كرد شمس الدينوف. ألجزء 2
عمل مشترك بين موقع مدارات كرد و مجلة تاريخ الكرد Kürt Tarihi التركية
من تاريخ العلاقات الكردية – الروسية
بقلم روهات ألكوم Rohat Alakom
الترجمة عن اللغة التركية : محمد علي أحمد
شبه الرحالة و الباحثون الذين جابوا المناطق ذات الغالبية الكردية من القفقاس في القرن التاسع عشر , كرد شمس الدينوف بالكازاخ [6] . فمثلاً , يعرف الباحث الفرنسي جورج شانتر Georg Chantre دليله الذي ضمه إلى فريقه جافو بك شمس الدينوف ( Djavo bek Chamchadinoff ) بالكردي الكازاخي ( un cosaque Kurde )[7] . يعرف الكازاخ كشعب خليط من الروس و الأوكرانيين من الناحية الاثنية . و قد ظهروا أول مرة على طول نهري الدون و الدنيبر . و قد عاش الكازاخ لمئات السنين حياة ترحال و حرية في السهول الموحشة الخالية . و يجب عدم الخلط بين هؤلاء وبين الكازاخ الذين يسكنون كازاخستان .
و من الباحثين الذين اختلطوا بكرد شمس الدينوف , الألماني يوغن ويلهلم فيزنماير Eugen Wilhelm Pfizenmayer . قام فيزنماير , أثناء قيامه برحلة بحثية عام 1911م , لجمع مواد اثنوغرافية في منطقة القفقاس , بناء على طلب مدير متحف تفليس , بزيارة قرية ( رمضان كانت ) Ramazankent , مكان إقامة كرد شمس الدينوف . و قد وصلت بعض الصور التي التقطها حينئذ إلى يومنا هذا . و يذكر فيزنماير , اسم مضيفه الذي بات عنده في أحد المواضع كشمس الدينوف بك Schamschadinow-Beg [8] . و هنا تساورنا الشكوك حول إمكانية وجود حلقة ناقصة , حين نجد – كما أسلفنا – أن لقب ( شمس الدينوف ) كان يستخدم كاسم شهرة ( كنية – المترجم ) أكثر من استخدامه كلقب . أما في مصدر آخر , يعرف فيزنماير مضيفه في ( رمضان كنت ) باسم محمد بك شمشدين Mahmed Begh Schamchadin . حيث يخلط بين اسمي محمد و محمود . و الاحتمال الأكبر , أنه كان يقصد محمود بك ابن جعفر آغا . حيث أننا عرفنا بفضل عمل آخر أن علي أشرف باشا , المنتمي إلى نفس العائلة التي زارها فيزنماير , قد أهدى في نفس العام متحف تفليس مسدساً و درعاً . و يذكر في هذا العمل , الذي هو سجل تصنيفي للأغراض الاثنوغرافية الكردية في متحف تفليس أن المسدس و الدرع قد تم التبرع بهما إلى المتحف من قبل علي أشرف بك شمس الدينوف Ali Ashraf-Beg Shamshadinov من رمضان كنت[9] . و كنتيجة نستطيع القول , أن فيزنماير كان ضيفاً على محمود بك ابن جعفر آغا في رمضان كنت التي كانت معروفة باسم قرية شمس الدينوف . و نجد خلطاً مشابهاً لدى عالم النبات السويسري مارتن ريكلي . فأثناء قيامه برحلة بحثية , يشير مارتن ريكلي إلى أحمد بك شمس الدينوف الذي صادفه في منطقة آغري في قرية سرداربولوك , باسم آمد بك شمس الدينوف[10] .
لقد بذل الروس جهوداً جبارة لتنظيم الكرد القاطنين في منطقة سرحاد و كسبهم إلى صفهم بوساطة آل شمس الدينوف . و قد تطورت المباحثات شبه الدبلوماسية بين الروس و آل شمس الدينوف إلى حد تشكيل لوائين كرديين . و قد سمي هذان اللواءان بألوية شمس الدينوف ( Şamşadînovski Polk )[11]. و تم بحث موضوع منح الأكراد مزيداً من الحريات في هذه المباحثات . و تم الانتهاء من وضع و ثيقة من 14 مادة بخصوص تأسيس إدارة كردية ذاتية , بتاريخ 30 تشرين الأول 1855م . و قد اقترح ترأس جعفر آغا و أحمد آغا للإدارة الذاتية هذه[12].
