(مذكرة)
إلى:
- الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش.
- المبعوث الأممي إلى سوريا، السيد ستيفان دي مستورا.
- مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، السيد زيد رعد الحسين.
- لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
- وزراء خارجية (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا الاتحادية، الاتحاد الأوربي، جمهورية الصين الشعبية، المملكة المتحدة، جمهورية مصر العربية، الجامعة العربية).
- المنظمات السورية والإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان.
- الرأي العام العالمي وجميع المدافعين عن قيم العدالة والحرية والمساواة.
قامت القوات المسلحة التركية مع فصائل سورية مسلحة، بينها فصائل إسلامية راديكالية متشددة، بهجوم عسكري غير مبرّر ومنافٍ للقانون الدولي، باجتياح الحدود الدولية (التركية السورية) والاعتداء على أراضي دولة مجاورة، دون تفويض من الحكومة السورية، ثم احتلال منطقة عفرين السورية، المعروفة تاريخياً بسكانها الكُرد، شمال غرب حلب، بذريعة حماية الأمن القومي التركي، علماً أن حكومة أنقرة عاجزة عن إثبات حادثة اعتداء واحدة من هذه المنطقة الآمنة باتجاه الأراضي التركية، وذلك في مسعى محموم لضرب الوجود التاريخي للكُرد ودورهم البناء من جهة، وتحقيق أطماع توسعية لتركيا في الأرض السورية من جهة أخرى.
لقد ارتكبتْ قوات الاحتلال التركي والفصائل السورية العاملة بإمرتها منذ 20/1/2018 ولغاية السيطرة على مدينة عفرين بتاريخ 18/03/2018 وحتى اللحظة، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات على نحو ممنهج، نُلخصها فيمايلي:
- قتل وجرح الآلاف من المدنيين، بينهم عشرات الأطفال والنساء وكبار السن، واختطاف بعضهم، بالإضافة إلى تدمير كلي أو جزئي في منازل السكان، ومرافق عامة كالمشافي والمساجد والمدارس ومنشآت مياه الشرب (المحطة المركزية التي تغذي مدينة عفرين بمياه الشرب) وتنمية الثروة الحيوانية، والاضرار بالبيئة والغابات. وتخريب مواقع أثرية شهيرة كمعبد عين دارة وموقع براد (الذي يضم ضريح مار مارون).
- نتيجة القصف العشوائي براً وجواً، تم تهجير ما لا يقل عن 200 ألف مواطن كردي من منطقة عفرين، وهم يعانون بشدّة في مناطق ريف حلب، وأوضاعهم الإنسانية مأساوية، في ظلّ فقدان غالبية مستلزمات الحياة، من مأكلٍ وملبسٍ ومسكن وحليب الأطفال والأدوية، وقد فقدَ العديدُ من الأطفال والشيوخ حياتهم بسبب قساوة وفقدان ظروف المعيشة. كما أن عشرات الآلاف من الراغبين في العودة إلى ديارهم عاجزون أمام إغلاق سلطات الاحتلال لمعابر العودة إلى بيوتهم في عفرين بنواحيها وقراها ومزارعها، ولا تسمح لهم الحكومة السورية بالتوجه إلى مدينة حلب. ووثقت حالات إصابات بأمراض مُعدية خطيرة كالسل (الدرن) الرئوي نتيجة غياب الرعاية الطبية والازدحام السكاني الكبير.
- سلب ونهب منظّم وواسع النطاق، شمل محتويات منازل الأهالي والمحلات والمتاجر والمستودعات، وهذا موثق في العديد من التقارير الإعلامية والحقوقية. وبخلاف إدعاءات القوى المحتلة، نؤكد أن عملية غزو عفرين كانت مقررة ومنظّمة وشارك فيها الآلاف من مقاتلي المعارضة السورية، وهي تهدف إلى إفقار السكان المحليّين وإذلالهم، ومازال النهب والسلب مستمراً حتى اللحظة، إضافةً إلى حالات الابتزاز والتهديد أو الاختطاف من أجل الحصول على مبالغ مالية.
- عمليات التغيير الديموغرافي والاستيطان القسري في عفرين وريفها مستمرة، حيث تم إسكان آلاف العائلات في منازل سكان عفرين الممنوعين من العودة إلى ديارهم. معظمُ هذه العائلات تم استقدامها من الغوطة والضمير وغيرها ومن مخيمات اعزاز وإدلب.
