Nivîskar Bavê Saman
تفيد الدراسات التاريخية بأنه ما أن ظهرت الکتابة في بلاد الرافدين ومعها بدأ تدوين التاريخ حتى بدأ معها معرفة تاريخ الکرد الذين شکلوا الجذور والأصول القديمة للشعب الکردي في موطنهم الحالي.
حيث کانت هذه المنطقة تعرف في المصادر الکتابية القديمة منذ أواخر الألف الثالثة قبل الميلاد باسم سوبير وسوبيرتو وکانت هذه التسمية شائعة في بلاد بابل وهناک شواهد من صيغ أسماء الأشخاص تعود إلى سلالة أور الثالثة حوالي 2100ق.م تتشابه مع مثيلتها في الحورية.
وإنَّ البابليين والسومريين کانوا يصفون المفردات اللغوية الحورية بأنها سوبرتية حيث تفيد وثائق هذه المرحلة بأن المناطق الجبلية شرق بلاد الرافدين وشماليه کانت مستوطنة من قبل سکان يتحدثون اللغة الحورية وکذلک مناطق شرقي دجلة وشمال ديالى وکانت أسماء سکان هذه المناطق في أغلبيتها حورية وقد أثبتت التنقيبات الأثرية في العاصمة الحثية حَتوشا وجود کتابات ومعاهدات دولية تشير إلى بلاد اسمها Xurî ويدعى سکانها Xoryîn وهذه الکتابات تتماثل مع لغة رسالة ميتاني التي وجدت في تل العمارنة باللغة السوبرتية وقد وجدت شواهد باللغة الحورية في آثار کل من(ماري-تل الحرير-أوغاريت-إيمار(تل مسکنة)-نوزي-تل الفخار-الآلاخ(تل العطشانة)-موکيش(شمال حماة)-إمارةشي(شمال آمد)-قرقميش(جرابلس)).
کذلک يذکر سيدني سميث بأنَّه کانت هناک في العهود القديمة منطقة شمالها بحيرة وان وشرقها کرکوک وجنوبها بابل وغربها وادي الخابور وکان يستقر في هذه المناطق السوباريون وکانوا يعرفون في القسم الغربي من نهر دجلة باسم الهوريين الذين استطاعوا أن يبسطوا سيطرتهم في القرن18 ق.م على القسم الأکبر من سورية حتى الفرات وإنَّ المصريين في هذه الفترة کانوا يطلقون على سورية اسم بلاد هورو وتشير مصادرهم خلال فترة حکم الأسرة الثامنة عشرة إلى شعب يسمى الهوريين يستوطن سورية وفلسطين ثم إلى المناطق المتاخمة للحدود المصرية الشمالية ولاسيما فلسطين وفينيقيا وقد ورد اسم الحوريين في العهد القديم باسم حوريم وهذه التسمية کما ورد في النصوص الحورية(Xuredi)کما أنَّ إله الطقس الحوري کان مرافقه يدعى(Xurrî)وکذلک مدينة(Xurra)کانت تقع في الجزء الشمالي من منطقة مثلث الخابور في منطقة الاستيطان الحوري کما وردت في نصوص ماري والنقوش الملکية الآشورية.
www.kurdme.com
www.all-kurd.com
http://www.kurdefrin.com/
يعد الحوريون واحداً من أبرز وأهم شعوب الشرق القديم وأقدم تجمع عرقي في بلاد الرافدين وعنصراً حضارياً من المقام الأول منذ العصر الحجري الحديث حسب رأي المؤرخ رانجناور في کتابه سوبرتو.ويشکل تاريخهم صفحات أساسية من تاريخ سورية القديم خلال الألف الثالثة والثانية ق.م وقد ارتحلوا إليها في الألف الثالث ق.م واتخذوها موطناَ لهم وأسهموا في تاريخها في تاريخها السياسي والحضاري وتمکنوا في القرن الخامس عشر ق.م من تشکيل مملکة تمرکزت في مناطق الجزيرة السورية العليا وامتدت من جبال زاغروس حتى البحر المتوسط وشکلت هذه المملکة قوة أساسية في منطقة شرق المتوسط في مواجهة مصر الفرعونية والدولة الحثية.
