومي سنة 625 هجرية , أي قبل وفاته بسنة واحدة , وقد ذكر في كتابه ذاك المدن والأمصار الإسلامية وغير الإسلامية التي أحاط بها علما واستنبط ذكرها من دواوين الشعراء السابقين وآثار القدماء من المؤلفين واتبع في تدوينها وتبويبها الترتيب الهجائي ,و لم تفته كعادة المصنفين قديما الملح والطرائف والنوادر فأثبتها لدى حديثه عن كثير من المدن والقرى والأصقاع , وتبرأ من تلك الطرائف قائلا إنه ناقل لها وليس معتقدا بصدقها أو صحة وقوعها.
في هذا السفر الجليل كما في غيره من الأسفار والمدونات الإسلامية الجغرافية والتاريخية وحتى الأدبية , يرد ذكر الكرد وبلادهم كوردستان ( إقليم الجبال أو الجبل في مصطلح البلدانيين القدماء) , ويكاد المرء يتلمس صورة واضحة لما اعتقده المؤلفون والكتاب الإسلاميون عن شخصية الرجل الكردي وبيئته الجبلية القاسية التي انعكست على نفسيته فولدت فيه الصلابة والجلد والنأي عن المدينة وحب الحرية والاستقلال , كالمسعودي الذي أشارإلى ذلك قائلا : وذلك أن هذه الأمم الساكنة هذه الجبال والأودية تناسب أخلاقها مساكنها في انخفاضها وارتفاعها , لعدم استقامة الاعتدال في أرضها فلذلك أخلاق قطانها (سكانها) على ما هي عليه من الجفاء والغلظ(1).
وكذلك يستنتج الباحث من قراءة تلك الكتب أن الكرد كانوا في معظمهم قبائل رحل تشبه حياتهم حياة الأعراب في الجزيرة العربية , بل حياة البدو أينما كانوا في الحل والترحال , ولعل هذا أحد الأسباب التي حدت ببعض المؤرخين لأن يخلقوا للكردنسبا عربيا دون أن يبالوا بالفروقات اللغوية والتمايز العرقي بين العرب كساميين والأكراد كآريين. ومن المؤسف ان نرى بعض الباحثين يغالون في الإسقاطات القومية على مباحث التاريخ ويتهمون المؤرخين القدامى بالعنصرية أو الحقد على الكرد والجهل بأصولهم(2) لأنهم نسبوا الكرد إلى أصول عربية , رسموا في بعض المواضع صورا قاتمة لشخصية الإنسان الكردي والتي لم تكن مشرقة بالضرورة على الدوام. ولقد أعجب الكرد أيضاً بالدخول في النسب العربي, ولم يكن من العنصرية أن يدعي مثلاً العلامة محمود البايزيدي ومقداد مدحت بدرخان وشرفخان البدليسي وكثير ممن أرّخوا للإمارات الكردية أن الكرد ينتسبون إلى هذا البطن أو ذاك من القبائل العربية.
لقد تم حفظ جزء كبير من تاريخ الكرد العام بعد الإسلام في بطون الكتب والنتاجات التي سطرتها أقلام المؤلفين الكبار من طراز الطبري وابن حوقل أو القلقشندي والمسعودي والمقريزي والاصطخري والحموي وغيرهم ممن لهم دين كبير في أعناق الكرد كشعب مسلم, ولولا أولئك الرواد لضاع قسم كبير من التاريخ الكردي العام, وطوى النسيان ذكرهم وحتى ذكر مقاومتهم للفتح العربي الإسلامي .
وإذا كانت بعض تلك الكتابات لا تروق لأمزجة كثير من الكرد المعاصرين بتأثير من ثقافة الصراع القومي فلا يعني ذلك فعلاً أن ما كتب عن الشعب الكردي كان كله بهدف التشويه والتزوير وإخفاء الحقائق , بحيث يبدو وكأن أولئك المؤرخين منتمون إلى الأحزاب العربية الشوفينية المتطرفة التي تلغي وجود الكرد وسائر القوميات البائسة الأخرى !!
لقد حان الوقت كي ننتبه إلى ضرورة إجراء حفريات معرفية كوردية في كتب التراث الإسلامي الصفراء ( والتي يتقزز منها كثير من المثقفين ويسخرون منها دون علم بما فيها من معلومات هامة تسلط الضوء على الحركة البيانية الكردية ) .