- استهداف مقصود للخصوصية القومية للمنطقة، شمل الاعتداء على الرموز والمعالم ذات الخصوصية الثقافية للشعب الكردي وتخريبها وإزالتها. وفي يوم اقتحام مدينة عفرين، تم تحطيم نصب تذكاري للبطل الأسطوري كاوا الحداد الذي يُشير عند الكُرد وشعوب أخرى إلى عيد نوروز، كرمز كفاحي في وجه الظلم والطغيان. وإزالة الكلمات الكردية من واجهات المقرّات والمؤسسات واستبدالها بعبارات تركية - عربية.
- اعتقالات عشوائية وكيفية، وحالات تعذيب، واختطاف صحفيين ونشطاء من عفرين واقتيادهم إلى جهاتٍ مجهولة، نذكر منهم عميد كلية الأدب الكردي في جامعة عفرين د.عبد المجيد شيخو (67 عام) ولا يزال مصيره مجهولاً، وكذلك اختطاف المصوِّرة الفوتوغرافية السيدة دلشان قره جول ومصيرها مجهول أيضاً، والكثير من الشباب لمجرد الشبهة بكونهم رافضين للغزو والاحتلال التركي، في ظل تغييب الحريات العامة والفردية، وفرض حظر على ممارسة أي نشاط مدني، ثقافي أو إعلامي، إلا الذي يخدم بروباغندا الاحتلال وسياسته.
- نشرُ ثقافة العنصرية والكراهية والتطرف الديني والمذهبي في المجتمع، وإطلاق أوصاف ونعوت متطرفة وتحقيرية على سكان المنطقة ك الخنازير والملاحدة والكفار، لتبرير الاعتداء عليهم وسلب ممتلكاتهم. وهناك انتقام واضح من الطابع الاجتماعي المنفتح لسكان منطقة عفرين ونسيجها الاجتماعي المتآلف. والكُرد الإيزديّون في خطر أكبر بسبب خصوصيتهم العقائدية والدينية، حيث يجري إكراههم على ترك معتقداتهم واعتناق الدين الإسلامي عنوةً، والاستهزاء بمقدساتهم ومعتقداتهم علانية.
- هناك شلل شبه تام في المجال الاقتصادي والصناعي والزراعي، حيث هجرت الأيدي العاملة والخبرات وتوقفت معامل البيرين وصناعة الصابون وورشات الألبسة والتصنيع وإصلاح الآليات، بل ونُهبت معظمها، أما الأعمال الزراعية والخدمات فهي في أدنى مستوياتها، حيث سُرقت معظم الجرارات والتجهيزات الزراعية، وتضررت حقول الزيتون والغابات بسبب القصف التركي والمعارك، إضافةً إلى فقدان ثروة حيوانية كبيرة، مما يُنذر بفقر مدقع في المجتمع ونسبة بطالة عالية.
- تدني مستوى الخدمات عموماً، والوضع الصحي العام في عفرين يُعاني العوز وضعف الإمكانات، بسبب نقص الكادر الطبي واغلاق المشافي الخاصة التي أُحيلت إلى الترخيص من جديد لدى تركيا، وخروج العديد من العيادات التخصصية ومشفى آفرين المركزي من الخدمة، إضافةً إلى قلة كميات الأدوية وفقدان بعضها، وتدني كميات وأنواع المواد الغذائية، حيث هناك قلق من انتشار الأمراض بسبب تراكم القمامة والأنقاض، خاصةً مع قرب حلول فصل الصيف، رغم توفر بعض العيادات الطبية وإسعاف بعض المرضى إلى المشافي التركية.
- توقفت المدارس والمعاهد وجامعة عفرين ومعاهد الموسيقا والرسم واللغات عن الدوام منذ بدء عملية غزو عفرين، وفقد الطلاب فرصهم في تحصيل دراسي لائق وفي تطوير وتنمية مواهبهم، كما أن الأطفال عانوا الأمرَّين، من رعب وضياع ورعاية صحية متدنية.
السيدات والسادة:
وفق الوقائع الموثقة والمعطيات الميدانيّة يتبيّن أن حياة سكان منطقة عفرين تحت حكم الاحتلال التركي في خطر كبير، وكذلك حياة النازحين في مناطق الشهباء وتل رفعت وديرجمال وبلدتي نبل والزهراء وقرى جبال سمعان/ ليلون، روباريا- شيروا/ – شمال حلب وأهاليها. وإذا قارنَّا أحوال منطقة عفرين وسكانها اليوم بتلك السابقة للعدوان والاحتلال، حيث الأمان والاستقرار وسط العنف والدمار في شمال سوريا وحلب، بحيث كانت المنطقة ملاذاً آمناً لما يقارب نصف مليون إنسان سوري هارب من جحيم العنف من مناطق ريف حلب وإدلب، ندرك حجم الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الدولة التركية والفصائل السورية المؤتمرة بأمرها بحق منطقة عفرين وسكانها، فمن بقي في عفرين تتعامل معه سلطات الاحتلال كرهينة، وتحولت عفرين إلى سجن كبير بعد أن نهبت ممتلكات السكان، ومن هُجّر ونُزح بسبب الخوف على حياته يعاني أسوأ الظروف المعيشية والإنسانية في العراء أو في مخيمات بدائية تفتقر لأبسط الشروط الصحية، حيث لم تقم الحكومة السورية أو المنظمات الإنسانية بتقديم مساعدات ذات أهمية.
