العراق و مراوغة الاسلام السياسي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4804 - #12-05-2015# - 14:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
هل من المعقول ان تتغير الاستراتيجية السياسية و الهدف العام لحزب سياسي كبير بشكل مطلق بين ليلة و ضحاها دون اية مقدمات او تلميح للتغيير و موجباته و اسبابه . انك تؤمن بالفدرالية و الاقلمة و حرية اختيار نظام الحكم و من ثم بمراوغة سياسية واضحة تدعي العراق الواحد الموحد المركزي الحكم، بينما نياتك الحقيقية معروفة للجميع . انك لم تخسر مؤيديك فقط بل ستفقد منتميك الحقيقيين المبدئيين البعيدين عن المصالح ايضا اما المصلحيين فليس عليهم الحرج . و هل من المعقول ان تنصح الاخرين بان يرفضوا الدستور العراقي المؤدي الى التقسيم حسب رايك و موقفك و من ثم تطالب بالتقسيم و ليس الفدرالية فقط . ما هذه الفوضى التي يعيشها الشعب العراقي بكل مكوناته، و ما هذه المناورات و المراوغات التي تتبعها الجهات بسذاجة، وهي تتحايل على مؤديها و بعض منهم غافلون و الاخرون يعلمون ما يجري و ملتصقون بالمصالح التي لولا تلك الجهات لا يمكن تحقيقها . من جانب اخر ترى جهات اخرى كل ما تعلنه من المباديء هو المنطق و اسس العلمانية و المدنية و من ثم تطلب العون من المرجعية الدينية لتحقيق مرامها و اهدافها، وعلى العكس منها هناك من الاسلام السياسي المستند على المعتقد و الدين يدعي الفلسفة العلمية و الحياتية و فصل الدين عن الدولة، بينما في السر و العلن يربي و يعلم منتميه على شبح الموت و الاخرة والجنة و النار اكثر من اسس و طرق تمتعهم بالحياة و العمل من اجل التقدم و السعادة البشرية .
في الفوضى العراقية الحالية التقية اصبحت اداة بيد الاحزاب المدنية و العلمانية و العلم، و المعرفة كوسيلة نظرية فقط بيد الاسلام السياسي من اجل احتكار السلطة، و هذه هي النية المبيتة و عين المراوغة التي تمارسها اكثرية الاحزاب على الساحة العراقية مستخدمين كافة الوسائل المتاحة لديهم للترويج ما لا يؤمنون به حقا و يغطون به ما يهدفون في استراتيجيتهم الفكرية و الفلسفية والسياسية مستغلين الامية و المستوى الثقافي الواطيء و الاخلاقيات الدنيئة لترويج سلعهم الفكرية الاستهلاكية (بفارق كبير بين العلمانيين و الاسلاميين السياسيين) وفي اجواء ملتهبة سياسيا و بوجود اكثر الوسائل بيدهم و امتلاكهم من الاعلام الى المساجد و المنابر و المناسبات الدينية التي خلقوها و برزوها لاسباب و دواعي سياسية قحة فقط بعيدا عن المناسبة ذاتها و التي لا تستحق كل الفوضى التي خلقت من اجلها .
من جانب اخر فان الفوضويين المراوغين داخليا و متحالفين مع الخارج على كثر بحيث يتحالفون على توحيد جهودهم من كافة النواحي اضافة الى ما يعملون عليه من ترويجهم الاعلامي و من المنابر المتعددة للوقوف امام اية وسيلة او مؤسسة ديموقراطية تؤمن بالمدنية و العلمانية الحقيقية و ليست لها اية مصلحة سياسية في عملها، و يغطون عليها و يشوهون منظرها و سمعتها امام عموم الشعب، انها المراوغة و التضليل الذي يتبعونه في تحقيق اهدافهم سواء كانوا متقصدين او نتيجة ما تتطلبه مواقفهم و نياتهم و الوسائل المتاحة لديهم في عملهم الفكري الفلسفي و السياسي، و به ارتبط النظام القائم في العراق و التنظيمات السياسية على اسس يمكنهم من مراوغة البعض و الاخرين و فرض الذات عليهم .
ليست الحال في العراق كما يمكن وصفها بالفوضى فقط و انما هي فوضى المزدوجة في المراوغة و التضليل المتبع للكيانات ايضا، اي نرى جهة تراوغ مع الشعب العراقي بامراقليمي خارجي و يدعي استقلالية قراراته و مواقفه، بينما الاخر يتحالف مع الغرب و ينفذ ما يطلبوه و يعلن عن وطنيته دون ان يتمكن احد ان يكذبه لنفوذه و قوته التي استحصلها من امكانات السلطة التي تربعها و التضليل و الخداع المستمر الذي مارسهما خلال العقد الكامل و نيف من بروزه و السير على السكتين المتوازيتين طوال هذا العقد .
اما مراوغة امريكا و ايران و الجهات العراقية المتعددة و اكثرهم من الاسلام السياسي مع بعضها، حدث و لا حرج، فانهم يصادقون و يعادون في اللحظة ذاتها، اي اصبحت الفوضى مرتعا للمراوغات و المناورات الداخلية و الاقليمية و الدولية في العراق ما بعد الدكتاتورية، و المتضرر الاول و الاخير هو الشعب العالق في الوحوةل المختلف الاشكال و التراكيب، و هو مجبر من اجل بقاءه ان يتبع وسائل مختلفة كالمراوغة و التضليل و المناورات السياسية و الخلط ما بين التكتيك والاستراتيجية، دون ان ينبس الفرد العراقي ببنت شفة.[1]