كان جعفر آغا , أحد أكثر الشخصيات شهرة بين كرد شمس الدينوف . و قد عاش جعفر آغا , المعروف بين الكرد باسم Gulî Cewar Axa بين عامي 1806-1877م . و قد أظهر جعفر آغا , الذي جُعل على رأس أحد اللوائين المشكلين من الكرد حصرياً , بطولات عظيمة خلال سنوات حرب القرم . فتحول إلى شخصية كردية محترمة جداً من قبل كرد المنطقة . و حتى في أيامنا هذه , نجد صوراً لجعفر آغا معلقة في بيوت الكثير من العائلات في اغدر , آغري و قارس . و قد دفن جعفر آغا , الذي يرد اسمه في المصادر الروسية بصيغة جعفر آغا بن علي بك بن شمس الدين بك :(Джафар-
Ага-Али-Бек-Шэмс-Уддин-Ага-Оглы) في ضريح شيد على اسمه بالقرب من رمضان كنت . و قد كان لجعفر آغا من الأولاد أيوب باشا , علي أشرف باشا , محمود بك و أحمد بك .
التجأ أيوب باشا ابن جعفر آغا إلى الإمبراطورية العثمانية عام 1877م . و يصادق على هذه المعلومة , أحمد مختار باشا :
” تم تعيين أيوب آغا , ابن زعيم عشيرة زيلان الروسية , الجنرال الروسي المتوفي جعفر , بتصرف اسماعيل باشا , كونه التجأ مع 300 خانة من شعبه , إلى سيادة السلطنة العثمانية المباركة “.[13]
و قد صور لجوء أيوب باشا إلى العثمانيين بشكل مختلف في الصحافة الفرنسية . فحسب الخبر , حكم أيوب باشا مع 21 من رجاله بالإعدام بأمر من مليكوف Melikov [14]. و قد سبب لجوء أيوب باشا إلى العثمانيين إحراجاً كبيراً لوالده جعفر آغا . فيما بعد , نشر خبر عن جعفر آغا , في إحدى الصحف الفرنسية الشهيرة , صحيفة İllstration هذه المرة . و قد نشر مع الخبر لوحة زيتية جميلة لجعفر آغا في الصحيفة . و يذكر في جزء من الخبر أن جعفر آغا أرسل سفراء عنه إلى السلطان العثماني , و أنه أقيمت دعوى في روسيا لهذا السبب على الزعيم الكردي المحبوب جعفر آغا :
” أرسل ثلاث سفراء إلى السلطان , و أبلغه بولائه له و استعداده القتال إلى جانبه بشكل فعلي . و لسوء حظ جعفر , اختلف السفراء أثناء السفر و عاد أحدهم إلى ألكسدنرابول و خانه . و تم اعتقال جعفر آغا على الفور نتيجة هذه الخيانة و ألقي في السجن , و قدم للمحاكمة و صدر الحكم برميه بالرصاص , و في هذه الأثناء , أي أثناء إرسال مراسلنا لهذا الخبر لنا , يٌنتظر تنفيذ الحكم “ .[15]
و يولي أفريانوف Averyanof , في بحثه المتعلق بالعلاقات الكردية الروسية عبر التاريخ , موضوع الادعاءات الكاذبة التي كانت تدور حول جعفر آغا في أوساط الجيش , جانباً واسعاً من الاهتمام . و يذكر أن جعفر آغا أصيب بالحزن البالغ لهذا السبب ” .. هذا الوضع جرحه في الصميم “. و يطالب جعفر آغا المستشيط غضباً أن يحاكم في محكمة : ” سأترك اللواء , و سأصطحب معي ثلاثة أو أربعة من الكرد و أقصد القائد العام , و أطلب منه أن أحاكم في محكمته ” .[16]
و توفي جعفر آغا وفاة طبيعية قبل حرب 1877-1878م بعدة أشهر .[17]
و قد اشتهر علي أشرف باشا ( 1851- 1928م ), الذي كان جنرالاً في الجيش الروسي , شهرة كبيرة , تماماً كوالده جعفر آغا . و شارك في العديد من الحروب و المهام العسكرية . و بعد ثورة أكتوبر 1917م انتقل إلى تركيا و استقر في رمضان كنت . و دفن بالقرب من والده جعفر آغا بعد وفاته . و يرد في وثيقة شخصية مستخرجة باسمه , أن علي أشرف باشا بن جعفر و سلطان , كان متزوجاً من امرأة تدعى بيّاز Bayyaz . و يظهر في هذه الوثيقة أن علي أشرف باشا المولود عام 1845م , قد اتخذ فيما بعد كنية يالجن ” Yalçın” .[18] و بالمقارنة مع الأعمال التي تصف خصائص شخصية علي أشرف باشا , فإن الأعمال التي تورد معلوماتاً بيوغرافية عن حياته محدودة مع الأسف . و قد نشر مؤخراً مقال باللغة الروسية للباحث لطيف محمد Latif Mehmed يتناول موضوع الجنرال الكردي علي أشرف آغا شمس الدينوف [19] .
