تجربة الشاعر غنية من حيث ارتباطها بالعديد من القضايا الإنسانية وخاصة منها السياسية، دون إغفال للجانب الفني.
القاهرة - تشتمل الأعمال الشعرية للشاعر #الكرد#ي السوري #إبراهيم اليوسف# على عشر مجموعات شعرية، كانت قد صدرت منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين حتى تاريخ صدور هذه الأعمال، وهي: للعشق للقبرات والمسافة، هكذا تصل القصيدة، عويل رسول الممالك، الإدكارات، الرسيس، مدائح البياض، أستعيد أبي – ديوان إيسن، ساعة دمشق، مزامير السبع العجاف، أطلس العزلة: ديوان العائلة والبيت، بالإضافة إلى بعض النصوص التي لم تصدر من قبل في مجموعة شعرية وأدرجها تحت عنوان “قصائد خارج الأغلفة”.
وتجربة الشاعر إبراهيم اليوسف تبدو غنية من حيث ارتباطها بالعديد من القضايا الإنسانية، ومن بينها القضايا السياسية، التي كرس لها إبداعاته وكتاباته في حقلي الشعر والنثر منذ وقت مبكر من حياته، ليلتزم بمواجهة الاستبداد ويدفع ثمن ذلك بعد نشر أحد دواوينه الأولى، ويظل أحد الذين عانوا من أجل قصائدهم وكتاباتهم ومواقفهم دون أن يرفع يديه.
مجموعة شعرية متنوعة
قارئ مجموعات الشاعر في هذه الأعمال الكاملة، الصادرة عن دار أروقة للنشر والتوزيع في القاهرة، التي يتجاوز عمر بداياتها الأربعين سنة سيجد مدى عمق تفاعل الشاعر مع مواقفه الوطنية والقومية والإنسانية، فتكون قصيدته بذلك قصيدة موقف، محاولة أن تواكب لحظتها الزمنية من خلال محاولاته لارتقاء الشكل الفني وعدم المساومة على موقفه، فلا تكون قصيدته مجرد لعبة لغوية جوفاء، وإن حاولت هذه القصيدة في بعض الأحيان مجاراة مرحلتها فنياً، ممتلكة ما تتطلبه من أدوات الحضور.
كانت قصيدة اليوسف تجد نفسها في إطار المواجهة بين ما هو سياسي وفكري من جهة وجمالي من جهة أخرى، رغم الترويج للقصيدة التي لا تخرج عن جمالياتها المحايدة، بعيداً عن أيّ وظيفة أخرى.
تقول قصيدته “الحدود” المكتوبة بمفردات قليلة والتي تفضح مصادرة الكتب غير الخاضعة لرغبة وشروط الرقيب كأحد عيون الدكتاتور: ليكن/ أيها الحارس/ دع هذا الكتاب في محرسك/ فأنا أستطيع أن أهرب/ بهذه الرأس اليابسة/ آلاف الكتب.
وهي من نصوص تجربته الشعرية الأولى” للعشق، للقبرات والمسافة” التي كتبها في الثمانينات وكانت تمثل خطواته الأولى في عالم الشعر، وكانت بالرغم من بساطة اللغة وبدايات التجربة تعبر عن حالة رفض للاستبداد وتوق إلى الحرية وإصرار على الموقف، في زمن سيطرة أدوات الظلم، ويظل موقف الشاعر هو ذاته في تجربته اللاحقة مع تطور فني ملحوظ من خلال تنويعات الكتابة.
ويتواصل الموقف الرافض للاستبداد مع الشاعر الذي يجد نفسه في مواجهة آلة العسس التي تعمل على تكريس الرعب واستدامة جبروت الطاغية.
قصيدة الشاعر، ومن خلال قراءتها ضمن مدونة الأعمال، تحاول أن تكون دائمة الحضور في ما يخصه، فها هو يتناول في قصيدة مطولة بعنوان “شنكالنامه” مأساة #الإيزيديين# وسباياهم، ليبدو متجاوزاً الخطابية التي تفرض ذاتها في هكذا حالة انفعالية، يستعيد خلالها رموز الإيزيديين الكرد وخصوصيتهم ومعاناتهم الطويلة: “لم يكونوا يعرفون/ وهم في طريقهم/ الطويل… الطويل/ أية وسائد من غضار وحجر/ تنتظر لياليهم القريبة/ تضع عليها/ أساطيرهم/ وحرمل السهل/ ولهاث/ أحلامهم/ يؤول/ إلى نسخة الموت الأخرى”.
وإدراج الشاعر مجموعاته الشعرية التي طبعها تباعاً ضمن أعماله الشعرية دون إغفال أي منها يحسب له، وهذا يختلف عما يشبه المختارات التي تنشر وقد يعاد النظر في بعض نصوصها، لأنه بهذا الفعل يقدم صورة عن تطور تجربته الشعرية كما تقول مقدمته لإحدى مجموعاته.
وإبراهيم اليوسف هو أحد شعراء الثمانينات في سوريا، ومن مواليد 1960، صدرت له مؤلفات في العديد من الأجناس الأدبية: (الشعر، القصة، الرواية، الدراسات، النقد، السيرة…). عمل في مجال الصحافة الثقافية ويقيم في ألمانيا.[1]