يُعاد في يومنا افتتاح استديو فلك الذي افتتحه الفنان الراحل؛ #محمد شيخو# من قبل شقيقه بعد عدة سنواتٍ من إغلاقه.
لكل فنّانٍ في شمال وشرق سوريا مجهوده وأعماله الخاصة، لكن عند الحديث عن محمد شيخو فنحن نتحدّث عن فنان #كردستاني#. ولا يزال جميع أصدقائه ورفاقه يعيشون على ذكريات الفنان الراحل حتّى اليوم.
بالنسبة لمسيرة الفنانين الذين تُسطّر أسماؤهم على صفحات التاريخ بجهودهم وأعمالهم، فإنّ كلّ لحظة يعيشها رفاقهم وأحباؤهم ومعجبوهم يتمّ الرد عليها من خلال أعمالهم ونتاجاتهم.
اُفتتح استديو فلك في حي الغربي في مدينة قامشلو عام 1987 من قبل الفنان الراحل محمد شيخو. لكن تمّ إغلاقه مراتٍ عديدة إثر القمع والظلم الذي مارسه نظام البعث بحقّ الشعب الكردي. ومع ذلك أُعيد افتتاحه من جديد نتيجة لتعلّق رفاق وأحباء ومعجبي محمد شيخو به وبفنّه.
تحدّث شقيق الفنان محمد شيخو؛ بهاء شيخو عن الاستديو قائلاً: تمّ افتتاح هذا الاستديو عام 1987، وكانت غاية محمد شيخو من افتتاح هذا المركز انتشار الأشرطة الكرديّة (الكاسيتات) في المدينة. كان هناك العديد من الاستديوهات في قامشلو عندما تمّ افتتاح هذا الاستديو، لكنّ النظام السوري لم يكن يقترب منها. وقد طلب الشعب الكردي في نوروز شريطاً لفرقة برخدان وتمّ توزيعه. كانت أشرطة هذه الفرقة موجودة في العديد من الاستديوهات لكنّ النظام السوري أغلق الاستديو الخاص بنا فقط. وقد كانت ذريعة إغلاق الاستديو هي أنّ شاباً في ال 14 من العمر قد أخذ شريطاً لفرقة برخدان من الاستديو لنشره وتوزيعه في مدينة الحسكة. ولكن قاموا بعد اعتقال الشاب بإغلاق الاستديو أيضاً. ثمّ بعد ذلك اُعتقلنا أنا وشقيقي محمد شيخو وتمّت مصادرة جميع الأشرطة (الكاسيتات) الموجودة لدينا في الاستديو وتمّ إغلاقه بالشمع الأحمر.
وتحدّث بهاء شيخو أيضاً عن الأيام الخوالي وتابع حديثه قائلاً: حزن الشعب الكردي جدّاً على رحيل محمد شيخو. ولأنّه تمّ إغلاق الاستديو أيضاً فقد تحدّث الناس عن سبب كلّ هذا الظلم تجاه محمد شيخو. بعد فترة ذهبت مع الشيخ حميدي الدهام إلى النظام السوري وقلنا لهم: لقد فارق محمد شيخو الحياة، فليبقى الاستديو مفتوحاً، ثمّ أعادوا لنا الأشرطة. لكنّ الاستديو بقي مغلقاً حتّى عام 1992 أي بعد خمس سنوات من الإغلاق، وقد تعرّضت للاضطهاد كثيراً من قبل النظام نتيجة مواصلتي لمسيرة محمد شيخو فقد كانوا يأتون في كلّ مرّةٍ لاعتقالي وفي نهاية المطاف قاموا بإيقاف عملي.
وتابع بهاء شيخو حديثه قائلاً: في عام 2002 منعني النظام السوري من مغادرة سوريا، وليس بإمكاني حتّى هذا اليوم السفر عبر المطارات السوريّة، لقد سافرت إلى أوروبا عام 2005 لكن لم يكن هذا عن طيب خاطرٍ منّي، وقد قررت العودة عام 2016.
وأشار بهاء شيخو إلى تعلّقه بوطنه ولفت إلى أنّه إن لم يقف الشخص إلى جانب شعبه في الأيام الصعبة فلن يكون مفيداً لأرضه في الأيام الجيّدة وتابع حديثه قائلاً: لم تكن لدي أيّة أحلام أو أماني خلال السنوات ال 16 التي قضيتها في أوروبا. لقد كنت أجد أحلامي هنا في وطني. لقد ارتوت أرضنا بدماء الشهداء، وبإمكاننا العيش فيها بسلام. إن استديو فلك يعبق بعطر محمد شيخو ولهذا لا أستطيع التخلي عنه، كما أنّ الشعب أيضاً متعلّق بهذا المركز، وتعود تسمية الاستديو بفلك إلى ابنة محمد شيخو.
وفي ختام حديثه دعا بهاء شيخو شباب الوطن الذين سافروا إلى أوروبا قائلاً: كانت أبواب الدول جميعاً مفتوحةً أمام محمد شيخو، لكنّه لم يغادر أرضه. على شبابنا ألّا ينخدعوا بالحياة في بلاد أجنبيّة. فأرضنا هي ميدان عملنا. فبإمكان المرء على أرضه التحدّث والغناء بالكرديّة بكل حريّة. يعود قراري بالعودة إلى الوطن إلى أنّ وجودي هنا بين شعبي ولأنّ أرضنا تتعرّض للاحتلال. أدعو الشعب الكردي في أوروبا إلى العودة إلى وطنه ومساندة قواته. فوجودنا من عدمه مرتبط بقواتنا، كما يجب على الأغنياء أن يفيدوا شعبهم.
يُشار إلى أنّ الفنان محمد شيخو قد وُلد عام 1948 في قرية خجوكي جنوب غرب مدينة قامشلو. وبدأ الدراسة عام 1959. وقد تعرّف خلال سنوات دراسته على عددٍ من الفنانين الكرد. وقد بدأ اهتمامه بالموسيقا نتيجة تأثّره بهم في حين بدأ الغناء عام 1969. وقد أمضى سنواته بين عامي 1969 و1972 في لبنان لخدمة الفن، وقد درس الموسيقا في بيروت لمدّة عامين. وقام بالتعاون مع عدد من رفاقه في عام 1972 بتأسيس فرقة موسيقية باسم سركفتن. وانتقل محمد شيخو إلى باشور كردستان عام 1973 وعمل هناك كفنانٍ ومقاتل، وبنى علاقاته مع الفنانين الكرد الآخرين. وقد عاد الفنان إلى قامشلو عام 1983. وأُصيب بنوبةٍ قلبيّة في ال 6 من آذار عام 1989 بعد خروجه من سجون البعث. وقد جرى آنذاك إسعافه إلى المستشفى الحكومي في قامشلو مباشرةً. لكنّه فارق الحياة صبيحة ال 9 من آذار تاركاً خلفه إرثاً فنيّاً يتألّف من 120 أغنية.[1]
(ر)
ANHA