لقد نشأت صداقات وثيقة , بين الكرد اليزيدية – المكون الكردي الآخر في المنطقة – و بين كرد شمس الدينوف المسلمين السنة . و يبحث كتاب Ahmedê Gogê , الرئيس السابق للقسم الكردي في راديو يريفان , في موضوع هذه الصداقة التاريخية بشكل موسع . فمثلاً , يرد في الكتاب , أن آل شمس الدينوف المجتمعين في قرية أوركوف Orgov التابعة لاغدر Iğdır , قد دخلوا في جدال عميق حول الهدية التي سيرسلونها باسم الكرد إلى القيصر الروسي , و في النهاية , يتفقون على تقديم سجادة كردية .. و قد حضر الجنرال ( العميد- المترجم ) General-mayor جعفر آغا , و ابنه علي أشرف باشا , حفل تتويج القيصر الروسي و الاحتفالات الأخرى . و في إحدى هذه اللقاءات , و بعد أن حيّا علي أشرف باشا القيصر الروسي و قبّل يده من باب اللباقة , سمع من القيصر كلماتاً مادحة بحق الكرد :
” الجنرال علي أشرف باشا هو كردي بالأصل . الكرد عظماء و أصحاب كبرياء كجبالهم . و تقبيل اليد هذه برهان على ذلك . الكرد رحيمون و أصحاب وجدان حي و أوفياء لوعودهم . كرد دولتنا أوفياء لهذه الدولة . و هم أفضل الحماة لأراضينا الممتدة بين قارس و آغري . أنا أعرف جنرالات آل شمس الدينوف منذ البداية .علينا أن نحميهم باستمرار , و أن نخلق لهم و لقراهم الإمكانات اللازمة . لقد أعطينا أوامرنا للمسؤولين للبدء بإعداد الأبجدية الكردية , و الكوادر . الكرد أوفياء لوعودهم . لقد وعد الجنرال شمس الدينوف بتشكيل لواء من الشبان الكرد المهرة و تدريبهم تدريباً عسكرياً جيداً . هذا الأمر سيسهم في وحدة الشباب الكرد أيضاً . أنا أثق بالجنرال . و أتمنى له و لشعبه السعادة . أتمنى أن تبلغ شعبك تحياتي الطيبة ” .[20]
بذل الروس جهوداً لرفع سوية تعليم و معيشة كرد شمس الدينوف أيضاً . فمثلاً , في عام 1893م , اتخذ قرار بإجراء تغيير يخص تقاعد كرد شمس الدينوف :
” تمت زيادة مدفوعات التقاعد الخاصة بأبناء و أقارب الجنرال الروسي جعفر آغا شمس الدينوف المتوفي عام 1877م . و قد صدر قرار الإمبراطورية الخاص بهذا الشأن في يوم 3 أيار 1893م ؛ وفقاً لهذا يدفع للنقيب الركن الفارس علي أشرف آغا شمس الدينوف , حتى 2000 روبل سنوياً , و للنقيب الركن عبدي آغا شمس الدينوف حتى 500 روبل سنويا , كمدفوعات تقاعد , ولأبناء النقيب الركن المتوفي إبراهيم آغا , شباب بك , أحمد بك و نبي بك يدفع حتى 500 روبل سنوياً كمجموع ” .[21]
لقد أطلق كرد المنطقة على أبنائهم و أحفادهم اسم شمدين أو شمس الدين , لإحياء ذكرى و اسم شمدين آغا الذي منح كرد شمس الدينوف هذا الاسم , بعد وفاته . فقد أخد شمدين آغا الصغير الذي عاش في أواسط القرن التاسع عشر , من شمدين آغا الكبير . ففي حاشية اللوحة الزيتية التي رسمها الفنان الروسي كريجور كاكارين Gregoire Gagarine لشمدين آغا , ترد عبارة ” Chamdin Aga Chef de tribu kurde ( Ararat ) ” [22] . و بالإمكان ذكر أمثلة من فترات سابقة . فقد أطلق محمود بك ابن جعفر آغا على أحد أبنائه اسم شمس الدين , و على الآخر جمال الدين [23] . و كنتيجة للتطورات السياسية التي شهدتها المنطقة , كثورة اكتوبر 1917م في روسيا , و قيام الجمهورية التركية عام 1923م , فقد صار كرد شمس الدينوف مع مرور الوقت , جزءً من التاريخ . و لكن بقي اسمهم حيّا و لو بشكل رمزي في السنوات التالية . فمثلاً , يرد الاسم الكامل لحسن بك من عائلة Güneş المعروفة منطقة كازمان , في سجلات الطابو ” حسن بك ابن شريف بك من أبناء شمس الدين “[24] . و كذلك يستخدم علي أراس , أحد الأكاديميين الرواد في كازمان لقب شمس الدين حين يعرف عن نفسه :
” اسمي علي أراس , ولدت 1936م ( 1918 ) في كازمان . أنا ابن المزارع حسين شمس الدين “.[25]
[1] روهات ألكوم , كرد قارس , أفيستا , 2009. Rohat Alakom , Torin: Arîstokratên Serhedê , Avesta , 2009 .