يقول العالم هورست کينکل إنَّ الهوريين بدؤوا بالظهور في سورية من مطلع الألف الثالثة ق.م واستطاعوا تسلُّم القيادة السياسية في عدد من الحواضر السورية وبحسب بعض المصادر فإنَّ مواطن الحوريين کانت تمتد غرباً حتى ساحل البحر المتوسط وشرقاً حتى جبال زاغروس وشمالاً حتى المناطق الجنوبية لبحيرة وان حيث ظلت اللغة الحورية مستخدمة بعد 15 قرناً من الزمن.
ويذکر موسل جرنوت فيلهلج أنَّ مصطلح الحورية بلالتها الواسعة تدل على وحدة لغوية ويعتمد على وصف ذاتي لشعب مميز حوري اللغة.
وقد ظل تاريخ الحوريين وعاصمتهم أورکيش الواردة في نصوص وکتابات المالک المعاصرة لها غامضة ولغزاً محيراً حتى نجح عالم الآثار جيورجيو بوتشيلاتي من حل هذا اللغز حيث يقول بأنَّ الهوريين شعب قديم يعود إلى فجر التاريخ وأنَّ أساطير الحثيين ومقاطع من الکتاب المقدس وبضع تحف عثر عليها قبل خمسة عقود وتضمنت کلها إشارات إلى الهوريين والإله الملک الذي کان يقيم في عصمتهم أورکيش ثم قاده البحث والتنقيب إلى تل موزان حيث تم العثور أخيراً على عاصمة الحوريين أورکيش مرکز الإله کومري کبي الآلهة في الأساطير الحورية وکذلک بوابة القصر لمتوجهة نحو الغرب ومستودعات ومخازن تابعة للملک فيه الکثير من الأختام عليها نقوش تدل على الملک توبکيش آنذاک وإنَّ تاريخ هذه المستودع يعود إلى فترة تتراوح بين2300-2500ق.م.حيث کانت أورکيش عاصمة أول دولة حورية معروفة على مستوى واسع.فبعد سقوط مملکة أکاد حوالي 2114ق.م على يد الکوتيين الذين لم يستطيعوا بسط سيطرتهم التامة لذلک برزت عدة دويلات على أنقاض مملکة أکاد ومنها الدولة الحورية التي کانت تربطها علاقات دبلوماسية مع مدينة أور وکانت ترى نفسها مماثلة لمملکة أکاد وهذا يدل على استقلالها وسيادتها.وقد برز اسم الملک(اکل شين) الذي سمى نفسه ملک أورکيش ونوار في نقش کتابي على لوحة برونزية تمثل حجر الأساس لمعبد الإله نرجال وکذلک يظهر اسم الملک(تيش اکل) الذي کان يسمي نفسه رجل نينوى التي کانت مرکزاً لعبادة الآلهة الحورية شاووشکا وقد سمى نفسه في نقش آخر باسم أندان أورکيش والتي تعني بالحورية إله أورکيش وهناک ملک آخر وهو کيثلب اکل ومدينته هي تکريش تقع حسب بعض الباحثين جنوب بحيرة أورميا.
وتکثر المصادر التاريخية بدأً من أواخر القرن 18ق.م والتي تقدم صورة شاملة عن دولة حورية تمتد شمال سورية وشمال بلاد الرافدين حتى منطقة شرقي دجلة وجبال زاغروس ووصف هذه الدولة بالحورية يعتمد بشکل أساسي على حورية أسماء ملوکها وحقيقة تکلم القسم الأکبر من السکان باللغة الحورية وذلک اعتماداً على إحصاء أسماء الأشخاص المقيمين في تلک المنطقة وحوالي القرن15ق کانت هناک مجموعة من الممالک الحورية وهي(حلب\خلب\ملکها زکروشب وآلالاخ وکرکميش وأرشم وخشوم شمال غرب حلب وقطنا شمالي حمص وقادش(تل النبي منه)جنوب حمص حيث کان سکان هذه الممالک يتکلمون باللغة الحورية کلغة رئيسية.