إن اتهام المؤرخين القدامى بالشوفينية وإهمال كتب التراث الإسلامية ناتج بالدرجة الأولى عن حالة إسقاط غير منطقية أساسها الهوى والبعد عن عقلية البحث الأكاديمي الصارم الذي لا هدف له سوى الحقيقة حلوة كانت أو مرة .
الكرد في معجم البلدان:
في هذا البحث سنورد عديدا من المقاطع التي خصصها ياقوت الرومي للحديث عن بلاد الأكراد وعن الكرد كشعب متميز وذلك اعتمادا على المجلدات الأربع التي نشرتها دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي الصادرة في بيروت سنة 1997. وسأضع عناوين للمواد مشيراً في نهاية كل مادة إلى رقم المجلد ثم رقم الصفحة, تيسيراً للقارئ الراغب في العودة إلى مطالعتها من المصدر الأم.
قلعة آشب
آشب بكسر الشين كانت من أَجَلّ قلاع الهكارية ببلاد الموصل خربها زنكي بن آق سنقر وبنى عوضها العمادية 1 /55.
الكرد في هولير
ومع سعة هذه المدينة فبنيانها وطباعها بالقرى أشبه منها بالمدن, وأكثر أهلها أكراد قد استعربوا, وجميع رساتيقها وفلاحيها وما ينضاف إليها أكراد. وقد كان اشتهر شعر أنوشروان البغدادي المعروف بشيطان العراق فيها سالكاً طريق الهزل راكباً سنن الفكاهة مورداً ألفاظ البغداديين والأكراد:
هذا وفي البازار قوم إذا عاينتهم عاينت أهل البلا
من كل كوردي حمار ومن كل عراقي نفاه الغلا
والكرد لا تسمع إلا جيا أو نجيا أو نتوا زنكلا
كلا وبو بو علكو خشتري خيلو وميلو موسكا منكلا
ممو ومقو ممكى ثم إن قالوا بوير كي تجي قلت لا .
:ثم عاد الشاعر عن هجائه ومدح أهل إربل أي هولير قائلا
قد تاب شيطاني وقد قال لي لا عدت أهجو بعدها إربلا 1/116.
تعليق: من الواضح أن الشاعر الهجاء يسخر من اللغة الكردية التي يتحدث بها أهل هولير ويورد من ألفاظهم وقبائلهم ما ليس بالقليل ويحتاج إلى تفسير من مثل قوله جيا أي ماذا ونتوا بمعنى لا يستطيع , بوبو تعال في اللهجة اللورية والهورامية , بوير أي تعالو هي قريبة من وره. وغير ذلك من الألفاظ غامضة المعنى.
باكلبا والفقيه الكردي
باكلبا من قرى إربل. منها صديقنا الفقيه أبو عبد الله الحسين بن شروين بن أبي بشر الجلالي الباكلبي. تفقه للشافعي وأعاد في عدة مدارس في الموصل وحلب وسمع الحديث من جماعة. وهو شاب فاضل مناظر. والجلالي نسبة إلى قبيلة من الأكراد.1/261
باب الأكراد
وببرذعة (بلد في أقصى أذربيجان) باب يسمى باب الأكراد تقوم عنده سوق تسمى الكركي في يوم الأحد يكون مقدارها فرسخاً في فرسخ يجتمع الناس فيها كل يوم أحد من كل أسبوع……و قد غلب على هذا اليوم اسم الكركي حتى أن كثيراً منهم إذا عد أيام الأسبوع قال الجمعة والسبت والكركي والإثنين ….حتى يعد أيام الأسبوع 1/301.
تعليق: ورد في قاموس الهدية الحميدية في اللغة الكردية تأليف ضياء الدين باشا الخالدي المقدسي ما يلي: كيراكي اسم يوم الاحد ,لغة كثيرين وهي يونانية الأصل فتنبه وتعجب ! لكن إذا كنت ممن تبحر في علم اللغات في هذا الزمان تعلم أن أصل اللغة الكردية راجع إلى اللغة السنسكريتية الهندية أم اللغات الآريائية المتولد منها الفارسية واليونانية واللاتينية والجرمانية وأحفادها. وعند مقابلة كلمات هذا القاموس الكردي مع تلك اللغات المذكورة بدقة ومهارة يثبت لك أن أصل الجميع واحد, ثم لمرور الزمان وتباعد الناس عن بعضهم في البلاد والحروب الكثيرة الدائمة تغير وتحرف ذلك الأصلي كما ترى.