[2] جاندان بادم , ولاية قارس في إدارة روسيا القيصرية , منشورات بيرزمانلر, 2012, صفحة 162 . Candan Badem,Çarlık Rusyası Yönetiminde Kars Vilayeti ,Birzamanlar Yayınlılık , 2012 , s162
[3] المرجع السابق , صفحة 163 , انظر الهامش رقم 64 من نفس الصفحة .
[4] جاندان بادم صفحة 162 – 163 .
[5] مجاهد أوزدان هون , هوى اغدر 1 , 2002 , صفحة 715 ./ A.F.B. Lynch , Armenia Travels and Studies , المجلد 1 , لندن , 1901 , صفحة 160 .
[6] العرق الكازاخي – المترجم .
[7] الصفحة 167 و 186 Le Tour du monde , vol.63-64 / 1892 ,
[8] الصفحة 90 Eugen Wilhem Pfizenmayer,Jagd-und Volksbilder aus dem Kaukasus,1929,Stuttgart,
[9] الصفحة 112, Pirbari,Dimitri ( Pir Dima ) & I.amara Paşêva & Îldar Nadîrad: Nimûneyên Kultura Medenî ya Kurdî ji Mûzeya Neteweyî ya Gurcîstanê .
[10] الصورة رقم : 73Martin Rikli, Natur-und Kulturbilder aus den Kaukasuslandern un Hocbarmenien … Zürich, 1914 .
يشير مارتن ريكلي في كتابه أن السيد الكردي الذي نشر صورته هو آمد … لكن في الملحق الوارد بآخر الكتاب يذكر الاسم بشكله الصحيح ( أي أحمد بك ) , الصفحة 149.
[11] الصفحة 311 ,Ahmedê Gogê , Dengê Kal-Bavê Me , 1997, Êrêvan
[12] P.İ.Averyanov , الكرد في حروب العثمانيين و الإيرانيين و الروس ( القرن التاسع عشر ) , منشورات أفستا , 2010, الصفحة 322- 326 .
[13] الغازي أحمد مختار باشا , الحرب مع الروس في الأناضول ( 1876-1877 ) , المجلد 1 , الصفحة 267 .
[14] Journal de Toulouse, 20/7 1877. .
[15] Dijaphar Aga, Chef Kurde, Illustration, aris, nr 1771, vol. LXIX, 1877.
[16] P.İ.Averyanov , الكرد في حروب العثمانيين و الإيرانيين و الروس ( القرن التاسع عشر ) , الصفحة 306 .
[17] P.İ.Averyanov , الصفحة 151.
[18] كل الشكر للباحث أحمد أونر Ahmet Öner الذي أرسل لي صورة عن هذه الوثيقة .
[19] Лятиф Маммад, Курдские генералыРоссии: Али-Ашраф-Ага Шамшадинов,Diplomat, nr 7/2011.
[20] الصفحة 310 ,Ahmedê Gogê, Dengê Kal-Bavê Me
[21] P.İ.Averyanov , الصفحة 259 .
[22] الصفحة 9Ernest Stackelberg. Scenes, paysagestnoeurs et costumes du Caucase, Paris, 1845,.
[23] و رئيس بلدية اغدر المنتخب عام 2009 محمد نوري كوناش Mehmet Nuri Güneş هو ابن جمال الدين بك .
[24] من صورة عقد طابو شاهدته لدى الصيدلي أورهان كوناش Orhan Güneş من كازمان أحد أحفاد حسن بك .
[25] علي أراس , البنية الاقتصادية لمؤسسات مشتقات الحليب في قارس , كلية الزراعة جامعة أنقرة , 1954, الصفحة 279 .[1]