کما يتضح من بعض المصادر التاريخية أنَّ الحوريين قبل أن ينتقلوا إلى بلاد الرافدين وسورية في أماکن سکنهم الأصلية الجزء الجنوبي الشرقي من بلاد القفقاس کانوا بارعين بالزراعة والصيد وتربية الحيوانات بالدرجة الأولى ونتيجة الضغط السکاني في مواطنهم وتوافر الظروف السياسية المناسبة هجر الحوريون موطنهم الأصلي إلى الهلال الخصيب التي يزيد معدل الأمطار فيها عن 200ملم وتتميز بخصوبة أراضيها ولم يکن للري سوى دور ثانوي في زراعة الشعير الذي کان أهم مصدر غذائي وقد توزع الحوريون جغرافياً في مناطق تتوافق مع الوحدات السياسية وهذه المناطق من الغرب إلى الشرق:
1. منطقة جوکوروVا (الجزء الجنوبي من بلاد کيزوفتن)
2. سهل العمق في مناطق العاصي الأعلى(آلالاخ)وتمتد حتى البحر المتوسط.
3. منطقة حلب وما يليها.
4. المناطق المحيطة بمدينتي حمص وحماة في العاصي الأسفل(قطنا وقادش).
5. سهل الفرات شمال مسکنة(إيمار).
6. السهول الزراعية في شمال شرق سورية(الجزيرة السورية)
7. بلاد آشور ومناطق کرکوک(أرانجا).
وکان البناء الاجتماعي والاقتصادي في مناطق الحوريين ذي طابع خاص ومع ذلک تميزت الضارة الحورية بعدم انغلاقها وانفتاحها على الحضارات المجاورة وقدرتها على التثاقف والتمازج معها في المجالات الدينية والأدبية والفنية.وکان المجتمع الحوري يعتمد على التجمعات المتضامنة التي تقوم على صلات القربى والتي تعکس وجود علاقة بين ملکية الأرض والأسرة وکان يتم التصرف بالأسرة کأي ملک منقول.
أما بالنسبة للمعتقدات الدينية للحوريين وأساطيرهم وعباداتهم وشعائرهم الدينية فهي ليست مجموعة متناسقة وذلک بسبب الاتساع الکبير لإطار استيطانهم الجغرافي وتنوع أشکال الاحتکاک الثقافي التي عرفوها خلال تاريخهم فقد ضمُّوا إلى المجمع الديني لهم آلهة غريبة تعرفوا إليها خلال تاريخهم وجعلوها في هيئة مطابقة لآلهة خاصة بهم واطلع کهانهم أعمال الأدب الديني في بلاد الرافدين وتقبلوها ثم أغنوها بالتوفيق والمطابقة بين الآلهة الرافدية والحورية المتماثلة.
يمکن أن نصنف بعض الآلهة التي شاعت عبادتها خلال الألف الثانية قبل الميلاد في کل المناطق الحورية من زاغروس وحتى البحر المتوسط على أنها تمثل المرحلة الأقدم من الديانة الحورية وهي التي تبنتها أيضاً ديانات آسيا الوسطى التي تعکس ملامح الآلهة الحورية المماثلة لها.ومن أبرز تلک الآلهة الحورية هوالاله تيشوب اله الطقس وملک الآلهة ومن أهم مراکز عبادته مدينة(Kemiya)التي تقع على الأغلب في المنطقة الجبلية في نواحي زاخو وقد ورد اسمه في نصوص الألف الثالثة ق.م ولکنه بلغ أوجه في القرنين 14-15ق.م کأسماء شخصية وهو سيد الآلهة وهو أيضاً المط والصواعق وقد صار ملکاً بعد أن عزل أباه الإله کومري أما أسلحته فهي الصواعق والمطر والرياح والبروق وهو يسير على عربة حربية ذات أربع عجلات.ويجرها ثوران هما(Xirêş&Şirêş)وقد تطابق في أوغاريت مع الإله بعل وقد عرف جبل الأقرع لدى الحوريين والحثيين باسم(Xezî)وصنف مع جبل(Xnî)ضمن الظواهر الملازمة للإله تيشوب.
وعبدت کزوجة لتيشوب الآلهة(Xîbat) وقد ارتبط اسمها مع اسم حواء(Hîwa-Xîwa) التي منها اشتقت کلمات مثل حي-حيوان-حياة وحيث استعار العبريون بعد خروجهم من أور واستقرارهم في حران بعض المفاهيم الدينية الحورية ومنها إلوهية الأم الکبرى وهي عند الحوريين حيوا وبعد إلحاق تاء التأنيث سميت حيوات وبذلک انتشرت عن طريقهم إلى العرب بصيغة حواء.