الكباش الكردية
البشمور بالضم كورة بمصر قرب دمياط فيها كباش ليس في الدنيا مثلها عظماً وحسناً, وذلك أن الكبش لا يستطيع حمل إليته…..و هي إلية فيها طول تشبه ألياء الكباش الكردية. 1/ 339
قلعة كردية
قلعة بشير من قلاع البشنوية الأكراد من نواحي الزوزان .1/ 339
بيت نار(زرادشتي) في هولير
بيت النار قرية كبيرة من قرى إربل من جهة الموصل, أنشدني عبد الرحمن بن المستخف لنفسه فيها فقال:
إربل دار الفسق حقاً فلا يعتمد العاقل تعزيزها
لو لم تكن دار فسوق لما أصبح بيت النار دهليزها. 1/411
تل هفتون:
بليدة من نواحي إربل تنزلها القوافل في اليوم الثاني من إربل لمن يريد أذربيجان وهي في وسط الجبال وفيها سوق حسنة وخيرات واسعة وإلى جانبها تل عال عليه أكثر بيوت أهلها, يظن أنه قلعة وبه نهر جار وأهله كلهم أكراد .1-455
الأكراد يبيعون قلعة:
الجبيل بلد في سواحل دمشق …..من فتوح يزيد بن أبي سفيان وبقي بأيدي المسلمين إلى أن نزل عليه صنجيل الفرنجي لعنه الله … ولم تزل بأيدي الإفرنج إلى أن فتحها صلاح الدين … ورتب فيها قوما من الأكراد لحفظها فبقيت على ذلك إلى سنة 593 فباعها الأكراد الذين كانوا بها وانصرفوا عنها إلى حيث لا يعلم, فهي إلى الآن بأيدي الإفرنج.2 /34
عاصمة الأكراد البختيين:
جرذقيل بالضم ثم السكون وفتح الذال المعجمة وكسر القاف وياء ولام. قلعة من نواحي الزوزان وهي كرسي مملكة الأكراد البختية, أفادنيها الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري.2/ 64
طائفة كردية:
والجوزقان أيضاً جيل من الأكراد يسكنون أكناف حلوان, ينسب إليهم أبو عبد الله الحسين بن ابراهيم….الجوزقاني.2 /91
قرية جوزه الكردية:
جوزه بالضم ثم السكون , قرية في جبال الهكارية الأكراد من نواحي الموصل وينسب إليها أبو محمد عبد الله بن محمد البحري الجوزي.2 /92
تعريب اسم قرية:
حديثة الموصل الحديثة تعريب اسم نوكورد, وكانت مدينة قديمة فخربت وبقي من آثارها فأعادها مروان بن محمد بن مروان إلى العمارة (أي عمرها وبناها من جديد) وسأل عن اسمها فأخبر بمعناه فقال سموها الحديثة 2 /126.
حصن الأكراد:
هو حصن منيع حصين على الجبل الذي يقابل حمص من جهة الغرب … وكان بعض أمراء الشام قد بنى في موضعه برجاً وجعل فيه قوماً من الأكراد طليعة بينه وبين الفرنج وأجرى لهم أرزاقاً فتدبروها بأهاليهم ثم خافوا على أنفسهم في غارة فجعلوا يحصنونه إلى أن صارت قلعة حصينة منعت الفرنج عن كثير من غاراتهم فنازلوه فباعه الأكراد منهم ورجعوا إلى بلادهم وملكه الإفرنج وهو في أيديهم إلى هذه الغاية.2 /152
تعليق: ما يزال هذا الحصن شاهداً حياً على بسالة الكرد ومقاومتهم للزحف الصليبي . إلا أن العقلية الشوفينية أبت إلا أن تغير الاسم لتمحو الأثر الكردي عنه فسمته قلعة الحصن.
الداسنيون:
داسن بالنون اسم جبل عظيم في شمالي الموصل من جانب دجلة الشرقي فيه خلق كثير من طوائف الأكراد يقال لهم الداسنية.2 /284
الدشت:
والدشت أيضاً بليدة في وسط الجبال بين إربل وتبريز رأيتها عامرة كثيرة الخير أهلها كلهم أكراد 2 /301.