إن الوجود العسكري والإداري التركي في منطقة عفرين يحمل كافة سمات وصفات دولة الاحتلال وفق القانون الدولي وما يتصل به، كون الحكومة التركية دفعت جيشها لاجتياح أراضي دولة مجاورة على نحو مناف للقانون الدولي ودون تفويض من الحكومة السورية، وأخضعت منطقة عفرين السورية لسيطرة قوات عسكرية أجنبية ورفعت العلم التركي على المقرات والمؤسسات والساحات العامة، وعمل الجيش التركي على بناء نقاط ومقرات عسكرية على الحدود من الجهة السورية وفي عمق المنطقة.
إننا في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) نناشدُ ضمائركم الحية للقيام بواجبكم تجاه عفرين وأهاليها المضطهدين والمهددين، كما نناشد هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات المنبثقة عنها لإرسال لجان خاصة إلى المنطقة لتحري الانتهاكات والجرائم ومعاينة آثار الاحتلال، وكذلك معاناة المهجرين والنازحين. ونهيبُ بكم الضغطَ على الحكومة التركية، للعمل على وقف كافة الانتهاكات وإزالة الألغام ومخلّفات المعارك وانتشال الجثث المتفسخة وتعويض المتضررين وتوفير مقومات الحياة والالتزام الكامل بواجبات ومسؤوليات سلطة الاحتلال حتى جلاء الجيش التركي ومن رافقه من ميليشيات عن الأراضي السورية المحتلّة وعودة عفرين إلى أهلها والسيادة السورية. تلك المسؤوليات المنصوص عنها في المواثيق الدولية والقواعد الرئيسية الواردة في لائحة لاهاي لعام 1907 (المواد من 42-56) واتفاقية جنيف الرابعة (اتفاقية جنيف الرابعة، المواد من 27-34 ومن 47-78)، بالإضافة إلى بعض أحكام البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي، أبرزها:
- لا يكتسب المحتل سيادة على الأرض- الاحتلال، ليس إلا حالة مؤقتة.
- يجب على سلطة الاحتلال احترام القوانين النافذة في الأرض المحتلة ما لم تشكل تهديداً لأمنها أو عائقاً لتطبيق القانون الدولي للاحتلال.
- يجب على القوة المحتلة اتخاذ تدابير لاستعادة وضمان النظام والسلامة العامة بقدر الإمكان.
- يجب على القوة المحتلة باستخدام جميع الوسائل المتاحة لها، لضمان كفاية معايير النظافة الصحية والصحة العامة، بالإضافة إلى الإمداد بالغذاء والرعاية الطبية للسكان الواقعين تحت الاحتلال.
- لا يجوز إجبار السكان في المنطقة المحتلة على الخدمة بالقوات المسلحة لسلطة الاحتلال.
- تحظر عمليات النقل الجماعية أو الفردية للسكان من الأرض المحتلة أو داخلها.
- تحظر عمليات نقل السكان المدنيين التابعين لسلطة الاحتلال إلى الأرض المحتلة، بغض النظر عن كون هذا النقل قسرياً أو طواعية.
- يحظر العقاب الجماعي.
- يحظر أخذ الرهائن.
- تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.
- تحظر مصادرة الممتلكات الخاصة بواسطة المحتل.
- يحظر تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها، ما لم يكن هذا التدمير أمراً تستدعيه الضرورة العسكرية المطلقة أثناء مباشرة الأعمال العدائية.
- يحظر تدمير الممتلكات الثقافية.
- يحصل الأشخاص المتهمون بفعل إجرامي على إجراءات تحترم الضمانات القضائية المعترف بها دولياً (فعلى سبيل المثال يجب إخطارهم بسبب احتجازهم، وتوجيه تهم محددة لهم، والخضوع لمحاكمة عادلة في أسرع وقت ممكن).
- يجب السماح لموظفي الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر بتنفيذ أنشطتهم الإنسانية، ويجب منح اللجنة الدولية على وجه الخصوص إمكانية الوصول إلى جميع الأشخاص المحميين، أينما كانوا، وسواء كانوا محرومين من حريتهم أم لا.
ودمتم سنداً للحق والعدالة
24 / نيسان (إبريل) 2018
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
--------------------------------------------------