أما أهم الآلهة الحورية فهي شاووشکا وقد ذکرت بشکل ممتزج مع عشتار وکانت وظيفتها هي الجنس والحرب ومرکز عبادتها الرئيس مدينة نينوى وقد بقيت معروفة باسمها الحوري حتى نهاية القرن 11ق.م واعتبر تمثالها ذو قدرة على الشفاء ولذلک أرسل مرتين إلى مصر لشفاء الفرعون.وقد وصفها الملک الميتاني توشراکا بأنها سيدة بلادي وسيدة السماء وغيرها في المناطق الشرقية لسکن الحوريين إلى جانب تيشوب وکذلک أوغاريت.
وفي الأناضول أصبحت خبات قرينة تيشوب بعد أن استبعدت شاووشکا وکانت لشاووشکا آلهات مساعدات وهي تحمل أسماء حورية أيضاً مثل(Şintlworî) ذات العيون السبع و(Şintltî) ذات الأثداء السبع و(Şinantetokirnî) الحب المضاعف.ومن الآلهة المعروفةکومرکي الذي يمثل المحور الأساس لعدد من الأساطير التي تبحث في محاولة بلوغ درجة السيادة وکان موطنه أورکيش ولم يکن له إلا دور ثانوي في العبادات وکان له مساعد يسمى موکيشانو نسبةً إلى مدينة موکيش ومن الآلهة الأساسية(Bentîk) وإلها الشمس والقمر(Kuşux&Şimike)وNîkalقرينة إله القمر في أوغاريت و(Elanî&Eştabî).
أما من الناحية الأدبية والفني فقد أسهم الحوريون منذ زمن مبکر في التراث الحضاري السوري،الأکادي و الحثي المدون ويتمثل ذلک في أشکال من النصوص الأدبية وقد غنوها بعدة سبل ومنها کانت المادة لصياغة موضوعات معينة شائعة بأسلوبهم الکتابي الخاص کما ترجموا نصوصاً إلى لغتهم وأخذوا مرويات شفاهية أو کتابية وصاغوها بلغتهم صياغة جديدة کما أضافوا إلى أدبيات المنطقة أساطير وتعويذات من تراثهم الخاص وما نعرفه عن اهتمامهم بالأدب والثقافة تعود إلى مکتشفات أثرية في حتوشا وأوغاريت وإيمار ونصوص تل العمارنة بمصر وماري.
وقد کان للحوريين دور بارز في عملية انتقال الأدب الأکادي والسومري إلى المشرق المتوسطي.
وبالنتيجة يمکن القول أنَّ الکتّاب الحوريين شارکوا في صياغة ثقافة کتابية مدونة تجاوزت الحدود اللغوية والسياسية والدينية وتعد النصوص التي عثر عليها في أوغاريت من أهمها حيث أکتشفت سلسلة معجمية مصنفة وفق الموضوع ونجد فيها إلى جانب العمود الذي يتضمن الکلمات السومرية عموداً تعرض فيه الترجمات الحورية للکلمات وکذلک قائمة بأسماء آلهة أوغاريت مقسمة إلى ثلاثة أقسام \سومري-حوري-أوغاريتي \ وقد عثر في إيمار على قائمة مشابهة تخلو من القس الأوغاريتي وقد عثر أيضاً على صياغة وحيدة لملحمة جلجامش ملک أوروک اعتمدت تقليدها صياغة حثية وما يدل على قدم هذه الملحمة هو ورود اسم جلجامش بصيغته القديمة بيلجامش. وکذلک عثر في مدينة أورکيش على تمثالين لأسدين من البرونز عليهما نقش کتابي يوضح أنهما يمثلان حجر الأساس لبناء معبد الإله نرجال في عهد الملک ثيش أکل وهما مصنوعان بتقنية عالية.وقد استنتج الباحثون وجود تأثيرات فنية حورية کانت شائعة خلال عهد المملکة الميتانية في الأهمال التصويرية التذکارية(النحت النافر والتشکيلي المجسم) المکتشف في مدن ودويلات جنوب شرقي الأناضول وشمالي سورية ومن أهم هذه الأعمال خلال القرن 15ق.م تمثال ملک آلالاخ(أدريمي) الجالس على عرشه وقد عثر عليه في بئر ضمن معبد الإله آشور في مدينة آشور على تمثال آلهة جبلية مع عنزتين.
http://www.kurdme.com
http://www.all-kurd.com
http://www.kurdefrin.com