شاعر يعشق فتاة كردية :
دير أبون بين جزيرة ابن عمر وقرية ثمانين قرب باسورين وهو دير جليل عندهم فيه رهبان كثيرة ويزعمون أن به قبر نوح عليه السلام … وفيه يقول بعضهم يذكر محبوبة له كردية عشقها بقربه:
فيا ظبية الوعساء هل فيك مطمع لصاد إلى تقبيل خديك ظمآن!!
وإني إلى الثرثار والحضر حلتي ودارك دير أبون أو برزمهران. 2 /332
محال الأكراد:
رم بفتح أوله وتشديد ثانيه وجمعه رموم, وتفسير الرموم محال الأكراد ومنازلهم بلغة فارس (في الفارسية تأتي رم بمعنى القطيع من الأغنام وهكذا يبدو أن للتسمية علاقة بنمط معيشة سكان تلك الرموم التي هي بالدرجة الأولى مراع كبيرة لقطعان الماشية .ج.د) وهي مواضع بفارس … وقال الإصطخري رموم فارس خمسة ولكل واحد منها مدن وقرى مجتمعة قد تضمن خراج كل ناحية رئيس من الأكراد … الأول رم جيلويه ويعرف برم الزنيجان اسم قبيلة من الأكراد … الثاني رم شهريار وهو رم البازنجان وهر رم جيل من الأكراد. الثالث رم الزيزان … الرابع رم الريحان … الخامس رم الكاريان .2 /432.
الزوزان:
كورة حسنة بين جبال أرمينية وبين أخلاط وأذربيجان وديار بكر والموصل وأهلها أرمن وفيها طوائف من الأكراد … وقال ابن الأثير الزوزان ناحية واسعة في شرقي دجلة من جزيرة ابن عمر … وفيها قلاع كثيرة وحصينة وكلها للأكراد البشنوية والبختية.2 /488.
الأجبان الكردية :
زوم من نواحي أرمينية مما يلي الموصل، ولعل الجبن الزومي إليه ينسب,… وقيل الجبن الزوماني وقيل الجبن الزومي ينسب إلى زومان وهم طائفة من الأكراد لهم ولاية.2 /489.
تعليق: الزوم والزومه هي مضارب الأكراد الرحل من مربي الماشية ويطلق الاسم على بقعة مخصوصة من الأرض يحط فيها حوالي أربعين بيتاً , وينسب كل زوم إلى كبير القوم فيقال زوم علو أو زوم حسن. وهي كتسميات القرى(3). وفي اعتقادي فإن الجبن الزومي منسوب إلى هؤلاء الاكراد المشهورين منذ القديم بصناعة الأجبان الفاخرة بشهادة الإصطخري الذي قال إن جبنهم يحمل إلى الآفاق(4).
مدينة اسمها الأكراد:
سابور كورة مشهورة بأرض فارس … ومن مدن هذه الكورة كازرون ودشتبازين وكندران والأكراد.3/6.
من قلاع الحسنوية:
سرماج قلعة حصينة بين همذان وخوزستان في الجبال كانت لبدر بن حسنويه الكردي صاحب سابور خواستو وهي من أحصن قلاعه وأشدها امتناعاً.3 /42.
تعليق: سابورخواست كما ورد في معجم البلدان بلدة ولاية بين خوزستان وأصبهان …و بدر بن حسنويه هو الذي حكم الدولة الحسنوية الكردية من سنة 998 م إلى سنة 1014 م وأنعم عليه الخليفة العباسي في بغداد بلقب ناصر الدولة.(5)
مراعي الأكراد:
سيسر بلد متاخم لهمذان , قالوا سمي سيسر لأنه في انخفاض من الأرض بين رؤوس آكام ثلاثين فمعناه ثلاثون راساً … وفيها عيون كثيرة لا تحصى وكانت تدعى صدخانية لكثرة عيونها ومنابعها. ولم تزل سيسر وما والاها مراع لمواشي الأكراد وغيرهم حتى أنفذ إليها المهدي مولى له يعرف بسلمان بن قيراط……3/105
تعليق: المهدي هو الخليفة العباسي المعروف, وصدخانية معناها الينابيع المئة, فمن معاني كلمة خاني في اللغة الكردية النبع وعين الماء, وهي مرادفة لكلمة كاني حيث أبدلت الخاء كافاً.
