في عام 1915 بدأ الشباب الأتراك بحملة دعائية لإبادة الشعوب غير المسلمة في بلاد ما بين النهرين.
في الواقع، كانت هذه أول إبادة جماعية في القرن العشرين، فهذه الإبادة لم يتعرض لها الأرمن فحسب بل شمل اليزيديين والآشوريين واليونان أيضا.
إن الألم المشترك والتعايش دفعا لتأسيس صداقة بين اليزيديين والمسيحيين في الشرق الأوسط.
فبالرغم من الوضع البائس، إلا أن اليزيديين والمسيحيين لم يستسلموا للأتراك، بل واصلوا النضال من أجل وجودهم. إن اسطورة خاموية شرو لا يزال حتى يومنا هذا متداولا بين اليزيديين.
فمقاتلو المقاومة اليزيدية لعبوا دورا رئيسيا في تحرير اليزيديين والمسيحيين، بقيادة جانكير آغا، الذي كان نجل خطيف آغا، زعيم قبيلة مانديك، والذي حصل بعد ذلك بسنوات على لقب البطل الوطني للشعب اليزيدي.
اما خاموية شرو زعيم عشيرة شانكال اليزيدية، فقد أنقذ مع مقاتليه أكثر من 20000 مسيحي في عام 1915 حين طالبت منه السلطات العثمانية معلومات عن اللاجئين المسيحيين، قرر شرو حمايتهم.
أرسل الزعيم اليزيدي المير إسماعيل جولو بك خطابا إلى رجال الدين المسيحيين يعبّر فيه عن استعداده للمشاركة في حماية المسيحيين. وبعد اجتماع رجال الدين اليزيديين والآشوريين، نقل القادة الآشوريون النساء والأطفال والمسنين إلى جبال شانكال .
أما الأتراك فكانوا يطالبون بأن يسلموهم المسيحيين، وإلا كانوا سيعرضون اليزيديين للتعنيف. وقد كتبت الأستاذة كريستينا إليسون عن هذه الحادثة: “أرسل الأتراك ممثليهم إلى اليزيديين في جبال شنهال وذلك لتهديدهم برسالة يعثوها يطالبون فيها تسليمهم اللاجئين الآراميين . مزق الزعيم اليزيدي الرسالة وأرسل مبعوثي الإمبراطورية العثمانية إلى وطنهم بدون ملابس”.
في محاولة لمنع ذبح اليزيديين، عارض داؤودة داؤود زعيم قبيلة مهركان اليزيدية خاموية شرو بمواجهته بجيش كبير، لكن خاموية استدعى مجلسا قبليا وعرض خلاله الوضع برمته.
وفقا للمعلومات المتاحة لنا اليوم، قال: “كيف يمكنني تسليم الأرمن إلى العثمانيين إن كانوا يحتاجون لمساعدتنا؟ لقد وعدتهم بالوقوف إلى جانبهم، وأقسم بشرفي أنه لن يقع أي منهم في أيدي الأتراك. أنا وابنائي مستعدون لتقديم حياتنا من أجلهم.”
خبأ اليزيديون المسيحيين في الكهوف. وقاوموا الأتراك عندما حاولوا شن هجوم على المنحدرات الجنوبية لجبال شانكال . وقد دافع اليزيديون على هذا المحور لمدة شهرين تقريبا، فصدوا عشرات الهجمات التي شنها الأتراك عندها قرر العدو تجاوز اليزيديين إلى تل عفر ، لكن اليزيديين أطاحوا بهم هناك أيضا.
شن مقاتلو خاموية شرو هجوما واسع النطاق لصرف انتباه الأتراك. وخلال إحدى المعارك قُتل أكثر من 35 تركيا، وفقد حينها شرو صديقه المقرب وزميله في السلاح.
الجانبين تكبدا الخسائر. وقد اشتكى قائد الجيش التركي ابراهيم باشا من العدد الكبير للجنود القتلى الذين تم نقل جثثهم إلى الموصل. وردا على ذلك، نهب الأتراك القرى اليزيدية، وتخلصوا من مُوَنهم. فقط سقوط الإمبراطورية العثمانية هو الذي أنقذ الشعوب المسيحية واليزيديين في جبال شانكال. فاستقرت العديد من العائلات المسيحية في الجبال ولم يغادروها إلّا نتيجة للهجمات الإرهابية من قبل الدولة الإسلامية في العراق والشام.
في مذكراته بعنوان “سفك الدماء” كتب الراهب المسيحي عبد المسيح قره باش ما يلي: “اليزيديين مثلهم مثل المسيحيين عددهم كبير. هم مضيافون وكريمون. ويتضح ذلك عندما نتذكر كيف قاموا باستقبال وحماية المسيحيين. لقد ضحوا بحياتهم من أجل المسيحيين وحُرموا من منازلهم. بدون اليزيدية وجبال سنجيار، ما كان للمسيحيين أن يكونوا قادرين على إيجاد ملجأ لهم”.
ولد خاموية شرو في عام 1850. في قرية زفينك، جنوب قرية شنكال مليك. اعتبر البريطانيون خاموية شرو دبلوماسيا وعالما سياسيا كبيرا وحتى عرضوا عليه إنشاء منطقة شانكال المتمتعة بالحكم الذاتي، لكن شرو رفض الاقتراح لأسباب جيوسياسية. في عام 1933 وفي سن ال83 توفي خاموية شرو.
كان شرو يزيديا متدينا وكان لديه الكثير من المعرفة حول اليزيديين حسب قول معاصريه. ويتم ذكره في الأغاني والحكايات والقصص اليزيدية. [1]