قلعة كردية قرب نهاوند:
شرماح قلعة مطلة على قرية لأبي أيوب قرب نهاوند, بناها بعض الأكراد بنقض قرية أبي أيوب.3/136
شقلاباذ:
قرية كبيرة في لحف الجبل المطل على إربل ذات كروم كثيرة وبساتين وافرة , ينقل عنبها إلى إربل العام بطوله فيكفيهم . بينها وبين إربل ثمانية فراسخ. 3/150
أقول: لعله يقصد شقلاوة الحالية !! وثمانية فراسخ تساوي حوالي أربعين كيلومتراً.
السليمانية والتمرد الكردي:
شهرزور : وهي كورة واسعة في الجبال بين إربل وهمذان … وأهل هذه الناحية كلهم أكراد, قال مسعر بن مهلهل الأديب: شهرزور مدينات وقرى فيها مدينة كبيرة وهي قصبتها…, أهلها عصاة على السلطان قد استطعموا الخلاف واستعذبوا العصيان … ولأهلها بطش وشدة يمنعون أنفسهم ويحمون حوزتهم … وأكثر أمرائهم منهم … وهم موالي عمر بن عبد العزيز. وجرأهم الأكراد على الأمراء ومحالفة الخلفاء وذلك أن بلدهم مشتى ستين ألف بيت من أصناف الأكراد الجلالية والباسيان والحكمية والسولية … هذا آخر كلام مسعر, وليس الآن على ما ذكر وإنما نذكر هذا ليعرف تقلب الزمان بأهله … فإن هذه البلاد اليوم في طاعة مظفر الدين كوكبري بن علي كوجك صاحب إربل [هولير] على أحسن طاعة, إلا أن الأكراد في جبال تلك النواحي على عادتهم في إخافة أبناء السبيل وأخذ الأموال والسرقة… وهي طبيعة الأكراد معلومة وسجية جباههم بها موسومة, وفي مًلَح الأخبار … أن بعض المتظرفين [الظرفاء] قرأ: الأكراد أشد كفراً ونفاقاً, فقيل له: إن الآية: الأعراب أشد كفراً , نفاقاً, فقال: إن الله عز وجل لم يسافر إلى شهرزور فينظر إلى ما هنالك من البلايا المخبآت في الزوايا. وأنا أستغفر الله العظيم من ذلك وعلى ذلك.3/165
تعليق: كتبنا في المدخل أن كثيراً من المثقفين الكرد يقرؤون ما كتب عن الشعب الكردي بعيون قومية معاصرة, فيردون ذلك إلى حقد الكتاب وتحاملهم وليس هذا بصحيح, بل الصحيح ما سجله أولئك المؤرخون, فالأكراد الجبليون كغيرهم كانوا يسلبون القوافل وينهبون الناس, وقد تحدث العرب عن صعاليكهم بدون حرج, وكتب العلامة الملا محمود البايزيدي عن الأكراد الرحل وحبهم سفك الدماء وشغفهم بقطع الطرق, ما لو كتبه من هو غير كردي لرجم بالحجارة واتهم بالعنصرية وما إلى غير ذلك من الأوصاف المعاصرة.
بلدة في صعيد مصر يبنيها أمير كردي:
طود: بليدة بالصعيد الأعلى فوق قوص ودون أسوان , لها مناظر وبساتين أنشأها الأمير درباس الكردي المعروف بالأحول في أيام الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب.3/270
العقر:
و العقر أيضاً قلعة حصينة في جبال الموصل أهلها أكراد وهي شرقي الموصل تعرف بعقر الحميدية, خرج منها طائفة من أهل العلم 3/338
العمادية:
قلعة حصينة مكينة عظيمة في شمالي الموصل ومن أعمالها, عمّرها عماد الدين زنكي بن آق سنقر في سنة 537 وكان قبلها حصناً للأكراد فلكبره خربوه, فأعاده زنكي وسماه باسمه في نسبه إليه, وكان اسم الحصن الأول آشب.3/348
أقول : ثمة آراء عديدة حول تسمية العمادية بهذا الاسم, فمن الكتاب من قال إن الاسم تطور عن آمات الواردة في الرقم الآشورية, وجاء في نزهة القلوب للمستوفي القزويني أن مجدد القلعة هو عماد الدين الديلمي المتوفي سنة 338هجرية . وثمة تفسيرات بعيدة عن المنطق والعلم, وتتبع هوى النفس لا نجد من المناسب إيرادها. وقد كانت العمادية من مراكز الثقافة وخرجت مئات العلماء , وتحدث عنها شرفخان البدليسي قائلاً: إنها منبع العلوم العقلية ومورد الفنون الأدبية والشرعية.
الأكراد الرحّل في فارس
وبنواحي فارس من أحياء الأكراد ما يزيد على خمسمئة ألف بيت شَعر ينتجعون المراعي في الشتاء والصيف على مذاهب العرب.3/408
تعليق: اعتقد بعض القدامى أن نمط المعيشة وأسلوب الحياة البدوية التي كان ينتهجها معظم الكرد, سبب كافٍ لربطهم بالعرب وخلق نسب مشترك . وكان الصراع القبلي العربي المحتدم بين الفرعين الكبيرين العدناني والقحطاني قد صبغ الشعر والتاريخ والدين والثقافة برمتها بصبغة بعيدة عن المنطق والعقل وغائصة في الهوى, ولهذا اعتبر الكرد عرباً بل وعدنانيين أيضاً , في حين نهض من المؤرخين من فسر ذلك تفسيراً منطقياً, ولم يكن ذلك بأي حال ذا علاقة بإنكار قومي تعرض له الكرد وغيرهم من الشعوب غير العربية. راجع هوامش ترجمة كتاب الحديقة الناصرية المنشور مسلسلاً في گولان العربي أعداد سنة 2001.
أمير كردي يدعم القرامطة
وكان يتولى أفامية رجل كردي يقال له أبو الحجر المؤمل بن المصبح نحو أربعين سنة من قبل الخليفة, فلما حضر القرمطي في سنة 290 بالشام, مال إليه [الكردي] وأغراه بأهل المعرّة [معرة النعمان] حتى قتلهم قتلاً ذريعاً, فلما قتل القرمطي … هرب الكردي حتى ألقى نفسه في بحيرة أفامية.3/413
تعليق: كان هذا الأمير والياً على أفامية وبرزويه والبارة والروق مدة أربعين سنة من قبل الخلفاء العباسيين, وقد تحالف مع القرمطي المعروف بصاحب الخال [لشامة كانت في وجهه] وساعده في قتل أهل المعرة, وقد ورد ذكره في كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم. وكان قد خرج ذلك القرمطي في أيام المكتفي بالله العباسي.(6) وقد تنبه الأقدمون إلى سهولة اتباع الأكراد لحركة كحركة القرامطة ولكنهم عزوه إلى الجهل وقلة البصيرة , ورد في كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي حول أتباع القرامطة: “فمنهم قوم ضعفت عقولهم وقلّت بصائرهم وغلبت عليهم البلادة والبله ولم يعرفوا شيئاً من العلوم كأهل السواد والأكراد وجفاة الأعاجم وسفهاء الأحداث”.(7) ولكن الجهل وحده لم يكن السبب الوحيد لانخراط الكرد في حركات مناهضة للسلطة المركزية, بل إن الظروف التي كان يعيشها العامة منهم وممن ذكرهم ابن الجوزي والظلم الذي كانوا يلاقونه من الدولة, والوعود الجميلة التي وعدوا بها من قبل قادة تلك الحركات, أدّت بهم إلى الانخراط فيها والزج بأنفسهم في أتونها غير عابئين بما يؤول إليه أمرهم من صلب وحرق وتقطيع أعضاء وسمل عيون وقطع ألسن وما إلى ذلك من فنون التعذيب الرهيبة.
الكرد يبيعون الملح
فرهان : ملّاحة [منجم ملح] في رستاق همدان وهي بحيرة تكون أربعة فراسخ في مثلها , فإذا كانت أيام الخريف واستغنى أهل تلك الرساتيق عن المياه صوبوها إلى هذه البحيرة , فإذا امتلأت صارت ملحاً يأخذه الناس , ويحمله الأكراد وغيرهم إلى البلدان فيباع.3/432
تعليق: اعتدنا في الكتب التراثية أن نجد صورة الكردي وهو يتنقل بين المشاتي والمصايف وينتجع هنا وهناك دأبه الحل والترحال بقطعانه. وقلّ أن نجد إشارة إلى أنماط أخرى لحياة الكرد كالتجارة والزراعة واحتراف المهن, وهنا نجد الكرد يعملون في تجارة الملح وهي إشارة جديرة بالاهتمام.
فنك :
وفنك أيضاً قلعة حصينة منيعة للأكراد البشنوية قرب جزيرة ابن عمر [جزيرة بوطان] بينهما نحو فرسخين ولا يقدر صاحب الجزيرة ولا غيره مع مخالطتهم للبلاد عليها. وهي بيد هؤلاء الأكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلاثمئة سنة, وفيهم مروة وعصبية ويحمون من يلتجئ إليهم ويحسنون إليه.3/447
تعليق: فنك من قلاع الكرد ومناطقهم الهامة, وقد هجا الشاعر الجزري شخصاً منها كان ينتحل شعره ويتغنى به في المجالس فبالغ في هجائه ووصف فنك بأنها ليست مكاناً للشعر ومطارحات الغرام فقال:
Tu dizanî Finika te ne mekanê xezelan e
Çi buha têne meta`ê te eya bê ser û ber
ومن فنك أيضاً اشتهر ملا علي فنكي وهو من الشعراء المتأخرين وله قصائد جيدة السبك وتمتاز بعضها بالطرافة. ومنها الحسن بن داوود البشنوي الكردي المتوفى سنة 465هجرية وهو ابن عم صاحب فنك , قال في شعر له مفتخراً بأصله الكردي:
مفاخر الكرد في جدودي ونخوة العُرب في انتسابي .
وموضوع النسب العربي موضوع شائك بحثنا فيه, في ترجمة كتاب الحديقة الناصرية.
أكراد قوهستان:
وليست العمارة بقوهستان مشتبكة مثل اشتباكها بسائر نواحي خراسان, وفي أضعاف مدنها مفاوز يسكنها أكراد وأصحاب السوائم من الإبل والغنم.4/103
قيمر:
بفتح القاف وياء ساكنة وضم الميم والراء, هي قلعة في الجبال بين الموصل وخلاط وهم أكراد ويقال لصاحبها أبو الفوارس.4/109 .
والقيمرية أسرة مشهورة في التاريخ الكردي في العصور الوسطى التقليدية, وهم ينتسبون إلى هذه القلعة وتوجد في دمشق إلى الآن حي باسم حي القيمرية.(8)
قرية اسمها كرد:
كرد: بالضم ثم السكون ودال مهملة بلفظ واحد الأكراد اسم القبيلة . قال ابن طاهر المقدسي.: اسم قرية من قرى البيضاء منها شيخنا أبو الحسن الكردي…….و سألته عن هذه النسبة فقال: نحن من أهل قرية بيضاء يقال لها كرد.4/129
تعليق: درج كثير من كتابنا المتحمسين على قرع طبول الفرح لدى وقوع أنظارهم على نسبة الكردي, أو أي مدينة من كردستان ينتهي بها اسم شخصية تاريخية, فيسارعون إلى الجزم بأن تلك الشخصية كردية الأصل. إن هذا الحماس الذي يحركه الهوى وتدفعه العاطفة لا يجعل الزنجي كردياً مثلاً , إنما المنطق وأسلوب البحث العلمي والتحلي بالصبر هو الذي يجعل الأمور تبدو على حقيقتها. وفي الحالة التي نحن بصددها نجد أن اسم الشيخ هو أبو الحسن الكردي, ولو وجده أحد أولئك المتحمسين في تضاعيف كتاب ما وعلم أنه محدّث مشهور , لسارع إلى إعلان قوميته الكردية دون أن يتجشم عناء البحث والتقصي . إننا نجد أن السابقين كانوا أكثر تأنياً من اللاحقين في إطلاق الأحكام القاطعة جزافاً, وهنا نرى أن الأمر التبس على ابن طاهر المقدسي ووجد نسبة الشيخ غامضة , أهو كردي بالقومية أم بالموالاة أم بعيشه بين الأكراد؟! ولكي يقطع شكه باليقين فقد استفسر الشيخ عن كنه نسبته فقال مزيلاً كل لبس وغموض: نحن من قرية تسمى كرد!! والنسبة إليها بطبيعة الحال كردي, وقد يكون سكان تلك القرية أكرادا وربما غير ذلك. وبالمناسة فالبيضاء من قرى كورة إصطخر, وإليها ينتسب الصوفي الشهيد الحسين بن منصور الحلاج.
اللر واللور:
بالضم وتشديد الراء , وهو جيل من الأكراد في جبال بين , أصبهان وخوزستان , وتلك النواحي تعرف بهم فيقال بلاد اللر ويقال لها: لرستان! ويقال لها اللور أيضا، وقد ذكرت في موضعها. 4/177
اللور . كورة واسعة بين خوزستان وأصبهان معدودة في عمل خوزستان… والمعروف أن اللور جيل يسكنون هذا الموضع … وذكر الاصطخري قال: اللور بلد خصيب الغالب عليه الجبال, وكان من عمل خوزستان إلا أنه أفرد في أعمال الجبل لاتصاله بها.4/184
تعليق: يذكر الصديق الباحث محسن سيدا في مقاله (هل نزهة القلوب أول كتاب يرد فيه اسم كردستان؟) المنشور في گولان العربي عدد 31112001 أن اسم كردستان ورد في كتاب مراصد الاطلاع تأليف صفي الدين البغدادي سنة 700 هجرية والذي هو اختصار وإضافة لكتاب معجم البلدان, ويورد تحت مادة اللور واللر النص الذي ورد في معجم البلدان حرفياً مع تبديل اسم لرستان باسم كردستان ويقول: ولا يمكن ورود اسم كردستان في مراصد الاطلاع خطاً من الناسخين, لأن المحقق لم يشر إلى ذلك!! وفي اعتقادي أن ورود اسم كردستان في ذلك الكتاب خطأ عمال المطابع لأن معلوماته مستقاة من معجم البلدان ولو أن صفي الدين كان هو الذي أورد اسم كردستان لأشار إلى ذلك حتماً ولقال إن ياقوتاً سماها لرستان, ولا يخفى ما بين اللفظين من تقارب في الشكل يلتبس أمره على العمال ويسهل تصحيفه. من ناحية أخرى يجدر بنا أن ننوه إلى أن إقليم الجبال [كردستان] لم يكن ثابت الحدود, بل كان يتعرض دائماً لإضافة بلد إليه أو إخراج منطقة منه تبعاً لمتطلبات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ليلش
قرية في اللحف من أعمال شرقي الموصل منها الشيخ عدي بن مسافر الشافعي وشيخ الأكراد وإمامهم , وولده. 4/186
تعليق: يقصد ياقوت بكلمة ليلش, قدس أقداس اليزيدية لالش, والغريب هو أن الكاتب الذي مر بتلك البلاد وعرفها عن كثب, لم يتحدث عن وجود دين مغاير للإسلام, مع أن ديناً كاليزيدية لا بد وأن يسترعي انتباه رجل كالحموي مولع بكل شئ طريف وغريب لإقحامه في متن كتابه!! وهو لم يقل عن عدي بن مسافر إنه شيخ اليزيدية, بل قال: إنه شيخ الأكراد وسماه الشافعي!!
إنه سؤال يؤرق الباحث والمتعطش للمعرفة ويدعونا إلى تناول تاريخ اليزيدية بحذر وعلمية , بعيداً عن المغالاة والتعصب الذي لا يزيد الأمور إلا تعقيداً.
. ملاحظة:
نشر هذا البحث باللغة الكردية وبشكل مختصر في مجلة pêl الصادرة عن اتحاد الكتاب الأكراد غرب كردستان فرع ألمانيا العدد 1 السنة الأولى 2002.
ثبت المراجع والمصادر:
1 مروج الذهب ومعادن الجوهر المسعودي. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة. مصر. ط3 ج1 ص122.
2 مجلة الحوار العدد 33 2001 . قراءة في كتاب . محسن سيدا
3 عادات الأكراد وتقاليدهم تأليف ملا محمود البايزيدي ترجمة جان دوست غير مطبوع
4 المسالك والممالك الاصطخري. ص 120
5 الشرفنامه شرفخان البدليسي الطبعة العربية ترجمة محمد علي عوني ص 21
6 أخبار القرامطة د. سهيل زكار دار الكوثر الرياض 1989 ص419
7 نفس المصدر ص 395[1]